في إطار سلسلة البرامج الخاصة التي ينظمها متحف الباردو لإحياء شهر التراث، قدمت أول أمس، بالمتحف ذاته، الدكتورة والباحثة طيان شريفة محاضرة حول ''صناعة الأواني النحاسية في العهد العثماني''، استعرضت خلالها مجموعة من الأواني المنزلية القديمة ذات أشكال ووظائف متعددة كانت تشتهر بها مدينة الجزائر القديمة وبعض مناطق الوطن مثل قسنطينة ومدينة تلمسان، والتي يعود تاريخ صناعتها إلى القرنين ال17 وال18 والتي جسدت خصوصية الفنان الجزائري الذي أبدعت أنامله تحفا فنية متميزة ذات زخرفة متناسقة بمقاسات حسابية دقيقة. وفي هذا الصدد أكدت شريفة أن الجزائر كانت مدرسة حقيقة لصناعة النحاس. ومن بين تلك الموروثات نجد ما يسمى ب '' السني'' وهو عبارة عن صحن دائري الشكل يوضع فوق مائدة نقش عليه زخارف متنوعة منها شجرة السرو التي ترمز للخلود وكذا فاكهة الرومان التي تمثل ثمار الجنة التي ترمز هي الأخرى إلى الخلود، أي أن صفة الرزمية تتماشى في الزخرفة. كما طغت عليها شكل النجمة السداسية وهناك من يقول، حسب ما أكدته شريفة، إن الأواني التي عليها هذه النجمة تنسب إلى اليهود الذين كانوا في الجزائر آنذاك قائلة: ''من شكل النجمتين يمكن لنا معرفة أصحابها فإذا أضيفت إلى النجمة السداسية زخارف من النباتات وأشياء أخرى فهي جزائرية مائة بالمائة، أما إذا وجنداها خالية من أي زخرف آخر فهي من صنع حرفي يهودي''. كما استعرضت الباحثة شكلا آخر من الأواني ذات طابع عثماني بلمسات جزائرية وهو ''تبسي عشاوات'' يتكون من صحن وغطاء يعلوه زر ماسك، حيث نجد نفس الزخرفة تميز كلا من الصحن والغطاء، وهو نوعان الأول خاص بالطبقة الحاكمة أو الولائم الكبيرة والثاني صغير يستعمل في الأيام العادية، إضافة إلى ما يعرف ب ''القلة'' على شكل جرة بها مقبضان تعلق بأحد أركان البيت ولها العديد من الوظائف، هناك من يستعملها لحفظ مادة ''السمن'' أو لحفظ ''البارود''. ''كوب نحاسي'' وهو إناء نحاسي يستعمل للحلاقة، بالإضافة إلى مجموعة أوانٍ أخرى ذات طراز عثماني كالمضيئة وقدر يستعمل لطهي وأباريق متعددة الأشكال والوظائف منها إبريق لحفظ القهوة والشاي مزينة بأشكال هندسية جد رائعة. وكانت العائلة الجزائرية تقوم بعملية طلي الأواني النحاسية كل سنة أو ستة أشهر حتى يعود إليها جمالها وبريقها المعهود، لأنها تتأثر بالعوامل الطبيعية كالرطوبة مثلا وكل هذه الأواني تبرز ثراء ثقافيا عريقا، مازالت محفوظة في واجهات زجاجية في المتاحف الوطنية. وتحمل كل قطعة نحاسية، حسب ما أوضحته المحاضرة توقيع الحرفي الذي صممها أو اسم صاحبها.