يناشد سكان ''واد الحميز'' التابع إقليميا إلى الدائرة الإدارية للدار البيضاء بالجزائر العاصمة، السلطات المحلية، وعلى رأسهم والي الولاية، ترحيلهم إلى سكنات لائقة، بعدما صارت حياتهم داخل البيوت القصديرية بلا معنى، إذ تنعدم بداخل هذه الأكواخ الفوضوية أدنى ضروريات الحياة الكريمة، الأمر الذي جعلهم يتجرعون مرارة العيش تحت وطأة الحرمان والتهميش المفروضين عليهم من طرف السلطات المحلية. ما تزال أكثر من 500 عائلة تقطن ب''وادي الحميز'' تعاني من الحياة المزرية التي تعيشها في ظل غياب مشاريع تنموية من شأنها فك العزلة المفروضة عليهم في صمت منذ أكثر من 15 سنة، نتيجة الإقامة وسط سكنات من القصدير تنعدم فيها أدنى ضروريات الحياة الكريمة، ويناشد سكان ''وادي الحميز'' السلطات المحلية تسوية وضعيتهم العالقة بإعادة إسكانهم في أحياء سكنية لائقة. وما زاد من حدة عزلة العائلات ال500 هو الموقع الجغرافي الذي تقطن فيه، سواء تعلق الأمر بالبيوت القصديرية، أو موقع سكناهم المحاذي لواد كله قاذورات وأوساخ، وقد أبدى سكان ''وادي الحميز'' استياءهم الكبير من المعاناة اليومية التي يعيشونها وسط ذلك الحي القصديري الذي يعرف فوضى عارمة، مؤكدين أن الوضعية الاجتماعية المزرية وضعف مداخليهم الشهرية، وافتقارهم لسكنات لائقة، تعد من بين الأسباب الرئيسية التي دفعتهم إلى اللجوء إلى هذا المكان لتشييد سكنات فوضوية والاستقرار فيها، مستنكرين في نفس الوقت وبشدة سياسة التهميش والإقصاء المفروضة عليهم من طرف السلطات المحلية التي لم تتدخل لتسوية وضعيتهم السكنية، ولقد اكتشفنا بدورنا من خلال الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى المنطقة الحياة الصعبة والمزرية التي يكابدها السكان بسبب الوضعية الكارثية التي آلت إليها سكناتهم القصديرية، بعدما اهترأت وصارت غير قابلة للسكن. السكان يشتكون ..''وادي الحميز خطر حقيقي على أطفالنا'' ومن خلال تصريحات بعض السكان ل ''الحوار''، فلقد تبين أن الجميع يعيشون حالة من الخوف والقلق الشديدين، كونهم معرضين جميعهم إلى مختلف الأخطار والأمراض الصحية بسبب موقع سكناهم المحاذي لواد كله نفايات وأوساخ، مترتبة عن رميهم المفرط لفضلاتهم اليومية بذلك الواد بسبب افتقارهم لمكان خاص برمي النفايات. وقد أفادت ذات العائلات بأن ''وادي الحميز'' صار سببا رئيسيا في موت أطفالهم فمنذ عامين، تم تسجيل حالة وفاة طفل في عمر الثلاث سنوات، إثر سقوطه داخل الوادي، ولم يخف سكان المنطقة تعرضهم لمختلف الأمراض الخطيرة كالحساسية والربو، خصوصا وأن المنطقة تعرف انتشارا كبيرا للحشرات الضارة، فمن الفئران إلى الثعابين التي تزحف إلى داخل البيوت، إلى مختلف أنواع القوارض والحشرات. ولقد أكد بعض الذين تحدثنا إليهم أنهم قد ألقوا في العديد من المرات القبض على ثعابين من الحجم الكبير داخل بيوتهم، فيما تبقى حشرة الناموس العدو اللدود للسكان بسبب انتشاره الكثيف بالمنطقة خاصة في الليل، فضلا عن انتشار كل أنواع الجراثيم الناتجة عن تعكر مياه ''وادي الحميز''، أما عن الروائح الكريهة المنبعثة منه فحدث ولا حرج. ولقد أكد لنا السكان أن وضعيتهم تزداد تأزما خاصة مع تساقط الأمطار التي تتسبب في ارتفاع منسوب مياه الوادي ما يؤدي إلى فيضانه وهو ما يهدد السكان لاسيما وأن السكنات تقع بمحاذاة الوادي، هذا الأخير الذي غالبا ما يشهد ارتفاعا في منسوب مياهه كل فصل شتاء، مما يجبر السكان على ترك منازلهم والفرار بعيدا، في انتظار عودة المياه إلى مستواها الطبيعي وهدوء الوادي. قرصنة الكهرباء الحل الوحيد للبقاء وبعيدا عن هذا، يشكو سكان ''وادي الحميز'' من انعدام ناقل للكهرباء، الأمر الذي حرمهم من التيار الكهربائي، واضطرهم إلى جذب أسلاك الكهرباء من ناقل بعيد عن المنطقة على الرغم من أن شدة الإنارة ضعيفة جدا، تلك الحالة المأساوية حرمت العائلات القاطنة بالمنطقة، نعمة الحصول على الماء البارد في عز فصل الحر الشديد، ولم يخف السكان تخوفهم الشديد على أطفالهم المعرضين لخطر التكهرب بهته الأسلاك، كونها قريبة جدا من الطريق، فضلا عن الطريقة العشوائية المخيفة التي ربط بها السكان منازلهم بالكهرباء في شكل خيوط عنكبوتية قد تؤدي إلى مالا يحمد عقباه في حالة نشوب نيران. وعن مشكل الطريق .. حدث ولا حرج غير أن مشكل الطريق هاجس آخر يؤرق السكان، مؤكدين لنا أنه سرعان ما يتحول إلى برك مائية وأوحال بمجرد سقوط الأمطار، بالإضافة إلى غياب وسائل النقل على الطريق المؤدي إلى ''واد الحميز''، إذ يضطر السكان إلى قطع مسافة تقارب ال 3 كيلومترات مشيا على الأقدام للوصول إلى المكان اللازم لاقتناء قوت يومهم. صهريج ماء الشرب من 300 إلى 400 دج الحديث عن غياب وسائل الحياة يجرنا للحديث عن غياب الماء الشروب بالحي، هذا الأخير الذي يحصل عليه السكان عن طريق شراء صهريج لماء الشرب بسعر 300 إلى 400 دج، وأحيانا أكثر، مؤكدين أنهم يجددون اقتناء هذا الماء كل 10 أيام ، وإلا فإنه يتحول إلى ماء نجس وغير صالح للشرب، فنصف الراتب الشهري المتحصل عليه يخصص حسبهم للماء. أما التكلم عن الحرارة الشديدة في فصل الصيف فهو أمر آخر، كون جل أسقف تلك البيوت القصديرية مصنوعة من صفائح الحديد و''الترنيت''، ومن الصعب جدا على السكان وخاصة الأطفال تحمل الحرارة داخل تلك البيوت الصغيرة، إذ يضطر السكان إلى النوم مختلطين مع بعضهم لضيق البيوت خاصة ذات العائلات كثيرة الأفراد، ومن جهة أخرى تضطر عائلات أخرى لإرسال أولادها إلى المبيت في أماكن أخرى. افتقار الحي للأمن هاجس يخيف السكان الملاحظ أن هذه المنطقة تشهد غيابا تاما لرجال الأمن، ما يتيح الفرصة أمام بعض الشباب الطائش لممارسة مختلف الآفات الاجتماعية التي تهدد شباب اليوم، كانتشار السرقة وتعاطي المخدرات، فضلا عن تلك التجمعات المشبوهة لأعداد من المراهقين الذين لا تزيد أعمارهم عن ال 11 سنة، وهو ما صار يخيف السكان من احتمال تعلم هؤلاء الأطفال الصغار لعادات سيئة قد تلحق الضرر بالمجتمع كله بسبب غياب مرافق الترفيه والملاعب الجوارية لكرة القدم وغيرها. من جهة أخرى عبر سكان ''وادي الحميز'' عن استيائهم الشديد من سياسة المماطلة التي تعتمدها السلطات المحلية تجاههم، خصوصا عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرار الترحيل، وفي هذا الصدد ذكر السكان أنهم رفعوا عدة شكاوى لدى السلطات المحلية سعيا لترحيلهم إلى سكنات لائقة، غير أن جميع الجهود باءت بالفشل. ونتيجة المعاناة اليومية والمزرية التي يواجهها سكان منطقة ''وادي الحميز'' فهم يناشدون السلطات على جميع المستويات وعلى رأسهم والي العاصمة، الإسراع في تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية الرامي إلى القضاء على البيوت القصديرية، وإخراجهم من العزلة القاتلة التي يتخبطون فيها، بترحيلهم إلى سكنات لائقة تحفظ كرامتهم وصحتهم ، كما تزيل عنهم حالة الخوف والقلق التي تنتابهم على مستقبل أولادهم. من جهتنا وعندما حاولنا الاتصال بالجهات المسؤولة عن الوضع، وعلى رأسهم رئيس البلدية والوالي المنتدب للدائرة الإدارية فإننا قوبلنا بالرفض، ولم يقبل أحدهم إطلاعنا على أي جديد يخص الحي المذكور، في حين لمحت لنا مصادر مطلعة أن عملية الترحيل قد تتم في الآجال القريبة.