هناك العديد من الآراء ووجهات النظر حول: ما هو الطب الإسلامي ؟ أهو علم طبي خاضع تمام الخضوع لمراد الله، أم هو فن العلاج الذي ينتهجه المسلمون في أفضل صورة عندما يكون المسلمون في أفضل أحوالهم؟ أم أنه الطب الأكثر حداثة، المهتدي بالتعاليم الإلهية والمتطابق تمام التطابق معها؟ وأي تلك التعريفات المختصرة سيكون صائبًا؟ إننا نحتاج لوضع بعض المعايير بهدف الوصول إلى فهم مشترك. وطبقًا لما أفهم من روح التعاليم الإسلامية الواردة في القرآن والسنة اقترحت في عام 1981 هذه الخصائص الست الأساسية للطب الإسلامي: 1 ضرورة الخضوع للتعاليم والآداب الإسلامية. 2 ضرورة أن يكون منطقيًّا في الممارسة. 3 ضرورة أن يكون شاملاً في اهتماماته؛ بحيث يعطي اهتمامات متساوية لكل من الجسد والعقل والروح، وللفرد كما للمجتمع. 4 ضرورة أن يكون عالميَّا في تناوله، آخذًا في الاعتبار كافة الموارد، وموجهًا فائدته للجميع. 5 ضرورة أن يكون علميًّا في منهجيته، مؤسسًا استنتاجاته المنطقية على الملاحظات الصحيحة، والإحصائيات الدقيقة والتجريب الأمين. 6 ضرورة أن يكون ممتازًا ومتميزًا، محققًا ما عجزت عن تحقيقه فنون العلاج الأخرى. منذ خمسة عشر عامًا كانت لدي فرضية نظرية تقول: إن الخصيصة السادسة من تلك الخصائص الست سوف تأخذ مكانها إلى حيز الوجود تلقائيًا إذا تم الالتزام بالخصائص الخمس الأولى، والآن بعد تسعة أعوام من محاولات الالتزام بتلك الخصائص فإن الفرضية تبدو الآن حقيقة. كانت تلك الأفكار التي طرحتها في المؤتمر الدولي الأول للطب الإسلامي الذي عُقد بالكويت في يناير 1981 أفكارًا منطقية على الرغم من أنها كانت أفكارًا نظرية وغير مثبتة، لكننا قمنا بوضع برنامج لعلاج ما يُسمى بالأمراض غير القابلة للعلاج بدأنا في تطبيقه منذ عام 1986 في كل من بنما سيتي في فلوريدا ودبي بالإمارات العربية. وقد شملت قائمة الأمراض التي تعاملنا معها من خلال ذلك البرنامج أمراضًا كانت تُعد غير قابلة للعلاج مثل: بعض حالات السرطان المتأخرة ، وكل الأمراض الانحلالية المزمنة في كل من العظام والمفاصل، وأمراض القلب والجهاز الدوري، وأمراض الجهاز العصبي المركزي، وأمراض الكبد كالتهاب الكبد الوبائي المزمن النشط والتشمع الكبدي المبكر، وأمراض الجهاز التنفسي مثل: المرض الرئوي الانسدادي المزمن، والأمراض المناعية الذاتية مثل الروماتويد والذئبة الحمراء والتصلب الجلدي اوغيرها، إضافة إلى الربو الشعبي وأمراض الحساسية، وأخيرًا مجموعة مثيرة من الأطفال الذي يعانون من التخلف العقلي وعدد آخر من الاختلالات الوراثية . كان هؤلاء المرضى جميعًا يجمع بينهم شيء مشترك: أنهم قد فشلوا في الاستجابة للعلاج الطبي الحديث، إضافة إلى أن البعض كان بلا علاج من الأساس، هذا البرنامج الذي أتحدث عنه هو برنامج العلاج المناعي متعدد الأساليب ويتضمن العديد من الأساليب العلاجية البديلة، والتي تشمل برنامجًا غذائيًا والعديد من الإضافات الغذائية مثل: الأعشاب الطبية والفيتامينات، والمعادن والإنزيمات التي تؤخذ عن طريق الفم أو الحقن في الوريد، مع علاج لارتفاع الحرارة، مع الحقن بالأوزون ومركب Hydrogen Peroxide مع العلاج بالمركبات الخطافية وعلاج دموي بالأشعة فوق البنفسجية، والوخز بالإبر الصينية والعلاج الطبيعي والتمارين، وفوق ذلك كله علاج تأهيلي شامل للمشاعر، مع تقديم استشارات حول كيفية التخلص من العواطف السلبية، والتدريب على التغذية الحيوية المرتجعة والتخيل التصويري الموجه وأساليب تبصيرية أخرى Visualization Techinques، كما يتلقى مرضى السرطان علاجًا باستخدام Tumounrs antigen وكذلك بعض المنتجات الطبيعية ذات التأثير الاختياري المضاد للخلايا السرطانية، ويتضمن البرنامج إحداث تغيير جذري في طريقة المريض في الأكل والتفكير والعيش، ويتطلب -كذلك- التخلص من كل الرواسب الضارة التي ربما نتجت من التعرض الطويل للملوثات البيئية.. وباختصار العيش بطريقة أكثر تلاؤمًا مع التعاليم الدينية، وأكثر ارتباطًا بالحياة الصحية. وعلى الرغم من أن البرنامج لا زال في مراحل التطوير، ولا زال بعيدًا عن الوصول (للمال) فإن هناك بعض النتائج التي تبدو مستحيلة -طبقًا للمعايير الطبية الحديثة- لهؤلاء المرضى الذين لم يكن متوقعًا أن تتحسن حالتهم نهائيًا، وفجأة يبدءون في التحسن الجزئي أو الكلي، وتصل معدلات التحسن المبكرة إلى 80 في الأمراض الحميدة، و25-30 في الأمراض الخبيثة التي كان يُظن -حتى هذه اللحظة- أنها مميتة، نحن لا نستطيع الآن التحدث عن معدلات شفاء أو علاج حتى تتم متابعة المرضى لمدى خمسة أو عشرة أعوام على الأقل. وبين نقطة البداية بمرض مزمن كان يُظن أنه غير قابل للعلاج، وبين نقطة النهاية بتحقق الشفاء الذي كان يُظن أنه مستحيل هناك طريق طويل من الاكتشافات، طريق مليء بمعانٍ جديدة لحقائق قديمة، وطرق مثيرة وجديدة لفهم الصحة والحياة: إنه شيء أشبه بالسير في طريق مفروش بالورود، ترى فيه بعينيك براعم الورود تتفتح من حولك وأنت تسير. فقد توصلنا لفهم جديدة لأجزاء مشهورة من الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية، فهم جديد للاستجابات المرضية الفسيولوجية المختلفة وآليات العلاج، فهم للروابط بين الأمراض المزمنة والاختلالات المناعية؛ فكل المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة سواء حميدة أم خبيثة الذين رأيناهم سواء في بنما سيتي أم في دبي، والذين تم تقييم حالتهم المناعية وجد أن لديهم درجة ما من النقص والاختلال المناعي، والتي تختلف في تفاصيلها من مريض لآخر، ولكن يبدو أن هناك شكلاً معينًا للاختلالات المناعية أكثر تواجدًا مع أمراض معينة أو مجموعات معينة من الأمراض. وتم فهم العلاقة بين الأمراض المزمنة والمشاعر السلبية البادية؛ حيث إن كل المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة سواء أكانت حميدة أم مزمنة لديهم كميات زائدة من المشاعر السلبية الظاهرة، وذلك من قبل أن يتم تشخيص أو من قبل أن تظهر عليهم أمراضهم المزمنة، وحينما تظهر عليهم الأمراض المزمنة تزيد مشاعرهم السلبية الظاهرة. فهم جديد لبعض الآيات القرآنية: نحن نعرف الآن من دراساتنا المبكرة أن الاستماع إلى القرآن له تأثير مباشر في تقليل التوتر، وتأثير غير مباشر -وربما مباشر- في حفز الجهاز المناعي؛ مما يساهم -بالتحديد- في عملية الشفاء، وكان التأثير القرآني قد تحقق بالاستماع لكلمات القرآن حتى بدون فهم معانيها- ويزيد التأثر إذا أضيف للاستماع فهم المعنى. وقد بيّنت دراساتنا التالية أن مفاهيم قرآنية معينة ذات تأثير شديد في مساعدة المرضى في التخلص من المشاعر السلبية الظاهرة، وكذلك في التعامل مع التأثر المناعي السلبي الموجودة بصفة دائمة في الأمراض المزمنة، هذا التأثير الشفائي للقرآن ظاهر بجلاء في تأثيره المحفز للجهاز المناعي ويستخدم بصورة روتينية كجزء من البرنامج مع كل مرضانا، يستوي في ذلك المسلمون وغير المسلمين. كذلك الحديث عن العسل وأن فيه شفاء للناس.. فقد بينت دراساتنا -ودراسات غيرنا أيضا- أن العسل له تأثير محفز للجهاز المناعي، بالإضافة للتأثيرات الشفائية الأخرى. كذلك الحديث عن الحبة السوداء وأن بها شفاء لكل داء إلا الموت، هذه العبارة فيها نقطتان من الغموض ربما لم يُفسرا مبدئيًا: الأولى التأثير الشفائي لكل داء هل تساعد في كل أنواع الأمراض التي لها طبيعة مختلفة وأسباب مختلفة؟، الثانية معنى استثناء الموت؛ إذ إن أي شخص ميت بالفعل لا حاجة به إلى الحبة السوداء، أم أن ذلك يعني شيئًا آخر؟، اللغز الأول تم تفسيره حينما أكدت دراساتنا في عامي 1986 و1987 التأثير المحفز للجهاز المناعي الذي تحدثه الحبة السوداء ومن ثم يمكن أن تساهم في شفاء كل الأمراض: في شفاء حالة جراحية وبتقليل مشكلات ما بعد العمليات، وقد تم حل اللغز الثاني في النهاية -بعد أعوام من الملاحظة- حيث إنه طالما كان هناك جزء باق من الوظيفة أو الحياة في النسيج أو العضو المصاب فهناك فرصة في التحسن أو الشفاء الجزئيين أو الكليين، وفي المقابل إذا كان النسيج أو العضو قد مات نهائيًا مع فقدان كامل لوظيفته فليس هناك ثمة فرصة متاحة في التخطيط أو محاولات علاجية. ملامح أساسية للتأثير العلاجي للعديد من الأساليب المشار إليها في التعاليم الإسلامية الممارسات الإسلامية المختلفة مثل: الصيام والصلاة والعادات والاتجاهات العاطفية وبعض العناصر الخاصة التي ذكر أن لها تأثيرًا شفائيًّا مثل: القرآن والعسل والحبة السوداء وأشياء أخرى -كلها جميعًا يجمع بينها شيء مشترك هو أن ذلك التأثير يتعامل مع آليات المرض المستترة مثل القنص أو الاختلال المناعي أكثر من تعامله مع الأمراض السطحية، ومن ثم فإن التأثير الشفائي حقيقي وليس مجرد مسكن للأمراض، الملمح الثاني: أن التأثير العلاجي استعادي Restorative في طبيعته بغض النظر عن اتجاه الخلل، وهو ما يعني على سبيل المثال: أنه إذا كان عدد خلايا معين أقل من الطبيعة فإن العلاج يؤدي إلى زيادة عدد الخلايا المتأثرة، وإذا كان عدد نفس الخلايا زائدًا عن الطبيعي فإن العلاج سينتج عنه نقص في عدد الخلايا المتأثرة، إلى جانب ذلك فإن التغير الإصلاحي -أيًّا كان لأعلى أم لأسفل- سوف يعود فقط إلى المستوى الطبيعي أو قريب من الطبيعي، وليس وراء ذلك، وهذه عادة خصيصة مشتركة للأعشاب الطبيعية وسائر الأساليب العلاجية الطبيعية بخلاف المركبات الكمياوية المخلقة التي يكون تأثيرها -دائما- في اتجاه واحد ومتزايدًا مع زيادة الجرعة إلى ما وراء المستوى الطبيعي المرغوب. كما اتضح -أكثر خلال التعامل مع الأمراض المزمنة المقاومة للعلاج- أن المكون المادي الطبيعي في الشخص لا يمكن فصله عن مكوناته العاطفية أو الروحية، إن علاج مثل تلك الحالات المتحدية لن يكون مؤثرًا تأثيرًا كاملاً إذا لم تتم عملية الاستعادةعلى المستوى الفيزيقي المادي الطبيعي والعاطفي والروحي، والفشل في تصحيح أي اختلال في هذه المستويات الثلاثة ربما يقلل كثيرًا من فاعلية العلاج.