نصيرة سيد علي أوضح الخبراء الاقتصاديين في تصريحهم ل ” الحوار” المقاربة الجديدة التي تبنتها الوزارة الأولى، في إطار الوضعية الصعبة للمالية العمومية خاصة مع تجميد اللجوء إلى التمويل غير التقليدي، أنها مجرد قرارات تهدئة، داعين إلى ضرورة وضع حلول مالية وفق منظور اقتصادي، وليس تبني حلولا لا تمت بصلة بالواقع الاقتصادي، خاصة وأن الوضعية المالية الحالية المتدهورة في غياب رئيس الجمهورية وعدم انقشاع الضبابية في الأفق السياسي، وهو ما يستدعي إلى فرض جملة من الاجراءات صارمة واقيعية لحل الأزمة. وكانت الحكومة قد قررت تبني مقاربة جديدة تأخذ في الحسبان الوضعية الصعبة للمالية العمومية خاصة مع تجميد اللجوء إلى التمويل غير التقليدي، عند عرض مسودة مشروع قانون المالية لسنة 2020. يجب ترشيد نفقات التسيير وفي السياق، قال الدكتور عمر هارون استاذ جامعي وباحث اقتصادي في حديثه ل ” الحوار” لا يمكن توفير حجم كبير من ميزانية التسيير خاصة أنها تكون في أغلبها مخصصة للأجور والتعويضات لصالح الموظفين، إلا إذا اتخذت الحكومة قرار بالتوقف عن تمويل عقود CTA و DAIP لانها تمتص حجم كبير من ميزانية التسيير ككتلة أجرية وتعويضات، خاصة في المؤسسات الاقتصادية التي حان الوقت لتتحمل مسؤولياتها وتتحول لدفع أجور عمالها، خاصة أن عديد المؤسسات الكبرى تعتمد على هذه العقود بشكل مهول . هذه الخيارات الخيارات المستقبلية… وعن الخيارات المستقلية، أكد الدكتور هارون عمر أن المسألة ترتبط إرتباط وثيق باستقرار النظام السياسي التي تعمل فعاليات المجتمع المختلفة على وجود صيغة مناسبة لتوطيده، ولعل أهم الخيارات التي يجب أن التوجه إليها، هو البحث عن شركاء أجانب لدخول السوق الوطنية والاستثمار فيها، خاصة أن الجزائر جنة إستثمارية كونها دولة قارة من ناحية المساحة، ولها اطلالة على القارة الاوروبية من خلال البحر الابيض المتوسط وتعتبر بوابة افريقيا خاصة أن الدخول الى افريقيا عبر تونس تعترضه المشاكل الأمنية الموجودة في ليبيا، يضاف إلى ذلك توفر الموارد الطاقوية بأثمان زهيدة جدا مقارنة بما هو موجود في باقي دول العالم، كذلك الحال بالنسبة لليد العاملة فالجزائر خزان تفوق فيه الفئة النشيطة ال 15 مليون، ويبقى قانون 49/51 الذي يفرض على أي شريك أجنبي الحصول على شريك محلي بقيمة تعادل أو تفوق ال 51 بالمئة قانون قابل للتعديل أو الازالة من قبل السلطة السياسية القادمة، مع احتمال الابقاء عليه في القطاعت الاستراتيجية على غرار قطاع المحروقات . إمكانية للتوجه نحو الاستدانة الخارجية وأضاف الدكتور هارون في معرض حديثه أن الجزائر في ظل المعطيات الحالية يمكنها البقاء بعيدة عن الاستدانة لمدة سنتين كاملتين، كون احتياطي الصرف المتبقي كافي لسد هذه الفترة بأريحية، لكن يبقى خيار الاستدانة خيار قائم وممكن مثله مثل خيارات أخرى، خاصة تلك المتعلقة بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص والمعروف اقتصاديا ب PPP ” Public Private Partnership ” والتي تخول للحكومة خلق عجز مقصود في الميزانية في بنودها المتعلقة بالتجهيز وتوكل عملية انجاز أو تسيير منشآت معينة للقطاع الخاص وفق دفتر شروط محددة وهو ما يخفف من العبئ على الحكومة، كما يمكن أن يكون هناك إنجاز منشآت كبرى على غرار مطارات أو موانئ أو ملاعب من خلال فتح اكتتاب عام في هذه المنشآت وهو ما يمكن من إنجاز هذه المنشآت بأموال المكتتبين الذين يمكن أن يكونوا داخليين أو خارجيين خاصة إذا كان الدراسات قد أكدت على حجم المداخيل التي ستجنى من مثل هذه المشاريع، كل هذه التقنيات يمكن أن تجنب الجزائر الاستدانة في الخمس سنوات القادمة، وهي المدة الكفيلة بإعادة بناء اقتصاد قوي قادر على تحمل صدمات النفط .
الوضع الاقتصادي بحاجة إلى ميكانزمات معلومة قابلة للتنفيذ من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور بوزيان مهماه في تصريحه ل ” الحوار” كل هذا الذي تم إقراره، في غياب تطوير للمنظومة البنكية، ولنظام التحصيل الجبائي، وفي غياب نظام شامل للرقمنة المالية، سيبقى مل ذلك مجرد خطاب للتهدئة، نحن في حاجة إلى إحداث نقلة نوعية تخدم الاقتصاد الوطني ويرضى الطبقة الاجتماعية، كل هذا الذي تم إقراره، ففي غياب تطوير للمنظومة البنكية، ولنظام التحصيل الجبائي، وفي غياب نظام شامل للرقمنة المالية، سيبقى ذلك مجرد خطاب للتهدئة، نحن في حاجة إلى وضع ميكانيزمات شفافة ومعلومة قابلة للتنفيذ في المنظور القريب وتمتلك أدوات النفاذ إلى قلب العمليات المالية، بما يمكننا من بناء سلسلة القيمة، وتقدير للسيولة الحقيقة من المنظومة المالية والعمليات التجارية والإقتصادية بما يمكنن من التقدير الحقيقي لكتلة التحصيل الجبائي دون إجحاف أو ظلم.
قرارات الحكومة بعيدة عن الواقع وواصل مهماه يقول إن ما تم إقراره لا يزال من قبل الحكومة بعيدا عن الواقع، فالعملية على مستوى القطاعات الحكومية تغيب عنها الرؤية الاستشرافية التي تستهدف أهداف إجرائية محسوسة وتمتلك جهات الإشراف عنها لأجهزة الرصد والقياس والتقييم، ففي ظل غياب لعمليات برامجية كمية، يضيف المتحدث نفسه يبقى بالنسبة له خطاب الترشيد، مجرد خطاب سياسي، كما أن استهداف الرفع من الجباية يبقى التحدي الأكبر أمام أزمة هيكلية تضرب اقتصادنا في الصميم وتتمثل في فساد طبقة رجال المال التي تسيدت المشهد الاقتصادي للبلد، وأفسدت الثقة في القطاع الخاص كقائد للسوق، و مع تماطل الحكومة في إقرار إجراءات سريعة لتصحيح الوضع، و اقتراح معالجات ذكية وواقعية للكتلة المالية الموجودة في السوق اللانظامية، سنتظر اجراءات قاسية أخرى ستضر بالمواطن سواء من حيث النشاط الحكومي الذي يستهدف التنمية المحلية المرتبطة أساسا بحياة المواطنين أو بارتفاع في كلفة المعيشة ككل مجددا.
ريد حلول ذات منظور اقتصادي… من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي عبد الرحمان عية في تصريحه ل ” الحوار” أن الجزائر اليوم بحاجة إلى حلول واقيعية وليست تظليلية، وحول مقاربة الحكومة جديدة تأخذ في الحسبان الوضعية الصعبة للمالية العمومية، قال عية أنها وهمية ولا تتوافق مع الواقع الاقتصادي الذي وصلنا إليه، جراء عدم إيجاد حلول سياسية لحلحلة الأزمة ، فجملة الاجراءات التي تنوي الحكومة اللجوء إليها على غرار أمر بتوقيف استخدام البواخر الأجنبية في نقل البضائع من الخارج نحو الجزائر بل سيتم نقلها بواسطة بواخر جزائري ليس لها محل في لها في الحقل الاقتصادي، في ظل غياب امتلاك الجزائر لاسطول بحري مخصص في التجارة الخارجية، رغم نجاعتها من الناحية المالية حيث ستستفيد الخزينة العمومية ما قيمته 5 ملايير دولار سنويا، لكن من الناحية العملية فهو إجراء خيالي لا يمكن تحقيقه على مستوى التجارة الخاريجية التي تتحكم فيها العديد من الأمور، داعيا إلى ترشيد النفقات، أمام انخفاض برميل النفط في السوق الدولية. لو يلتزم كل تاجر بدفع 10 ألاف دينار سنويا لن نلجأ إلى طبع النقود ومادام الجزائر هي دولة ريعية يضيف عية علينا اتخاذ الاجراءات التالية لتحقيق وثبة اقتصادية منها على سبيل المثال لا الحصر وتحديث البنوك وواسائل الدفع الالكترونية، ومن أجل تحصيل الجبائي سليم دعا عية إلى رقمنة القطاع الاقتصادي حتى يتنسى للجهات المعنية التحصيل الضريبي بطرق سلسة والابتعاد عن الضرائب الجزرافية المعمول بها الآن ، لأن ما يربو عن 20 بالمائة من التجار لا يدفعون مستحقاتهم المالية، وأكد الخبير ذاته أنه لو دفع كل تاجر من جملة التجار الناشطين في الساحة التجارية في الجزائر ما قيمته 10 ألاف دينار لن نكون أمام عجز مالي ولن نرجع لسياسة طبع النقود التي نخرت الاقتصادي الوطني