سناء بلال استعرض رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الدكتور بوعبد الله غلام الله في محاضرة ألقاها في أشغال للمؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي احتضنته أبوظبيبالإمارات العربية المتحدة، بعض المواقف التاريخية للشخصيات الجزائرية في هذا الشأن. واستهل غلام الله محاضرته، بالتوجيهات التي أسداها الشيخ عبد الحميد بن باديس، رئيس جمعية علماء الجزائر ومصلحها، حيث كتب يقول في إحدى رسائله ” إذا عشت للإسلام فإني أعيش للإنسانية لخيرها وسعادتها في جميع أجناسها وأوطانها، وفي جميع مظاهر عاطفتها وتفكيرها”. المرجعيات الأساسية لفلسفة التعايش السلمي كما استعرض الدكتور بو عبد الله غلام الله في محاضرته بإسهاب المواقف الإنسانية الخالدة للأمير عبد القادر بن محي الدين الجزائري في حماية المسيحيين في الشام ومنعهم من حملة القتل التي تعرضوا لها خلال سنة 1860، كما ركز رئيس المجلس الإسلامي الأعلى على المرجعيات الأساسية لفلسفة التعايش السلمي، حيث قال إن كلا من ابن باديس والأمير عبد القادر، وبقطع النظر عن المسافة الزمنية الفاصلة بينهما، هما معا يصدران عن القرآن الكريم، الكتاب الذي بشر بالإسلام وكرم الإنسان، مدعما كلامه بآيات من القرآن الكريم. وعند توقفه عند ثمرات جهود الدولة الجزائرية، قال غلام الله إن ثمرة المساواة وإقامة العدل والوزن بالقسطاس المستقيم، الذي يضمن أمن الإنسان بين إخوته وأقرانه في وطنه وفي بيته، وأنه مبدأ العيش معا في سلام، هذا المبدأ الذي أصبحت الإنسانية اليوم في أشد الحاجة إليه، مذكرا في الصدد ذاته باللائحة التي قدمتها الجزائر باسم المجموعة الإفريقية وعدد من الدول الأخرى للجمعية العامة للأمم المتحدة التي صادقت عليها بإجماع يوم 28 ديسمبر 2017، والتي تتضمن ما يطلبه المجتمع الدولي اليوم هو أن يعيش كل مواطن آمنا في وطنه وفي بدنه غير خائف ولا وجل. أهم محاور محاضرة الدكتور بو عبد آلله غلام الله تمثلت أهم محاور محاضرة الدكتور بوعبد آلله غلام الله في خمس محاور، حيث استهل المحور الأول من محاضرته بقوله يسعدني أن أصدر كلمتي هذه بذكر توجيهات من سلفنا الصالح ومآثرهم، وأعود إلى الشيخ عبد الحميد بن باديس، رئيس جمعية علماء الجزائر ومصلحها، حيث كتب يقول “إذا عشت للإسلام فإني أعيش للإنسانية لخيرها وسعادتها في جميع أجناسها وأوطانها وفي جميع مظاهر عاطفتها وتفكيرها، والمحور الثاني عند استعراض رئيس المجلس الإسلامي الأعلى للمواقف التاريخية للشخصيات الجزائرية، أكد بقوله إنه وفي محاضرة بالجزائر، عرض علينا المونسينيور هنري تيسييه، رئيس أساقفة الجزائر السابق، رسالة قصيرة بخط الأمير عبد القادر بن محي الدين الجزائري، ما تزال محفوظة في مكتبة الكنيسة الكاثوليكية في الجزائر، بعث لها الأمير في 10 جويلية 1862 إلى راعي الكنيسة الكاثوليكية في الجزائر، لويس باقي يجبيه، ردّ فيها على رسالة كان قد بعث بها هذا الأخير إلى الأمير يشكره على موقفه الإنساني في حماية المسيحيين في الشام ومنعهم من حملة القتل التي تعرضوا لها خلال شهر جويلية سنة 1862، وكانت رسالة شكر راعي الكنيسة الكاثوليكية تتساءل عن السبب الذي دفع الأمير إلى القيام بهذا العمل البطولي الإنساني رغم أن الفرنسيين وهم مسيحيون حاربوه ونفوه من وطنه، فكانت رسالة الأمير عبد القادر القصيرة بخط يده، يقول فيها إنه دافع عنهم عملا بشريعة الإسلام ولأنهم شركاؤه في الإنسانية، أما المحور الثالث من محاضرة الدكتور أبو عبد الله غلام الله، فكانت تأكيد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى على المرجعيات الأساسية لفلسفة التعايش السلمي، حيث قال كل من ابن باديس والأمير عبد القادر، وبقطع النظر عن المسافة الزمنية الفاصلة بينهما، هما معا يصدران عن القرآن الكريم، الكتاب الذي بشر بالإسلام وكرم الإنسان بقول الله تعالى، في سورة الإسراء “ولقد كرمنا بني آدم”، وهو تكريم من الله للإنسان لأنه خلقه ليستخلفه في الكون، وخاطب الملائكة بذلك، حيث قال في سورة البقرة ” إني جاعل في الأرض خليفة “، الآية 30، والخليفة إنما يستمد شرعية تصرفه ممن استخلفه، ووضع له قواعد التصرف الإيجابي المفيد الجدير بالأمانة، ويخاطب القرآن الكريم بني آدم فيقول” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، سورة الحجرات الآية 13، أي ليعرف بعضكم بعضا ويأخذ بعضكم عن بعض ويستفيد بعضكم من بعض ويكفل بعضكم بعضا، وفي المحور الرابع من المحاضرة، وفي معرض تمثليه لمفاهيم العيش معا والتعاون الإنساني، قال رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، فمقتضى التعارف أن يشارك الإنسان الإنسا في جميع متطلبات الحياة كسبا وعطاء، فضلا وحاجة، فيعلم المتعلم الأمي، ويرشد الخبير الغافل، ويواسي الغني الفقير ويتعاون الجميع على عمارة الأرض طاعة للمولى الذي أنشأهم من الأرض واستعمرهم فيها وأمرهم بأن يتعاونوا على البر والتقوى ونهاهم عن الإثم والعدوان. وختم الدكتور غلام الله محاضرته بالمحور الخامس، بتوقفه عند ثمرات جهود الدولة الجزائرية، حيث قال وثمرة المساواة إقامة العدل والوزن بالقسطاس المستقيم الذي يضمن أمن الإنسان بين إخوته وأقرانه في وطنه وفي بيته، إنه مبدأ العيش معا في سلام، هذا المبدأ الذي أصبحت الإنسانية اليوم في أشد الحاجة إليه، الأمر الذي دعا دولة الجزائر إلى أن تقدم باسم المجموعة الإفريقية، وباسم عدد آخر من الدول، تقدم مشروع لائحة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، صادقت عليها بإجماع كل أعضائها في 28 ديسمبر 2017 بأن ما يطلبه المجتمع الدولي اليوم هو أن يعيش كل مواطن آمنا في وطنه، معافى في بدنه، غير خائف ولا وجل. مشاركون: الأخوة الإنسانية طريق المجتمعات إلى السلام أكد المشاركون في الجلسة الثالثة والأخيرة من جلسات المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية، أن الأخوة الإنسانية طريق المجتمعات إلى النجاحات والسلام، وأن تحديات العالم المعاصر تتطلب توحيداً للجهود ورؤى مشتركة لتجاوزها من خلال الحوار المتواصل بين القيادات الدينية وتفعيل المؤتمرات والملتقيات للتوصل إلى حلول تنفيذية تنشر الفكر المعتدل بين أوساط الشباب في مواجهة خطاب التحريض والكراهية. وقال الدكتور عمر النعيمي، وكيل مساعد في وزارة الموارد البشرية والتوطين، خلال إدارته الجلسة: إن نجاح المشروعات الداعمة لفضيلة الأخوة الإنسانية مرهون بالوضع القائم في المناطق التي شهدت بعض التغيرات الدراماتيكية، خاصة فيما يتعلق بقطاعات حساسة مثل السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا وغيرها. وأضاف النعيمي: بعيداً عن التشاؤم المفرط أو التفاؤل الساذج، يجدر بنا البحث في التحديات والفرص التي تواجه مشروع تحقيق الأخوة الإنسانية، والتساؤل الذي يطرح في هذا الصدد يتعلق بكيفية إيقاظ الضمير الإنساني تجاه فكرة الإخاء، وإمكانية أن تكون الأخلاق الدينية مرتكزاً لإرساء ثقافة التآخي بين كل المجتمعات الإنسانية. بدوره، قال نيافة المطران إلياس جرجي عودة، مطران بيروت للروم الأرثوذكس: عندما خلق الله الإنسان أعطاه سلطاناً لأن يسود على كل الخليقة ما عدا أخيه الإنسان، ولكن التحديات والعوائق بدأت أمام ترسيخ مفهوم الأخوة الإنسانية عند حدوث أول جريمة قتل في التاريخ، حيث للأسف يقتل الإنسان أخاه لأتفه الأسباب ليظهر قوته وليستعبد الآخرين بشتى أشكاله. وتابع: البعض يلغي الآخر ليظهر هو، حيث تطلق الشائعات لتهدم مصادر رزق لتبنى نظم معلوماتية تنهب كنوزاً فكرية، والبعض يتوسل الإيمان ليكفر المؤمنين، برغم أن الله واحد، فكيف للشخص أن يؤذي أخاه وهو مخلوق مثله ويعيش معه وبقربه، فمهما تغير الشكل أو اللون أو الانتماء الديني أو الطائفي، فنحن جميعاً مفطورون على المحبة؟. وبيّن المطران عودة أنه منذ أن اجتاحت موجة التخوين والتكفير عالمنا العربي، وشاء بعض المتعصبين نشر الخطاب المحرض الذي يدعو للكراهية، جاءت المحن والدمار الذي حل في بعض المناطق بالعالم العربي، وفي هذا المؤتمر يبرز الدور بالتذكير بمفاهيم ثقافة التآخي في كافة المجتمعات الإنسانية والتسامح مع كافة الأديان مهما تعددت واختلفت. وأوضح المتحدث نفسه أن المحبة تدفع الإنسان لاحترام الآخر المختلف، فإن عمل كل القادة الدينيين والسياسيين على بث روح المحبة، أصبح جميع الناس أخوة، وهو ما تقوم به دولة الإمارات، حيث أصبحت الدولة رائدة في هذا الشيء، عبر وزارة للتسامح، ومختلف الجهود التي تقدمها الدولة من مبادرات تطلقها ومؤتمرات تستضيفها. وقال: إن زيارة قداسة بابا الكنيسة الكاثوليكية تمثل حدثاً تاريخياً، حيث يعمل قداسته على نشر ثقافة الحوار والأخوة الإنسانية عبر جهوده في كافة قارات العالم، إضافة إلى زيارة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب إلى الدولة، وهو من يسعى لترسيخ ثقافة الأخوة الدينية عبر الجهود المتواصلة والعمل المستمر على نشر ثقافة الحوار البناء وتقبل الآخرين دون تفرقة. النحوي: تضميد جراح الأمة وإطفاء نيران الغلو والإقصاء من جهته، أشاد الشيخ محمد الحافظ النحوي، رئيس التجمع الثقافي الإسلامي، رئيس منتدى علماء إفريقيا، بالمؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية، وقال: «لئن تعذر علينا الحضور لموانع صحية قاهرة، فإننا نغتنم مناسبة انعقاد المؤتمر للتوجه بتحية خاصة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعباً، والتي تعززت علاقتنا بها بشكل أخص بلقاءات مباشرة عام 2000 مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتبعتها لقاءات أُخرى مع العديد من أصحاب السمو الشيوخ، رحم الله السلف وبارك في الخلف». وقال: «نحن نتابع ببالغ التقدير والاهتمام ما تسجله دولة الإمارات العربية المتحدة من مكاسب ومنجزات يشهد لها تصدرها في مؤشرات التنافسية العالمية في العديد من المجالات، وما تبذله، دولة ومؤسسات وشخصيات فاعلة، من جهود في نشر الخير والبر، وإشاعة قيم التسامح والاعتدال والوسطية في العالم كله، وإننا لنتطلع إلى أن يكون عام التسامح فاتحة حقبة من تعزيز أواصر الأخوة الإيمانية والإنسانية، وتضميد جراح الأمة، وإطفاء نيران الغلو والإقصاء والتهميش في بلدان الأمة، وفي العالم أجمع».