إعلانه في فيفري الماضي عن زيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان بنحو 17 ألف جندي ، إلا أن هذا لم يمنع أوباما من الخروج فجأة بتصريحات مدوية جاء فيها أن أمريكا لم تكسب الحرب هناك وأنه لا مفر من الحوار مع ما أسماها بالعناصر المعتدلة في حركة طالبان بدلا من إرسال المزيد من القوات ، وحذر في مقابلة مع صحيفة ''نيويورك تايمز'' في 8 مارس من أن الأسوأ لم يقع بعد ، قائلا :''لقد شهدنا تدهورا في الأوضاع خلال السنتين الماضيتين وحركة طالبان ازدادت جرأة وجسارة عن قبل، نراهم في مناطق جنوب البلاد يشنون هجمات لم يسبق أن شهدنا مثلها ، بينما الحكومة الأفغانية لم تكسب ثقة الشعب'' ، وعندما سئل إن كانت الولاياتالمتحدة بصدد كسب الحرب في أفغانستان التي يعتبرها ''الجبهة المركزية في الحرب على ما أسماه بالإرهاب ، رد ببساطة ''لا'' ، مؤكدا أن أمريكا لا تحقق انتصارا في الحرب في أفغانستان . وانتهى إلى القول :''الوضع في أفغانستان بالتأكيد أكثر تعقيدا من العراق، يوجد منطقة خارجة أكثر عن السلطة، تاريخ من الاستقلال تتمسك به القبائل بشراسة ، ثمة قبائل كثيرة وهي أحيانا تتحرك عبر الحدود ، أخذ كل ذلك في الحسبان يطرح تحديا أكبر بكثير''.، التصريحات السابقة أثارت حيرة المراقبين بالنظر إلى أن حديث أوباما خلال حملته الانتخابية وحتى أسابيع قليلة مضت كان يركز على استراتيجية جديدة تقوم على زيادة عدد القوات للقضاء على طالبان ، فما الجديد الذي طرأ وغير هذا الموقف ؟، ولماذا فاجأت واشنطن الجميع بالدعوة لمؤتمر دولى حول أفغانستان في 31 مارس بمشاركة الدول المجاورة بما في ذلك إيران؟. واشنطن تدعو لمؤتمر دولى حول أفغانستان بمشاركة إيران .. فما هي الاسباب والدوافع ؟ كان لخيبة الأمل التي خرج بها أوباما من زيارته لكندا الشهر الماضي والتي كانت تعتبر الزيارة الخارجية الأولى له منذ تنصيبه في 20 جانفي الماضي، دور كبير في المفاجأة التي اطلقتها واشنطن بالدعوة لمؤتمر دولى حول أفغانستان بمشاركة إيران، فأوباما كان يعول على إقناع كندا بزيادة عدد قواتها في أفغانستان ، إلا أنه قوبل بحائط صد رافض تماما لمثل هذا الأمر، حيث أعلن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر أن بلاده والولاياتالمتحدة وقوات حلف شمال الأطلسي تخوض حربا غير مجدية ضد حركة طالبان ، قائلا :''لن نستطيع أبدا هزيمة طالبان ، كندا لن ترسل المزيد من القوات لهذا البلد ''.،الى جانب هذا فاستراتيجية أوباما الجديدة في أفغانستان تلقت ضربة مباغتة ومن مكان ليس في الحسبان تماما ألا وهو قيرغيزستان التي قررت فجأة إغلاق قاعدة مناس الجوية الأمريكية التي تستخدم كمنصة انطلاق لعمليات القوات الأمريكية ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة. وكانت السلطات القيرغيزية قد سلمت في 20 فيفري الماضي إخطارا للسفير الأمريكي يتضمن قرارا نهائيا بإغلاق قاعدة مناس ، هذا القرار اعتبر بمثابة إجهاض مبكر لخطة أوباما حول زيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان بنحو 17 ألف جندي ، كما أنه كان رسالة قوية من روسيا بأن في استطاعتها تهديد القوات الأمريكية أينما كانت . فالقرار جاء بعد اجتماع باكييف مع نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف في 3 فيفري ، حيث وعدت موسكو قيرغيزستان بمساعدات مالية كبيرة ، مقابل الموافقة على إغلاق قاعدة مناس ، وهى هنا كانت تسعى لتحقيق عدة أهداف من أبرزها حرمان واشنطن من القاعدة العسكرية الوحيدة في آسيا الوسطى التي تعتبرها موسكو مجالا حيويا لها ومصدرا للطاقة لا ينضب ، كما أنها حذرت أوباما مبكرا من أن الاصرار على نشر منظومة الدرع الصاروخية الأمريكية الجديد في بولندا والتشيك بالقرب من حدودها سينتج عنه منع الامدادات عن القوات الأمريكية في أفغانستان وبالتالي تعرضها للهلاك ، حيث أنه لم يعد أمام واشنطن سوى استجداء موسكو للسماح بمرور الامدادات عبر أراضيها.، ورغم أن أوزبكستان وطاجيكستان أعلنتا استعدادهما للسماح بمرور الامدادات عبر أراضيهما إلا أنهما اشترطتا أن تكون غير عسكرية ، وبالتالي لا يوجد بديل أرخص وأسهل سوى موسكو لنقل الامدادات العسكرية ، خاصة وأن الاعتماد على القواعد الأمريكية في الخليج العربي سيكون شاقا ومكلفا للغاية وهو أمر لاتحتمله الميزانية الأمريكية في ظل الأزمة المالية الحالية. كما أن قرار قيرغيزستان جاء بمثابة هدية مجانية لطالبان لتشديد الخناق على الناتو والقوات الأمريكية خاصة وأنها بصدد تكثيف هجماتها ضد تلك القوات مع ذوبان ثلوج الشتاء وقدوم فصل الربيع ، وما يزيد مأزق واشنطن في هذا الصدد أن طالبان توعدت خلال الأيام الأخيرة بأن 2009 سيكون الأكثر دموية للقوات الأجنبية في أفغانستان ، محذرة أوباما من مغبة تكرار أخطاء سلفه بوش وقبله السوفيت والبريطانيين ، ولم تكتف بالتصريحات فقط ، بل إنها قامت أيضا بإجراءات على أرض الواقع ، حيث شنت في 11 فيفري الماضي عدة هجمات انتحارية بالقرب من وزارتي العدل والتعليم في كابول وكلتا الوزارتان تقعان بالقرب من القصر الرئاسي الذي تحميه قوات أمريكية.، رسالة الدموية السابقة تضاف للتقارير التي تحدثت عن سيطرة طالبان على ما يقرب من 72 بالمائة من الأراضي الأفغانية بعد استعادتها السيطرة على معظم الأقاليم الأفغانية خاصة فى الجنوب والشرق كما أنها باتت أقرب لاستعادة السيطرة على العاصمة كابول في ظل ضعف حكومة الرئيس حامد قرضاي وانعدام كفاءة الجيش الأفغاني وانشغال قوات الناتو بتأمين نفسها بعد تعرض قواتها لخسائر فادحة في هجمات طالبان ، فضلا عن فشلها في تأمين ممرات التمويل والإمداد التي تمر عبر الحدود الباكستانية بسبب هجمات طالبان باكستان المتواصلة ضد قوافل الناتو ، بل ويتردد أيضا أن حركة طالبان تتحكم الآن فى ممر خيبر على المنطقة الحدودية مع باكستان وقامت بقطع طريق الإمدادت الخاصة بقوات الناتو، ومن الأمور التي تخدم طالبان أيضا أن إدارة أوباما تشعر بغضب كبير تجاه حكومة الرئيس حامد قرضاي التي فشلت فى جهود إعادة الإعمار على مدار ثمانية أعوام رغم أنها حصلت خلالها على دعم وتأييد المجتمع الدولي ، حيثت تلقت نحو 150 مليار دولار، وذلك فى إطار اتفاقية ''بون'' التي تم توقيعها فى ديسمبر 2001 بألمانيا، دفعت الولاياتالمتحدة ما يقرب من ثلثها، ولم تسفر جميعها عن أية نتائج ملموسة، فالجيش الأفغاني لا يتعدى قوامه 70 ألف جندي ويعاني من نقص حاد فى الإمكانات والتأهيل ، وبالرغم من الخطط الأمريكية لمضاعفة عدد الجيش الأفغاني وزيادة تأهيله، إلا أن ذلك يواجه بعقبة كبيرة تتمثل في أن تطوير الجيش الأفغاني يتطلب أموالاً باهظة وهذا أمر يصعب تأمينه فى ظل الأزمة المالية العالمية ، بالإضافة إلى أن الثقة باتت مفقودة بين وانشطن وحكومة قرضاي ، ولذا فإن طالبان باتت متاكدة أن الوقت في صالحها وأن الإطاحة بالحكومة الحالية في كابول لن يتأخر كثيرا. لدى ايران أوراق ضغط كثيرة في أفغانستان يبدو أن إدارة الرئيس أوباما ماضية في عزمها فتح حوار مع إيران، ويبدو أن البداية تكون على المائدة الأفغانية، بعد أن قدمت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية ''دعوة'' إلى طهران للمشاركة في مؤتمر دولي حول أفغانستان تعتزم واشنطن عقده في 2009331 في مدينة لاهاي بهولندا.، وما بين دعوة كلينتون والردود الإيرانية الإيجابية المتحفظة، بدأت أسئلة كثيرة تطرح نفسها حول ما يمكن لإيران أن تقدمه طهرانلواشنطن للخروج من ورطتها الأفغانية الراهنة، وما الذي تريده في المقابل من واشنطن؟ فبحكم الجوار الجغرافي والتاريخ الديني والثقافي المشترك والدور الإيراني الكبير في أحداث العقود الثلاثة الأخيرة في أفغانستان، تملك طهران أوراقا هامة طالما حاولت استغلالها لأهدافها في المنطقة. ورغم المشاركة الإيرانية الفعالة في ترتيبات ما بعد مرحلة طالبان، والحفاظ على علاقات قريبة مع حكومة الرئيس كرزاي، فإن هذه العلاقة اعترتها طيلة الفترة السابقة توترات محدودة وأحيانا اتهامات متبادلة. ولمعرفة الدور الإيراني المحتمل في الحل الأمريكي للأزمة الأفغانية، يمكننا تحديد الأوراق التي تمتلكها إيران في أفغانستان وتمكنها من اللعب بها على طاولة الحوار الأمريكي في النقاط التالية: - الحدود المشتركة مع أفغانستان التي تصل إلى 978 كيلومترا ، وتشكل أحد أهم المرافق الحيوية لربط أفغانستان بالبحر وبالشرق الأوسط وأوروبا، كما تشكل أفغانستان ممرا هاما لإيران إلى آسيا الوسطى والصين. - المهاجرون الأفغان في إيران خاصة وان هناك حاليا أكثر من مليون مهاجر أفغاني يعيشون في إيران، وتشكل قضية إخراجهم من إيران أحد الأمور الخلافية بين البلدين. وقد أخرجت إيران بالفعل عشرات الآلاف منهم العام الماضي. - العلاقات القريبة مع أطراف أفغانية خصوصا الأحزاب الشيعية وكذلك الأحزاب والتيارات السياسية غير البشتونية من عرقية الطاجيك والأوزبك والهزارة. - العلاقات الثقافية المشتركة نظرا لانتشار اللغة الفارسية في أفغانستان حيث يتحدث بها أكثر من 60 من مختلف عرقيات الشعب ويقرأ بها معظم المثقفين. - العلاقات القريبة مع الجوار الإستراتيجي لأفغانستان مثل طاجكستان والصين وروسيا. - الدور الإيراني في جهود إعادة إعمار أفغانستان،فإيران تعهدت بتقديم 500 مليون دولار لهذا الغرض منذ أوائل عام ,2002 وقامت بتنفيذ العديد من المشاريع خصوصا في الغرب الأفغاني. هذه أهم أوراق تمتلكها إيران في الملف الأفغاني حاليا، غير أن هذه الأوراق لا تبدو مؤثرة بقوة في إطار الجهود الأمريكية وحلف الناتو للسيطرة على الوضع الأمني واحتواء المقاومة المسلحة ضد الوجود الأجنبي في أفغانستان، اللهم إلا ورقة الدعم المحتمل لطالبان والقاعدة، والذي تنفيه طهران باستمرار ويتناوله بعض وسائل الإعلام الغربية والعربية من وقت لآخر. وبمتابعة الصراع الدائر في أفغانستان، يظهر أن التوجه الأمريكي الجديد يصب نحو تحييد الدور الإيراني تجاه أي دعم محتمل للمقاومة المسلحة التي تقودها حركة طالبان وغيرها من المجموعات المسلحة داخل أفغانستان، وسياسيا تسعى واشنطن إلى كسب دعم طهران لأي خطوات باتجاه فتح الحوار مع طالبان، أو ما تسميه واشنطن ''أطرافا معتدلة'' داخل الحركة أو إشراكهم في إدارة البلد. 'الناتو' يطبع علاقاته مع روسيا لمواجهة الهزيمة ويخاطر بتكراراخطاء السوفيت من المتوقع الى جانب دعوة ايران للمشاركة في المؤتمر الدولي حول افغانستان ، ان يسعى وزراء حلف شمال الاطلسي لاعادة العلاقات مع روسيا الى مسارها الطبيعي وكانت ادارة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش قد تزعمت قرار الحلف بتعليق الحوار الرسمي مع روسيا بعد توغل القوات الروسية داخل أراضي جورجيا في اوت الماضي لكن ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما أوضحت انها تريد ان تبدأ صفحة جديدة مع موسكو. ويركز المسؤولون الامريكيون الآن على المصالح المشتركة مع روسيا بما في ذلك الصراع ضد المجاهدين الاسلاميين في أفغانستان ومناطق اخرى ومخاوف من البرنامج النووي الايراني.، ورفع جو بايدن نائب الرئيس الامريكي الجديد لواء التغيير الشهر الماضي حين قال انه حان الوقت للضغط على ''زر اعادة ضبط'' العلاقات مع روسيا لوقف تدهور العلاقات أكثر من ذلك، وأعلن حلف الاطلسي بالفعل استئناف التعامل تدريجيا مع موسكو في ديسمبر الماضي بعد ان أكدت دول الاتحاد الاوروبي على أهمية التعاون.، وجرت اتصالات دبلوماسية وسياسية غير رسمية لكن روسيا تضغط من أجل استئناف اجتماعات حلف الاطلسي والمجلس الروسي وهي الآلية التي توجه الاعمال الرسمية في اطار هذه العلاقات.، وحرصت روسيا على ان تمهد الطريق لذلك بالسماح الاسبوع الماضي بمرور شحنة عسكرية للقوات الامريكية المحاصرة في أفغانستان عبر أراضيها، خاصة بعدما نجحت طالبان في قطع معظم طرق الامداد عن تلك القوات.، وأعلن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف انه كانت هناك مؤشرات ايجابية من جانب الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بالقضية الخلافية للدرع الصاروخية التي تريد واشنطن نشرها في أوروبا وأبدى استعداد موسكو لمناقشة هيكل جديد مع الولاياتالمتحدة. وتعارض روسيا بشدة نشر هذا النظام في بولندا وجمهورية التشيك كما تعارض انضمام جورجيا وأوكرانيا لعضوية الحلف الغربي.وصرح مسؤولون امريكيون بأنها ستطلع نظراءها في حلف الاطلسي على نتائج المراجعة التي اجريت للاستراتيجية الامريكية في أفغانستان حيث تواجه قوات الاحتلال الدولية الهزيمة أمام حركة طالبان في أفغانستان رغم مرور أكثر من سبع سنوات على الاطاحة بها من الحكم، رغم كل هذا يجمع الخبراء على ان مصير الاحتلال الأمريكي الأطلسي كمصير الاحتلال السوفييتي من قبله، وكمصير الاحتلال البريطاني والروسي قديما، ونهايته محتمة . لماذا كل هذا الاجماع الدولي على احتلال افغانستان؟ يبدو أمر استمرار احتلال أفغانستان، ثابتا عند الدوائر الأمريكية جميعا، سواء الإدارة الحالية أو التي سبقتها، حيث لم يتحدث أحد عن الانسحاب من هناك أبدا منذ بدأ الاحتلال بما يؤكد على حالة اجماع غربي على الاحتلال واستمراره. فقبل احتلال الاتحاد السوفييتي السابق لأفغانستان، لم يكن لهذا البلد، تلك الاهمية الاستراتيجية التي هو عليها الآن لا على المستوى الإقليمي ولا على المستوى الدولي. لقد أعطى هذا الاحتلال لأفغانستان أهمية واضحة على صعيد الصراعات الدولية، او لنقل انه اعاد اكتشاف تلك الاهمية لهذا البلد وفق معطيات جديدة، ومن بعد جاءت الاحداث والتطورات الإقليمية والدولية لتجعل من هذا البلد نقطة فاصلة في إدارة الصراعات في الاقليم وعلى مستوى كبير من التأثير في الوضع الدولي مستقبليا، وبحكم تلك المعطيات، جرت إدارة الحرب مع الاحتلال السوفييتي على المستويات الاقليمية والدولية معا، حتى انتهى الاحتلال إلى الهزيمة، لكنه اعاد اكتشاف الموقع والموضع الاستراتيجي لهذا البلد، كما ان ناتج المعركة هو ما وضع بداية ظاهرة القاعدة وطالبان فيما بعد. فوفق الوضع الاستراتيجي لأفغانستان، فهي الدولة الاضعف والبطن الرخوة في تلك المنطقة من آسيا، بحكم ان كل جوارها هو من الدول القوية (باكستان- إيران- الصين، والهند ليست بعيدة عن ذلك)، وهي دولة تمثل امتدادا في اهميتها الاستراتيجية لباكستان، في مواجهتها التاريخية الجارية مع جارتها الهند التي تكاد تصبح في وزن قارة كاملة، مقارنة بباكستان جغرافيا وسكانيا. لكن تلك الاهمية لأفغانستان صارت مضاعفة اكثر من بعد. واذا كان الصراع الهندي - الباكستاني شاهد على أهميتها بحكم التطورات على ارض هذا البلد، فإن الاهمية الحقيقية المستحدثة على المستوى الدولي لا الإقليمي، ناتجة عن ان كل بلدان محيط أفغانستان باتت تحديدا هي الدول الساعية والمتطورة باتجاه تغيير التوازنات الدولية الراهنة، باعتبار ان زيادة الوزن النسبى لدول الجوار الأفغاني، انما يزيد من اهميتها بالتبعية بالنسبة لاطراف رافضة لاتجاهات التطورات الجارية في تلك الدول. فلقد زادت اهمية أفغانستان في المرحلة ما بعد احتلالها في الحرب الأمريكية عليها بعد احداث ,2001 لوقوعها على الحدود الإيرانية، وباعتبار ان لإيران وجود وامتداد ونفوذ في داخلها (قبائل الهزارة)، كما زادت اهمية أفغانستان لوجودها في موقع استراتيجي على الحدود الصينية، بحكم التصاعد في قوة وقدرات الصين التي باتت تتحرك باتجاه ان تصبح القوة الأولى عالميا على حساب الولاياتالمتحدة، وكذا الامر فيما يتعلق بالهند.. الخ. لقد اصبحت أفغانستان، النقطة الوحيدة الضعيفة في تلك المنطقة ذات الاهمية الاستراتيجية وذات التأثير على التوازن والتطور المستقبلي للعالم، ولذا حضرت الجيوش الغربية بكل هذا الاتفاق ودون اختلاف على المصالح فيما بينها، كما لذلك لا نسمع عن خلاف بين المرشحين للرئاسة الأمريكية حول استمرار احتلال أفغانستان، مثل الخلاف الذي جرى ويجري حول العراق. وهنا يبدو اللافت، ان أكثر البلدان التي أضيرت من احتلال أفغانستان، هي ذاتها الدولة التي مثلت قاعدة الانطلاق في الهجوم عليها، التي ما تزال في موقع المهاجم باعتبارها هي من يساند حركة طالبان. والمعنى ان كل هذا الاجماع الغربي والأمريكي لم يتمكن من حسم القضية لصالحه، بالنظر إلى طبيعة الصراع المعقد حول أفغانستان.