لرمضان هيبة ووقار في نفوس المؤمنين مضمارا للتنافس في الخير والعمل الصالح، ومناسبة لمحو السيئات واكتساب الحسنات، والتوبة من كل عمل مشين، أو سلوك مهين، لكن تكسر هذه الهيبة، ويذهب ذلك الوقار بالإفطار في النهار من قبل بعض "وكالين رمضان"، فجعلوه كباقي الأيام، وأباحوا لأنفسهم انتهاكه بأفعال مشينة تبرأ منها الدين الإسلامي، حيث لم يجد ولا مبرر لإفطارهم، هؤلاء منهم من يتذرع بالعطش وشدة الجوع ومنهم من يتحدى الله تعالى.. ناهيك عن عدد المطاعم والمقاهي ومتاجر الخمور التي تمارس بيعها الاعتيادي في وضح نهار شهر رمضان الفضيل بجرأة مرفوضة، هؤلاء غلبتهم أنفسهم وشياطين الإنس الذين من حولهم فلا حجة لهم عند ربهم الذي تناسوا قوله عز وجل جلاله (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) -البقرة:83-...للأسف الشديد انتشرت ظاهرة غريبة وقبيحة ومشينة في أوساط بعض المواطنين وهي ظاهرة انتهاك حرمة رمضان بالأكل والشرب علنا وبيع الخمور وفتح المقاهي وتشغيل موسيقى الرقص مع أذان المغرب وصلاة التراويح والتي تستفز وتجرح مشاعر المواطنين وتكدر خواطرهم لشعورهم بتغير القيم والعادات والتقاليد التي حافظت عبر سنين طويلة على مظاهر الشهر الكريم وحرمت الاعتداء عليها، وفي مجتمعنا تواجه هذه الأعمال بالكثير من الاستهجان حيث ظلت هذه الظاهرة الدخيلة منبوذة عند غالبية الجزائريين أما أقلية تحاول أن تظهر الجزائر بمنظر منحط لا أخلاق له فنجدهم لا يترددون في إشعال سجائرهم والسير بها في الشارع العام أو في الأسواق في مشهد اقل ما يمكن وصفه بأنه انتهاك فعلي لحرمة شهر يعتبر هو الأكثر قداسة عند كل المسلمين، وتعينهم على هذا المنكر العظيم بعض المطاعم والمتاجر ببيعهم الطعام والشراب بعد وجوب الإمساك، إما لكون الباعة من غير المسلمين فلا يعنيهم رمضان وحرمته لا في قليل ولا كثير، وإما لأن في الباعة ضعف إيمان فيريدون الأرباح، ولا يتأثرون بانتهاك حرمة رمضان.. ونسوا أن من تعمد الإفطار في رمضان بلا عذر فقد أهلك نفسه، وأنقص أركان دينه، وبارز الله تعالى بعصيانه، ولن يفلح إن أصر على ذنبه ﴿ ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ﴾ [النساء: 14].فما هي الأسباب التي تدفع البعض للفطر في شهر رمضان المبارك بغير عذر؟ وما الحكم الشرعي فيمن يجاهر بالفطر بغير عذر في شهر رمضان؟وللوقوف على طبيعة هذه المظاهر السلبية التي تقترن مع بعض المواطنين وخصوصا في شهر رمضان المبارك والبحث عن حلول مقترحة لها، التقينا عينة من المواطنين بهذا الخصوص، وسألتهم الاتحاد عن انطباعهم اتجاه عدم الالتزام ومحاولات يائسة لتشويه الإسلام والمسلمين في الجزائر. حرية أي إنسان تنتهي عندما تبدأ حرية إنسان آخر أبدى علي مدرس لغة عربية من جيجل علامات الاستياء من بعض جيرانه حيث قال يزعجني في جيراني مجاهرتهن للإفطار وعدم احترام الشهر من خلال تصرفاتهم أن حرية أي إنسان تنتهي عندما تبدأ حرية إنسان آخر، فلا يعقل أن يدخن شخص في نهار رمضان ومن حوله أشخاص صائمون بلا أي مبالاة بمشاعرهم بحجة الحرية الشخصية، لذا لا يمكن تفسير مثل هذه التصرفات إلا بأنها استهزاء واستهانة بالصائمين، لذا فإن الوسيلة الوحيدة للسيطرة على تجاوزات مثل هؤلاء الأشخاص هي إيجاد قوانين رادعة بالدرجة الأولى.. من حق السياح الانتفاع من خدمات المطاعم والمقاهي فيما يقول صاحب مقهى يقع في أعالي منطقة القبائل الصغرى أنه غير ملزم بإغلاق محله خلال شهر رمضان، مبررا ذلك بحق غير الصائمين الذين يفطرون لأي الأسباب في إيجاد مكان يأكلون ويشربون فيه بعيدا عن عيون الناس، كما يوجد سياح كثيرون من حقهم الانتفاع من خدمات المطاعم والمقاهي. يفطرون ويجبرون الصائم على الإفطار من جهة أخرى عبرت إحدى المواطنات عن استنكارها الشديد لموقف الجهات الرسمية المختصة في ترك هذه المقاهي تفتح أبوابها نهارا للمفطرين، وقالت: لم يقتصر الأمر على الإفطار علنا بل حتى أصبحوا يستدرجون بعض الشباب وحثهم على الإفطار بتقديم بعض المغريات لهم، وتستذكر حادثة وقعت العالم المنصرم حيث قالت: رمضان الماضي قام بضع شباب بتتبع خطوات فتاتين واقتيادهن إلى زاوية منعزلة ليس بغرض التحرش أو هتك العرض وإنما نكاية في المسلمين والصيام حيث أجبروهن على شرب الماء وقارورة عصير وليستا الوحيدتين حيث سمعنا الكثير عن حوادث مماثلة عن اعتداءات الضرب التي حدثت للصائمين الذين رفضوا الانصياع لهاتكي حرمة رمضان الفضيل.. وألقت المواطنة اللوم على الجهات الأمنية و الدولة التي ظلت صامتة اتجاه هذه المواقف التي بسببها أصبحنا تقول حديث البلدان العربية للمسلمة واستهزاء الغرب من ضعف إيماننا. ضعف الوازع الديني و عدم الاهتمام بمهمة التنشئة على معاني الإسلام تقربت الاتحاد من أحد الشبان المراهقين الذي كان يحمل سيجارة بيده في وضح النهار فسألناه عن السبب الذي يدفعه للفطر في شهر رمضان المبارك، فقال أنه نشأ في عائلة لا تصوم ولا تصلي وكل من حولي كذلك وأنا اجهل السبب الذي يجعل الناس تحرم نفسها من الأكل والشرب طيلة النهار خاصة وأن هذا الشهر من أحر الفصول فهل يقتل المرء نفسه في سبيل مجهول؟؟وحول الموضوع تقول الدكتورة الطاوس رقان أخصائية نفسية وباحثة اجتماعية عن حال الجيل الناشئ من صبية وبنات تجاوزت أعمارهم 14 عاما وهم لا يصومون، وعندما تسأل أهاليهم عن السبب تجده تافها، إذ يمنعون أبناءهم وبناتهم من الصوم رحمة بهم!! لا سيما أن شهر رمضان يأتي في فصل الصيف، والمشكلة الأكبر عندما يكبر هؤلاء وهم غير معتادين على الصوم... ضف إلى ذلك ضعف الوازع الديني و عدم اهتمام الوالدين بمهمة تربية الأبناء على معاني الإسلام والفضيلة منذ الصغر و معاشرة رفقاء السوء، الذين يزينون السوء خيرا والخير سوءا أدى إلى تفشي الظاهرة. ودعت الدكتورة الوالدين إلى التحلي بالقدوة الحسنة وأن يكونا أول الصائمين داخل الأسرة وبث روح وجمال الإسلام و احتضان الأبناء منذ الصغر ورعايتهم، فيشجعونهم على الصيام شيئا فشيئا ويرصدون لهم الجوائز والمكافآت التشجيعية.كما دعت الجمعيات والمؤسسات الخيرية والجهات المعنية بضرورة الوعظ الحسن من خلال البرامج التلفزيونية والمحاضرات وخطب الجمعة وتوزيع المنشورات التي تحبب الناس في الصيام، وأن الإفطار بدون عذر من الذنوب الكبيرة عند الله.. وعيد شديد حفلت السنة المشرفة بالوعيد الشديد لمن ترك الصوم دون مبرر وعذر شرعي، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "بينما أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي - الضبع هو العضد- فأتيا بي جبلا وعرا، فقالا: اصعد فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك. فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم" رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وصححه الألباني. وقوله "قبل تحلة صومهم" معناه: يفطرون قبل وقت الإفطار.فإذا كان هذا هو عذاب من صاموا وأفطروا قبل الغروب فما هو عذاب من انتهكوا حرمة الشهر بالإفطار فيه؟ ومن جاهروا بفطرهم وأعلنوه على الملأ، محادين الله تعالى، داعين غيرهم إلى فعل ما فعلوا، "إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين * يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد" المجادلة: 5-6