تعيدنا حادثة مقتل الشاب زبير عيسى أصيل مدينة الوادي رحمه الله، بسكين شاب آخر من منطقة أوقاس بمدينة بجاية بسبب 200 دج لم يدفعها نظير ركن سيارته في مكان عمومي، إلى طرح سؤال مهم، أين هو دور الدولة فيما حدث ويحدث من اعتداءات كل يوم بطرق ولأسباب مختلفة، واهية، غير عقلانية، وبدون وجه حق في كل أرجاء الوطن؟!. إن حادثة مثل هذه، وحوادث أخرى، تلزمنا أن نعيد التذكير بنظرية العقد الإجتماعي على الأقل كما طرحها "جون جاك روسو" منذ زمن بعيد، هذا إذا لم نعد نكترث بتعاليم الإسلام الحنيف، حيث يشير في نظريته بأن أفراد المجتمع تنازلوا عن حقوقهم وحرياتهم للإرادة العامة أي للدولة التي انتخبوا حاكمها، من أجل أن تنظمهم وتسهر على أمنهم، ومنع الاعتداء والتجاوزات التي قد تحدث من مجموعة شاذة على الأغلبية، وأن الدولة ملزمة بهذا العقد، وبما جاء فيه من بنود، وإذا لم تقم الدولة بذلك، فمعنى هذا: الظلم والعدوان، اللذان يعودان بالسلب على الجميع، ويؤديان إلى فوضى تهدد حتى أركان الدولة. ومنه فإنه من غير المعقول أن يتحكم في شوارعنا منحرفون يفرضون قانونهم وإرادتهم وعصيهم وأسلحتهم البيضاء على الغير، والسلطات لها كل الإمكانيات لتنظيم هذه القطاعات وفرض منطق القانون بما يعود ذلك بالفائدة على المجتمع، والتصدي بقوة القانون لكل من يريد فرض منطقه الشاذ على بقية أفراد المجتمع المسالمين. وقد سبقت هذه الحادثة حوادث أخرى في أوقات سابقة، كانت نتائجها موت شباب في عمر الزهور أو إصابات خطيرة أدت إلى عاهات مستديمة، أغلبها حدثت في فصل الصيف، ولأسباب تافهة واهية لا يمكن وصفها إلاّ بسلوكات لا تصدر إلاّ من حيوانات مفترسة. في رأيي الشخصي، لابد للدولة أن تضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه أن يجعل من مكان عام ملكية خاصة يسترزق بها كما يشاء، يفرض قانونه كما يريد، كما أن الدولة مطالبة بأن تنظم قطاع أماكن توقيف السيارات والاستثمار فيه، وذلك بتشجيع الشباب لإنشاء شركات مصغرة تعمل في وضح النهار، بقوانين معروفة مثلما هو عليه الحال في كل دول العالم. إن غض البصر على حوادث مثل هذه، خاصة وأن الأسباب التي أدت إليها معروفة، هو بمثابة تشجيعها بطريقة غير مباشرة، وإذا واصل سكوت الدولة عليها سيؤدي ذلك إلى المزيد من الاعتداءات وسقوط الأرواح، وسيكون لها انعكاسات سلبية على عدة أصعدة ومستويات، منها الجانب الأخلاقي والإقتصادي والسياحي، كما يؤدي ذلك كذلك إلى تفاقم ظاهرة الجهوية وضعف الرابطة الأخوية بين جهات ومناطق الوطن.