انطلقت الجولة التفقدية لوزيرة الثقافة خليدة تومي إلى حي القصبة العتيق من مديرية الثقافة الكائن مقرها بباب الجديد بأعالي الجزائر العاصمة المقابل لمصالح الدرك الوطني، حيث أصرت الوزيرة على ان تكون مرفوقة بالصحفيين بغية اطلاعهم على مجريات سير التدابير الاستعجالية الخاصة بترميم حي القصبة الذي أولاه قطاعها حيزا كبيرا من الاهتمام ضمن كل مخططات الوزارة . وزارة الثقافة لم تطرد السكان من بيوتهم ولم ترغمهم على المغادرة عنوة انطلاق الجولة نحو عمق حي قصبة الجزائر العتيقة كانت الانطلاقة من شارع الانتصار أولفيكتوار، رضا مصباح حاليا، الرابط بين حي باب الجديد وحي دبيح الشريف باتجاه أعرق أحياء القصبة، أري بورت نوف، بئر جباح، سيدي محمد الشريف، وأحياء أخرى، حيث قدمت الوزيرة للصحفيين شروحا وافية حول المراحل الأساسية التي يسير ضمنها مخطط الترميم الذي تخضع له أحياء القصبة بهدف الحفاظ على ملامحها الاصيلة وإعادة بعث وجهها المشرق من جديد . ووعيا منها بأهمية التوضيح الكافي لأبعاد المشروع، فقد ركزت الوزيرة على ان تكون مرفوقة بوفد من القائمين على هذا المشروع وهم: عبد الوهاب زكار مدير التخطيط ومسؤول عن المشروع الاستعجالي لترميم القصبة، مراد بوتفليقة مدير التراث وترميمه بالوزارة المعنية، مهندسون تقنيون منهم سامية شرقي وعبد الرحيم محنداد نعيمة، إضافة إلى أعضاء من مكتب الدراسات البلوني المكلف بترميم قصر الداي حسين والسيدة ساطور مديرة الثقافة لولاية الجزائر وعمي الزبير الذي أفادنا بمعلومات قيمة حول هذا الصرح الشامخ. الدولة الجزائرية تحرص على إعادة بعث القصبة ووضع حدا لاغتيال الذاكرة أفادت مسؤولة القطاع أن زيارتها لمواقع العمل تدخل في إطار كشف النقاب وتكذيب الإشاعات حول ما روج عن عملية ترميم القصبة. ودعت في السياق ذاته إلى عدم الخلط بين مصطلح الترميم والتدابير الاستعجالية التي شرعت هيئتها في تنفيذها منذ جانفي ,2007 وقالت تومي إن قصبة العاصمة تحتاج إلى عملية دقيقة حتى يتم علاجها من الأمراض التي ألحقت بها جراء سياسة التعسف واللامبالاة التي تعرض له ملف تهيئتها من قبل الإدارة السابقة، مركزة على ضرورة إيقاف الاستنزاف قبل أي شيء. هذا وقد أبدت الوزيرة استياءها من السكان الدخلاء على القصبة الذين عاثوا فيها وأفسدوا رونقها وخربوا هندستها المعمارية الأصلية. وعليه فقد أعطى النظام الحالي وعلى رأسه القاضي الأول في البلاد عبد العزيز بوتفليقة الذي اشتكت له القصبة لإنصافها على أعدائها الذين يعملون على فنائها، فوعدها بأن الدولة الجزائرية ستعمل على إعادة انبعاثها من رمادها وان تضع حدا لاغتيال الذاكرة، وعليه فقد أطلقت صفارة الانطلاق لأهم مكاتب الدراسات الجزائرية والأجنبية التي أوكلت لها مهمة معاينة هذا الحي الأثري الذي يصارع عوامل الضياع. 2400 مليار دينار استنزفت من الخزينة العمومية والنتيجة صفر في تدخل له، كشف زكار عبد الوهاب مدير التخطيط والمسؤول عن المشروع الاستعجالي للحفاظ على القصبة، أن الحكومات السابقة ومنذ الاستقلال وإلى غاية العام 1998 قد خصصت 2400 مليار دينار لإعادة ترميم وتجهيز قصبة العاصمة الجزائرية، موضحا ان هذه الميزانية الكبيرة كانت قد استنزفت من الخزينة العمومية دون أي نتيجة تذكر، حيث بقي هذا الصرح التاريخي يستصرخ لكن دون أي استجابة .كما انتقد ذات المتحدث مسؤولي مكاتب الدراسات الذين أسندت لهم الإدارة السابقة مهمة دراسة مباني القصبة، حيث كانت دراساتهم غير دقيقة. 19 مكتبا دراسيا على مستوى القصبة لمعاينة 1816 مسكن آيل للسقوط ضمانا للسير الحسن لمشروع الترميم تم تنصيب 19 مكتبا دراسيا موزعا على مساحة إجمالية قدرها 105 هكتار، ويضمكل مكتب في مقاطعته من 20 إلى 30 مسكنا. ويوجد من بين تلك المساكن من 15 إلى 20 مسكنا مهددا بالسقوط موقع عليه بعلامة حمراء من قبل المصالح التقنية ويحتاج إلى تدخل سريع لإيقاف زحف الجدران، حيت تم شدها بإحكام إلى بعضها البعض حتى تتماسك فيما بينها ويشد عضدها بواسطة قضبان حديدية مخصصة للعملية، ويتم تضميد جرح القصبة عن طريق مواد تقليدية بسيطة من الآجر ومادة الجير ومواد أخرى. كما بلغ سير العملية، حسب ما صرح به زكار 394 تدخل استعجالي، منها إسعاف أكثر من 178 مسكن من جملة 1816 مسكن آيل للسقوط، فيما تجري حاليا 370 عملية تدخل أخرى لإنقاذ ما تبقى من بقايا القصبة العتيقة. عصابات دخيلة على القصبة تعتدي على مصالح المعاينة إضافة إلى تعرض فرق الإنقاذ إلى اعتداءات من قبل السكان الدخلاء على هذا الحي العتيق الذين تحولوا إلى عصابات تحارب كل من تسول له نفسه من المصالح المعنية الدخول إلى بيوت القصبة ومعاينتها، وصل بهم إلى حد تهديدهم بالأسلحة البيضاء، هذا ما أكدته كل من المهندسة شرقي سامية وعبد الرحيم محنداد نعيمة. إضافة إلى ذلك يقول مراد بوتفليقة مدير التراث وترميمه أن حي القصبة قطاع آهل بالسكان وهذا عائق في حد ذاته، حيث امتنعت بعض العائلات التي تقطن هذا الحي العتيق من مغادرة بيوتها. مضيفا ان اعوان المعاينة قاموا بدراسة معمقة وضعت تحت المكروسكوب وتم تجنيد حوالي اربعين عاملا مختصا لاستكمال المشروع رغم العوائق والعثرات. والدليل على ذلك، يقول بوتفليقة، أنهم تمكنوا من وقف تدحرج بعض الجدران وتم وضع صفائح حديدية فوق أسقو المنازل المهجورة لمنع تسرب مياه الأمطار داخل المباني. كما تم شد باقي الجدران التي هوى سقفها وإعادة بنائها من جديد مثل ما حدث لما يسمى ب '' صباة الذهب'' التي أعيد بناؤها من جديد . وزارة الثقافة لا تطرد السكان من بيوتها ولا ترغمهم على المغادرة عنوة وحول الإجراءات القانونية التي اتخذتها الوزارة بشأن هؤلاء السكان الذين امتنعوا عن مغادرة سكناتهم المهددة بالانهيار، أكدت تومي أن هيئتها لا تطرد السكان من بيوتهم ولا ترغم أحدا على مغادرة منازله عنوة، بل تناشد هؤلاء السكان بانتهاج سياسة التعقل وتبني مبدأ الحكم الراشد. الفراغ التشريعي زاد من تأزم الوضع إن تعنت سكان القصبة وعدم امتثالهم لأوامر وزارة الثقافة، مرجعه عدم وجود قاعدة قانونية تعمل على ردع تلك التجاوزات التي أعاقت السير الحسن للتدابير الاستعجالية لإنقاذ ذلك القطاع المحفوظ، وما يمكن استخلاصه من كل ما سبق الفراغ التشريعي وسكوت المشرع الجزائري زاد من تأزم الوضع. اليونسكو منحتنا خبراء ورصدت لنا ميزانية للترميم جزائري مائة بالمائة أكدت السيدة ساطور المكلفة بعملية ترميم القصبة أن منظمة اليونسكو منحت الوزارة خبراء أجانب، أما عملية الترميم فستكون جزائرية مائة بالمائة، حيث لم تكلف التدابير الاستعجالية الخزينة العمومية سوى 386 مليار دينار في انتظار 100 مليون دينار أخرى لإتمام العملية والدخول في عملية الترميم مباشرة والتي تحتاج إلى مبالغ معتبرة لتشطيبها. وتتكون اللجنة، تقول ساطور، من أعضاء يمثلون البلدية والولاية ومصالح المياه والكهرباء وأطراف أخرى. وحسب ساطور فإن الوزارة بصدد بدأ عملية الترميم كل من فيلا محيي الدين وجنان المختار وأخرى في المدنية وأخرى في سيدي محمد وإعلان القصبة كقطاع محفوظ. ترميم القصبة فائدة اجتماعية واقتصادية لسكان الحي فتح مشروع التدابير الاستعجالية لانقاذ القصبة من الضياع، مناصب شغل عديدة لشباب الحي الذين كانوا يعانون من شبح البطالة، حيث تم استخدام، حسب تومي، حوالي 2000 عامل منها مؤسسات تقنية يديرها شباب، وبالتالي يكون هذا المشروع ذا فائدة اجتماعية واقتصادية للبلاد.