الظاهر أن ظاهرة عاشور عبد الرحمن قد احتلت صدارة الظواهر الغريبة، وجعلتها الأكثر تداولا بدون منازع في أعماق الشارع الجزائري، حتى ذاع صداها وتعدى الحدود الجغرافية وحدود المعقول أيضا، ما جعل الكثير من الناس المهتمين والمبهورين بهذا الانجاز البحت، البحث عن واقعة مماثلة وقعت على وجه المعمورة، وبدءوا في استحضار ما شابها ذلك في التاريخ الماضي والحاضر، لكن وحتى هذه اللحظة نفى الكثير من المطلعين والمتتبعين لهذه الظواهر الكارثية، أنهم لم يسمعوا قديما ولم يعثروا حديثا في القواميس على أية حالة مشابهة، بل ومنهم من بحث في كتاب غينيس للأرقام القياسية. وأكد انه لم يجد غير عاشور عبد الرحمن في استقباله على رأس القائمة فعاد مبتهجا بما أنجب له بلد كالجزائر، ما جعله يتساءل كما تساءل الكثير والكثير من الناس، عن شرف تلك المخلوقات التي كان مسؤولة عن هذه الحادثة الظاهرة، وعن شرف المهنة وأخلاقياتها لأن سي عاشور عبد الرحمن وبدون أدنى شك دخل من الباب بل والباب الواسع للبنك الجزائري، آمنا ومؤمنا من الظهر والأمام ولم يدخله لا متخفيا بالقناع ولا مقتحما بالسلاح ولا متسللا في الظلام الحالك ، كما يفعل اللصوص أو كما نشاهد في الأفلام البوليسية، وتمنيت من كل قلبي لو فعل ذلك بالطرق التي كان يسطو بها اللص وصاحب الأعمال الخيرية (آل كابون)، لكان ذلك أهون وأريح إلى صدورنا، فلربما نحتاج إلى عاشور يوما في عمل خيري أو ليعطينا خطة تقينا هجوما محتملا من طرف عدو قد يتربص بنا كما فعل (آل كابون) عندما طلبت منه القيادة العسكرية الأمريكية ذلك، يوم كانت تهم اليابان بتوجيه ضربة انتقامية للموانئ الأمريكية، وتم فعلا صد الهجوم عن طريق خطة رسمها لهم آل كابون وهو قابع في سجنه، لكن ما لاحظته أو لفت انتباهي في عاشورنا عبد الرحمن أن له رغبة كبيرة في العلم وليس التعلم، لأنه متشبع بهذا الأخير حد التخمة، واستطاع أن يعلمنا ما لم نكن نعلم من خروق قانونية وثغرات مالية بل وحماقات مهنية ترتكب في هذا الوطن، الذي أحببناه نحن حتى التخمة المفرطة ما حز في أنفسنا أن نقحمها في كل ما يمس بسوء لهذا الوطن وهي النفس التي لا نعزها فداء لهذا الوطن، ولا يسحرنا أو يجذبنا بريق المال عنه الذي كثيرا ما تلاعب واشترى وباع في غفلة ضمائر الكثير فذهب الشرف بدون عودة وهو لا يعود ،كما جاء في ذلك الحوار الذي دار بينه وبين المال والعلم حيث قال المال: إن سألتم عني تجدوني في القصر العظيم (بيت المال) وقال الشرف: إذ سألتم عني فلن تجدوني أبدا وقال: العلم إن سألتم عني تجدوني في الجامعة ومجالس الحكماء، وصدق في ذلك وهاهو سي عاشور عبد الرحمن يبحث عن العلم بعد أن ترشح لامتحان شهادة البكالوريا لعامه الثاني وان لم ينلها لمرتين متتاليتين فهو يحاول ولو للمرة الألف، لكن المؤكد انه سينالها ليس بالمال بل بالشرف الذي لا يعود إن ذهب لكن ينالها على حساب شرف ناس آخرين كما فعل في استحواذه على الملايير من أموال الشعب الجزائري، و لا يستبعد عاقل في زمننا هذا أن يلج عاشور عبد الرحمن الحرم الجامعي ما سيفتح شهيته لمناصب عليا مستقبلا لا قدر الله، وذلك هو ما شد انتباهي ويخيفني في هذه القضية العاهرة عفوا الظاهرة، التي أطاحت بشرف بالبعض بعد أن تحرشت بها أخلاقيا لفترة طويلة من الزمن بل وستظل في ظل غياب الوازع الأخلاقي وأخلاقيات المهنة .