كانت عقارب الساعة عادلة ومنصفة، حينما تلاحمت وتساوت على الرقم اثني عشر في إشارة إلى منتصف النهار، وهو التوقيت الذي يحترمه الكثير ويكن له بالغ التقدير، لا لشيء سوى لان علاقته بالبطن أو الشهية علاقة طيبة ومتينة وبالتالي هو رقم التشويق إن صح الافتراض، واحتراما مني لهذا الرقم أو لمعدتي التي وصلتني إشارات عاجلة، تشعرني أن هناك معركة على وشك الاندلاع ساحتها بطني ،بين الأمعاء الغليظة والدقيقة والسبب أكون أنا لأني غير منتظم في الأكل وان كان فقد يكون فقير الفوائد الصحية وعدم الالتزام ببعض الأخلاقيات ربما، أردت تدارك ذلك وقلت عليا أن اقتدي بحاتم الطائي هذا اليوم وأعرج على احد مطاعم المدينة، لأنهي ذلك العداء و الصراع الذي قد ينشب بين أمعائي الدقيقة والغليظة. وفي كل الأحوال وان تعنتت الغليظة فهي الخاسرة إذ نجد بها ( الأعور والقولون) وكلاهما بيت الداء ، اقتربت من احد المطاعم الذي اعرفه مثل ما اعرف الرقم ,12 و على بعد خطوات من بابه هبت علي وغمرتني موجة من الروائح المغنطيسية للعاب، التي تجعلك تتحالف مع بطنك ضد جيبك وقد تفرغ ما احتواه من عرق الجبين، وأنا أصارع الروائح كنت أحاول السيطرة على اللعاب الذي أفرزته الغدد اللعابية، ولتفادي كل ذلك جلست بسرعة البرق وقررت نوع ما سأتناوله، وبالطبع يجعلني نادما لأنه ضد جيبي، إذ طلبت من النادل أن يجلب لي نصف دجاجة كاملة مع رغيف خبز وقلت في نفسي مموها نفسي: اليوم عيد، انه عيد النصر وخميس يوم نهاية الأسبوع، على الإنسان أن يأكل جيدا ويسترخي ...الخ...قلت ذلك حتى لا ألوم نفسي لاحقا عندما ادفع ثمن نصف الدجاجة المشوي لصاحب المطعم، هكذا فكرت وأنا جالس انتظر النادل الذي ذهب لإحضار نصف الدجاجة المشوي وبلمح البصر جلس أمامي وعلى نفس الطاولة شخص يبدو عليه التعب والإرهاق الشديد، وملابسه توحي انه صاحب مهنة شاقة انكب مباشرة على وعاء الماء رغم برودة الجو ولم يضعه إلا وهو فارغا، ربما كان من العالمين بأسرار الأكل وذكرني ذلك بقصة جحا وابنه الذي أكثر من شرب الماء في احد الولائم، ولم تعجب طريقة الابن الأب جحا الذي بدا يلوم ابنه بمجرد مغادرته مكان الوليمة، وقال له بغضب شديد كيف تشرب كل ذلك الماء؟ الذي قد يسد شهيتك فرد عليه الابن قائلا:لا بالعكس الماء يفتح الطريق في الأمعاء لمرور الأكل يأبي ويجعلها أكثر اتساع، فما كان على جحا سوى صفع ابنه بحجة انه لم يخبره مسبقا حتى يتبع هو أيضا نفس الخطة. تذكرت تلك القصة وتذكرت قصة أخرى عندما طلب ذلك الشخص الذي كان يشاركني الطاولة صحن من العدس والقصة يتداولها الشباب الجزائري، في شكل نكتة والتي تحكي قصة شخص ملتح كان يجلس على طاولة بأحد المطاعم يتناول ما لذ من اللحم المشوي بينما جلس أمامه على نفس الطاولة شخص طلب صحن من الفاصوليا وبدأ في الأكل بدون أن يبسمل فقال له ذلك الرجل الملتحي : بسمل يا أخي فقال له صاحب صحن الفاصوليا ولماذا يا أخ : قال له الملتحي حتى لا يأكل معك الشيطان فرد عليه صاحب صحن الفاصوليا ساخرا: وكيف يترك كل ذلك اللحم المشوي الذي أمامك ويأكل معي الفاصوليا هل تعتقد بان الشيطان أخبل؟ ابتسمت وبسملت كما فعل صاحب صحن العدس وكدت انفجر ضحكا على الشيطان الذي لم تتسع له طاولتنا، وبينما أنا سابح في خيالي ممسك بجناح الدجاجة بين يدي شد سماعي جنيريك نشرة الأخبار لقناة الجزيرة الفضائية، ما جعلني أحول نظري وسمعي لها والتي كان من عناوينها الرئيسية، خبر التسجيل الصوتي لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وعلى شاكلة ذلك الهجوم الذي كاد أن يشب بين أمعائي الغليظة والدقيقة هاجم زعيم تنظيم القاعدة في تسجيله الذي اعتقدنا في البداية انه سيخص به الإدارة الأمريكية أو الكيان الصهيوني وجرائمه أو حكومة المالكي في أسوء الأحوال التي عاثت في البلاد فسادا، لكن حدث العكس وهاجم الزعيم واقصد به الشيخ أسامة هاجم شيخ شريف شيخ احمد الرئيس الجديد للصومال والرجل سليل تنظيم اتحاد المحاكم الإسلامية والذي يفترض أن يكون اقرب إلى أسامة قرب الأمعاء الدقيقة للغليظة وان اختلفا، وسيكون له دور في الصومال قد لا يقل عن دور الأمعاء الدقيقة وما تفرزه من فيتامين للدورة الدموية وبالتالي الجسد، والمثير في التسجيل وهذه ليست ملاحظتي بل ملاحظة حتى والدتي المسنة من خلال النقاش الذي دار بيني وبينها لاحقا في الموضوع وما التمسته منها، فقد تعجبت للشيخ الشبح على حد تعبيرها واهتمامه البالغ بالصومال اليوم فقط الذي ظل يئن لعدة عقود من الزمن بين المطرقة الإثيوبية وسندان الخلافات الداخلية، واليوم تحرر الصومال جزئيا من إثيوبيا وساد الهدوء النسبي عموم البلاد وقد اقر شيخ شريف مرسوم ينص على تطبيق الشريعة وهو الموقف أو الخطوة التي استحسنتها والدتي المسنة، وقالت أنها تعرف جذور شيخ شريف شيخ احمد وقصته مع المحاكم وكيف وصل إلى الحكم في الصومال، وقد لا يختلف حاله عن حال بعض الحكام ولا تعارضه في ذلك المهم الآن هو الاستقرار والخروج بذلك البلد الذي تعلق اسمه بالمجاعة والفقر والحروب الأهلية، وليتركه أسامة وشأنه وتمنت لو يغير الزعيم وجهة جيوشه المحتملة من بلاد الحبشة إلى أرض كنعان والرافدين لمواجهة الأعداء الحقيقيين، فما أحوجها إلى الرجال لا الأشباح وللكلمة ذات القيمة الذهبية لا تلك التي تساوي قصاصة الورق، باختصار هذا ما تراه والدتي ولعل الكثير من الناس أصحاب العقول الرصينة وضعوا نقطة لهذا الموضوع كنهاية للأحلام الوردية ورسائل الغرام واخذوا مواقفهم وعادوا إلى السطر، غير آبهين لا تحرك مشاعرهم غير الأفعال الصادقة والصائبة ومعهم أضع أنا كذلك هذه النقطة. لأعود وأبقى بين السطور، ولن أتطرق إلى وصف ما خيل لي والزعيم يهاجم شيخ شريف شيخ احمد بخطابه شديد اللهجة لكن وعلى الفضوليين الراغبين في معرفة ما تخيلته، وهي في الحقيقة مقارنة طريفة تجدونها عند ذلك الرجل صاحب وجبة العدس لا يبخل على صاحب التفكير بالإجابة الصحيحة أو المناسبة، و المناسبة بلغوه كل اعتذاراتي لأني يومها لم أكون كريما رغم أني قررت أن اقتدي بحاتم الطائي، فقد يكون خطاب الزعيم أنساني أن هناك إنسان يجلس أمامي على طاولة واحدة من سمات العرب إكرامه والتقاسم معه نصف الدجاجة المشوي وعدم التدخل في آداب أكله أو احتقار شكله، واذكر يومها أني لم اشعر بما أكلت رغم أني شكرت الله على نعمته و لا اعرف السبب؟ وكل ما أنا متأكد منه أني بسملت وغاب الشيطان عن طاولة الطعام، ويبقى الاعتقاد السائد ربما لأني لم أجود على صاحب صحن العدس أو لانشغالي بخطاب الشيخ وفي كلا الحالتين كان الشيخ هو السبب و في كل الأحوال شيخ شريف شيخ احمد مسلم يردد البسملة والشهادتين وربما عيبه الوحيد انه لم يخبر الزعيم أن كل جرعة من الماء تجعل مكانا للطعام في البطن على غرار قصة جحا وابنه وأتمنى أن يكون هذا هو الاحتمال الصحيح لقصة الزعيم وشيخ شريف شيخ احمد ويخطأ خيالي كما أخطأت أنا على طاولة الطعام التي غاب عليها الشيطان لكن الإنسان أيضا فتان .؟؟