شكلت البناءات الفوضوية والبناءات غير المكتملة عائقا أمام تطور لسياحة ببومرداس، بحيث باتت تشوه وجه المدن الساحلية وبعض المناطق السياحية التي أنشأت سنة 1988، وتقلصت مساحتها بسبب البناءات الفوضوية المنجزة بداخلها، خاصة بالمنطقة الشرقية للولاية التي شيدت داخل مناطق التوسع السياحي، وهذه الممارسات عرفت تطورا مخيفا في البداية، واستمرارها إلى يومنا أدى إلى تغيير الوجه الحقيقي لبعض المدن، مثل المنتجعات السياحية المتميزة، والمدن الساحلية لكاب جنات والكرمة، الموجودة داخل منطقة التوسع السياحي. روبورتاج: نصيرة/ح من خلال زيارتنا إلى البلديات الساحلية لاحظنا قيام العديد من المواطنين بالبناء دون رخصة ودون مراعاة ما يترتب عنها من سلبيات، بالإضافة إلى إنها تساهم في تهديم وتخريب النسيج السياحي لمنطقة التوسع السياحي. أما من الجهة الغربية يخيل لك أنك في مصنع كبير للآجر معروض في الفضاءم، بالمقابل نجد فيلات بطوابق تسر الناظرين، أما خارجها فمجرد حجر من الآجر، على غرار بلدية أولاد موسى، الأربعطاش، تجلابين وغيرها من البلديات، التي لم يقم حتى المسؤولون المكلفون بمحاربة ظاهرة تشويه المدن الساحلية بخطوة لتطبيق الإجراءات القانونية، بل تجدهم يترددون في تطبيق القوانين. وبحسب الإحصائيات التي أعدت في هذا الشأن من قبل مديرية البناء والتعمير، فإنها تشير إلى أنه من بين 4674 محضر مخالفة على مستوى الولاية، ما بين سنوات 2010 و 2017، اتخذ 652 قرار هدم، أي ما نسبته 13٪من مجموع المخالفات المسجلة. وزيادة على البناء الفوضوي، نضيف البنايات غير المكتملة التي تشوه المدينة، وبالخصوص الواقعة على طول الشريط الساحلي بسبب عدم تطبيق التعليمة الوزارية رقم 2، المؤرخة في 21 فيفري 2016 التي تحدد كيفية التعامل مع الأشغال الخارجية للبنايات، والتي تبقى دائما دون تطبيق في عدة بلديات، ولم تصل إلى خلق لجان مكلفة بإحصاء ومتابعة البنايات غير المكتملة، على غرار تلك الموجودة على مستوى مداخل المدن بالفضاءات العمومية، وبالمناطق السياحية التي تحظى بالأولوية، مثل بلدية عاصمة الولاية بومرداس، ويبقى مشكل البناءات غير المكتملة مطروحا، إلى حين تجد السلطات المعنية حلا لهذه الظاهرة التي باتت تشوه المنظر الجمالي للمدينة. تكاثر البنايات الفوضوية بزموري والكرمة والسلطات غائبة تشهد البنايات الفوضوية تكاثرا غير مسبوق في العديد من الأحياء وبلديات بومرداس، وذلك وسط غياب تام للرقابة ومصالح البلديات. وتحول حي الكرمة الذي يبعد 5 كم شرق عن بلدية بومرداس، في غضون أشهر فقط إلى مكان يعج بالبيوت الفوضوية و”البرارك” التي تُشيد على مرأى الجميع، وأغلبها بمحاذاة الطريق الوطني رقم 24، بحيث المنظر يظهر صورا صادمة لمشاريع سكنية في إطار غير قانوني، وهو ما قد يتسبب في أزمة سكنية في هذه المنطقة التي عرفت سنة 2011 تهديم العشرات من السكنات الهشة. وتشير بعض المصادر المحلية، إلى أن مصالح بلدية بومرداس تتغاضى عن الموضوع كون العديد من المسؤولين هم أقرباء لأصحاب تلك السكنات، حيث يتم تقديم وعود لهم بإدراجهم في قائمة المستفيدين في عمليات الترحيل القادمة. وفي بلدية زموري، الوضعية نفسها تعيشها العديد من الأحياء التي تحولت في غضون أسابيع إلى مدن قصديرية، وهو ما اكتشفناه في عين المكان، في أحياء فريشكو، طورني والشاطو، إلا أن بعض المصادر تشير إلى أن تشييد هذه البناءات كان أثناء الحملة الانتخابية الفارطة لكون مير بلدية زموري استغلها لتعبئة المواطنين من أجل الانتخابات، وهو ما اكتشفه والي الولاية مؤخرا، بعدما وجهه إلى ضرورة تهديمها. وعند الشروع في التهديم تعرض المير إلى تهديدات وحرق منزله، مما أدى إلى دخوله المستشفى، بحيث تأتي هذه الظاهرة وسط جهود السلطات الولائية للقضاء على أزمة السكن بكل أشكالها، خصوصا لقاطني الشاليهات والحالات الاجتماعية التي ينتظر أصحابها منذ سنوات، إلا أن لرؤساء البلديات ومصالح مراقبة العمران رأي آخر. كما كان الوالي السابق، عبد الرحمان مدني فواتيح، قد أكد في تصريح له قبل مغادرته الولاية بأيام أن أصحاب ملفات الفوضوي لن يتم إسكانهم، عدا أولئك الذي لهم طلبات قبل 2007، لأن البيوت الفوضوية باتت حيلة يستغلها البعض كجواز للمرور من أجل الاستفادة من سكنات اجتماعية، وهذا مرفوض، ويجب العمل على إنهاء ملف الشاليهات للمرور إلى ملف الحالات الاجتماعية التي ضاقت ذرعا من الانتظار، بعدما حوّلت كل السكنات إلى قاطني الشاليهات. والي بومرداس محمد سلماني يأمر بهدم كل البناءات الفوضوية المنجزة بعد 2007 أمر والي ولاية بومرداس، محمد سلماني، بهدم البناءات الفوضوية المشيدة بعد 2007 ببلدية تجلابي، وقد كلف مير بلدية تجلابين للقيام بمهمة التهديم، مصدرا قرار صارما بالتهديم. و عقب ذلك، قام السكان المعنيين لدى سماعهم خبر التهديم بموجة من الاحتجاجات، مما أدى إلى غلق البلدية، إلا أن رئيس بلدية تجلابين خرج للمواطنين برحابة صدر معلنا العصيان لقرارات والي ولاية بومرداس حول التهديم، قائلا لن أهدم وأشرد عائلات من دون أن يكون لها البديل، ولن أتسبب في ضياع العائلات في الشارع، وهو ما اعتبره السكان قرارا شجاعا من ممثلهم في البلدية وأعلنوا تضامنهم معه، بعدما صرح أنه لن ينفذ قرار التهديم حتى لو تعرض للعقاب، إلا أن الوالي أعلن أن كل بناء فوضوي تم تشييده بعد إحصاء سنة 2007، أو لا يمسه إحصاء 2007، سيتم تهديمه فورا، والقرار لا رجعة فيه، وختم بأن السلطات الولائية ستواصل ترحيل قاطني الشاليهات وحل مشكل المقصين والطعون. ويأتي تصريح سلماني، ساعات فقط بعد رفض رئيس بلدية تيجيلابين تنفيذ قرار التهديم في حق 1300 عائلة تقطن البنايات الفوضوية منذ 10 سنوات، معتبرا أن التهديم ليس حلا نهائيا للقضاء على البنايات الفوضوية، خصوصا أن أغلب قاطنيها هم أبناء المنطقة، كما أن البلدية لم تستفد من حصص سكنية كافية لمعالجة المشكل منذ سنوات. أيام ساخنة بموجة من الاحتجاجات بسبب ملف السكن شهدت ولاية بومرداس، خلال هذا الأسبوع، عددا من الاحتجاجات تتعلق بالسكن والتنمية المحلية بكل من تيجيلابين وقورصو ووسط المدينةبومرداس وكذا الناصرية. وعادت الاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي بعد هدوء عرفته الولاية منذ قرابة سنتين اثنتين، تماشيا مع عمليات الترحيل لسكنات الشاليهات التي عرفتها الولاية منذ نهاية 2016 بوتيرة متسارعة، وصلت خلال عامين فقط إلى ترحيل 90 في المئة من قاطني السكنات الجاهزة، بمجموع فاق 9 آلاف سكن لفائدة سكان الولاية، وفق تصريحات لوالي الولاية السابق. وشكل احتجاج قاطني البنايات الفوضوية ببلدية تيجلابين الحدث الأبرز، بتجمع فاق 600 شخص بين شباب وكهول ونساء أمام مقرات البلديات، على خلفية قرار والي الولاية محمد سلماني بتهديم كل البنايات القصديرية على تراب الولاية، وهو ما رفضه رؤساء البلديات، على غرار رئيس بلدية تيجلابين بلقسام قسوم، بينما انتفض قاطنو السكنات الجاهزة “شاليهات لوناكو” ببلدية قورصو للمرة الثالثة في أقل من أسبوع، وتجمع عشرات منهم أمام مقر الولاية للمطالبة بالتعجيل في ترحيلهم، خصوصا مع الأزمة التي عاشوها إثر التقلبات الجوية الأخيرة. وكان سكان لوناكو بقورصو قد أقدموا على قطع الطريق الوطني رقم 24 الرابط بين بودواو وبومرداس، وأضرموا النيران في العجلات المطاطية مما يضع السلطات المحلية في مأزق مابين الرضوخ لأصحاب الشاليهات وتهديم البناءات الفوضوية. خبراء ومهندسون معماريون: قرار التسوية غير ممكن تنفيذه انتقد الخبراء والمهندسون المعماريون قرارات هدم كل البناءات غير المطابقة للقانون، والتي لم تلتزم بتسوية بنياتها رغم مرور ما يقرب الثمانية أعوام عن صدور القرار، وأشاروا إلى أن تطبيق القرار لن يكون سهلا، بل وغير ممكن التنفيذ على أرض الواقع، باعتبار أن عدد البنايات المعنية بالتسوية، سواء ذات الطابع السكني أو التجاري، تجاوز 1.2 مليون بناية غير مطابقة، خاصة منها التي يعود تاريخها إلى عقود من الزمن، مشددين على أن الملفات المودعة لم يتم دراستها أو الرد على أصحابها لدى اللجان القائمة على العملية، رغم صدور قانون التسوية العقارية رقم 15/08 المؤرخ عام 2008، والمحدد لقواعد مطابقة البنايات للرقي بالصورة الحضرية والعمرانية التي تعد أولوية المواطن والمنفعة العامة، وكذا إكمال البنايات التي شوّهت الصورة الحضرية. كما حمّل هؤلاء الخبراء مسؤولية عدم تطبيق القانون إلى الأميار الذين لم يعملوا على تنفيذ القانون على أرض الواقع، وكذا الوزارة الوصية التي أصدرت القانون ولم تتابع تنفيذه ميدانيا، مؤكدين على أن هذا القانون يسمح للكثير من المواطنين بتسوية وضعية سكناتهم، وكذا القضاء على المظاهر التي تشوّه البعد الجمالي للنسيج العمراني، من خلال إتمام أشغال البناء غير المنتهية، غير أن هذه التعليمة لم تدخل حيّز التنفيذ بعدة بلديات، مذكرين أنه لا نجد مسؤولين محليين يقومون بمهامهم، باعتبار أنه ومنذ صدور القانون في العام 2008 ظلت عملية البناء من قبل المواطنين متواصلة بشكل فوضوي دون أي رادع مما شجع البناء الفوضوي دون أي خوف من القانون الذي لم يطبق بتغاضي من الأميار الذين يتحملون جزءا من المسؤلية. كما أضاف هؤلاء الخبراء والمهندسون المعماريون أن مسؤولية الجماعات المحلية كبيرة، مشيرين في ذلك إلى أن عدم تطبيق القانون منذ صدوره ساهم في خلق فوضى النسيج العمراني في ظل عدم احترام مقاييس البناء والرخص الممنوحة للبناء، داعين الجهات المعنية للعمل على وضع حد للبنايات غير المطابقة، كي يجسد القانون فعليا على أرض الواقع، مضيفين أن القانون الصادر من شأنه تنظيم العمران لكن نقص المهندسين حال دون ذلك، بالإضافة إلى استهزاء السلطات بهم. كما صرحوا أن ملف المهندسين أحد النقاط الأساسية في الموضوع، حيث أشاروا إلى أن عدم تكوين مهندسين أكفاء فضلا عن إحصاء 12 ألف مهندس بمعدل 8 مهندسين في كل بلدية فقط ويد عاملة غير مؤهلة، وكذا غياب ثقافة الهندسة والعمران وإستراتيجية في مجال البناء حال دون إنجاح القانون، مطالبين من البلديات القيام بإحصاء وتقديم لائحة الحصيلة حتى يتم التعرّف من خلالها على مدى تطبيق قانون التسوية العقارية. وتجدر الإشارة إلى أن القانون 08/15 الصادر في 20 جويلية 2008، وتم تمديد صلاحية تنفيذه في قانون المالية في سنة (2014) إلى غاية 2016، يحدد حالات تسوية حالة البنايات غير المكتملة المطابقة أو غير المطابقة لرخصة البناء المسلّمة، وكذا البنايات المكتملة وغير المطابقة لرخصة البناء، والبنايات غير المستكملة والتي ليست لها رخصة، غير أن عدم تطبيق القانون منذ صدوره سنة 2008، قد ساهم في تحويل العديد من المدن إلى أشبه ما تكون بأحياء فوضوية. الامتناع عن تقديم الملفات لتفادي قرار الهدم يبقى أكبر هاجس يواجههم أكد عدد من المواطنين المعنيين أن هذه البناءات لا تمثل فقط البنايات العادية للمواطنين أو الفوضوية، وإنما تتعدّى ليشمل السكنات العادية الأخرى والأحياء والمجمعات السكنية غير المسوّاة، إلى جانب العقار الذي شيّدت عليه بعض السكنات، والذي تبقى وضعيته في الكثير من الأحيان غير قانونية، وأن العديد من الدوائر الإدارية والبلديات سجّلت إقبالا ضعيفا للمواطنين لإيداع ملفاتهم بالنظر إلى التباطؤ الكبير في عملية دراسة هذه الملفات، إلى جانب بعض العراقيل الأخرى التي حالت دون الوصول إلى الأهداف المنشودة، وهذا بشهادة هؤلاء المواطنين. مسؤولون ببلديات في لجان البناء والتعمير: دعوة لمراجعة القانون 08-15 عوض تمديد الآجال أكد بعض المسؤولين بلجان البناء والتعمير ببعض من البلديات، أنه فيما يخص القانون 08-15، المؤرخ في 20 جويلية 2008 الخاص بإجراءات تسوية البنايات غير المكتملة ومطابقتها، أنهم يقترحون ضرورة القيام بمراجعة شاملة لمواد ونصوص هذا القانون الذي جاء لتحقيق أهداف معيّنة والمحدد بآجال قانونية مضبوطة، مستبعدين فكرة التمديد؛ باعتبار أن اللجوء دوما إلى تمديد آجال التسوية لن يحلّ هذا المشكل بالشكل النهائي وإنما سيعمل على إطالة أمده، كما يرون أن قرار الهدم هو أمر محتوم للمخالفين بالنسبة للوزارة رغم صعوبته على نفسية المواطنين المعنيين، مذكرين في هذا الشأن بأن المشكل ليس مطروحا في هذا القانون فقط، وإنما كان مطروحا في العديد من القوانين السابقة التي جاءت لتنظيم وضعية البنايات غير المكتملة ولم تحقّق هدفها المنشود، وهو ما يفتح الباب واسعا للمطالبة بضرورة مراجعة الإجراءات المدرجة فيها وتكييفها مع واقع البنايات والوضعية القانونية للعقار بالجزائر، الذي يبقى في حاجة للتسوية هو الآخر. لابد من تحسيس المواطنين وإزالة العراقيل الإدارية من جهة أخرى، ترى مديرية البناء والتعمير أنه كان من الضروري مباشرة حملات تحسيس وتوعية واسعة لفائدة أصحاب هذه البنايات للإقبال على تسوية وضعيتها، مع التزام الجماعات المحلية وهيئات استقبال الملفات بإزالة كل العراقيل البيروقراطية التي كانت مطروحة بالعديد من البلديات، وأن امتناع الكثيرين عن إيداع ملفات التسوية يعود لطول فترة دراستها، ما يدفع الكثيرين إلى انتظار عدة سنوات لمعاينتها والموافقة على البدء في تسويتها ومطابقتها القانونية. في هذا الإطار عبّر العديد من المواطنين المعنيين بالتسوية الإدارية لسكناتهم، عبّروا عن سخطهم بسبب رفض القائمين على العملية بمصلحة التعمير بذات البلدية، قبول إيداع ملفاتهم الناقصة منها، لاسيما ما تعلق منها بمخطط العقار بالرغم من التعليمة التي أرسلتها وزارة السكن بتاريخ 17 جويلية الماضي، إلى جميع المجالس الشعبية بولايات الوطن، من أجل قبول إيداع الملفات حتى الناقصة، مما سيحرمهم من الاستفادة من هذا الإجراء بعد انقضاء الآجال. هذا، وقد طرحنا هذا الانشغال على العديد من رؤساء البلديات، الذي أكدوا لنا أنهم يجهلون تماما هذه التعليمة. هاجس البناءات الفوضوية في ظل التطور الحضري أجمعت شرائح المجتمع على أن البناءات الفوضوية باتت كالإخطبوط تزحف على العقار دون مراعاة الشروط القانونية، لاسيما البناءات على ضفاف الوديان دون مرعاة الخطر الذي يحدق بحياتهم جراء تشييد البناءات الفوضوية على ضفاف الوديان وفي سفوح الجبال، كما أن البناءات الفوضوية ساهمت في غياب العقار من أجل إنجاز مشاريع سكانية اجتماعية. نصيرة.ح