استغربت فعلا لحال الدنيا وأحوالها، وبدا لي غريبا جدا ما يحدث منذ فترة عبر العالم، فمنذ أن اشتدت معالم الأزمة المالية العالمية ومنذ أن بدأت مخاوف إفلاس وإقفال أكبر مؤسسات العالم لأبوابها، صار معها القلق والرعب يتسربان أكثر فأكثر إلى قلوب قادة العالم، وتحول الحديث مختصرا عبر وسائل الإعلام العربي والغربي، المكتوب والسمعي البصري وحتى الالكتروني، يتلخص فقط في ''هل سنتأثر بالأزمة، أم لا...؟''... وبات مع هذا الوضع صالحا جدا للاستعمال مقولة مفادها: ''الأغنياء يصنعون الأزمات والفقراء يدفعون ثمنها''، خصوصا وأننا نتابع ساعة بساعة، كيف يحاول العالم منذ فترة حل أزمة صنعها الفساد أولا وأخيرا...، كيف أن الفقراء في أزمة دائمة، فثلثا سكان العالم يعيشون على خط الفقر ولم يتحرك أحد لمساعدتهم... بل لم يشهد العالم اجتماعات الكبار من أجلهم. بينما نرى الآن كل هذا السخاء في تقديم العون للمساكين الذين انهارت أجزاء من ''ممالكهم'' وتضررت بعض ديكورات ''قصورهم''، والجميع يهب هبة واحدة لنجدة الغني إذا ''عطس'' ويستنفر كل قواه إذا أصابه الداء، وها هو يستعد للتبرع بأعضائه لأن الأغنياء بدءوا يشعرون بازدياد حدة المرض، بينما لا ينتظر أحد أن يتحرك أحد ما لنجدة الفقراء حتى وهم يغرقون في مستنقعاتهم !!.. اجتماعات من هنا وهناك، وصخب إعلامي على أشده، ملتقيات، ندوات، تحاليل اقتصادية لا متناهية، .. و.. و... حتى أن رئيس العالم أوباما قالها منذ فترة: ''إن الأزمة المالية العالمية لن يتم تجاوزها عبر مقررات اجتماع واحد أو اجتماعين''، مشيرا في ذلك إلى أن قادة مجموعة العشرين الذين التقوا منذ أيام سيعقدون اجتماعا آخر في خريف العام الحالي، بل حتى وزراء المال العرب قرروا مؤخرا فقط إنشاء مجلس لتنسيق السياسات المالية العربية في مواجهة تداعيات أزمة المال العالمية ونتائجها، في ضوء مبررات واعتبارات اقتصادية تعزز ضرورة إنشاء إطار مؤسسي يجمع الوزراء لمناقشة التطورات الاقتصادية والمالية وآثارها على الدول العربية، فضلاً عن تنسيق المواقف، والسياسات الاقتصادية والمالية وتبادل التجارب والخبرات. الأدهى أن كل هذه الاجتماعات تتم تحت عنوان الدفاع عن حال ''البسطاء'' الذين فقدوا وظائفهم، بينما الحقيقة غير ذلك تماما...، فأين هي تلك الضمانات الاجتماعية والمظلات الحامية التي طالما تغنت بها الدول العظمى أمام عمالها ومواطنيها.. المهم أن ثلة من الدول المقهورة في مثل هذا العالم تبقى على حالها وهي ترافع عن جميع المقهورين، كما نادت الجزائر قبل عشرات السنين لإعادة النظر في النظام العالمي، ولا تزال .. والأيام تصدق ذلك الآن كما صدقتها من قبل.