ثارت ثائرة العديد من وكلاء بيع السيارات الذين حاولوا إقامة الدنيا فقط لأن الحكومة اشترطت شهادة '' المطابقة والجودة '' للسماح لأي سيارة جديدة بالسير في المدن الجزائرية. وذهبت التعاليق إلى أبعد من مجرد ردود الفعل ، إلى حد اتهام الحكومة بعرقلة الاستثمار والمستثمرين عن طريق خلق إجراءات بيروقراطية بحسبهم ليس إلا . لكن هل الجزائر وحدها التي تفرض هذا النوع من الإجراءات للتأكد من سلامة السلع التي تدخل إلى الجزائر ؟ أم أن الجزائر لم تبتدع أي شيء جديد وسبقتها في ذلك كافة دول العالم التي تشترط كما هائلا لا مجال لمقارنته بما طالبت به الحكومة '' بارونات الاستيراد '' ؟ . ما قامت به الحكومة في هذا الميدان لا يتعدى كونها أرادت تطبيق الحديث الشريف '' لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين '' لا أكثر ولا أقل ، بعدما اكتشفت مصالح الجمارك حالات الغش والتلاعب لدى المستوردين الذين يحاولون استيراد '' سلع خردة '' من الخارج وتسويقها على أنها جديدة . ألم تكتشف الجزائر عدم مطابقة طائرات ''الميغ'' الروسية للمقاييس العالمية بعدما سجلت بها عيوبا تقنية، واحتوائها على قطع غيار قديمة قبل أن تقرر الجزائر إلغاء الصفقة وإعادة الطائرات إلى بلدها الأصلي الذي اعترف فيما بعد بالحقيقة . فإذا كانت روسيا غشت حتى في الطائرات الحربية التي لها تابعات كثيرة في حال إصابتها بأي خلل أثناء التحليق ، فكيف لا يمكن لصانعي السيارات في أوربا وآسيا وأمريكا ، بحكم المنافسة الشديدة للاستحواذ على الأسواق وتحقيق الأرباح ، أن يقوموا بنفس '' التذراح '' على السيارات المسوقة في الجزائر . كنت أتمنى أن يقوم وكلاء توزيع السيارات بالضغط على الدول المصنعة وليس على الجزائر، من أجل تخفيض الأسعار والرفع من أنظمة الأمن على السيارات المعتمدة دوليا ، وليس إصدار ردود فعل أقل ما يقال عنها أنها تدعو '' الغشاشين '' إلى الاستمرار في تزييفهم للماركات المسوقة بالجزائر . كما ندعو الحكومة إلى سد آذانها والاستمرار في مواصلة تنفيذ تعليماتها وشروطها في الحصول على شهادة الجودة حتى لا يبقى ينظر إلينا على أنها بلد تسويق '' الخردة '' . من حق أصحاب وكالات بيع السيارات الدفاع عن أرباحهم ومصالحهم الخاصة، لكن لا يجب أن تتعداها بالبكاء على مصالح دول لم تساهم ولو بسنتمتر واحد في سبيل تركيب سياراتها، أو على الأقل جزء منها في الجزائر، وتكتفي منذ عشرات السنين بممارسة التجارة وليس الاستثمار ، وهو ما نقول له كفى '' باصطا '' .