"مدنية الخوف" تحت هذا العنوان استعرضت إحدى الحصص الإخبارية الشهيرة بقناة تلفزيونية فرنسية وقائع حملة التهويل التي رافقت سحابة بركان أيسلندي، عطلت قرابة 70 ألف رحلة جوية بأوروبا والعالم، لأن شعوب مركز العولمة تكون بدورها قد بدأت ترجع البصر كرتين في سياسة أرباب العولمة. * الذين اتخذوا من تخويف الشعوب بالكوارث الطبيعية حين تحظر، وبصناعتها حين تعز، أدوات لغسل أدمغة الشعوب بمستحضرات ثقافة العقب الحديدي الذي يكون قد بدأ منذ أحداث 11 سبتمبر التأريخ لحقبة دكتاتورية الربويين الأوليغارك التي حذرنا منها داك لندن منذ قرن مضى. * أزمة الطيران العالمية الأخيرة وما رافقها من تهويل لمجتمع الرحالة وشلل لحركة الطيران في ربوع أوروبا وأجزاء من العالم، هي فرصة أخرى تتاح لنا نحن شعوب العالم الثالث، لفهم هذا التهويل والترويع المتواصل للناس، واستشراف ماذا ينتظرنا من كوارث باتت ملازمة لهذه العولمة المفرطة التي ألغت الحدود، وهتكت سيادة الدولة والحكومات على أقطارها، وفتكت بالأنظمة الاقتصادية الوطنية المكتفية ذاتيا، وحل محلها هذا الاقتصاد العالمي المعلوم الشديد الحساسية لأي عطل يصيب أحد مفرداته أو أدواته. * سحابة متواضعة من الغبار المنبعث من بركان متواضع في أيسلندا عطلت بالكامل، ولمدة أسبوع، حركة الطيران العالمي، ليس في أوربا فحسب، وهي منطقة انتشار السحابة، بل في معظم أرجاء العالم المتواصل مع القارة الأوربية، وكلفت قرابة المليارين من الدولارات لشركات الطيران، وكلف لم تحسب بعد للصناعات والخدمات التي تعتمد على الطيران. * مدينة الرعب في قرية معولمة * قد لا يفيدنا كثيرا البحث في معاناة تلك الفئة القليلة من مستعملي الطيران العالمي، من السياح ورجال الأعمال، وقد لا نلتفت كثيرا لتوقف بعض معامل السيارات والحواسيب بسبب تأخر وصول قطع تدخل في صناعاتها، لكننا بالضرورة معنيون بتحليل هذه الأزمة من أكثر من وجهة، من باب استشراف ما قد يلحق بنا مستقبلا من كوارث لسنا مهيئين لمواجهتها، تفاقمها مفردات العولمة المتزايدة في التعقيد. * ففي بحر عقد من الزمن، منذ أحدات 11 سبتمبر، اكتشفنا أن العالم بات فعلا قرية صغيرة، تخضع لعولمة غير مسبوقة في التاريخ لمعظم أوجه الحياة، يتقلص فيها الزمن والمكان بوتيرة هندسية مخيفة، وتتفكك معها حصون الدولة القطرية، وبتنا نتحمل معها تبعات أزماتنا وأزمات الغير. * فقبل أن تستحكم العولمة بتحديد وجهة النشاط الاقتصادي العالمي، والحراك الاجتماعي والسياسي والثقافي، لم نكن نتأثر، لا بالأزمات الاقتصادية والمالية الدورية للمنظومة الرأسمالية الغربية، وهي كثيرة، ولا بالجائحات الوبائية العالمية، أو من أنشاط الجريمة المنظمة وجنوح جماعات بشرية للعنف، أو نكون رهائن لعطب يصيب وسيلة من وسائل النقل الجوية أو البحرية. * * عمى الألوان بعد أيلول الأسود * فمنذ أحدات 11 سبتمبر، التي كان يفترض أن تكون محض حدث محلي، محدود في الزمن والمكان، تتابعت أحداث وأزمات عالمية، لم يكن لنا فيها لا ناقة ولا جمل، وما كان لنا أن نتحمل جزءا من تبعاتها، لولا انخراطنا القسري المتزايد في منظومة العولمة، التي أنشئت في غيابنا ورغم أنفنا. * * فلقد أجبرنا على الدخول في هذه المواجهة الكونية مع ما يسمى بالإرهاب، واضطررنا إلى توجيه جانب من مقدراتنا المالية والبشرية والأمنية للمشاركة في حرب مفتوحة، مطالبون اليوم فيها بخفارة حدود قلب المنظومة العالمية، وتضطر فيها دول فقيرة معدومة، مثل دول الساحل والمغرب العربي، إلى إنشاء قيادة أركان مشتركة لقواتها الأمنية، لمحاربة كيان إجرامي شبحي، لم تكن وظيفته بالأساس تهديد دول المغرب العربي، وضرب مصالحه. * * من إرهاب مستنسخ إلى جائحة الأنابيب * فمن الواضح أن ما يسمى اليوم بالإرهاب قد أصبح أداة من أدوات توسيع وتثبيت هيمنة سياسة العولمة، فهو مثلها بلا وطن، ولا حدود، ولا هوية، وهو فوق ذلك يوفر للقوى الفاعلة والمؤثرة في إدارة العولمة فرصا إضافية لإضعاف الدول القطرية، وجرها، تحت عنوان التعاون الدولي، إلى مزيد من الانخراط في مفردات العولمة، ويحملها على إدخال تغييرات هيكلية في منظوماتها الأمنية، بتحويل الجيوش القومية إلى أجهزة أمنية مؤهلة لقمع حراك الشعوب، بدل حماية الحدود والسيادة. * على صعيد آخر، ليس من الصدفة أن تظل الفيروسات نائمة لقرون من الزمن، وربما لآلاف السنين، لتشهد في هذا العقد الأول من الألفية الثالثة استفاقة غير مسبوقة، وتدخلنا في حالة رعب تغذيها المنظمات الدولية المؤتمنة على الصحة العالمية، ويتاجر بها إعلام عالمي مسخر بالكامل لخدمة أغراض العولمة. فمن وباء السارس إلى جائحة أنفلونزا الطيور والخنازير، تعرضنا في أقل من عشر سنوات لحملة تخويف وترويع، لم تكن فقط تهدف إلى خلق فرص ثراء أوسع لشركات الأدوية العالمية، وإن كان ذلك بعض أهدافها، لكنها كانت تخدم أهدافا ثقافية وسياسية واجتماعية خفية لمنهج العولمة، وهي إخضاع الشعوب لحالة دائمة من الخوف والقلق من أخطار مجهولة، نحتاج معها إلى الحماية التي لا توفرها الدولة أو الحكومة الأهلية، بل هي بيد تنظيمات عالمية أوسع أو يراد لنا أن نعتقد ذلك. * * غسل الأدمغة بدار ثقافة "العقب الحديدي" * فنحن إذن أمام عملية واسعة لغسل الأدمغة بأدوات الخوف من إرهاب عالمي معولم مجهول الهوية، ومن جائحات وبائية تصنع ويسوق لها كما يسوق لأي منتج أو خدمة، حتى نفقد الثقة تماما بقدرات أدوات الحكم المحلية، ونستسلم بالكامل لإدارة "فوق- قومية" تدعي أنها الأقدر والأكفأ. ولأني كنت دائما أعتبر هوليود بمثابة وزارة حقيقية لنشر ثقافة "العقب الحديدي" ، فإن رصد ما يصدر عن هوليود من أفلام حول الكوارث الكونية المفترضة: من زلازل، وطوفان، وسقوط نيازك، وتوقف قلب الأرض عن العمل، وظواهر كارثية، لها علاقة إما بالجائحات الوبائية الطبيعية، أو المصنعة، وكوارث تكون وراءها المجموعات البشرية الجانحة للعنف، أقول إنني كنت أرى دائما في هذا الكم الهائل من الأفلام، محض مستحضرات ثقافية دعائية، تهيئ الشعوب لتقبل قواعد اللعبة الجديدة في عالم معولم مفتوح، لم تعد فيه الحكومات الأهلية قادرة على توفير الأمن والحماية لمواطنيها، حتى تقبل الشعوب بأنواع جديدة من الوصاية، تكون فوق - قومية بالضرورة، وتكون هي التي تحدد الطرق والوسائل، وحجم ما ينبغي للدول أن تنفقه لتوفير الحماية بالوكالة للشعوب. * * تمويل حروب المركز بأموال شعوب الضاحية * فما ينفقه اليوم بلد مثل الجزائر في الحرب على ما يسمى بالإرهاب، يفوق عشر مرات ما ينفقه على تأمين الطرقات من حوادث المرور، التي تقتل سنويا آلاف الأضعاف ما ينسب من قتل لما يسمى بالإرهاب، وما أنفق للتصدي لجائحة أنفلونزا الطيور والخنازير، التي لم تقتل أكثر من ثلاثين نفرا، يفوق بعدة أمثال ما ينفق سنويا على محاربة أمراض وأوبئة تقليدية مثل السل وأشباهه، تقتل سنويا عشرات الآلاف من الأطفال. * وفي نفس السياق، اضطررنا إلى الإنفاق فوق طاقتنا، على تأمين رحلاتنا الجوية ومطاراتنا، أكثر بكثير مما أنفق على تأمين الموانئ ومناطق العبور من تدفق المخدرات، أو لتأمين وارداتنا من السلع المغشوشة، وسوف نضطر إلى توجيه جانب كبير من مقدراتنا للمساهمة في مواجهة ما يسمى بالاحتباس الحراري، الذي لم نشارك في انبعاث غازاته إلا بجزء يسير، بدل تخصيص تلك الموارد لمحاربة تهديدات بيئية حقيقية، مثل التصحر، وشح مياه الشرب، وإتلاف المساحات الزراعية وما إلى ذلك. * تشخيص فاسد لأزمة مالية مغشوشة * إلى عهد قريب كنت أنظر إلى الأزمة المالية العالمية، وما ترتب عنها من أزمة أعمق في الاقتصاد الحقيقي، على أنها كانت ضربة قاصمة للنظام الاقتصادي الربوي العالمي، وبعد مرور سنة ونصف عن بداية الأزمة، تبخرت خلالها بلايين الدولارات من مدخرات الدول والشعوب، لست واثقا من سلامة هذا التشخيص، وأصبحت أرى أن الأزمة، حتى وإن كانت من تداعيات ثلاثة عقود من سياسات رفع الأعباء والقيود والضوابط عن طغمة الأوليغارك من المضاربين والمرابين، تحولت إلى فرصة أخرى لأرباب العولمة لتحقيق أمرين على الأقل: * الأول: تطهير الفقاعة المالية الربوية من المحافظ المالية السامة، ليتحمل عبأها دافعو الضرائب، وأقصت من اللعبة صغار المضاربين، والفروع المصرفية الأضعف، في حين ازدادت المصارف الكبرى قوة، وعادت إلى ممارسة نشاطها بنفس الأساليب والطقوس التي قادت إلى الأزمة. * الثاني: أن الأزمة المالية سمحت للدول الغربية بالتنكر، دون أدنى تردد، لفلسفة الليبرالية الجديدة، بتدخل مكثف للدولة لدعم المصارف، وإنقاذها من الإفلاس في مرحلة أولى، ثم توجيه الدعم الحكومي لمؤسساتها الصناعية، بل والاستنجاد بصندوق النقد الدولي دون شروط، والاستعانة بتقنية عجز الموازنات، والاستدانة بلا حدود، وهو ما كان محرما على حكومتنا من قبل المؤسسات المالية الدولية، وفرض علينا ترك جانب من قطاعنا العام ينهار ويفكك، ويخصخص بالدولار الرمزي، ناهيك عن تعطيل معظم البرامج الاجتماعية في التعليم والصحة، ودعم التشغيل. * * عظة الدول السافلة لشعوب الدول الغافلة * بمقاييس صندوق النقد الدولي، كان يفترض أن تدخل الولاياتالمتحدة ضمن قائمة الدول الفاشلة، على الأقل بالنظر إلى حجم مديونيتها الهائلة التي تساوي اليوم أو تزيد بقليل عن إجمالي الدخل القومي الأمريكي، أي حوالي 14 ألف مليار دولار، وبعجز في الميزانية قد يصل عما قريب إلى ألف مليار دولار سنويا. * ومثلها دخلت كثير من الدول الصناعية: مثل فرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا مرحلة نمت فيها الديون الداخلية والخارجية فوق أي مستوى بلغته من قبل في دول نامية، ويفترض أن يعلن رسميا عن إفلاس دول مثل اليونان وأيسلندا وأيرلندا، لولا أنها تنتمي للجغرافية السياسية الغربية، بينما لا تخلو اليوم تقارير المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وتقارير صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، ودكاكين أخرى خدومة للعولمة، لا تكاد تخلو من توسيع سنوي متنامٍ لقائمة الدول الموصوفة بالدول الفاشلة أو المهددة بالفشل. * وتلكم أسطورة أخرى من أساطير قادة العولمة، تريد أن تضيف إلى مشاعر الخوف والرعب التي تصنعها وتسوقها لنا، مشاعر فقدان الثقة في دولنا وحكوماتنا، على أنها دول محكوم عليها بالفشل عاجلا أم آجلا، ليس لها دواء، وليس لشعوبها من ملاذ غير طلب وصاية خارجية. * * التدمير الشامل بجرثومة الشك في الذات * هذا الخطاب موجه تحديدا للعالم العربي والإسلامي، تدعمه تقارير مزورة وكاذبة، قد عبثت بالأرقام والإحصاءات، حتى كدنا نصدق أننا فعلا في ذيل القوائم، وأننا أكثر شعوب العالم تخلفا، وأكثرها جهلا واستسلاما للأمية، وأكثرها عرضة للأمراض وللأوبئة، وأكثرها قمعا للحريات، وأكثرها تنكيلا بالمرأة، وأقلها استعدادا للتعامل بإيجابية مع مفردات الحداثة، وأن جغرافيتنا هي موطن أصيل للتعصب، ونحن أكثر الشعوب تصديرا له وللعنف، وأن نخبنا لم تفلح، لا مع الاستبداد والحكم الدكتاتوري، ولا مع الديمقراطية وحكم المؤسسة، وقد فشلت مع الاشتراكية والاقتصاد الموجه، كما تفشل مع الرأسمالية واقتصاد السوق، لتتشكل صورة سوداوية، قد انبرى للترويج لها جانب من الإعلام العربي، وبعض المثقفين المارينز، صورة تكاد تقنعنا أننا لسنا فقط محل تهمة لدولنا بالفشل، بل محل اتهام الأمة قاطبة بالفشل والبوار. * وربما نكون هنا أيضا قد أخطأنا في فهم ما كان يراد بمفردة "الشرق الأوسط الكبير" التي أرادت إدارة بوش توليده في عقولنا قبل تجسيده في المنطقة، من مراكش إلى كراتشي، حيث لم يكن مضمونه، لا إحلال الديمقراطية وتفكيك النظم الاستبدادية، ولا محاربة التطرف والعنف، بقدر ما كان الهدف خلق مزيد من الفوضى، وتشكيك شعوب المنطقة في مقدراتها المادية والبشرية، بل وتشكيكها في إمكانية قيام أية فرصة لتحقيق بناء الذات اعتمادا على مقدراتها وبقيادة مجنبها من أبنائها. * ولكم أن تتابعوا ذلك الجهد المتواصل لحمل دولة مثل باكستان على الوقوف على حافة الفشل، مع حكم العسكر كما مع الحكم المدني، والضغط المتواصل على دول هشة مثل السودان واليمن، والشروع في تركيب ماكينة الابتزاز لمصر، عبر الحراك المشبوه لدول منبع النيل، والترتيب لانتكاسة ملف الصداع العربي الصهيوني إلى ما قبل قيام أوسلو، ومعه هذا العبث الفرنسي الأمريكي بملف النزاع في الصحراء الغربية، ليقفا به مجددا على خيار المواجهة العسكرية، لأن المنطقة الممتدة من مراكش إلى كراشي، هي في اعتقادي محل معالجة خاصة، في سياق إزالة المعوقات أمام عولمة شرسة بلا حدود، نشترك فيها مع بقية شعوب العالم في ما تخضع له من تخويف وترهيب بشتى أنواع ومصادر الخوف، الذي يصرفها حتما عن مساءلة هذه الطغمة من الأوليغارك المفترسة للأموال والأعراض والأنفس، والمستبيحة لما بقي من القيم البشرية. * * بداية التأريخ لدكتاتورية الأوليغاك * ما يعنيني من إعادة استعراض بعض أوجه عبث أساطين العولمة بعقولنا، على خلفية الأزمة الأخيرة التي تعرض لها الطيران الدولي، هو تجديد الدعوة إلى نخبنا التي نرضى عنها، كما التي نسخط قصورها وانسياقها خلف أساطير القيمين على العولمة، تجديد الدعوة لهم من أجل إخضاع ما يفد علينا من أحداث وخطب، وتقديرات، وتوجيهات، ونصائح من مركز العولمة، إخضاعها باستمرار إلى المراجعة والتدقيق والتشكيك المشروع، ثم استشراف ما تخفيه لنا من مطبات ومزالق، ولعل أبرزها: * أولا: إشغال دولنا وحكوماتنا في إدارة فتن ونزاعات محلية أو مع دول الجوار، وصرفها عن التكفل بالحد الأدنى من حاجات شعوبها، بما يضعها محل ريبة وتشكيك أمام شعوبها، والوقوف بها على حافة أوضاع تصنف عندها في خانة الدول الفاشلة، ليفتح حينها المجال أمام تمرير صيغ متعددة ومبتكرة للوصاية. * ثانيا: صرف أنظارنا، ومعنا شعوب المركز الغربي، عن إدراك حقيقة هذا العبث بمشاعر الناس البدائية، وعلى رأسها مشاعر الخوف، على أنها قد أصبحت اليوم من أفضل أدوات إدارة الشعوب، وتمرير سياسات وبرامج العولمة، التي ينبغي أن ننظر إليها اليوم على أنها هي المرحلة العليا للرأسمالية الربوية المتوحشة، كما كان ينظر للشيوعية بوصفها المرحلة العليا للاشتراكية، وهو ما قدم له فوكو ياما في أطروحة "نهاية التاريخ" وما سبقه إليها الأديب الأمريكي الاشتراكي جاك لندن في رواية "العقب الحديدي" بأدق توصيف لألفية "دكتاتورية الأوليغارك" وليلها المظلم الذي تنبأ له منذ بداية القرن العشرين، ونتابع اليوم يومياته المرعبة. * * المؤامرة التاريخية المستمرة * رؤية العالم بهذه الخلفية لا ينبغي أن تدفع بنا إلى اليأس، لأن اليأس لا يأتي إلا مع الجهل: جهل العدو، والافتقار للحيلة والوسيلة. ويكفينا كمقدمة لعودة الوعي أن نرى في كل ما يصدر عن القوى المديرة للعولمة محض مؤامرة، ولا نلتفت لمن يتهمنا بهوس "ذهنية المؤامرة" لأن التاريخ البشري لم يكن، عند من يجيد قراءته، سوى حلقات مترابطة من المؤامرات التي تديرها العلية لاستعباد السواد المخدوع على الدوام.