"ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا" ينتظر آلاف المرضى في الجزائر بفارغ الصبر انتعاش عمليات زرع الأعضاء، وكلهم أمل في استعادة أجسادهم المنهكة نعمة العافية، أحلامهم مشروعة في ولادة جديدة، تسعى لتحقيقها المصالح الصحية، ويباركها الشرع من باب أن "من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا"، لكن يبقى غياب ثقافة التبرع بالأعضاء وقدسية الجسد في المجتمع الجزائري عائقا أمامها. بحاجة ماسة إلى كلية،.. المطلوب متبرعين بكلى… عبارات تصادفنا كثيرا، أصحابها مرضى أنهكهم "الدياليز" وخارت قواهم بسبب غسيل الكلى، منهم السيدة (ل/ م)، خمسينية صادفناها خلال تواجدنا بمصلحة زراعة الكلى بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، فكشفت لنا أن ملفّها حبيس الأدراج منذ حوالي 7 سنوات بسبب عدم وجود متبرع، بينما صادفنا أخوين جاءا للمعاينة الدورية بعد أن خضعا في وقت سابق لعمليتي نزع و زرع كلى وهما في حالة جيدة، صرحا لنا بأنهما تلقيا الرعاية اللازمة والتزما بنصائح الأطباء المشرفين على العملية، يقول (ب/ خ ) "عانيت كثيرا ولمدة سنوات من غسيل الكلى 3 مرات في الأسبوع، كنت أشعر أن موتي أرحم من حياتي، إلى أن أبدى أخي جازاه الله استعداده للتبرع لي بإحدى كليتيه، فأحياني بقراره، ورغم المخاوف التي كانت تعتصرني خوفا من أن يصاب شقيقي بمكروه، وهي المخاوف ذاتها التي لمحتها في نظرات أمي لنا، إلا أن الأمل كان أكبر.. اليوم أنا ولدت من جديد، وأحمد الله على فضله، وأخي على كرمه، وأمي على صبرها". "مليكة/ع"، سيدة أخرى أدلت لنا بشهادتها حول تجربتها في التبرع بكليتها قائلة "أعيش منذ ثلاث سنوات بكلية واحدة، ولم يكن الأمر سهلا، لكن بقراري هذا بعثت الحياة في جسد شقيقي المتعب الذي أرهقه الدياليز"، وأضافت مليكة أن تنازلها عن إحدى كليتيها لم يؤثر سلبا على حياتها، فهي تمارس حياتها بشكل عادي تماما كما كانت من قبل، هذه السيدة تحاول اليوم بوعيها مقاسمة تجربتها لإعطاء الأمل للمرضى وتشجيع المواطنين على التبرع بأعضائهم، وكلها إيمان أن "الحياة هبة من الله والحفاظ عليها واجب"، ونداؤها اليوم لجميع الجزائريين هو تبني ثقافة التبرع بالأعضاء من الحي إلى الحي، ومن الميت إلى الحي، فإنقاذ روح هو من أسمى الرسائل والإنجازات في الحياة. _________________________________ الدكتور مصعب فيلالي أخصائي في أمراض الكلى وخبير لدى الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء ل"الحوار": كشف الدكتور مصعب فيلالي، خبير لدى الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء، أن وزير الصحة قد أطلق السجل الوطني لمرضى القصور الكلوي الذين يصفّون الدم عن طريق"الدياليز"، حيث سيسمح هذا الأخير بالتسجيل التلقائي لكل مريض يصفي الدم، وسيفرض على جميع مراكز تصفية الدم عبر مستشفيات الوطن. وبهذه الخطوة يمكن ضبط عدد المرضى والمؤهلين منهم لزرع الكلى بأرقام رسمية. وجاء هذا القرار –حسب الخبير – بعد جهد عمل 3 سنوات متتالية. وأكد فيلالي، أن الجزائر ستنشئ قريبا بنكا للأعضاء باعتباره ضرورة لانعاش عمليات الزرع، مشيرا إلى أن بعض الأعضاء لا ينفع تجميدها كالكلى، الكبد والقلب، بينما يمكن الاحتفاظ بالخلايا الجذعية والقرنية والعظام. أما عن أكثر عمليات الزرع التي تشهدها بلادنا، فأكد الخبير أنها تتعلق بالكلى، حيث يقدر عدد عمليات الزرع بحوالي 240 حالة سنويا، في حين لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد المرضى الذين ينتظرون الزرع، رغم أن مرضى القصور الكلوي يقدرون ب23 ألف مريض، لكن أغلبهم لا يستوفون الشروط الصحية لإجراء عمليات الزرع. وعن دور الوكالة في هذه العمليات، أكد الدكتور فيلالي، أن لهذه الأخيرة جملة من الأدوار تتمثل في تنظيم وتأطير وعصرنة كل ما له علاقة بعمليات زرع الأعضاء في الجزائر، وكذا مراقبة المؤسسات الاستشفائية التي تقوم بعمليات الزرع وضمان السير الحسن للسجلات الوطنية لحالات التبرع، مضيفا أن الدول التي سبقتنا في هذا المجال تعمل على هذا المنوال. ومن بين الإجراءات الصارمة التي تعمل عليها وزارة الصحة بالتنسيق مع الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء، هو منع إجراء عمليات الزرع في القطاع الخاص كإجراء احترازي لمنع كل محاولة للزج بمجتمعنا وبلادنا في قضية الاتجار بالأعضاء، مشيرا إلى أن من يدفع ثمن هذه الظاهرة هم دائما الفقراء والمحتاجين. ومن الشّروط الأخرى التي تشدّد عليها الوكالة هو اشتراط أن تربط المتبرع بالمريض علاقة قرابة من الدرجة الأولى، للتأكد من أن عملية التبرع مجانية ولا تخفي وراءها عملية اتّجار. هذا بالنسبة لعمليات التبرع من الحي إلى الحيّ، أما عن عمليات التبرع من الميت إلى الحيّ، فأكد فيلالي تصنيف المتبرع في خانة المجهول، حتى لا يتعرف أهل الميت على هوية المستفيد من أعضاء ميّتهم، وهذا لغلق الباب أمام المساومات والمضايقات. وأضاف الدكتور فيلالي في الأخير، أن الجزائر تعتبر دولة رائدة في عمليات الزرع في المغرب العربي، بالرغم من تأخرها عالميا في هذا المجال، مشيرا إلى أن تأخرها ليس ناجما عن نقص الإمكانيات، بل بسبب غياب استراتيجية لتنظيم وتأطير العملية، وهو الهدف من إنشاء الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء، التي ستشهد انطلاقتها الفعلية في 2018. _____________________________________ مخلوف لوني أمين عام الجمعية الوطنية لتصفية الدم وزراعة الكلى ورئيس جمعية "آدوث 35″ للتبرع بالأعضاء ل"الحوار": 22 ألف مريض تحت رحمة "الدياليز" و8 آلاف ينتظرون زرع الكلى طمأن أمين عام الجمعية الوطنية لتصفية الدم وزراعة الكلى، ورئيس الجمعية الوطنية للتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية، مخلوف لوني، المتخوفين من انتشار ظاهرة الاتجار بالأعضاء البشرية في حال انتعشت زراعة الأعضاء في الجزائر، بقوله إن هذه العمليات لن تتم إلا تحت إشراف جهة قضائية كوكيل الجمهورية مثلا، بالإضافة إلى أنها ستبقى حكرا على القطاع العمومي وتحت إشراف الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء، وبالتالي فباب الاتجار مغلق أمام الشبكات الإجرامية التي لا وجود لها حاليا في الجزائر، ولا داعي من تخوف المواطنين من هذه القضية، فلا معنى لسرقة أعضاء طفل ووضعها في الثلاجة مثلا. وردا على تصريحات رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطباء، بقاط بركاني، قال الدكتور لوني"مع احترامي لرأي الدكتور بركاني، إلا أنّ مشكل إمكانيات الزرع غير مطروح حاليا في الجزائر، فالوكالة الوطنية للزرع جهزت 14 مركزا عبر مستشفيات الوطن لزرع الكلى والخلايا والأنسجة البشرية والقرنية، و3 مراكز لزرع الكبد، بالإضافة إلى مركزين متخصصين في نزع وزرع الأعضاء البشرية في كل من باتنة والبليدة. وأكد رئيس جمعية "آدوث 35″ وجود شريحة واسعة من مرضى الكلى بحاجة إلى زرع كلية، تقدر ب8 آلاف مريض من بين 22 ألف مصاب بالقصور الكلوي على المستوى الوطني، مضيفا أن عدد عمليات زرع الكلى التي أجريت منذ 1986 تاريخ إجراء أول عملية لا يتعدى 257 حالة سنويا. وحول الأطباء المشرفين على عمليات الزرع، أضاف الدكتور لوني، أن التكوين متوفر لكل الأطباء الراغبين في خوض مجال زرع الأعضاء، توفره وتتكفل به الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء التي ترسل دوريا الأطباء لإجراء دورات تكوين في الخارج على نفقة الدولة، والجزائر لا تفتقر حاليا للكفاءات المؤهلة لخوض مجال زرع الأعضاء. أما عن المعوقات الفعلية التي تعرقل فتح مجال زراعة الأعضاء ببلادنا، قال أخصائي الكلى "إن المشكل الحقيقي يكمن في الذهنيات، وهذا لن يتغير إلا بتكثيف حملات التوعية والتحسيس على مستوى المجتمع المدني، مؤكدا في الوقت نفسه أن مشروع قانون الصحة الجديد وسع مسألة التبرع من قرابة الدرجة الأولى إلى العائلة الكبيرة، كما فتح مجال المقايضة، يعني تبادل الأعضاء بين المحتاجين لعمليات الزرع، لكن دائما تحت إشراف وكيل الجمهورية. وشجّع لوني، على ضرورة إنعاش التبرع من الموتى إلى الأحياء بطريقة نظامية، سواء عن طريق بطاقة الانخراط التي يحملها الشخص، وتعدّ بمثابة وصية بعد وفاته تسمح للجهات الطبية باستغلال أعضائه، أو لمجرد أنه لم يمانع في حياته، أو يترك وصية بعدم التبرع بأعضائه بعد وفاته، هنا يمكن للأطباء طلب موافقة أهله بدلا عنه، أما في حال أوصى المتوفي بعدم استغلال جثته بعد وفاته، فلا يمكن بأي شكل من الأشكال لمس المتوفي احتراما لرغبته، وبالنهاية هذه حرية شخصية. ________________________________ * الجمعية الجزائرية للتبرع بالأعضاء.. الأنسجة والخلايا الجذعية "بيلوبا" ل"الحوار": 50 بالمائة من الجزائريين مستعدون للتبرع بأعضائهم كشفت جندر صوفيا، عضو ناشط في جمعية "بيلوبا" للتبرع بالأعضاء، أن 50 بالمائة من الجزائريين ليسوا ضد التبرع بالأعضاء وهم مستعدون لذلك في أي وقت، مضيفة أن هؤلاء أبدوا موافقتهم على التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم، فيما يجهل 30 بالمائة من الأشخاص معنى عملية التبرع بالأعضاء، بحسب دراسة أجرتها الجمعية على عينة من 500 شخص من مختلف المناطق، على غرار سطيف، تيزي وزو، وهران والعاصمة. كما أشارت الدراسة ذاتها إلى أن 40 بالمائة من أفراد العينة واعون بأن التبرع هو الحل من أجل إنقاذ حياة المرضى في خطر، وأبدوا استعدادهم لتسجيل أنفسهم في قائمة المتبرعين. وأضافت جندر، أن المجتمع الجزائري لازال بحاجة إلى توعية وتثقيف، لاسيما على المستوى الديني، حيث مازال التخوف من حرمة التبرع يمنع الكثيرين من إنقاذ الأرواح، مؤكدة أن عمل جمعية "بيلوبا" الأساسي يرتكز على التوعية والتّحسيس بأهميّة التّبرع، مضيفة أن الجمعية تدعم حملاتها بنماذج حية لمتبرّعين لا يزالون يتمتّعون بصحّة جيّدة لتشجيع المتخوفين من عمليات التبرع، حيث يبقى هاجس الخوف من تدهور صحّة المتبرع بعد العملية يمنع تبرع الأقارب لبعضهم البعض حتى من درجة القرابة الأولى. ___________________________________ * رئيس عمادة الأطباء بقاط بركاني ل"الحوار": .. اطمئنوا الجزائر في منأى عن الاتجار بالأعضاء! انتقد رئيس عمادة الأطباء، بقاط بركاني، في تصريحه ل"الحوار"، مشروع القانون الجديد للصّحة، بقوله أن هذا الأخير جاء بمواد كثيرة بلا جدوى، ويمكن اعتباره مشروعا غير توافقي، ذلك لأنه صيغ من طرف واحد ألا وهو وزارة الصحة من دون إشراك الفاعلين في مجال الصحة، مضيفا أن مثل هذا القانون يجب أن يتطرق إلى كل جوانب الصحة والسياسات المتعلقة بها كالاستثمار مثلا، وإلا فما معنى أن تنفق الدولة الأموال الطائلة في مشاريع صحية كبيرة كالتبرع بالأعضاء دون دراسة تفصيلة ميدانية ولا استراتيجية واضحة. وأضاف بركاني"نحن بدورنا عندنا اقتراحات مكتوبة كلجنة برلمان كتبناها مفصلة، وتطرقنا فيها الى النقاط التي يجب أن يستوفيها القانون الجديد الذي قدّرنا أنه غير واضح، وكل الفاعلين في مجال الصحة غير راضين على ما جاء فيه من مواد، بعضها مبهمة والأخرى ناقصة وأخرى غير موجودة إطلاقا. وعليه، نطالب وزير الصحة بفتح باب الحوار مع جميع الفاعلين في مجال الصحة والاستماع إلى مطالبهم. وحول إمكانيات الجزائر إجراء عمليات الزّرع، قال بركاني:"أول مشكل عويص نواجهه في قضية زرع الأعضاء هو انعدام ثقافة التبرع بالأعضاء في المجتمع الجزائري، حيث نحتاج إلى عمليات تحسيس وتوعية مكثفة لكسب ثقة المتبرعين، مشيرا إلى أن مشكل التبرع ينقسم إلى شقّين، الأول من الحيّ إلى الحيّ وتعرقله مشكلة الثّقة، حيث يخشى المتبرّع من تدهور صحّته بعد العملية، لذلك فالأمر يقتصر حاليا على الأقارب من الدرجة الأولى، أما الشّق الثاني فيخص التّبرع من الميت إلى الحي، وهذا ما لا تستوعبه ذهنية الجزائري بأي شكل من الأشكال، وعليه أدعو المجتمع المدني والأئمة بشكل خاص لتكثيف حملات التوعية في هذا الشأن. أما الإمكانيات التقنية، فحدث ولا حرج، فمستشفياتنا للأسف فقيرة من حيث التكوين والأجهزة والعتاد، فنحن لا نملك أي تجهيزات تسمح لنا بعمليات زرع الأعضاء، ولو فعلنا ذلك فسنكون خسرنا عضوا من أحدهم دون أن يستفيد منه الآخر". وردّا على تساؤلات البعض حول إمكانية الانزلاق نحو قضية الاتجار بالأعضاء، اعتبر بركاني أن مثل هذه المخاوف لا يجب أن تخطر على بال أي مواطن جزائري، لأنها وببساطة مستحيلة الحدوث، باعتبار أن شبكات الاتجار بالأعضاء تنشط في دول لديها إمكانيات مهمة للحفاظ عليها و زرعها وفق ما يتطلبه ذلك من إمكانيات وشروط صحية بالغة الدقة، بينما في الجزائر لا نملك لا هذا ولا ذاك، والجزائر في الواقع أضعف من أن تنشأ فيها مثل هذه الشبكات، فإذا كانت مؤسساتنا الصحية عاجزة عن إجراء العمليات النظامية، ولا زالت تقتصر على عمليات زرع الكلى والقرنية في أضيق الحدود، فكيف بإمكانها استيعاب العمليات المشبوهة؟، لذا اطمئنوا نحن أبعد ما نكون عن التجارة بالأعضاء. _________________________________ * الحقوقي والرئيس السابق للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بوجمعة غشير ل"الحوار": الجزائر شهدت حالات نادرة لسرقة "كلى" أكد الحقوقي والرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، وعضو حالي في رابطة حقوقية دولية، في تصريحه ل"الحوار"، أن الجزائر عرفت حالات مرتبطة بسرقة " كلى" في بعض العيادات والمستشفيات، لكنها حالات نادرة. وأشار إلى أن الكثير من الناس يعانون من أمراض مستعصية ومزمنة، تكاليف علاجها باهظة ومؤلمة، لذلك اتجه الطب الحديث لبدائل أكثر نجاعة وفعالية، هذه البدائل تتمثل في استبدال الأعضاء المريضة بأخرى سليمة، مثلما هو الحال في أمراض العيون، والكلى والقلب. وما دامت الأعضاء المراد استبدالها لا توجد إلا في جسم الإنسان، لذلك فإن المريض مطالب بإيجاد متبرع، سواء أثناء الحياة مثلما هو الحال بالنسبة للكلى، أو بعد الموت بالنسبة للعيون والقلب. وأضاف غشير، أن بعض الدول أسست بنوكا للأعضاء ، ويمكن الحصول عليها مقابل مبالغ باهضة، أما المجتمعات العربية الإسلامية، ومن بينهما الجزائر، فقد عرفت نقاشات حادة حول الموضوعة، ما بين محلل للعملية ومحرم لها، لكن وقع توافق حلل التبرع بعد الموت، أما التبرع أثناء الحياة فلا يزال محل خلاف، مؤكدا أن"ما تضمنه قانون الصحة في هذا المجال جيد ويحل مشكلة طبية عويصة ومكلفة للدولة وللمريض، لكن لابد من تأطير العملية بكل جدية، سواء من الناحية القانونية أو من ناحية حفظ الأعضاء المتبرع بها وطريق الحصول عليها"، مضيفا أن"التأطير الجيد للعملية من شأنه غلق الأبواب أمام عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية، والمجتمع الجزائري كغيره من المجتمعات، ليس في منأى عن ظهور عصابات تتاجر بالأعضاء، وطبعا الأعضاء المتاجر بها يتم الحصول عليها من أشخاص بعد قتلهم أو سرقة كليتهم في عيادات سرية". _______________________________________ * الشيخ عمار محجوبي ل"الحوار": التبرع بالأعضاء صدقة جارية وواجبنا التقرب به إلى الله أكد الشيخ عمار محجوبي ل"الحوار" أن دور المسجد لا يقتصر على إقامة الشعائر، بل ينبغي أن يتعداه إلى تربية المجتمع، وهذا الدّور ينطلق من شمولية الإسلام الذي يدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا. وإذا كان التبرع عادة يدخل في مجال العبادات التي يتقرب بها إلى الله، فإن التبرع بالأعضاء يتعداه في كونه صدقة جارية، لأنه يصنف في خانة إنقاذ حياة وإحياء نفس كادت أن تموت، وكما يقول عز وجل (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً)، لكن بشرط أن لا يؤثر ذلك على صحة الحي إذا كان التبرع من شخص حي. ووجه الشيخ محجوبي نداءً إلى الأئمة بقوله:" الإمام ليس مطالبا بإلقاء الخطبة عن الصلاة والزكاة فحسب، وإنما عليه التطرق إلى كل الأمور الحياتية، على غرار التبرع بالأعضاء، باعتبار أن مجتمعنا لديه حساسية من هذا الموضوع رغم ما فيه من إحياء للنفس البشرية، ودور الأئمة لا يقتصر على التوضيح بجواز وإباحة مسألة التبرع بالأعضاء، بل يتعداه إلى الترغيب في التبرع وغرس ثقافته فيهم. وردا على سؤالنا حول جواز تبرع أهل الميت بأعضائه، أفتى الشيخ محجوبي بقوله: الأكيد أن لجسد الميت حرمة كما هو شائع في مجتمعنا، لكن إذا تعلق الأمر بإنقاذ نفس من الهلاك فعلينا تجاوز مفهوم الحرمة إلى الواجب، والحال أن الميت قد مات، ونحن لا ننتهك حرمته إذا تبرعنا بأعضائه، بل نعمل بالحديث الشريف:"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، والتبرع بالأعضاء يدخل ضمن هذا الباب. والشّرع لا ينبغي تلخيصه في مسألة يجوز أو لا يجوز، بل ينبغي تجاوزه إلى مسألة الأجر والمثوبة. وردا عن سؤالنا حول إمكانية التبرع بأعضاء الميت دون وصية، قال محجوبي" الحي أبقى من الميت، ونحن أدرى بمصلحة الميت منه، لأن عمله قد انقطع بعد انتقاله إلى رحمة الله، وما يتبقى هو أعمال البر فحسب. ملف: سامية حميش