قال سفير اليمن في الجزائر، علي محمد علوي اليزيدي، إن مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، يجب أن يكون دافعا لكل القوى اليمنية لتوحيد صفها مع الشرعية لمواجهة، من وصفهم ب "العصابة الضالة" المتمثلة في الحوثيين. مشيرا في حوار مع "الخبر" إلى أنه الشعب اليمني "لا يقبل أن تتجزأ الجمهورية تحت أي مسمى، فما بالكم بالقبول بدولة شيعية في الشمال من اليمن كجسم غريب على الشعب اليمني". ما تأثير مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على اليمن إقليميا ودوليا؟ في اعتقادي إن مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، سيكون له أثر كبير على اليمن، وآمل أن يكون إيجابيا من قبل دول الإقليم أولا، خاصة دول التحالف العربي لدعم واستعادة الشرعية في اليمن، فالخصم أصبح طرفا واحدا لا يقبل أنصاف الحلول، ولم يعد بالإمكان التحاور معه إلا بلغة القوة، وعليها أن تضاعف دعمها للحكومة اليمنية لتحقيق هدف التحالف وهو استعادة الشرعية في اليمن. دوليا أعتقد أنه أصبح واضحا لكل دول العالم، بأن الحوثيين لا يقلّون إرهابا عن "داعش"، وأن تضليلهم للعالم انكشف، من خلال ممارساتهم اللاإنسانية ضد أبناء الشعب اليمني، وعندي أمل أن تعيد بعض الدول التي مازالت تتعاطف معهم وتتجه إلى دعم الحكومة الشرعية لاستعادة سيادة الدولة في اليمن، النظر لضمان أمن واستقرار المنطقة والعالم. ويجب أن أشير هنا إلى أن المليشيات الحوثية قامت في صنعاء ولمدة أسبوع باستخدام العنف الشديد بمختلف الأسلحة الثقيلة وترويع المواطنين، وأقدمت على تصفية الرئيس السابق علي عبدالله صالح وما يقارب ألف شخص من القيادات العسكرية والمدنية المنتمية إلى أحزاب المعارضة بطريقة لا تمت للأخلاق والأعراف اليمنية والقيم الإنسانية بصلة، وتم هذا بعد انتهاء المواجهات في سلوك يتنافى مع القوانين والأعراف الدولية وأخلاق الإنسان اليمني، وتلك الممارسات هي استمرار لانتهاكات الميليشيات الإجرامية ضد الإنسان اليمني منذ أكثر من 3 سنوات. كما قامت الميليشيات بقمع المظاهرات والاحتجاجات السلمية التي أعقبت العمليات العسكرية التي شنها الحوثيون في صنعاء والاعتداء المفرط ضد مظاهرة نسائية طالبت بتسليم جثمان الرئيس السابق. إلى جانب مداهمتها للمنازل في العاصمة صنعاء والقيام باختطاف الآلاف واعتقال المسافرين هربا من بطشها. إن هذه الأفعال التي قامت بها المليشيات، تتطلب من المجتمع الدولي إدانة واضحة وحازمة ودعم الشرعية بكل الوسائل الممكنة لدحر هذه المليشيات واستعادة سيادة الدولة في اليمن. إن مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح يجب أن يكون دافعاً لكل القوى اليمنية لتوحيد صفها مع الشرعية لمواجهة هذه العصابة الضاله، والاقتداء بما جاء في خطاب فخامة الأخ رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، والذي تسامى فيه عن الخلافات في سلوك يمثّل أخلاق رجال الدولة، على نقيض ممارسات المليشيات الإجرامية التي دأبت على القتل وفرض نفسها، من خلال استخدام القوة في وجه خصومها السياسيين. كما دعت الحكومة الشرعية أيضا إلى الحفاظ على سلامة وتماسك مكونات الطيف السياسي في اليمن تحت مظلة السلطة الشرعية. إن هذا التماسك وتوحيد القوى السياسية اليمنية في مواجهة الإنقلابين ودعم دول الإقليم للشرعية ممثلاً بالتحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن وفي المقدمة المملكة العربية السعودية ودعم دول العالم لهذا التكتل، كفيل بهزيمة الانقلابيين واستعادة الشرعية وسيادة الدولة. وهنا أود نقل شكر قيادتنا السياسية ممثلة بالأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، إلى فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الجمهورية الجزائرية وقيادة الدولة، لموقفهم المساند للشرعية اليمنية، وعلى بيان استنكار الجزائر وإدانتها للجريمة البشعة التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي في قتل الرئيس السابق لليمن علي عبدالله صالح، والتي أثبتت بفعلها هذا أنها عصابة تجرّدت من الأخلاق والقيم الإنسانية والأعراف والقوانين الدولية، وأنها بأفعالها هذه قد تجاوزت أفعال المنظمات الإرهابية، وعلى العالم أن يقف حيال هذه الأفعال وقفة جادة لردعها.
هل اليمن يتجه بعد مقتل علي عبد الله صالح إلى استعادة الشرعية أو التقسيم أو الحروب الطاحنة؟ تعمل الدولة بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الرئيس الشرعي للبلاد، وكل القوى الوطنية والجيش الوطني والمقاومة الشعبية، على استعادة الشرعية منذ سيطرة الميلشيات على صنعاء وتمددها إلى عدد من المحافظات وبكل السبل، بدءا بالحلول السلمية، من خلال موافقتها على إبرام اتفاق السلم والشراكة الذي وقّع عليه أيضا الحوثيون وبإشراف مبعوث الأممالمتحدة آنذاك جمال بن عمر، والذي تكون من شقين: الشق الأول سياسي وبموجبه تشكّل حكومة كفاءات يشارك فيها الحوثيون، والشق الثاني أمني وهو انسحاب الميليشيات من المدن وتسليم السلاح إلى الحكومة، حيث شارك الحوثيون في الحكومة، وضربوا بالجانب الأمني عرض الحائط وسيطروا على مؤسسات الدولة ومواردها، ووصل بهم الأمر إلى محاصرة الرئيس في منزله وكذلك رئيس الوزراء والوزراء وعطّلوا كل شؤون الدولة. بعد كل هذه الأفعال استطاع رئيس الجمهورية أن يخرج من صنعاء إلى عدن واتخذها كعاصمة مؤقتة. قام الحوثيون على إثر ذلك بقصف مقر إقامته بالطيران، كما قاموا بمحاولة الوصول إليه لاعتقاله بعد أن غزوا عدن، وحيال كل هذه الغطرسة والسيطرة على أهم المحافظات وصولا إلى عدن، بات من الواضح أن الحوثيين أصبحوا قاب قوسين من إنشاء دولة طائفية في اليمن تتبع إيران وتهدد الدول العربية المجاورة، بل ودول العالم. حيال ذلك، استنجد الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي مضطرا، وليس راغبا في الحرب، بإخوانه العرب وفي مقدّمتهم المملكة العربية السعودية لإنقاذ اليمن واستعادة الشرعية من براثن الحوثيين. ومع ذلك سعت الحكومة اليمنية إلى إيجاد حلول سلمية للمشكلة لتجنيب الشعب اليمني ويلات الحروب، من خلال قبولها التشاور مع الحوثيين رغم أنهم انقلبوا على السلطة، وتم ذلك التشاور في سويسرا، وكذلك في حوار الكويت وقبلت الحكومة الشرعية الكثير من الخطط والتصورات التي تقدّم بها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد للخروج من الأزمة، إلا أن كل تلك المواقف الإيجابية التي قدّمتها الحكومة الشرعية قوبلت بالتعنت والرفض من قبل الإنقلابيين، لأنهم ينفّذون أجندة إيران الهادفة إلى تأسيس دولة شيعية في اليمن تتبع ولاية الفقيه في إيران، فالعمل على استعادة الشرعية من قبل الحكومة اليمنية ما زال متواصلا منذ غزو الحوثيين للبلاد في 2014 وبكل السبل ومستمرة حتى الأن، وستستمر إلى أن يتم استعادة الشرعية وفقا للمرجعيات المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ووثيقة الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216. أما التقسيم فهو مرفوض من قبل الشعب اليمني، وبما أن الانقلابيين رفضوا كل الحلول السلمية والخطط المقدمة من مبعوث الأممالمتحدة لإخراج اليمن من أزمته، وكذلك رفضهم المرجعيات وقرارات مجلس الأمن الخاصة باليمن وفي مقدمتها القرار 2216، فإنه لا خيار أمام الشرعية إلا الاستمرار في الحرب حتى استعادة سيادة الدولة وإسقاط مشروع عصابة الحوثي التي تسعى إلى تأسيس دولة طائفية تابعة لولاية الفقيه في إيران، مهددة أمن واستقرار الدول العربية بل والعالم.
هل هناك إمكانية لتكون هناك دولة شيعية في الشمال من اليمن؟ توحّد اليمن عام 1990 تحت اسم الجمهورية اليمنية، وبعد ثورة الشباب السلمية عام 2011 دخلت كل فئات الشعب اليمني، من أحزاب سياسية ومنظمات مدنية وهيئات علمية في حوار وطني طبقا للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية. خرج المؤتمر بوثيقة الحوار الوطني التي أقرّت قيام دولة اتحادية من عدة أقاليم. فالشعب اليمني لا يقبل أن تتجزأ الجمهورية تحت أي مسمى، فما بالكم بالقبول بدولة شيعية في الشمال من اليمن، كجسم غريب على الشعب اليمني، فلا يمكن أن يقبل اليمنيين أن تتخطفهم قوى طائفية تتبع إيران وهذا الأمر مرفوض قطعيا.
ما الذي تمثله اليمن بالنسبة للخليج، هل هي قضية مصيرية؟ يحتل اليمن موقعا جغرافيا هاما في جنوب الجزيرة العربية، فهي تطلّ على بحر العرب والبحر الأحمر ومضيق باب المندب، الذي يعتبر أهم ممر مائي تمر عبره ناقلات النفط التي تصدّر من الدول المنتجة للنفط إلى أغلب بلدان العالم والتي تقدر ب 40% من استهلاك النفط في العالم، وخاصة من البلدان المطلة على ضفتي الخليج العربي وضفاف البحر الأحمر، وهو أيضا ممر هام للتجارة العالمية. كذلك يمثل المخزون البشري لليمن أهمية كبرى والذي يصل سكانه إلى 27 مليون نسمة تقريبا، نسبة الشباب منهم بين 60-70 % من السكان، وتتنوع في الأيدي العاملة والتي تتواجد في كل دول الخليج وفي المقدمة، منها المملكة العربية السعودية الشقيقة، ويستفاد من تلك العمالة في كل المجالات ويمكن الاستفادة منها أيضا في الجانب العسكري. واليمن أيضا بلد زراعي متنوّع المناخات وتنمو فيه الزراعة على مدار العام في كل المحافظات، ويحتاج فقط إلى تنمية مصادر المياه، من خلال بناء السدود لحفظ مياه الأمطار، حيث تعتمد الزراعة حاليا على مياه الأمطار التي تسقط صيفا وهي شحيحة أيضا، وبهذا يمكن لليمن أن يسد جزءا كبيرا من احتياجات دول الخليج من منتجاتها الزراعية وبهذا يزداد التبادل التجاري بين اليمن ودول الخليج بشكل أكبر مما هو عليه الآن. واليمن كذلك بلد سياحي مجاور لدول الخليج، وبإمكانه أن يكون بديلا للسياحة لأبناء الخليج عن الدول الأخرى، إضافة إلى تقارب العادات والتقاليد بين أبناء اليمن وأبناء دول الخليج، والى جانب ذلك، فاليمن يمتلك سواحل تصل إلى 2500 كم. ومن الجانب الأمني، فإن اليمن يعتبر الخاصرة لدول الخليج وأمنه واستقراره يمثل أمن واستقرار دول الخليج، وخاصة الدول المجاورة مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان. ولذلك، فإن المصير واحد لليمن ودول الخليج العربي، وهذا المصير يرتبط أيضا بمصير الأمة العربية وأقطارها.
الوضع الإنساني في اليمن كارثي، خاصة تعز المحاصرة، حسب التقارير الأممية، فهل من مساعدات إغاثية وصلت إلى اليمنيين؟ وضع اليمن الإقتصادي والإنساني غاية في السوء، فقد أدخل الإنقلابيون اليمن إلى حافة المجاعة وإلى بيئة حاضنة للأمراض الفتاكة وفي مقدمتها مرض الكوليرا الذي لم يعد موجودا في أغلب بلدان العالم. وهذه الأوضاع انتشرت في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون أولاً، وذلك بسبب سيطرتهم على موارد الدولة واحتياطاتها من النقد الأجنبي والعملة الوطنية وتسخير تلك الأموال لقادة وأفراد الميليشيا وشراء الأسلحة لمحاربة الشعب اليمني ومحاصرته وتجويعه وقتله، وفي مقدمة المدن المحاصرة مدينة تعز التي تخضع للحصار لما يقارب عامين. كما قام الإنقلابيون بتعطيل المرافق الصحية وعدم توفير احتياجاتها الطبية وعدم صرف رواتب العاملين في كل مجالات العمل في البلاد، وفي مقدمتهم الكوادر الطبية. ولم تكتف بذلك، بل قامت بتدمير المرافق الصحية التي حرّمت الاتفاقات الدولية التعرض لها في أوقات الحروب. وقد بلغ عدد المحتاجين للغذاء والمصابين بسوء التغذية 80% من السكان، منهم 2.2 مليون طفل. ولم تكتفي المليشيات أيضا باستيلائها على موارد وإمكانات الدولة، بل قامت بالسطو على العديد من سفن الإغاثة الواصلة إلى ميناء الحديدة وهي تحمل المواد الغذائية والأجهزة والأدوية وتحويلها إلى الأسواق السوداء لتعود عليها بالملايين دون اكتراثها بأوضاع المواطنين الغذائية والصحية. لقد قدمت الدول ومراكز الإغاثة والمنظمات الدولية الكثير من الدعم والمساعدة، وفي مقدمة تلك المراكز، مركز الملك سلمان بن عبد العزيز الذي قدّم الدعم لكل الجوانب الإغاثية في اليمن. ومع أن تلك المساعدات كانت كبيرة، إلا أن المشكلة كانت أكبر، واليمن ما زالت تحتاج إلى الكثير من الدعم والمساعدة في كل الجوانب، ومن خلال منبر صحيفة "الخبر" فإنني أناشد الدول والمنظمات الدولية الداعمة إلى تكثيف مساعداتها لليمن، فهي مازالت بحاجة ماسة للدعم والإغاثة.