أجمع خبراء ومختصين أن ما تمر به الجزائر لا يمكن أن يطلق عليه في الوقت الحالي بالأزمة الاقتصادية إلا بعد ستنين أو ثلاث سنوات، مؤكدين أن الوضع يتطلب استراتيجية بعيدة المدى لمواجهة تراجع الجباية البترولية وانخفاض قيمة الدينار، والذي سيكون له آثار سلبية على الاقتصاد الوطني وكذا على الجانب الاجتماعي من خلال ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن، حيث اقترح هؤلاء جملة من البدائل الكفيلة بتخفيف النتائج المترتبة عن هذه الأزمة. نظرا لما تشهده الجزائر من نقاش واسع في الأوساط الاقتصادية، السياسية، والإعلامية حول وضع الخزينة العمومية، وآفاق البرامج الحكومية في ظل التراجع الكبير وغير المتوقع لأسعار النفط في الأسواق العالمية، نظمت يومية الشروق أمس، ندوة تحت عنوان» الانعكاسات الاجتماعية لإجراء التقشف الحكومية والبدائل الممكنة«. وكان الهدف من اللقاء الذي جمع مختصين وخبراء في المجال لتسليط الضوء على جملة القرارات التي اتخذتها السلطات العمومية بغرض ترشيد النفقات ومواجهة الأعباء المترتبة عن اختلال الموازنة المالية، وفي المقابل محولة إيجاد موارد بديلة لتعويض تراجع الجباية البترولية، وما يمكن أن تشكله تلك الخيارات من تأثيرات سلبية على الحياة اليومية للمواطن، مع طرح البدائل الممكنة للتخفيف من انعكاسات الانهيار النفطي على الجزائر. الدكتور بشير مصيطفى، كاتب دولة سابق للإحصاء والاستشراف: لا يمكن معرفة مدى نجاعة الإجراءات المتخذة إلا بعد مرور سنة أو أكثر وقال الدكتور بشير مصيطفى، كاتب دولة سابق للإحصاء والاستشراف أن الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة لمواجهة هذا الوضع لا يمكن معرفة مدى إستجابة الإقتصاد الوطني لها إلا بعد مرور سنة أو أكثر، مضيفا أنها إجراءات قصيرة المدى تستهدف تعويض السياسة المالية للدولة وإقفال سنة 2015 على ميزانية أقل عجزا، مشيرا في ذات السياق أن اللجوء إلى خفض الدينار تم في الجانب الجبائي وكان من المفروض أن تقوم الحكومة بالتنويع الجبائي أيضا، كما أن الإجراءات تنص على خفض النفقات ب 9 بالمائة والذي يدخل في إطار ترشيد الموازنات ويكون ذلك أكثر على نفقات التسيير مع العلم أن هذا الإجراء تم في 2015 حيث انخفضت النفقات ب 5ر1 بالمائة لكن لم نشعر بها. وحول خفض قيمة الدينار قال الدكتور أنه أعطى نتائج حسنة على المدى القصير، أما فيما يخص الجباية فلا يمكن معرفة نتائجها إلا بعد أن يصدر البنك الوطني حصيلته، وأضاف أن الدولة لا تعول كثيرا على تسوية الواردات من خلال خفض سعر الدينار خاصة إذا لاحظنا الأرقام التي تؤكد ذلك حيث بلغت قيمة الواردات 60 بالمائة قبل خفض الدينار، فيما انخفضت بنسبة 3 بالمائة بعد خفضه، وبالتالي فإن هذه الإجراءات غير ناجحة ولابد من إيجاد بدائل أخرى. وأشار مصيطفى إلى أن الأمر ستكون له انعكاسات على الجانب الاقتصادي والاجتماعي لأنه من غير الممكن أن تضع الحكومة حلولا ليس لها آثار سلبية، لكنها قادرة على إعطاء حلول قليلة الأثر السلبي وهذه الإجراءات ستكون آثارها صعبة فيها إيجابيات لكن على المستوى المالي والميزانية والمحافظة على 28 مليار دولار كعجز هذه السنة، وتعويض الجباية المالية التي فقدت قيمتها، مضيفا أن الآثار ستكون إقتصادية وذلك على المدى البعيد كالتضخم الذي سيظهر في سنة 2016، بالإضافة إلى الجانب الاجتماعي من خلال ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وبالتالي انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، كما لم يستبعد لجوء الحكومة إلى ترشيد الدعم الموجه للمواد الواسعة الاستهلاك، والنقل وغيرها. ودعا ذات المتدخل الحكومة الجزائرية إلى الاقتصاد الوطني من والذي يحتاج إلى سياسة نقدية معيارية، وتحرير العقار، مشددا على مفاتيح النمو التي لخصها في التعليم، والبحث،والتكنولوجيا، وإعادة النظر في عدة منظومات وتحفيز القطاعات الراكدة التي قدرها ب 12 قطاع منها الصناعة التي تنتج 5 بالمائة والفلاحة ب8 بالمائة والسياحة ب3 بالمائة. الدكتور امحمد حميدوش، المستشار السابق في البنك العالمي: يجب الخروج من منطق الاشتراكية والتوجه إلى الاقتصاد المفتوح أكد امحمد حميدوش، المستشار السابق في البنك العالمي أن الجزائر لم تصل بعد إلى مرحلة الأزمة الاقتصادية، مشيرا إلى أننا لا نعيش أزمة وإنما هي مشكل في التوقع والذي سيكون بعد ثلاث سنوات وسنعيش خلل في الاقتصاد الهيكلي ، مضيفا أن غياب إجراءات دعم الصادرات في القانون التكميلي يمكن ان يؤدي أيضا إلى خلل في التجارة الخارجية، مشيرا إلى أن ذلك سيكون إذا لم يتم تصحيح الوضع وذلك في حدود 6 سنوات، مضيفا أن الوقت يتطلب إعادة النظر في مجموعة من القيم وتصحيحها وفي مقدمتها العمل الذي يعتبر من أكثر القيم تقيسا في الدول الأجنبية، مشددا في ذات السياق على ضرورة التخلي عن بعض المفاهيم الخاطئة كالعناية الإلهية وكذا حتمية توفير الدولة المواطن مختلف المتطلبات. ودعا الخبير الدولة إلى تحديد النفقات والدعم الموجه إلى مختلف الجهات وهي النقطة التي لا يوجد فيها إحصائيات محددة، بالإضافة إلى وضع رؤية مستقبلية بعيدة المدى، ناهيك عن إعادة الضريبة المحلية وكذا الرسوم التي تساعد البلدية على تحصيل المداخيل، مشددا في ذات السياق على الحكومة الجزائرية الخروج من منطق الاشتراكية والوصول إلى مرحلة الاقتصاد المفتوح التي تجعل من البورصة الجزائرية مفتوحة والسماح بتغيير العملة الوطنية بكل حرية، مضيفا أن هذه الإجراءات إذا اتخذتها الجزائر ستمكنها من استقطاب ما يقارب 500 إلى 900 دولار. وتأسف ذات المتحدث من غياب الخبراء في اللقاء الذي جمع الحكومة بالولاة، وهو الأمر الذي من الممكن أن تلعبه وزارة الاستشراف إن كانت موجودة كهيئة تتعامل مع الخبراء وتقوم بعمل يتم من خلاله تحديد المشكل واقتراح الحلول الناجعة له من خلال ورشات.