تشهد الجبهة الاجتماعية موجة من الاحتجاجات في مختلف القطاعات "الحساسة" منذ بداية السنة الجارية، على غرار قطاع التربية والتعليم العالي وكذا الصحة، والتي تضع تلبية مطالبهم المرفوعة الشرط الوحيد لتجميد الإضراب والاحتجاج، وفي الوقت الذي تحاول الوزيرة بن غبريط فتح أبواب الحوار مع شركائها الاجتماعيين ومعالجة أوضاع قطاعها يفتح الوزير طاهر حجار النار على نفسه متحديا كلا من نقابة "الكناس" والطلابي الحر، في المقابل يغيب الوزير مختار حسبلاوي عن التخفيف من حدة التصعيد الذي عرفه مهنيو القطاع والذي انتهى باشتباكات مع أعوان الأمن. وفي السياق تهدد نقابات التربية بالخروج إلى الشارع في حال لم تستجب لمطالبهم التي رفعتها في العديد من المناسبات، غير أن سياسة الصمت المنتهجة من طرف السلطات المعنية زادت من الطين بلة.
– المساعدون التربويون يلحون على ضرورة تسوية وضعيتهم ومع اقتراب الإفراج عن مسودة مشروع تعديل القانون الأساسي، جددت التنسيقية الوطنية للمساعدين التربويين مطالبها التي رفعتها في عديد المرات للوزارة الوصية، في مقدمتها وضع آلية منصفة للتسوية النهائية لملف الرتب الآيلة للزوال "رتبة مساعد التّربية ومساعد رئيسي للتربية"، وتمكين المعنيين من التّرقية إلى الرتبة القاعدية "مشرف التّربية" قبيل صدور المَرسُوم التّنفيذي المُعدل والمُتمم للمرسوم التّنفيذي 12-240 واستثمار أحكام التّعليمة رقم 01 المٌؤرخة في 05 جانفي من السنة الماضية لصالح المعنيين، مشددة على ضرورة معالجة ملف المساعدين التربويين المدمجين وتثمين خبرتهم المهنية وشهاداتهم الجامعية في مسارهم المهني في الإدماج الجديد. كما دعت ذات الهيئة الى عدم المساس بالحقوق المكتسبة المتعلّقة بشرط التّوظيف الخارجي بشهادة "DUEA" أو شهادة معادلة لها، معتبرا ان المساس بهذا المكسب خطا أحمر، مطالبة بتأكيد وزارة التربية على أحقية تصنيف رتبة مٌشرف التّربية في الصّنف 11 عند تفعيل المرسوم الرئاسي 14-266، داعية إلى تغيير نمط التوظيف بصفة مشرف التربية للمحافظة على التصنيف 11-، ملحة على ضرورة إلغاء المواد التمييزية أو ما تعرف بمواد شرط الانحدار من سلك التّعليم لعدم قانونيتها وتنافيها مع القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية. وعن المقترحات التي طرحها المساعدون التربويون في بيان لهم، تثمين الشّهادات الجامعيّة لحامليها من المساعدين والمشرفين التربويين بما يتوافق وتصنيف الرّتب المُستحدثة أسوة بأسلاك التعليم وإدماج المعنيين في الرتب التي يتوافق سُلّمها مع تصنيف شهاداتهم المتحصّل عليها، إضافة الى إدراج مواد للتّرقية على أساس الشهادة في مشروع تعديل القانون الأساسي الخاص تثمينا لمجهودات المساعدين والمشرفين التربويين، مصرين على إدراج أحكام انتقالية منصفة للمساعدين والمشرفين التربويين لتجاوز بعض الحالات الخاصة التي يصعب حلّها في إطار النصوص القانونية السارية المفعول.
-"الأسنتيو" تدعو كل الأطياف للتكتل لاسترجاع الطبقة المتوسطة أعربت النقابة الوطنية لعمال التربية "الأسنتيو" عن تأييدها للدخول في اضراب وطني موحد في مختلف الأوساط النقابية والتنظيمات وجمعيات، تنديدا بإقصاء قانون المالية الجديد للطبقة المتوسطة التي تساهم في الحفاظ على ثبات وبناء الدولة، داعيا الى اتخاذ الحكومة لإجراءات بديلة من أجل رفع القدرة الشرائية، مقترحا الزيادة في أجور العمال او خفض الأسعار التي تعرف ارتفاعا ملحوظا. ومع اقتراب تمرير مسودة مشروع تعديل القانون الأساسي على المجلس الشعبي الوطني من اجل المناقشة والمصادقة عليه، عبر المكلف بالتنظيم على مستوى نقابة "الأسنتيو" قويدر يحياوي، في تصريحه ل"الحوار" صمت وزارة التربية تجاه تسريبات ملف القانون الأساسي في الاعلام، وكذا مواقع التواصل الاجتماعي وعدم تفنيدها بما جاء في مشروع القانون "المسرب". وفيما يتعلق بلائحة مقترحات "الاسنتيو"، أبرز يحياوي أن هذه الأخيرة تعطي الأولوية لملف الخدمات الاجتماعية التي يجدر تحريره كونه ورغم المبالغ المالية الضخمة التي يتم وضعها في وزارة التربية من أجل هذا الملف لم يرق الى الملايير المنسوبة إليه، على حد قول المتحدث ذاته، مؤكدا أن النقابة متمسكة بالتسيير المحلي لهذا الملف وتطالب بإلغاء التسيير الحالي، مشددا في السياق على ضرورة تعديل القانون 01/12 المتعلق بالخدمات الاجتماعية، ذاكرا ملفات أخرى من بينها منحة الامتياز التي اكد انها لا تجسد ميدانيا في المستوى المطلوب، خاصة على مستوى مناطق الجنوب رغم الأحقية، وكذا قضية طب العمل التي اعتبرها هياكل دون روح على حد وصفه، وذلك بسبب انعدام مراقبة هذه الأخيرة. في شأن آخر، عبرت نقابة عمال التربية "الأسنتيو" عن رفضها لعديد المواد الواردة في مسودة قانون العمل على غرار قضية الإشعار بالإضراب قبل مدة زمنية محددة، فضلا عن خوصصة وهيمنة ارباب العمل على المؤسسات الاقتصادية العمومية، الى جانب استنكارها هيمنة المستخدم على العامل في المؤسسة ذات الطابع العمومي.
-"الكلا" يؤكد استعداده للانضمام إلى الاحتجاجات.. بدوره، أكد المجلس الوطني لثانويات الجزائر "الكلا" على لسان امينه العام ايدير عاشور، استعداده للدخول في الحركات الاحتجاجية التي تشهدها الجبهة الاجتماعية مع بداية السنة الجارية، وذلك من أجل المحافظة على بعض المكتسبات التي هضمها قانون المالية الجديد. وكشف المتحدث ذاته في تصريحه ل"الحوار" عن مخرجات اللقاء الأخير الذي جمعهم بالمسؤولة الأولى عن قطاع التربية نورية بن غبريط، مؤكدا أن "الكلا" طرح عدة ملفات ابرزها المطالب العامة المتعلقة بالقدرة الشرائية، إضافة الى قانون العمل والتقاعد وكذا الحريات النقابية، والتي قال ان هيئته طالبت بإيصالها الى السلطات المعنية. وبخصوص قطاع التربية، أفاد ايدير عاشور أن الوزيرة وعدت بمعالجة قضية الأساتذة الأربعة المضربين عن الطعام بولاية غرداية خلال الأيام الأولى من العودة الى مقاعد الدراسة، كاشفا عن اجراء لقاء اخر في أواخر الشهر الجاري لإنهاء الرتوشات الأخيرة لمسودة القانون الأساسي من اجل عرضه على مصالح الوظيف العمومي. وعن المشاكل العالقة على مستوى مديريات التربية، قال المتحدث ذاته انه تم الاتفاق على تنظيم لقاء ثنائي مع مدير الموظفين بوزارة التربية الوطنية، وموعد اخر سيجمعهم بالمفتش المكلف بالبيداغوجيا على مستوى الوزارة لمناقشة المشاكل البيداغوجية المطروحة. ________________________________ في سياق متصل، يبدو أن الحرب بين وزير التعليم العالي الطاهر حجار وشركائه الاجتماعيين لن تضع أوزارها، بدليل المستجدات الجديدة التي طرأت على الساحة، والتي رسمت صورة ضبابية تعم القطاع، وهو ما قد يعطي مؤشرات أزمة بين الوزارة الوصية والنقابات، خصوصا بعد أن هاجم الوزير حجار نقابتي "الكناس" و"الطلابي الحر" وأكد أن الأولى لا زالت تعاني من مشاكل قضائية، أما الثانية فمسؤولها الأول لا يمتلك صفة الطالب، وبالتالي لا يحق له أن يترأس منظمة طلابية. وهو ما جعل المنسق الوطني لنقابة "الكناس" يرد بنفس الحدة مؤكدا في تصريح ل"الحوار" أن هناك سيناريو يحاك في الخفاء لخلق الفوضى وإفشال الإضراب المزمع عقده في 14 جانفي القادم من أجل اتهام قيادة المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي، مبديا تأسفه مما سماه التهجم غير المنطقي من الوزير حجار على منظمته، خاصة حين أكد أنها غير شرعية، ولا زالت لم تحل مشكلتها مع القضاء، وهو ما يدل -حسب ميلاط- على أن "الرجل الأول في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي جاهل بالأمور القانونية، فهو لا يفرق بين الاعتماد والمطابقة. أما عن نقابة الكناس فهي معتمدة منذ سنة 1992 بموجب القرار 47 رت الصادر في 02 جانفي 1992 عن وزارة العمل. والاعتماد ما دام لم يصدر حكم قضائي بإلغائه فهو ساري المفعول. أما عن المطابقة، يضيف ميلاط، "فالمؤتمر الخامس الذي انتخب القيادة الجديدة وانتخبني على رأس النقابة، تمت مطابقته طبقا للإجراءات القانونية واللوائح التنظيمية باعتبار أنه ولغاية اليوم لم يتم تبليغنا بأي تحفظ أو رفض لمؤتمرنا من قبل وزارة العمل، وانقضاء الآجال القانونية التي تسمح بذلك". وفي سياق آخر، دعا عبد الحفيظ ميلاط، رئيس الجمهورية والوزير الأول أحمد أويحيى، للتدخل من أجل وضع حد للتجاوزات التي تحدث داخل قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، خصوصا مع الاحتقان الأخير بين مختلف الفاعلين فيه. وأضاف ذات المتحدث أن تصريحات الوزير حجار الأخيرة قد جعلت قياديي المجلس الوطني لنقابة "الكناس" يتمسكون أكثر بالإَضراب الذي سيبدأ يوم 14 جانفي المقبل ويلحون على مطالبهم الشرعية بطريقة سلمية دون استخدام العنف. في حين، أبدى الأمين العام للاتحاد الطلابي الحر، صلاح الدين دواجي، تأسفه من مخرجات الندوة الأخيرة التي عقدها وزير التعليم العالي والبحث العلمي الطاهر حجار مع مختلف نقابات القطاع، التي كان ظاهرها معالجة المشاكل التي يعاني منها القطاع، وخصوصا مع العودة إلى الدراسة، ولكن الواقع كان غير ذلك، إذ تحول اللقاء إلى مسرح للطعن في شرعية ممثلي الطلبة. وفي سياق الاتهامات التي أطلقها الوزير حجار، قال دواجي إنه طالب ولديه كل الدلائل والبراهين التي تؤكد على مزاولته للدراسة في الجامعة، وبالتالي هو مستعد للذهاب بعيدا في القضية، خصوصا إن تطلب الأمر الذهاب إلى العدالة.
– حجار: الطرد.. مصير كل من يغلق أبواب الجامعات قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي الطاهر حجار، خلال ندوة صحفية سبقت لقاءه مع النقابات، إن أطراف الثلاثية الداعية إلى الإضراب الوطني في الجامعات بدءا من يوم 14 جانفي المقبل، هي غير شرعية لافتقادها للاعتماد من طرف وزارة العمل، بما في ذلك "الكناس". وأوضح الوزير توعد المسؤول الأول على قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، الطلبة الذين يقدمون على غلق أبواب المؤسسات الجامعية بالفصل النهائي من الدراسة والمتابعات القضائية، بالقول: "أمرنا رؤساء الجامعات الجزائرية بالمتابعة القضائية لكل من يحاول غلق الجامعة، وبفصله مباشرة من الدراسة". وأشار الوزير إلى منع نشاط الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية في الجامعات الجزائرية، لأن مثل هذا النوع من التنظيمات لها فضاءات أخرى للنشاط بعيدا عن الحرم الجامعي، كاشفا بأن مصالحه لا تعترف إلا بتسع منظمات طلابية تمتلك الشرعية القانونية. مولود صياد \هجيرة بن سالم