الجزائر تنتهج سياسة حكيمة من خلال مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول إيران هي الداعم الرئيسي للحوثيين من خلال إمدادهم بالصواريخ الباليستية التحالف العربي جاء بدعوة من الشرعية اليمنية لإنقاذها من سيطرة الحوثيين المرأة اليمنية رمز للصمود رغم ما تعرضت له من تنكيل وقتل أثناء الثورة أدعو القراء والشعب الجزائري إلى إعطاء اهتمام أكثر للمشرق العربي استقبلنا سفير دولة اليمن بالجزائر، “علي محمد عليوي اليزيدي”، بمكتبه الخاص في لقاء مقتضب خص به “الحوار”، حيث أشاد اليزيدي بالعلاقات الثنائية التي تجمع البلدين سواء على المستوى الاقتصادي أو التبادل العلمي الأكاديمي والثقافي والذي أرجع جذورها لامتدادات تاريخية تعود لفترة الثورة الجزائرية، وقيام الثورة اليمنية في ال14 أكتوبر 1963، في شطرها الجنوبي ضد الاستعمار البريطاني. ولدى تطرقه للأزمة اليمنية تحدث “اليزيدي” بكل صراحة عن وقت بدا فيه جارحا في حين، ومجروحا في حين آخر لما يحدث “لصنعاء” التي أضحت تشكونا ألما، و”عدن” تنزفنا دما، والبلد دخلت في حرب لا أحد يعرف نهايتها. وقال السفير اليمني، إن “إيران” و”حزب الله”، هما الداعمان الرئيسيان للميليشيات الحوثية المنقلبة على الشرعية. فالأولى تزودهم بالصواريخ الباليستية، ومختلف الأسلحة الثقيلة، والثانية تقدم لهم الخبراء العسكريين والفنيين في مجال التصنيع الحربي والمقاتلين في الميدان. حاوره: الطاهر سهايلية * ما تقييمكم للعلاقات الجزائرية اليمنية؟ – العلاقات الجزائرية اليمنية علاقات قوية بدأت مباشرة بعد قيام الثورة الجزائرية واستقلال الجزائر عن فرنسا في ال 5 جويلية عام 1962، وجاء ذلك بعد نضال طويل قدم فيه الشعب الجزائري ما يربو على مليون ونصف شهيد. وكذلك بعد قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962 في اليمن ضد نظام الإمامة الكهنوتي الذي أخرج الشعب اليمني عن ركب الحضارة وتركه يعيش حياة القرون الوسطى. عزز هذه العلاقة أيضاً قيام ثورة 14 أكتوبر 1963، في الشطر الجنوبي من اليمن ضد الاستعمار البريطاني حتى نال الاستقلال في 30 نوفمبر 1967. وبعد قيام الوحدة اليمنية بين شطري اليمن نمت هذه العلاقات من خلال تشكيل لجنة وزارية مشتركة بين البلدين كانت تتابع تنفيذ الاتفاقيات المتبادلة وتعقد اجتماعاتها بانتظام وكان آخر اجتماع لها في جوان 2010 في صنعاء. ومن المقرر أن تعقد اجتماعها القادم في الجزائر قريباً بإذن الله. وفي ظل هذه العلاقة الوثيقة أصبحت مواقف البلدين منسجمة حيال القضايا العربية والإسلامية والعالمية، كاحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. وفي المجالات الأخرى هناك علاقات ثقافية قوية بين البلدين، حيث يقدم الجانب الجزائري كافة التسهيلات للطلاب اليمنيين للدراسة في الجزائر في كل الجامعات والمؤسسات العلمية المختلفة. كما تقوم بتدريب وتأهيل العديد من الكوادر اليمنية في تلك الجامعات والمؤسسات. زيادة على ذلك قامت الجزائر ببناء عدد من المعاهد الفنية في اليمن وإرسال عدد من الأساتذة للتدريب في تلك المعاهد. حيث تستقبل جامعة صنعاء عددا من الطلاب الجزائريين طبقاً للبروتوكول الثقافي بين البلدين. * كيف تنظرون إلى السياسة الخارجية الجزائرية من خلال ما تشهده منطقة الخليج العربي من أزمات وتهديدات أمنية؟ – الجزائر تنتهج سياسة حكيمة حيث لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى وخاصة في الجانب العسكري. وهي تطبق النص الدستوري الجزائري الذي ينص على عدم جواز إرسال قوات عسكرية جزائرية خارج حدودها. ولكن في المجال السياسي فالجزائر لها ثقلها السياسي ودورها الفاعل على المستوى العربي والدولي وهذا ما يجعلها قادرة على القيام بدور كبير في حل الخلافات بين الدول العربية. وبحسب علمي أنها بذلت جهودا كبيرة في بداية أزمة دول الخليج لحل الخلاف، إلا أن عدم رغبة أطراف الصراع في الحل أفقدت ذلك الدور. * هل يمكن للجزائر أن تلعب دورا إيجابيا لحل الأزمة اليمنية؟ – كما أشارت لك سابقا فإن الجزائر لها ثقلها السياسي ومكانتها كبيرة عند اليمن حكومةً وشعباً وهي تقف إلى جانب الشرعية اليمنية. وكلمتها مسموعة عند الحكومة اليمنية، لكن في المقابل الميليشيات الانقلابية لم تنصع إلى أصوات العقل وإلى القرارات الدولية وبالأخص قرار مجلس الأمن 2216 التي تطالبه بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح والجلوس على طاولة المفاوضات لحل الأزمة سلمياً. * هل هناك تعاون تجاري واقتصادي بين البلدين؟ – نعم يوجد تعاون تجاريواقتصادي بين البلدين، وهناك عدد من المستثمرين اليمنيين في الجزائر ولكن ليس بالحجم المطلوب. وتسعى حكومتا الجزائر واليمن إلى تطوير هذا التعاون حيث أن لدى البلدين الكثير من السلع وفرص الاستثمار التي يمكن تبادلها. * هل الأسلحة الثقيلة التي يستحوذ عليها الحوثيون كصواريخ باليستية وغيرها تعد تهديدا حقيقيا للحكومة اليمنية وجيرانها أم مجرد استعراض؟ – الصواريخ الحوثية لم تعد تهدد اليمن وجيرانها فقط، فبالإضافة إلى قصفها شبه اليومي للأراضي السعودية فهي تهدد الأمن العربي والدولي من خلال ضربها للسفن العابرة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر. * من أين يستمد الحوثيون القوة، والقدرة التي جعلتهم يستهدفون السعودية والحرمين بالتحديد عن طريق الصواريخ الباليستية؟ – إيران هي الداعم الرئيسي للحوثيين من خلال إمدادهم بالصواريخ الباليستية وبمختلف الأسلحة. وليس بعد انقلاب الحوثيين على السلطة فقط بل قبل ذلك، حيث تم القبض على عدة سفن كانت تحمل أسلحة مهربة إلى الحوثيين. وبعد سيطرتهم على صنعاء تم مد جسر جوي بين طهرانوصنعاء لنقل الأسلحة بمختلف أنواعها إلى اليمن، حيث استمر هذا الجسر عدة أشهر إلى أن أوقفه التحالف العربي. وكذلك حزب الله الذي يقدم الخبراء العسكريين والفنيين في مجال التصنيع الحربي والمقاتلين في الميدان. حيث لم يعد ذلك التدخل من قبل إيران وحزب الله خافياً بل علناً، فقد ظهر حسن نصر الله زعيم حزب الله الإرهابي في أحد خطبه وهو يتحدث ببجاحة يؤيد ويدفع بأنصاره إلى القتال في اليمن إلى جانب الميليشيات الحوثية ويتمنى أن يكون برفقة أنصاره لقتل الشعب اليمني. * شهدنا مؤخرا عمليات قصف جوي وإطلاق صواريخ تستهدف المدنيين وكانت فئة الأطفال الأكثر تضررا في اليمن، من هو المسؤول عن تلك العمليات؟ – استهداف المدنيين وفي مقدمتهم الأطفال والنساء وكبار السن بدأ منذ بداية انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية في اليمن، وليس جديداً وهم المسؤولون عن ذلك، حيث استعملوا الصواريخ الباليستية وقذائف الكاتيوشا وغيرها من الأسلحة الثقيلة. وآخر مجزرة ارتكبتها الميليشيات في ضرب المستشفيات والأسواق المكتظة بالناس في الحديدة. وهناك أخطاء من قبل طيران التحالف ولكنها محدودة بالمقارنة بما تقوم به الميلشيات من قصف للمدن الآهلة بالسكان وبشكل يومي. وقد تكون تلك الأخطاء للطيران نتيجة إحداثيات عن تواجد الحوثيين في تلك الأماكن لأنهم يتخذون من الأماكن المزدحمة بالسكان مقرات ومؤسسات كمواقع لهم. * هناك أطراف فعالة على الساحة الدولية تتهم المملكة السعودية بأنها وراء تدمير اليمن، ما مدى صحة هذا الكلام؟ – التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية تدخل في اليمن لإنقاذها من سيطرة الحوثيين الذين ينفذون استراتيجية إيران في المنطقة العربية وبدعوة من الشرعية اليمنية. ولولا تدخل التحالف العربي لكانت اليمن تحت السيطرة الإيرانية وبأيادي أذنابهم الحوثيين، فالقول بغير ذلك غير صحيح. * ما هي الأسباب الفعلية التي تجعل من أطراف النزاع غير قادرين على نزع السلاح أو التخلي عن الخيار العسكري؟ – يجب أن نفرق بين سلطة دولة لها الحق أن تمتلك سلاحا للدفاع عن سيادتها وبين ميليشيات انقلبت على السلطة الشرعية. فالميليشيات هي التي يجب أن تتخلى عن السلاح وليس السلطة الشرعية. * يشهد اليمن أكبر كارثة إنسانية في العالم، صراع على السلطة، مجاعة وأمراض وأوبئة، قتل وتهجير، وأزمة لاجئين، ما هي الحلول التي تقترحونها لحل الأزمة والتي من شأنها أن تضع الأطراف المتنازعة على طاولة المفاوضات؟ – حل الأزمة اليمنية يعتمد على مرجعيات ثلاث، أولا المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ثم وثيقة مخرجات المؤتمر الوطني الشامل، وأخيرا قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبالأخص القرار 2216. وأي خروج عن تلك المرجعيات هو تطويل للحرب وزيادة في معاناة شعبنا اليمني. * ما رأيكم في رسالة البابا الفاتيكان فرانشيسكو الأخيرة..والتي دعا فيها المجتمع الدولي إلى حل النزاع وجمع الأطراف المتحاربة في اليمن ؟ – رسالة بابا الفاتيكان لفتة طيبة من قبله لأنه خاطب المجتمع الدولي الغائب عن معالجة الأزمة اليمنية بطريقة صادقة وعادلة نأمل أن تلقى آذانا صاغية، ويقف المجتمع الدولي وقفة صادقة وأمينة ويحدد من هو المتسبب فيما وصل إليه الوضع في اليمن. وينفذ قراراته التي نصت صراحة أن الميلشيات الحوثية هي من تسبب في كل المآسي في اليمن. * هل ترون أن المبعوث الأممي في اليمن “مارتن غريفيث” الرجل المناسب لتحقيق السلام في المنطقة؟ – هناك آمال بالمبعوث الأممي “مارتن غريفيث” في أن يحقق نجاحا نظرا لخبرته ومعرفته للأوضاع في اليمن وإذا أراد لمساعيه النجاح فعليه أن يتمسك بالمرجعيات لحل الأزمة في اليمن، ومنها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالمشكلة اليمنية. * حسب رأيك لماذا يطالب الحوثيون الاتحاد الأوروبي فقط بالتدخل لحل الأزمة اليمنية..بالرغم من أنه يشهد انقساما داخليا حول رؤيته لليمن؟ – الحوثيون وإلى جانبهم إيران وحزب الله استطاعوا تركيز إعلامهم على الجانب الإنساني، فلمسوا تعاطف بعض دول الاتحاد الأوروبي متجاهلة تلك الدول أن الحوثيين هم المتسبب في هذه المآسي الإنسانية التي يعيشها شعبنا اليمني في كل شؤون حياته. * كان للمرأة اليمنية دور كبير وفعال في بداية الثورة..إلى غاية اليوم، إلى أي درجة ساهمت المرأة اليمنية في هذه الأزمة؟ – أبهرت المرأة اليمنية العالم بما قدمته من تضحيات إلى جانب الرجل. فقد كان الاعتقاد السائد بأن المرأة اليمنية مقيدة ولا يمكن لها أن تلعب أي دور بسبب التقاليد، فقد شاركت المرأة اليمنية وفي مختلف أعمار شباب الثورة، وخرجت في مظاهرات حاشدة وواجهت سلطة القمع للنظام السابق المستبد وتعرضت للتنكيل والقتل، بسبب صمودها مع الثورة حتى تم إسقاط النظام الفاسد. كما خاضت مع الرجل المعركة السياسية طوال المرحلة، حيث شاركت في حوارات المؤتمر الوطني العام الشامل وحظيت بمكانة لائقة بنضالها الطويل في كل الميادين. وتشارك اليوم الرجل في كل مناصب مؤسسات الدولة. * قضيتم في الجزائر ما يقارب العامين..ما هي الفكرة التي كونتموها عن الجزائر طيلة تواجدكم فيها؟ – الجزائر بلد عربي ذات تاريخ عريق وشعب أصيل يعتز بانتمائه إلى الأمة العربية والإسلامية، وقدم مليون ونصف شهيد ليبقى جزءاً من الوطن العربي. ويتعامل الشعب الجزائري مع الوافدين العرب إلى الجزائر تعاملا أخويا ينم عن اعتزاز الجزائريين بانتمائهم إلى العروبة والإسلام. ولا أخفيك أن لدى الجزائريين شعور خاص تجاه اليمنيين شعرنا به طوال المدة التي قضيناها في الجزائر. وإن شاء الله يدوم الإخاء بين الشعبين الشقيقين. * ما هي الأماكن التي زرتموها في الجزائر ونالت إعجابكم؟ – الجزائر بلد جميل ومتنوع في الطبيعة وفي المناخ، فهناك الغابات التي تنحدر من أعالي بعض المرتفعات إلى سطح البحر فتضفي عليها أجمل المناظر. وأنا زرت عددا محدودا من الولايات كولاية بسكرة نالت إعجابي في كل النواحي. * هل تعجبك الأطباق الجزائرية..ما هو طبقك المفضل؟ – الأطباق الجزائرية المشهورة هي الكسكسي والشخشوخة أنا أفضلهما ولا أميل إلى الأطباق ذات المنشأ الغربي. * كلمة أخيرة للقراء؟ – في الختام ومن خلال منبر جريدة “الحوار الجزائرية” أنقل تحياتي وتقديري إلى الشعب الجزائري الشقيق رئيساً وحكومةً وشعباً على ما نحظى به من رعاية واهتمام على الأرض الجزائرية الحبيبة وأدعو القراء والشعب الجزائري إلى إعطاء اهتمام أكثر ناحية المشرق العربي لمعرفة ما لهذا الجزء من الوطن العربي من أهمية سواءً من الناحية التاريخية والجغرافية أو السياسية والاقتصادية وغيرها، باعتبار الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وإلى بحر العرب والبحر الأحمر “وطن واحد” لأمتنا العربية المجيدة.