الجزائر اليوم معنية أكثر من أي وقت مضى بظاهرة التصحر التي طالت قرابة 20 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، 12 مليون منها مهددة بالانجراف رغم إقدام السلطات العمومية على تشجير 400 ألف هكتار من الأراضي السهبية منذ سنة ,2000 ضمن مشروع يقضي بتشجير 3 مليون هكتار حسبما صرح به عبد المالك طيطاح مدير البيئة والغابات عشية الاحتفال باليوم العالمي للتصحر. ذكر عبد المالك طيطاح الذي نزل ضيفا على القناة الإذاعية الثالثة بالمناسبة بأن مصالح المديرية العامة للغابات قد أنجزت 34 بحثا ودراسة حديثة حول وضعية الغابات في الجزائر، وهذا سيساهم حتما في محاربة ظاهرة التصحر التي تهدد اليوم 20 مليون هكتار من الأراضي الزراعية بالجزائر وفي صيانة الأراضي التي تم تشجيرها والمقدرة ب 400 ألف هكتار على ضوء معطيات واضحة ودقيقة تسهل عملية التشجير التي شرع فيها منذ بداية الألفية الثانية في إطار الحزام الأخضر. ولم يخف طيطاح أن لظاهرة التصحر التي اجتاحت الأراضي الجزائرية والإفريقية والعربية دور كبير في تفشي الفقر والمجاعة، وهو الأمر الذي أكده رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أثناء فعاليات اليوم العالمي للبيئة الموافق ل 5 جوان الجاري، حيث قال بأن إفريقيا هي أول المتضررين من الاضطرابات المناخية، مضيفا في رسالة وجهها بالمناسبة أن''الاضطرابات المناخية تداهم المعمورة بأسرها والقارة الإفريقية على وجه الخصوص من حيث أنها أول المتضررين منها''، مشيرا إلى أن إفريقيا هي ''أضعف القارات في مواجهة الاضطرابات المناخية''، كونها -كما أوضح- ''تئن تحت وطأة ما ينجر عنها من تبعات، وتحت وطأة الفقر وتفشي الأمراض والجفاف والفيضانات والتصحر، وتدهور الأنظمة البيئية والنزوح المكثف للاجئين''. وفي هذا الصدد يرى رئيس الجمهورية أنه يتعين على الدول الإفريقية ''المسارعة إلى التحرك للانضمام إلى الحوار العالمي، والمشاركة في المفاوضات الجارية تحضيرا لندوة الأطراف التي ستنعقد بمدينة كوبنهاغن في ديسمبر ,2009 والتي يتوقع منها أن تفضي إلى تحقيق التوافق حول المناخ لفترة ما بعد كيوتو.''2012 وللإشارة فإن الجزائر تخصص سنويا مبلغا ماليا يقدر ب 800 مليون دولار، للحد من اتساع رقعة التصحر، لاسيما في الأراضي شبه القاحلة. وحسب مديرية الغابات فقد تم استرجاع ما يقارب 3 ملايين هكتار، من ضمن 7 ملايين هكتار كانت مهددة بظاهرة التصحر منذ سنة .1996 وتبذل الجزائر حاليا جهودا كبيرة لاسترجاع أربعة ملايين هكتار من الأراضي المتبقية المهددة بالتصحر، وهو ما يعني أن الجزائر تعد البلد الوحيد في العالم الذي يخصص هذا المبلغ لمكافحة التصحر، كما تقوم الجزائر سنويا بحملات التشجير الواسعة، حيث يتم سنويا تشجير ما يقارب 60 ألف هكتار، وستتم عملية توسيع حملات معالجة الأراضي القاحلة عن طريق التشجير. وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد دعا في مؤتمر دولي حول مكافحة التصحر عقد في الجزائر على ضرورة تطبيق قرارات قمة الأرض، وأعلن أنه أصبح مستعجلا أكثر من أي وقت مضى لتنفيذ برامج العمل الملحقة بالمعاهدات الثلاث للأمم المتحدة، والمنبثقة عن قمة الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام ,1992 وتوصي هذه القرارات بتكثيف مكافحة التصحر وديمومة التنمية والحفاظ على الموارد غير المتجددة. وذكر الرئيس بأن التصحر ''يطال ثلث مساحة الكرة الأرضية أي أكثر من مساحة الصين وكندا والبرازيل مجتمعة''، ويشكل ''خطرا على سلم وأمن البشرية''، ودعا إلى ''تظافر الجهود'' من أجل ''تنمية الحقوق الإنسانية من أجل بيئة سالمة وحياة كريمة وتنمية منسجمة وحقيقة ودائمة وشاملة من أجل ازدهار كافة أطفال شعوب العالم''. وتخصص وزارة الفلاحة سنوياً 15 مليار دينار لمكافحة التصحر، وتمكنت من استرجاع أكثر من 3 ملايين هكتار من الأراضي، من مجموع 7 ملايين هكتار، غزاها التصحر، إذ أن خمس أراضي الجزائر متصحرة. وتعاني من التصحر بصفة خاصة الولايات الجنوبية، التي تتعرض لما يسميه الفلاحون بالريح الغربي، وهي الرياح التي تأتي من الجنوب محملة بالأطنان من الأتربة، وقد ساهم عدم قيام عدد كبير من الفلاحين باستصلاح قطعهم الأرضية، في تحولها إلى مواقع تتسلل منها كثبان الرمال. وكشفت دراسة خاصة عن تراجع المساحة الزراعية المقدرة ب8 ملايين هكتار بالجزائر، بسبب ظاهرة التصحر، أي ما نسبته 3 بالمائة من المساحة الإجمالية. وقد تراجعت نسبة المساحة الزراعية من 0.75 هكتار للفرد الواحد بعد الاستقلال إلى 0.30 هكتار للفرد عام 1990م، وتقلصت إلى أقل من 0.25 هكتار حاليا. هذا الوضع، أدى إلى الإسراع منذ 2002م إلى اعتماد إستراتيجية ترتكز على محاولة استرجاع مساحات صالحة للزراعة عن طريق الاستصلاح تحت إشراف الشركة العامة للامتياز الفلاحي. وفي الأخير تم هذه السنة اختيار ولاية الأغواط لاحتضان الاحتفال الرسمي بهذا الحدث، الذي يتم إحياؤه تحت شعار ''حماية الأرض والماء يعني حماية مستقبل الجميع'' الذي اختير من قبل الأممالمتحدة.