هذا العنوان مقتبس من محاضرة رائعة جدا، أكيد الإخوة السلفية في الجزائر سمعوها، وأنا متأكد أنها غيرت الكثير في المنهج السلفي في كل دول العالم، الشيخ "أبو مصعب مجدي حفالة" وهو يلقي فيها ويصرخ ويبكي لحال طلاب العلم الذين تركوا التدريس، وراحوا يتصارعون فيما بينهم ويحاولون الدفاع عن مشايخهم، واتهام بعضهم البعض، هذا حدادي، هذا إخواني، هذا سروري، هذا حجوري، هذا رسلاني، فعلا إنها مصيبة سببت الحزن لكثير من مشايخ السلفية حول العالم، في الجزائر أرى مصيبة اليمن، عادت لتضرب السلفيين في الجزائر، وهي فتنة أبو الحسن المأربي وغيرها من الفتن، تلك الفتنة التي كادت أن تفرق ما تركه الإمام مقبل بن الهادي الوداعي، صار الكثير ينادي بالحجوري، والباقية يناشدون بمشايخهم، رغم أن وصية الإمام مقبل كانت لشيخنا "يحيى الحجوري" والسبب يعرفه الجميع هو عدم استغلال وفهم وقراءة جيدة لأعمال الجرح والتعديل التي يقوم بها ربيع بن هادي المداخلي. واليوم صار السلفي في الجزائر يحاول تطبيق فكره قبل الشرع، يحاول أن يقدم شيخه على أنه ملاك لا يخطئ ولا يتراجع، يريد البعض أن يجعلنا نقدس العلماء على الشرع، كل هذا يذكرني بقول ابن عباس "أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وقال عمر" العلماء يجب أن نحترمهم ونقدرهم حتى ولو طالت عليهم مقصلة الجرح والتعديل، لا يعقل أن يكون المنهج السلفي مصنوعا من زجاج، بمجرد خطأ مثلا لشيخ جمعة أو الشيخ عز الدين رمضاني، خلاص الرجل ليس شيخا وليس سلفيا، ويجب رجمه في مواقع التواصل الاجتماعي بأبشع التافهات والكلمات الجارحة، صار اليوم السلفي يحاول أن يظهر القوة والغيرة على الإسلام من منطلق العيش لوحده لا العيش مع الإخوان المسلمين على حد تعبيره، رغم أن الوطن للجميع وليس لسلفي أو إخواني أو شيعي، لذلك ما يحدث بين السلفيين في الجزائر مصيبة كبيرة، على العلماء أن يتفطنوا لها، حرب كلامية وتطاول منحرف ليس له حق، ومراهقة غير طبيعية بتكفير كل من يخالف العلماء، لم نعد نرى الرحمة والاجتهاد والحب والخير وأن تدعي من يخالفك بالحكمة، يقول سبحانه تعالى "ادْعُ إِلَىٰسَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ". الناس تحتاج منكم الدعوة إلى الله، لا الدعوة إلى مشايخكم، وخطبكم المتعصبة على من يخالفكم مصيبة كبيرة، الناس تريد أن ترى السلفية على أنها رحمة تستقبل كل شيء، وتجعل منه نقاش حر وبليغ، وليس إرهاب فكري يرعب البشر ويبعدهم عن المساجد، أو المراهقة الخطيرة التي نراها في بعض الأحيان، تكفير الناس بطريقة مستعجلة بدون العودة إلى الشرع، يا أخي السلفي ألم يكن ينتظر الشيخ ربيع بن هادي المداخلي سنوات عديدة لرد على علماء كان يحملون أخطاء في عقيدتهم، هل تعلم أن مدة صبره عليهم كانت تصل إلى 10 سنوات، ما هو السبب برأيك؟ أنا سأخبرك لأنه كان يتأمل بهؤلاء خيرا، ودليل على كلامي عد إلى محاضرات الشيخ أحمد بازمول عن الشيخ ربيع، اتقوا الله وعودوا إلى طلب العمل واتركوا الانشغال بالخلافات. الشيخ محمود الحداد ليس كافر، والإخوان المسلمين ليسوا كفار، لا أحد يعلم من يدخل الجنة أو النار، فأتمنى من الشيخ فركوس، هو والمشايخ حفظهم الله، أن يجعلوا من الأرض واد لرحمة، ومن جبال الجزائر ثقافة لتعامل مع المخالف، وأن يصنعوا دعاة إلى الخير والمحبة، لا الحقد والتطرف العقيم، وأن يفرشوا صحراء الجزائر بأسلوب التعايش السلمي، حينها سيعرف الناس قيمة المنهج السلفي وأصول اعتداله في الحياة، إننا نرى الهمجية في بيوت الله، الكثير لا يعرف آداب المسجد، وستجده يكتب "الحويني إخواني مرتزق كافر" والله مصيبة كبيرة أصبحت تضرب المنهج السلفي، حينما صبي غر يكفر الحويني والإخوان المسلمين، والشيخ الألباني يستقبل الحويني وفتح له بيته بل أجاب على جميع أسئلته، وهو يقول له تفضل يا شيخ أبو إسحاق. في سيدي بلعباس دخل رجل إيطالي يتقن اللغة العربية إلى الإسلام، وكان سبب دخوله إمام المسجد هو شيخ كبير صوفي، وبعد أيام صار الإيطالي يصلي ويرى في الإمام قدوة له، يحضر كل الصلوات وينزل باكرا إلى خطبة الجمعة، فبدأ يتعرف على بعض أشباه السلفيين لا أقول السلفيين كلهم، فأقنعوه أن الإمام مبتدع يعبد القبور ويشرك بالله،فغير الإيطالي المسجد، انتبه الإمام لغيابه وسأل عن بيته، فأخبروه أنه في المسجد الفلاني، وحينما وصل إليه قال له الإيطالي: "ابتعد عني أيها الكافر، يا من تعبد القبور" يقول الإمام دمعت عيني مثل الطفل الصغير وقلت له "اللهم لا تحاسب عبدا لا يعلم شيئا، وأن دموعي ما هي إلا شهادة أشهدها أمامك يا لله بأني سامحته فيما قال". لو كان في الخلاف حكمة، لفتحوا بيوتهم وقلبوهم له، من أجل أن يعلموه الإسلام بكل معانيه، هذا الأجنبي ما دخل الإسلام إلا لعلمه أن دين الرحمة وليس دين تعصب، فارحمونا يا معشر السلف نريد وطن يجمع الجميع ودعاة إلى الحق يملكون طاقة صبر كبير لرفع إسمه بطريق الحكمة وليس بطريق التعصب. [email protected]