يحتفل أطفال العالم غدا بيومهم العالمي في أجواء تختلف من مكان لآخر، فعلى عكس أولئك الذين وجدوا في هذا اليوم منفذا للترويح عن النفس والابتعاد عن مقاعد الدراسة، لا ترغب فئة أخرى في مغادرة المستشفيات التي جعلت منها مدارس لها ولا الأطباء الذين يعدون معلميهم في هذه الحياة للتعايش مع المرض، فهم أطفال يطالبون بحقهم في الحياة قبل التفكير في التمتع بطفولتهم، ما لمسناه ونحن نقترب منهم لمعرفة رأيهم في مثل هذا اليوم. أطفال مستشفى بن عكنون من بين ملايين الأطفال المتواجدين عبر مستشفيات الوطن الذين عهدوا تمضية الأعياد الدينية على مستوى المستشفى، وحتى عيدهم العالمي لا يختلف كثيرا عن بقية الأعياد فهو، كما قالت إحدى الأمهات، ''ولات بلا بنة بالنسبة لنا نحن الأهل، فكيف لطفل صغير عمره سنتان قضاها كاملة فوق السرير أن يعرف معنى الطفولة وأن يحتفل''. ''أريد فقط أن أشفى'' أجاب معظم الأطفال الذين زارتهم ''الحوار'' في مستشفى بن عكنون وطرحت عليهم سؤالا كان بقية الأطفال سيجيبون عنه بطريقة مختلفة، فالسؤال الروتيني والكلاسيكي، ما رأيك في عيد الطفولة وكيف تحتفل به؟ كانت إجابته ستكون لدى الأطفال العاديين منوعة وملونة بكل ألوان البراءة، تجعل من البالغين يتمنون لو لم تمر السنون يوما ولو ظل الزمن متوقفا عند أيام الصبا، لكن هيهات، وكما يقول المثل ''ما يحس بالجمرة غير اللي كواتو''. كانت أجوبة كل من ياسمين، إيمان، عيسى، محمد، براهيم، داود، سيرين، نور، ميمي، وكثيرين، مثل السكين التي توجه إلى القلب، وكأنهم اتفقوا مسبقا على الرد ''أريد فقط أن أشفى، وأن أغادر المستشفى، أريد السير واللعب رفقة إخوتي وأصدقائي''، كلامهم حمل معان وأبعادا تنم عن أنهم تجاوزوا مرحلة الطفولة ويقدرون احتياجاتهم حسب الأولويات، فكما يقال ''كل محنة تزيد في الرأس''، فما بالك بمحنتهم الدائمة، فهم أطفال قلما ارتسمت على شفاههم الابتسامة التي حاولنا رسمها بعناء كبير، فكما أخبرتنا والدة عيسى ذي الست سنوات الألم أقوى واستطاع أن يسرق البراءة من وجه طفلي''. نور وياسمين كانتا منهمكتين في اللعب بالدمى التي كانتا تحاولان جعلها تسير وكأنهما تحاولان مساعدتها على السير الذي تعجزان عنه، اقتربنا منهما وسألنا نور التي تفوق نور بطلة المسلسل التركي جمالا، ماذا تفعلين، فردت، أنا أعلم دميتي المشي، سألناها كيف ستحتفلين بعيد الطفولة يوم الاثنين، فقالت ''أخبرونا أن المهرج سيزورنا وان حفلا كبيرا سيقام هنا على مستوى المستشفى يحضره مغنٍ ومجموعة من الضيوف لذا قمنا بإعداد رسومات وأنشطة يدوية سنعرضها بالمناسبة، وسكتت برهة ثم أضافت، لا أريد كل هذا ما أريده فعلا هو أن أشفى''. أملهم أن تلقى نداءاتهم استجابة ارتأت ''الحوار'' بمناسبة اليوم العالمي للطفولة تسليط الضوء على الجانب الآخر من حياة هذه الشريحة أو على الفئة الأخرى أو النوع الثاني من الأطفال الذين بقيت حياتهم مرهونة بموافقة وختم وتوقيع بسيط من طرف السلطات المعنية، تسمح من خلاله لهم بالاستفادة من منحة للتكفل بهم والعلاج خارج الوطن، هم مجموعة كبيرة من الأطفال الذين حملت صفحات ''الحوار'' نداءاتهم إلى كل من وزيري الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والتضامن الوطني والأسرة، لمساعدتهم على أن يحيوا حياة طبيعية بعيدة عن الألم. فلم تلق الغالبية الكبرى منهم التفاتة المعنيين، من خلال ما رصدناه بمعاودة الاتصال بهم للتأكد، وكم كان أسفنا شديدا، حيث أكد أولياء هؤلاء الأطفال جميعا على نفس المطلب ونفس الأمل وهو أن تلقى نداءاتهم استجابة من قبل السلطات المعنية حتى يسترجع أبناؤهم الابتسامة.