لالماس: تحديد الرسوم يكون خاضعا لمعيار الجودة والنوعية أيت علي: يجب ترك تسعير المنتجات للمشرع وليس للإدارة ناصر: السلع المحظورة تكلفتها لا تتعدى 1.2 مليار دولار مهماه: سياسة الحمائية للمنتوج الوطني لابد أن تقيد بشروط نصيرة سيد علي تتجه الجزائر إلى تحرير الاستيراد ورفع الحظر والتقييد على قائمة المواد الممنوعة مؤقتا من الاستيراد، مع إدخال ميكانيزم الرسوم من 30 الى 200 بالمائة، ومن المحللين الاقتصاديين في تصريحهم ل ” الحوار” بأن إقرار الرسوم كان سيؤتي ثماره ضمن منظور الحمائية لو كان إنتاجنا الوطني منتعشا، لكن هناك من يقول بأن هذا الإجراء الجديد سيتسبب بجر أسعار مختلف المواد نحو الأعلى، وبين هذا وذاك يبقى حسب أهل الاختصاص وضع استراتجية اقتصادية واضحة المعالم أفضل حل للتحرر من التبعية للاستيراد بعد الإقلاع بالقطاعات المنتجة للثروة على غرار الفلاحة والسياحة والصناعة.
تفادي إمكانية اتهام الجزائر بأنها تغلق حدودها في وجه المتعاملين في السياق، أوضح الخبير المالي فرحات أيت علي، أن إجراء إعادة النظر في فتح المجال لاستيراد المواد المحظورة بحجة السياسة الحمائية للمنتجات الوطنية، داعيا إلى عدم ترك الإدارة تحدد النسب حسب الحاجة، وبشكل ظرفي، في حين أنه يفترض إسناد مهمة تحديد الأسعار إلى المشرع، وأعاب على نواب المجلس الشعبي الوطني الذين أعطوا صلاحية وضع سياسة تسعير المواد والمنتجات، كما أن هذا الإجراء ليس بجديد بل سبق وأن أدرج ضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2018، وعاد أيت علي ليقول إن نية الإدارة في إعطاء إشارة فتح المجال على عملية الاستيراد يصب في إطار تشجيع فتح الموانئ، حتى لا تبقى خالية على عروشها، وتتهم الجزائر أنها تغلق حدودها في وجه المتعاملين الاقتصاديين الذين اعتادوا التعامل معها في وقت سابق. لابدّ على الجزائر احترام العقود المبرمة مع شركائها الأجانب من جهته، قال الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس ل”الحوار”، إن إعطاء رخص استيراد المواد الاستهلاكية ونظيرتها المصنعة ومواد الخام التي تدخل في الصناعة، من أجل ضبط فاتورة الإيرادات، مشيرا إلى أن الطريقة التي اعتمدت في هذه السياسة تطبعها العشوائية، داعيا الحكومة إلى وضع دراسة ذكية بموجبها يتم تحديد الرسوم الجمركية على المواد المستوردة، وهذه العملية حسبه تحتاج إلى تكوين فريق تقني يحدد نسبة كل منتوج بحسب فعاليته ويخضع لمعيار القيمة والجودة والنوعية، وتكون هذه الرسوم كوسيلة ظرفية فقط، لأن الجزائر أبرمت العديد من الاتفاقيات الدولية، كالاتحاد الأوروبي مثلا، وعليها تقع مسؤولية احترام العقود هذا التوجّه مفروض بقوة القانون أما الخبير الاقتصادي سليمان ناصر فقد قال من جهته في تصريحه ل “الحوار” ، في الحقيقة إن هذا التوجه، مفروض بقوة القانون، حيث جاء هذا الإجراء في قانون المالية التكميلي لسنة 2018، فبعد التخبط الذي عرفه تنظيم التجارة الخارجية، من منح رخص الاستيراد، حيث وبعد أن انخفضت الواردات انخفاضاً هامشياً فقط مثلاً من حوالي 47 مليار دولار سنة 2016 إلى حوالي 46 مليار دولار سنة 2017، ثم وضع قائمة سلبية للبضائع الممنوعة من الاستيراد تضم 851 سلعة والتي اتضح أنها لا تشكل في مجموعها تكلفة أكثر من 1.2 مليار دولار، وبعد نداءات الخبراء والمحللين بأن المنع آلية تجاوزها الزمن إذ لم تعد مطبقة في معظم بلدان العالم بل الحل في وضع موانع جمركية حمائية، لجأت الحكومة بعدها إلى إلغاء المنع وتعويضه بفرض رسوم جمركية تتراوح نسبتها بين 30 و 200 بالمائة على الواردات حسب أهمية السلعة، ولكن المادة الثانية من القانون المذكور أشارت ألى أن تلك الرسوم سوف تحدد عن طريق التنظيم والذي لم يتم وضعه بعد ونحن على مشارف نهاية السنة. هذه هي النتائج المنتظرة من الإجراء وحول النتائج المنتظرة من هذا الإجراء، ولمن يرى بأنه سوف يتسبب في ارتفاع الأسعار بسبب الندرة، قال ناصر سليمان إن هذه الندرة كانت ظاهرة منذ تطبيق رخص الاستيراد، لكن هذا الإجراء نراه أحسن من الناحية الاقتصادية لأنه سوف يحقق عدة إيجابيات منها أن المستورد للسلعة الأجنبية سوف يفكر كثيراً قبل اتخاذ قرار استيرادها، لأن تلك الرسوم المفروضة عليها سوف تزيد من تكلفتها وبالتالي ارتفاع سعر بيعها في السوق المحلية، وفي النهاية ضعف منافستها للبضاعة المحلية، وفرض ضرائب جمركية إضافية غير الضرائب الجمركية العادية، وقد سماها القانون “الرسم الإضافي المؤقت الوقائي” سوف يؤدي إلى إيرادات مالية إضافية إلى خزينة الدولة وهي تعاني أصلاً من شح الموارد، بالإضافة إلى هذا الرسم الإضافي سوف يزيد من تكلفة البضاعة المستوردة وبالتالي ضعف منافستها في السوق المحلية، مما يؤدي تلقائياً إلى تخفيض فاتورة الواردات دون منعها بقائمة سلبية، مشيرا إلى أن هذا الرسم الإضافي (وبنص القانون) يمس السلع المطروحة للاستهلاك، وبالتالي المفروض ألا يمس المواد الأولية الضرورية لمختلف الصناعات، كما أن القانون ينص على أنه مؤقت أي قابل للتعديل، لأنه ينص على تقديم الحكومة لحصيلة سنوية عن تطبيق هذا الرسم عند دراسة مشروع قانون المالية وبالتالي تقييم سلبياته وإجابياته. ضرورة تدخّل الدولة لمراقبة سلاسل الاستيراد بدءًا من بلد المنشأ الإقرار حاليا بالعودة إلى تحرير الاستيراد ورفع الحظر والتقييد على قائمة المواد التي جرى تعليق استيرادها مؤقتا مع تعزيز ميكانيزم الرسوم الجمركية من 30 الى 200 بالمائة، شخصيا يقول مهماه لم أكن أشاطر أصلا خيار “التعليق المؤقت هذا”، ويرى أنه حتى وإن كانت هذه الرسوم على البضائع المستوردة تشكل على المستوى المالي رافدا مهما للخزينة العامة، كونها وسيلة لتغطية العجز الحاصل في موازنتها وبإمكانها أن توفر بعض المسوغات التي ستقنع مقرري السياسة المالية بالعدول عن مواصلة “التمويل غير التقليدي”، كما أنها تظل من أهم مصادر تمويل النفقات العامة وتوفير الموارد المالية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. الرسوم الجمركية العالية ستجرّ الأسعار نحو الأعلى وفي المقابل، أكد مهماه ل”الحوار”، أن”الرسوم الجمركية العالية” ستدفع مباشرة إلى نشوء قوة جرّ للأسعار على مستوى السوق الداخلية، وبالتالي تدفع بأسعار مختلف السلع إلى الارتفاع ضمن منحى تصاعدي مستدام وليس ظرفيا تحكمه عوامل السوق الطبيعية. فهي ستمس مباشرة القدرة الشرائية للمستهلكين وتقلل فرصهم في الاستهلاك، وإضعاف القدرة الشرائية للأسر، وهو ما يؤدي بدوره إلى كبح الاستهلاك (حجما، ونوعا، ووتيرة)، وهذا ينعكس سلبا على رفاه المجتمع ومستوى معيشته بل وأيضا على استقرار المجتمع وتماسك الأسر، ونعلم بأن هشاشة القدرة الشرائية مع الإمعان بالدفع بها إلى الانهيار سينجر عنه هشاشة اقتصادية واجتماعية على الخصوص وتهديد خطير لحالة السكينة والطمأنينة في بنياننا الاجتماعي. سيتم به مضاعفة الرسوم الجمركية كما تم مع تهريب العملة الصعبة ومن زاوية أخرى، دعا مهماه إلى ضرورة الاستفادة من انخفاض أسعار المواد الطاقوية والمنتجات أخرى في السوق العالمية، نتيجة لانخفاض أسعار الطاقة المتدخلة في سلسلة إنتاجها، باعتبار أن غالبية ما نستهلكه وما يعرض في بازار سوقنا هو مستورد، مشيرا إلى أن ما هو مستورد نجد أسعاره في تزايد، مقرونةً بتراجع مريع في جودته وكفاءته وبعناصر الصحة والسلامة المفترض وجودها فيه بالمقاييس العالمية، وهذا ما يدلل على وجاهة تحذيرنا بأن تهريب العملة الصعبة الذي يجري تحت غطاء تضخيم الفواتير سيتضاعف بنفس الشكل الذي سيتم به مضاعفة الرسوم الجمركية، لأن مسعى اعتماد الرسوم الجمركية كآلية تفرضها الدول على السلع والبضائع المستوردة من الخارج أساسا، يتم احتسابها على أساس قيمتها التجارية في بلد المنشأ مع دمج إضافة تكاليف السلسلة من شحن ونقل و تأمين إلى حين دخولها التراب الوطني، وتعرف هذه القيمة بناءً على الفواتير التي يدلي بها المستوردون، وعند احتساب هذه الرسوم على شكل نسب مئوية من قيمة هذه السلع والبضائع المستوردة، ففي حالة التضخيم ستستفيد الخزينة العمومية من عائد مضخم، لكنها ستخسر الكثير من العملة الصعبة. مع التذكير بأن وارداتنا لم تتراجع بالشكل المرجو، حيث إننا سننهي هذه السنة بقيمة واردات في حدود 45 مليار دولار، ليبلغ عجز الميزان التجاري للجزائر مع نهاية العام أكثر من 5 مليار دولار. سياسة الحمائية للمنتوج الوطني لابد أن تقيد بشروط وختم مهماه قوله بأن إجراء رفع الرسوم الجمروكية على المواد المستقدمة من الخارج ، المبرر في إطار “الحمائية التجارية”، يكون في حال ما إذا كان لدينا إنتاج وطني متنوع ووفير ويلبي الحاجات الداخلية، ويستجيب لمعايير الجودة، ويرقى للتنافسية، لكن أن يكون لدينا ضعف في الإنتاج أو حتى تذبذب في الوفرة فيما حققنا فيه أحيانا فائضا في الإنتاج على غرار المنتجات الفلاحية، نخسره بفعل آلة الاحتكار التي هزمت كل الإجراءات الإدارية الصماء. كما أن هناك مواد وسلعا جرى تعليق استيرادها مؤقتا، وأعتقد أنها ستعود مع رفع هذا التعليق وتعويضه بالرسوم، لكن هذه السلع يقترض عدم وجودها آصلا في السوق الوطنية وهي عديدة ومعروفة ومنشور مسمياتها في الجريدة الرسمية. لذلك فبدون تدخل الدولة كناظم للسوق وضابط للممارسات ومنظم للنشاط ومرافق ومسهل ومراقب ومتابع ومتدخل عند الضرورة، وكم هي الضرورة ملحة ومستعجلة، ستبقى كل هذه الإجراءات عبارة عن معالجات جزئية قاصرة، لأنها مجزأة أو مجتزأة من السياقات التجارية والاقتصادية الفعلية.