لم تعد الجزائر منطقة عبور للمخدرات فحسب، بل واستهلاك أيضا بعد أن عرفت السموم البيضاء اتجارا واسعا من طرف شبكات التهريب في العشرية الأخيرة، خلف آلاف المدمنين من كل الأعمار ولم يستثن النساء ولا حتى الأطفال .إلى درجة أن الإدمان في الجزائر صار يمثل خطرا حقيقيا على الصحة العمومية، رغم المجهودات الجبارة التي تبذلها الجزائر في مجال مكافحة المخدرات وتوفير الإمكانيات الوقائية والإجراءات الردعية لمحاصرة الظاهرة . أكد مدير التعاون الدولي بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات و إدمانها قاسيمي عيسى أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة أن ''83ر59 بالمائة ممن تورطوا في قضايا المخدرات بالجزائر ''يقل سنهم عن 35 سنة''. وأشار قاسيمي في مداخلة خلال افتتاح أشغال يومين دراسيين حول تطبيق القانون04-18 المؤرخ في 25 ديسمبر 2004 والمتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، و قمع الاستعمال و الاتجار غير المشروعين، أن ''25.000 مدمن دخلوا مراكز العلاج في العشرية الأخيرة''. وأضاف أن ''84 بالمائة من المدمنين لهم مستوى دون المتوسط و أن 53 بالمائة ليست لهم أسرة متماسكة''. وأبرز قاسيمي أن الوضع الحالي لظاهرة المخدرات في الجزائر أصبح خلال السنوات الأخيرة يشكل ''خطرا حقيقيا'' و يشهد ''تطورا سريعا''، مشيرا إلى أن الجزائر تعد ''فضاء واسعا مستهدفا من قبل شبكات التهريب لأسباب كثيرة لا سيما لكونها ''بلد عبور''، مضيفا أنها أصبحت منذ بضع سنوات ''بلدا مستهلكا'' للمخدرات، خاصة القنب الهندي و المؤثرات العقلية. وبعد أن ذكر أن المغرب يعد أكبر بلد منتج للقنب الهندي في العالم بنسبة 60 بالمائة'' أكد أن ''الإنتاج المغربي للقنب يمر عبر الجزائر باتجاه أوروبا و الشرق الأوسط مرورا بتونس و ليبيا أو عبر الموانئ الجزائرية الرئيسية''. وفي هذا السياق أشار الى أن ''5 ملايين شخص مصابون بالسيدا بسبب المخدرات'' وأن ''مردود تجارة المخدرات في العالم يقدر ب 800 مليار دولار''. ومن جهته أوضح المدير العام للديوان السيد عبد المالك سايح أن ''الترويج للمخدرات من طرف شبكات التهريب مرورا بالجزائر أصبح يشكل خطرا تسبب في ارتفاع الاستهلاك على المستوى المحلي''. و في هذا الصدد أكد السايح على ''المجهودات الجبارة'' التي تبذلها الجزائر في مجال المكافحة من حيث توفير الإمكانيات الوقائية من آفة المخدرات و الوسائل الطبية لعلاج المدمنين و كذا الإجراءات القانونية و الردعية لمحاربتها . أما ممثلة مجموعة ''بومبيدو'' التابعة للمجلس الأوروبي السيدة فلورونس مابيلو و نسلي فقد أشارت الى برامج التعاون بين هيئتها و الجزائر و ذلك --كما قالت-- عن طريق الشبكة المتوسطية للتعاون في مجال مكافحة المخدرات ''ميدنات'' التي تم إطلاقها سنة 2006 لترقية التعاون والتبادل و تحويل المعارف بين دول شمال إفريقيا و الدول الأوروبية.