أثارت تهديدات وزير التعليم العالي والبحث العلمي، طاهر حجار، استياء الأطباء المقيمين وطلبة المدارس العليا، والتي أكد فيها أن الوزارة ستقوم بتطبيق القوانين ضدهم، وأن من يرسب لن يتم توظيفه مستقبلا، نافيا وجود سنة بيضاء، منتقدا في نفس السياق لجوء الطلبة والأطباء إلى الإضراب المفتوح. ودافع الأطباء المقيمون عن مطالبهم، مؤكدين أن الوصاية تتعامل بتعنت شديد مع ملفهم معتبرين أن تصريحات حجار "لا حدث" وعارية تماما من الصحة، فيما استهجن ممثلو الطلبة والأساتذة الجامعيين لجوء الوزارة إلى استعمال لغة التهديد مؤكدين أن ذلك سيزيد من تعفن الوضع. وجاءت تصريحات وزير التعليم العالي والبحث العلمي، طاهر حجار، على هامش انطلاق الندوة الوطنية للجامعات التي أكد فيها أنه لا يوجد سنة بيضاء بالنسبة لطلبة المدارس العليا، كما انتقد حجار استمرار الطلبة في الإضراب المفتوح الذي باشروه منذ أشهر، مؤكدا أنه لا يوجد في القوانين الجزائرية إضراب مفتوح، مهددا بتطبيق القوانين ضدهم في حالة استمرارهم في الإضراب، مطالبا الطلبة بتحكيم العقل بعد صدور الحكم القضائي مبرزا أنهم سيصدمون بتطبيق القوانين مطالبا الجميع بتحمل مسؤولياته. لا مفر من السنة البيضاء إذا استمر الوضع على حاله في السياق دعا المنسق الوطني لنقابة أساتذة التعليم العالي، عبد الحفيظ ميلاط، السلطات العليا للتدخل وتجنيب الجامعة الجزائرية كارثة حقيقية في حال تم إعلان السنة البيضاء، معتبرا أن تصريحات وزير التعليم العالي الأخيرة هروبا من الواقع، مشيرا إلى استحالة تجاوز شبح السنة البيضاء هذه السنة مع استمرار توقف الدراسة لمدة تجاوزت الأربعة أشهر، ووجه ميلاط تساؤلاته للوزير الحجار حول الآليات التي ستعتمدها الوزارة لاستدراك أربعة أشهر من التأخر وإنقاذ السنة الجامعية، وفي هذا الإطار دعا عبد الحفيظ ميلاط السلطات العليا للتدخل وحل مشكل الطلبة المضربين عبر عدة جامعات، متسائلا عن مصير الدخول الجامعي 2018-2019 بعد أن تحولت قضية السنة البيضاء في تخصصات الرياضة والتربية البدنية والمدارس العليا للأساتذة والأطباء المقيمين وعلم المكتبات، من مجرد فرضية إلى أمر شبه واقع، كما تساءل فيما إذا كانت ستحجب هذه التخصصات من دفتر رغبات الطلبة الجامعيين الجدد وفي حالة تقرير ذلك، أليس في الأمر إجحاف كبير لرغبات الطلبة الذين يرغبون في دراسة هذه التخصصات؟ وكيف ستواجه الجامعة حالة الاكتظاظ وكيف سيتم التعامل مع تكدس وتراكم دفعتين في آن واحد، مشيرا إلى أنه في ظل تردي ترتيب الجامعة الجزائرية في تصنيف الجامعات الدولية، وفي حالة تقرير السنة البيضاء قال ميلاط، "إننا سنشهد خروج الجامعات الجزائرية من التصنيف أصلا"، مشيرا إلى "أن هذه المشاكل يمكن تجاوزها ببساطة لو كانت هناك نية بسيطة للحوار وسماع الطرف الثاني، فمن غير المفهوم أن تبقى مشكلة قائمة لأكثر من أربعة أشهر دون أن نجد حلا لها". لم نطلب مقابلة حجار ولا نزال مصرين على موقفنا ومن جانبه كذّب ممثل الأطباء المقيمين، حمزة بوطالب، تصريحات وزير التعليم العالي، مؤكدا أن الوزارة اتصلت بالطلبة الأطباء من أجل التباحث حول تاريخ امتحانات التخصص، والتي قال فيها الأطباء كلمتهم منذ شهر جانفي الماضي، لكن تعنت الوزارة وتمسكها بقرار إجراء الامتحان زاد من إصرار الأطباء المقيمين على التمسك بمطالبهم، مشيرا في تصريح ل"الحوار" أن ما جاء على لسان حجار عار من الصحة، مبديا امتعاضه الشديد من لهجة التهديد التي رافقت خطاب الوزير ضد الأطباء المقيمين وطلبة المدارس العليا والتي بينت المستوى الذي وصلت إليه الأحداث، مؤكدا أن الوزارة ستتحمل عواقب وتبعات تعنتها والذي سيشل قطاعا حساسا في الجزائر، حيث سيؤدي امتناع الأطباء المقيمين عن دخول الامتحان إلى غياب الخدمة المدنية تلقائيا السنة المقبلة، مضيفا أن التوقف عن المناوبة سيستمر، مؤكدا بأن الأطباء المقيمين أبدوا استعدادهم للحوار في أكثر من مرة لكن إصرار الجهات الوصية على غلق الباب سيزيد من تعقيد الأمور. وفي ذات السياق اتهمت التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتقسيم الطلبة المقيمين، بإصرارها على تنظيم امتحانات التخصص في الموعد الذي حددته رغم مطالبة تنسيقية الأطباء بإلغاء الامتحان وتأكيدها على مقاطعته بصورة تامة. وفي هذا السياق أشار الدكتور حمزة بوطالب إلى أن اللقاء الذي جمعهم بالوزير طاهر حجار في وقت سابق وتمسكه بتواريخ امتحانات التخصص المقرر إجراؤها بتاريخ 18 مارس وإلى غاية 12 من شهر أفريل دليل على سوء نية الوزارة وسعيها نحو زيادة حدة الاحتقان الحاصل في قطاع الصحة منذ شهور وهو ما يفتح الأبواب على مصراعيها للسنة البيضاء التي ستكون عواقبها وخيمة على قطاع الصحة. تهديدات حجار مرفوضة تماما اتهم الأمين العام للاتحاد الطلابي الحر، صلاح الدين دواجي، أطرافا في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ذات توجهات حزبية ضيقة بتعفين الوضع بإصرارها على إطالة عمر الأزمة وإخراج الطلبة إلى الشارع، داعيا في تصريح للحوار السلطات العليا في البلاد إلى التدخل الفوري، وإنقاذ السنة الجامعية، مشيرا إلى أن مطالب الطلبة شرعية ولا تحتاج إلى كل هذا الشد والجذب، واستهجن دواجي لغة التهديد التي استعملها وزير التعليم العالي والبحث العلمي، طاهر حجار، في حديثه عن إضراب طلبة المدارس العليا التي ستزيد الطين بلة، مؤكدا أن مصير 150 ألف طالب بات مجهولا والوزير وحده من يتحمل تبعات ونتائج السنة البيضاء التي أصبح وقوعها وشيكا جدا بسبب تعنت الوزارة وتمسكها بضرورة عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة. متهما الوزارة بانتهاج سياسة إقصائية في حق طلبة المدارس العليا وتهربها من تحمل المسؤولية من خلال اصطدامها المباشر مع الطلبة عبر إصدار قرار "يقضي بإقصاء المحتجين" وهو القرار الذي قال بشأنه دواجي إنه لا يخدم الجامعة، ولا مستقبل الأجيال القادمة متسائلا عمن يقف وراء هذا القرار الذي زاد من تأزيم الوضع أكثر، مشيرا إلى أن مطالب الطلبة مشروعة ويمكن أن تتحقق. وحذّر صلاح الدين دواجي من مغبة الذهاب إلى شبح السنة البيضاء التي لن تكون مستبعدة هذه المرة إذا استمر الوضع على حاله، مشيرا في حديثه معنا إلى أن الحوار الذي جمع ممثلي الطلبة مع وزارة التعليم العالي كان ظاهره محاولة إيجاد حلول وباطنه إلزام الطلبة بالعودة إلى الدراسة، أو اللجوء إلى قرارات الفصل في حالة إصرار الطلبة على قرار مواصلة الإضراب، ويشير دواجي إلى أن هذه القرارات ستكون لها عواقب وخيمة على الجامعة الجزائرية. سهام حواس