نصيرة سيد علي دعا مجموعة من الخبراء الاقتصاديين ورجال القانون وممثل عن المجتمع المدني في حديثهم ل ” الحوار” السلطات المعنية بتعيين المتصرفين الماليين لتسيير مؤسسات رجال المال الفاسد أن لا ينحصر مهام هؤلاء في رفع التجميد عن الأرصدة المالية المجمدة، ودفع رواتب عمال الشركة، بل لابد من أن تعطى لهم كامل الصلاحيات لزيادة أرباح الشركات بما يضمن لها استمرارية لنشاطاتها على الساحة الاستثمارية، ورفع من رقم أعمالها السنوي، خاصة وأن إجراءات العدالة يطبعها التعقيد يصعب حله في ظرف قصير، كما تحدث هؤلاء الخبراء ل ” الحوار” عن جملة من التحديات التي تنتظر المتصرفين الإداريين مستقبلا. وكان قاضي التحقيق المخطر بملفات الشركات التابعة لمجمعات حداد و طحكوت و كونيناف، قد أصدر أوامر بتعيين ثلاثة متصرفين إداريين من الخبراء الماليين المعتمدين قصد تسيير هذه المؤسسات. وجاء في البيان أنه ” في إطار التحقيقيات القضائية المفتوحة ضد بعض رجال الأعمال أصحاب شركات اقتصادية منها مجمعات حداد و طحكوت و كونيناف و سعيا للحفاظ على استمرارية نشاطات هذه المؤسسات وضمانا لمناصب الشغل و للوفاء بما عليها من التزامات تجاه الغير، أصدر قاضي التحقيق المخطر بملفات هذه الشركات بتاريخ 22 أوت 2019 أوامر بتعيين ثلاثة متصرفين إداريين من الخبراء الماليين المعتمدين”. تعيين متصرفين إداريين حل مؤقت وجزئي من جهته، اعتبر الحقوقي نجيب بيطام، تعيين متصرفين إداريين من قبل الحكومة قصد تسيير مؤسسات المملوكة للمتعاملين الاقتصاديين الموجودين رهن الحبس، هو حل جزئي وليس كلي، لأن الخبراء الذين تم تعيينهم لحل اشكالية توقف أجور العمال من أجل الحفاظ على مناصب الشغل الموظفين هي مجرد حلول مؤقتة سرعان ما يتعرض عمال تلك المؤسسات إلى ضائقة مالية مجددا في الأشهر القادمة إ لعدة اعتبارات غفلت عنها الجهات التي أصدرت قرار التعيين، والمشكلة يقول المحامي نجيب بيطام في تصريحه ل ” الحوار” هل يجوز للمتصرفين الإداريين إقامة مشاريع استثمارية واستمرارية المؤسسات، وهل يجوز له عقد صفقات مستقبلية لتنمية أموال المؤسسة، أما أن يحصر مهام الخبراء في تسير المؤسسة بشكل الذي ذكرته آنفا، فإن المتصرف الإداري في حالة عدم منحه كامل الصلاحية يعتبر حل مؤقت، وسوف يستنفذ جميع المبالغ المالية التابعة للمؤسسة وسيدخلها في أزمة مالية خناقة مستقبلا.
قرار القضاء قانوني… أكد المحامي ورئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان سابقا، فاروق قسنطيني، في تصريحه ل ” الحوار” أن تعيين متصرفين إداريين من الخبراء الماليين المعتمدين، قصد تسيير المؤسسات التابعة لرجال أعمال متابعين قضائيا، قبل الحكم على أصحابها على أحكام قضائية نهائية، هو قرار سليم، ولا يشوبه إشكال، ومخرج أخر لحل أزمة تلك الشركات التي تم تجميد أرصدتها، واعتبر قسنطيني مقترح بدوي قانوني وسليم وفي فائدة الجميع”.
إجراءات العدالة طويلة فهذا هو الحل اقترح الحقوقي نجيب بيطام في حديثه ل ” الحوار”، جملة من الحلول التي يراها ناجعة وموفقة لتسيير رجال أعمال المحبوسين بتهم الفساد لأن أمام العدالة سنوات للفصل في ملفاتهم، وعليه فبدل تعيين متصرفين إداريين لتسييرها، كان على الجهة المعنية تعيين مراقبين يرافقون مسير المؤسسة لضمان استمرارها في المستقبل، ويبقي على كامل صلاحياته التي منحها إياه صاحب المؤسسة قبل حبسه، وما على المراقبين المعينين سوى مراقبة المسير وهكذا يقول بيطام نضمن حركية الاستثمار بهذه الشركات بنسبة قد تصل إلى 70 بالمائة، ونضمن السيولة المالية بشكل طبيعي، ونكون قد وضعنا حلا مناسبا لهذه المسألة التي تعد كما قال عنها أنها سابقة في تاريخ الجزائر.
مديونية حداد لدى الشريك الأجنبي… هذا وكشف الحقوقي، نجيب بيطام ل ” الحوار”، عن دعاوي قضائية التي وصلت مكتبه، من الشركات الأجنبية التي تربطها عقود عمل مع شركات رجل الأعمال ورئيس منتدى المؤسسات سابقا علي حداد، والتي تطالب مستحقات مالية كبيرة بالعملة الصعبة، مؤكدا أن بإمكان هذه المؤسسات حجز على الأرصدة البنكية المجمدة المملوكة لعلي حداد، وهو التحدي الذي ينتظر هؤلاء المتصرفين الإداريين.
على الدولة التدخل لضمان استمرارية المؤسسات وعلى صعيد مماثل، دعا المنسق العام للمنظمة الوطنية لارشاد وحماية المستهلك، تميم فادي في حديثه ل ” الحوار”، أن هيئته ضد تصفية المؤسسات والشركات التابعة لرجال المال المفسدين، وترفض تكرار ما حدث مع بنك الخليفة، وقال تميم لا يجب أن ننسى أن المؤسسات المعنية يشتغل بها أرباب العائلات، وليس بين ألفية وأخرى يجد نفسه يسبح في مستنقع البطالة، وتتعرض عائلته للتشرد، وما نطالبه هو عقلانية الحلول، ومدى ملائمتها مع الظرف الحالي الذي تعيشه تلك الشركات المعنية، وأضاف إن تعيين متصرفين إداريين للمؤسسات شيء ينشده الجميع، لكن يبقى المشكل في طبيعة الاستراتيجية المعتمدة في الحلول التي سيتم انتهاجها لإنقاذها، والاستمرار في نشاطها في الساحة الاقتصادية، بما سيمكنها من تأدية دورها في النهوض بالاقتصاد الوطني، وعلى الدولة حق التصرف فيها يقول تميم إما عن طريق عملية التأميم أو بيعها في المزاد العلني، وذلك لضمان استمرارها في النشاط الاستثماري وكذا ضمان مناصب الشغل للموظفين.
لا يمكن حصر مهام الاداريين في التسيير من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي العربي أولحسن في تصريحه ل ” الحوار” أن قرار تعيين المتصرفين الاداريين للشركات المتبوع أصحابها قضائيا، هو حل إستراتيجي يهدف إلى تحقيق العديد من الأهداف والتي تمس عدة نواحي و إتجاهات، فهو من جهة يضمن استمرارية نشاطات هذه المؤسسات لما لها من دور اقتصادي و اجتماعي، خاصة وأن هذه المؤسسات فتحت مناصب عمل لأعداد مرتفعة من الأيادي العاملة التي تعد بالألاف و توقفها يمكن أن يخلق أزمة إجتماعية خانقة ونحن على أبواب الدخول الإجتماعي، و من جهة أخرى يضيف الخبير ذاته أن في تعيين الإداريين الذين لهم باع طويل في العمل في المجال المالي، خطوة إيجابية، لكن حبذ أن لا يقتصر مهامهم فقط على التسيير و لكن حتى المراقبة و التدقيق المالي، والتحقيق خاصة ما تعلق بالمعاملات و الصفقات السابقة، مع ضرورة التنسيق مع العدالة بتحرير تقارير يومية و أسبوعية و شهرية.
يجب أن يرتكز مهام المتصرفين على معايير عالمية وفي الإطار ذاته، أوضح الخبير المالي الدكتور فارس مسدور في تصريحه ل ” أن الحفاظ على الشركات التي ملفات أصحابها في أروقة العدالة ضرورة ملحة، وذلك من أجل الحفاظ على التزاماتها المختلفة مع البنوك ومؤسسات الضرائب وتسديد أجور العمال، مما يتطلب تعيين مسير لها، إلا أن الإشكالية المطروحة أنه تم تعيين متصرفين إداريين قبل النطق بالاحكام القضائية النهائية على ملاكها، مقترحا أن يكون عمل المتصرفين الإداريين يستجيب للمعايير العالمية، من خلال وضع جدول أعمال ودفتر شروط قبل البث في عملية التسيير، ويجب عليهم الحفاظ على رقم أعمال المؤسسة وزيادة أرباحها، وتوكل تقاريرهم على مكاتب خبرة، وعاد ليقول أن أصحاب الشركات التابعة لرجال المال الفاسد قاموا بعمليات التضخيم في فواتير بناء مصانعهم.
يجب تعيين حارس قضائي بدل الإداري وفي السياق ذاته، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمان عية في حديثه ل ” الحوار” أن المجمعات التي تم تعيين لها متصرفين إداريين للنظر في شؤونها العالقة من تجميد أرصدتها البنكية، وتعليق نشاطاتها، بحاجة إلى أشخاص لهم القدرة على الاتيان بحل استراتيجي، لضمان رواتب العمال وفك الحصار عليها وجعلها تواصل مهامها مع باقي الشركاء الذين تتعامل معهم من قبل، على غرار إدارة الضرائب، والبنوك ومؤسسة الكهرباء والمياه، وأوضح عية أن من أهم التحديات التي تواجه هؤلاء المتصرفين تعدد مهام النشاطات الاستثمارية للمجمعات الاقتصادية الضخمة، فالرجل الأعمال علي حداد مثلا له الكثير من الخطوط الانتاجية والمؤسسات التي تنشط في عديد من القطاعات على غرار قطاع الإعلام والأشغال العمومية والبناء، والمكيانيكي …وقس على ذلك يضيف عية على باقي المتعاملين الاقتصاديين محل التحقيق معهم في قضايا فساد، وكان لابد من تعيين حارس قضائي يقوم بعملية مراقبة المتصرفين الاداريين الذين ينحصر مهامهم في النشاط الإداري.