“فالجميع يعلم بأن قيادة الجيش الوطني الشعبي الوفية لوطنها ولجيشها، لم تدخر منذ بداية هذه الأزمة، قلت، لم تدخر أي جهد من أجل توفير كافة الظروف الملائمة التي تعبد الطريق أمام تذليل كافة الصعوبات الموضوعية وغير الموضوعية التي أفرزتها هذه الأزمة، ولا شك أن ما تحقق من مكاسب حتى الآن، هي إنجازات عظيمة تصب جميعها في مصلحة الجزائر وشعبها وتتوافق تماما مع المطالب الشعبية الموضوعية. وفي هذا الصدد بالذات وعلى الرغم من الأزمة التي تمر بها البلاد اليوم، فإن الدولة الجزائرية بمؤسساتها المختلفة بقيت محافظة على كافة قدراتها التسييرية وعلى هيبتها وعلى نشاطاتها المختلفة وبقيت محافظة على تواصل مسارها العلاقاتي مع شركائها الأجانب، بفضل أبنائها المخلصين المتواجدين في مختلف مواقع نشاطهم وأعمالهم، فللجزائر شأنها الهام يتوجب المحافظة عليه من خلال الحرص على إبقاء الدولة الجزائرية ضمن سياقها الشرعي والدستوري”. السيد الفريق حذر من النوايا مبهمة الأهداف التي يسعى أصحابها عن قصد إلى تجميد العمل بأحكام الدستور وهو ما يعني الدخول في نفق مظلم اسمه الفراغ الدستوري: “لقد كثر الحديث عن أهمية إيجاد حل توافقي بين أحكام الدستور وبين المطالب الشعبية، فهل يعتقد هؤلاء بأن هناك تناقض أو تباعد بين ما ترمي إليه الأحكام الدستورية في أبعادها الحقيقية وبين ما يطالب به الشعب الجزائري في مسيراته المتتالية، فالشعب الذي زكى دستوره هو أحرص من غيره على صيانة قانون بلاده الأساسي وحفظ أحكامه ودوام العمل به، فلا يمكن أن يتم بإسم الشعب تحطيم إنجاز الشعب الجزائري المتمثل في قانونه الأساسي أي الدستور. هل يدرك من يدعي عن جهل أو عن مكابرة وعناد أو عن نوايا مبهمة الأهداف، نعم نوايا مبهمة الأهداف، بأن سلطة الشعب هي فوق الدستور وفوق الجميع، وهي حق أريد به باطل، كونهم يريدون عن قصد تجاوز، بل تجميد العمل بأحكام الدستور، قلت هل يدرك هؤلاء أن ذلك يعني إلغاء كافة مؤسسات الدولة والدخول في نفق مظلم اسمه الفراغ الدستوري، ويعني بالتالي تهديم أسس الدولة الوطنية الجزائرية والتفكير في بناء دولة بمقاييس أخرى وبأفكار أخرى وبمشاريع إيديولوجية أخرى، تخصص لها نقاشات لا أول لها ولا آخر، هل هذا هو المقصود؟ فالجزائر ليست لعبة حظ بين أيدي من هب ودب وليست لقمة صائغة لهواة المغامرات، فهي عصارة تضحيات ثورة عظيمة اسمها الفاتح من نوفمبر 1954، تحتاج من أبنائها المخلصين والأوفياء أقول كل أبنائها المخلصين والأوفياء، تحتاج منهم جميعا التحلي بالكثير من الحكمة والتبصر والعقلانية، والكثير من الاتزان الفكري والعقلي وبعد النظر، فالدستور الجزائري هو حضن الشعب وحصنه المنيع وهو الجامع لمقومات شخصيته الوطنية وثوابته الراسخة التي لا تحتاج إلى أي شكل من أشكال المراجعة والتبديل”. السيد الفريق أكد أن الشعب الجزائري وبفضل الوعي الذي يتميز به، سيعرف لا محالة كيف يميز بين من يمتلئ قلبه صدقا في خدمة الجزائر، و بين من يحمل في صدره ضغينة لهذا البلد: “إن حاسة الشعب الجزائري وفراسته المعهودة، لم ولن تخيب ظنه، إنه سيحسن بالتأكيد التمييز الصحيح بين من يمتلئ قلبه صدقا، ومن يحمل في صدره ضغينة لهذا البلد، وسيدرك بالتأكيد أن من يفيض صدره حقدا على الجيش الوطني الشعبي وعلى قيادته الوطنية، هو لا محالة في خانة أعداء الجزائر، فأعداء الجزائر يدركون تماما، بحسرة شديدة وبحسد أشد، بأن بلادنا تحوز اليوم، أقول اليوم، على جيش وطني المبدأ، وشعبي المنبع وصادق العمل والسلوك، على رأسه قيادة مجاهدة تمنح للجهاد معناه الحقيقي، وتضع عهد الشهداء منارتها العالية، التي بها تتلمس معالم سبيلها، ومعها تشق طريقها نحو تأمين الجزائر ومرافقة شعبها إلى غاية الاطمئنان التام على حاضر هذا الوطن وعلى مستقبله”. السيد الفريق أوضح أنه وفي الوقت الذي كان فيه أبناء الشعب من أفراد الجيش الوطني الشعبي منشغلون بأداء مهامهم بكل صدق وإخلاص، ويقومون بواجبهم الوطني حيال تطوير القوات المسلحة وترقيتها، كان فيه البعض ممن لا ضمير لهم يخططون بمكر في كيفية الانغماس في مستنقع نهب المال العام: “ففي الوقت الذي كان فيه أبناء الشعب من أفراد الجيش الوطني الشعبي منشغلون بأداء مهامهم بكل صدق وإخلاص، ويقومون بواجبهم الوطني حيال تطوير القوات المسلحة وترقيتها وتمكينها من بلوغ أعلى درجات الاحترافية وأعلى مراتب المهنية، بما يكفل لها صون الحدود الوطنية المديدة بكل تحدياتها، ومواصلة ربح رهان القضاء النهائي على آفة الإرهاب في شمال الوطن، قلت، ففي هذا الوقت تحديدا الذي كان فيه الجيش الوطني الشعبي يعمل بكل مسؤولية ونكران الذات، كان فيه البعض ممن لا ضمير لهم يخططون بمكر في كيفية الانغماس في مستنقع نهب المال العام أي مال الشعب الجزائري، وهنا يكمن الفرق بين من يعمل بإخلاص وصدق نية، وبين من يخطط بخبث، فقد نسي هؤلاء بأن هذا الطريق قصير بل ومسدود”