افتتحت أمس بعنابة أشغال الملتقى الوطني الأول حول التعليم في الجزائر أثناء الحقبة الاستعمارية (1830-1962) بإشراف وزير المجاهدين محمد الشريف عباس. وثمن وزير المجاهدين في كلمته الافتتاحية هذه المبادرة التي اعتبرها ''محطة هامة لاستحضار الذاكرة وسرد التاريخ قصد استخلاص العبر والنظر إلى المستقبل بأهداف تحمي الثوابت الوطنية وتؤصلها وتبني جزائر متحضرة مواكبة لمتطلبات عصرها''. واعتبر محمد الشريف عباس هذا اللقاء فرصة لتسليط الضوء على الجوانب الخفية المرتبطة بقضية التعليم إبان هذه الفترة والتي شكلت -حسبه- إحدى الموروثات الصعبة للجزائر المستقلة خاصة على مستوى إعادة بناء المنظومة القيمية واللغوية. وأضاف الوزير أن موضوع التعليم كان جزءا محوريا ضمن الإستراتيجية الاستعمارية التي كانت ترمى إلى القضاء على الشخصية الوطنية والمراجع الثابتة للسكان المحليين، مذكرا بأن الانتشار الواسع للكتاتيب القرآنية التي أنشئت آنذاك عبر القرى والمداشر والمدن والمساجد كان أقوى تصدي للحركة الوطنية، وفي مقدمتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين للسياسة الاستعمارية التي استهدفت طمس الشخصية الوطنية. من جهته تطرق الدكتور أبو القاسم سعد الله من جامعة الجزائر إلى ''واقع التعليم في الجزائر قبل الاحتلال'' موضحا أن الحكم العثماني في الجزائر لم يكن يعطي عناية أو أهمية للتعليم، مضيفا بأن الأتراك تعاملوا مع موضوع التعليم كشأن خاص ولم يكن تدخلهم إلا بدافع ديني أو خيري. وفى محاضرة ثانية حول ''التعليم الأهلي للجزائريين خلال فترة''( 1830 1945) تناول بدوره الدكتور جمل قنان من جامعة الجزائر إستراتيجية التعليم الموجه للأهالي التي كانت ترتكز كما أشار إليه على دوافع استعمارية. وتطرق المحاضر كذلك إلى المدارس العربية الفرنسية وإنشاء المدارس الحرة ذات الخفايا الاستعمارية. وتتضمن أشغال هذا الملتقى الوطني الذي شارك فيه مؤرخون وباحثون وممثلون عن الزوايا والمدارس القرآنية، بالإضافة إلى مجاهدين وطلبة والذي يدوم يومين ب 10 محاضرات ستتناول بعضها المحاور المتعلقة ب ''التعليم الفرنسي في الجزائر بعد الحرب العالمية الثانية''و ''أهداف الإدارة الاستعمارية من تدريس اللغة العربية للفرنسيين'' و'' تجربة يوميات مدرسة حرة''.