تزوج العشاق وتحضر الطلاسم وتفك السحر و''المربوط'' لا يمكن الإنكار أن الجزائر تعج بالسحرة والشوافين الذين يصنعون هذا العالم الغريب والمعقد ويتلاعبون بشتى فنون السحر والشعوذة، إذ تشير الإحصائيات إلى وجود 20 ألف مشعوذ ومشعوذة في الجزائر حيث تلجأ إليهم الأغلبية الساحقة من النساء من مراهقات وشابات ومسنات وخاصة العوانس منهن اللواتي يقصدن هؤلاء السحرة من أجل إيجاد فتى أحلامهن، كما أن ظاهرة السحر تعود إلى عهود قديمة ترجع إلى الحقبة الاستعمارية حيث كان الجزائريون يؤمنون ببعض المعتقدات الشعبية إلى أن سيطرت العزامات على أوساط العامة. هذا ما جعل هؤلاء السحرة يستغلون سذاجة ونقص إيمان العامة بما قدره الله تعالى فوجد السحرة ثغرة للسيطرة على نفوس الناس الضعيفة فأصبحت وسيلة للاسترزاق أو الاحتيال على ذوي القلوب الضعيفة فأصبحت لهم تسميات عديدة منها: الشوافة، العرافة، القزانة، الشيخة. ''العالية'' شهرتها فاقت كل الشوافات تجمعت العديد من النساء اللواتي اختلفت أعمارهن في بيت الشوافة ''العالية'' وما أثار إنتباهنا التناقض الموجود بينهن فمنهن فتيات تبدو على هيئتهن الانحراف والالتزام على الأخريات من خلال هندامهن، وما أثار الاشمئزاز تلك العجوز التي تبدو عليها السكينة والوقار، جلست أمام مائدة الشوافة ''العالية'' لتشكو لها زوجة ابنها وطلبت منها أن تفرق بينها وبين زوجها بغية تزويجه بفتاة أخرى، حيث سألتها ''العالية'' عن سبب شكواها لكنتها ردت أنها تريد إبعاد ابنها عنها فيتركها وحيدة بالمنزل. بعدها وفي صمت وزعت الشوافة العالية الكارطة على المائدة وفي نفس الوقت أخذت تسألها عن اسم أم كنتها وعن اسم إبنها وعن تاريخ زفاف ابنها فقدمت العجوز كل التفاصيل التي أرادتها ''العالية'' ثم بعد تمتمة مع نفسها، ذكرت للعجوز أن كنتها تريد أخذ ابنك بمساعدة أمها، حيث جلبت لإبنتها السحر من مشعوذ آخر وقد وضعته في وسادة إبنك حتى تبقى مسيطرة عليه، ثم كتبت بعض الطلاسم بيدها اليسرى وقامت بوخزها بإبر وعلقت عليها إبرا مغمسة بماء السحر، فنصحتها بحرق كل يوم ورقة واحدة وتأتيها بالتهجيجة ثم عندما همت بالانصراف وضعت لها مبلغ 3500دينار. ثم نظرنا على اليمين فإذا بفتاة قد لا تتجاوز 25 عاما تبدو في ملامحها أنها منحرفة وبجانبها أختها التي تصغرها بعامين، والتي تشبهها في الملامح وحتى الملابس أو شبه ملابس لا تكاد تغطي كل جسمها، ثم سألتها عن سبب قدومها إلى الشوافة ''العالية'' فردت بكل ثقة أنها ليست المرة الأولى التي تجيئ فيها إليها، وذكرت سبب مجيئها أن صديقها الحميم الذي ارتكبت معه الفاحشة قرر التخلي عنها بعد سنوات طويلة من استغلاله لها وفي نهاية الامر- على حسب قولها- يريد الزواج من غيرها لذلك قررت المجيء إلى العالية لتكتب لها حرزا ليبقى محبا لها ويتزوج بها، وبينما العالية منشغلة مع امرأة أخرى استغلت الوضع للتنقل إلى فتاة أخرى يبدو على ملامحها الكبر في السن فسألتها عن سبب مجيئها فذكرت أنها تريد الزواج ولكن كل شخص يأتي لخطبتها فيتوجه إلي بيتها ثم لا يرجع مرة أخرى، ولا تدري السبب وهي تشك في شخص من أقاربها وذكرت بالتحديد أن خالتها قد وضعت لها سحرا بالبيت وتريد إبطاله. ثم ذكرت أنها تثق كثيرا بالعالية فلديها قوة غريبة يشهد لها الجميع، فقد استطاعت حل مشاكل الكثيرين والجميع يتهافتون عليها حتى من خارج الوطن، وما شد انتباهي أن الفتاة كانت تحمل في كفها شمعتين فسألتها عن سبب ذلك فأجابت أن الشوافة العالية طلبت منها إحضار الشمعتين لتشعلهما وتردد عبارات الشعوذة وفي حوار سمعناه بين امرأة تبلغ سن الأربعين وبين ''العالية'' حيث سألتها عن سبب مجيئها فذكرت أن أمها تمرض بإستمرار فأصبحت عصبية المزاج، وبعد طرحها العديد من الأسئلة الشخصية كعدد أفراد الأسرة وعدد الكنات وتاريخ زواج أخوها الأكبر والتاريخ الذي زف فيه أخوها الاصغر وغيرها فجأة صرخت في وجهها وقالت إن العروس التي أحضرتموها قد كانت سببا في مشاكلكم بيتكم وخاصة واحدة من أفراد العائلة بيضاء اللون ولها خانة في وسط وجهها وتحمل طقم أسنان بفمها فنطقت مسرعة بأن هذه المواصفات تحملها خالتها، ثم ذكرت أن أحد أفراد أسرتها سيموت عما قريب، وما إن سمعت ذلك حتى قالت إن لها خالة مريضة وهي في المستشفى ستموت. وبعدها سألت فتاة أخرى ربما تقارب الثلاثين من عمرها عن سبب مجيئها فذكرت أن لها صديقا وعلاقتهما جيدة وتريد الزواج به وهو يبادلها الحب لكنها تشك في الزواج بها وفجأة جاء دورها لتروي للشوافة'' العالية'' قصتها فجمعت الكارطة وطلبت من الفتاة أن تلفها على قلبها سبع مرات ثم تنفخ فيه وبعدها قامت بالحركة وزعت العالية الكارطة على المائدة ثم قالت لها الرجل الذي تحبينه لا يريدك زوجة إنما يريد إستغلالك فقط ثم يبعدك عن طريقه فهو زير نساء وفجأة دخلت امرأة على النسوة تبدو عليها مظاهر الثراء بملابس أنيقة ومصيغة بالذهب بأشكاله المختلفة مع ابنتها فذهبت مباشرة إلى العالية وقبلتها بحرارة وكان العناق متبادل فيما بينهما ثم دعتها العالية بالجلوس قليلا ريثما تنتهي من المرأة التي أمامها وبعدها جلست أمامنا مما جعلنا نسألها عن معرفتها للعالية فأجابت أنها صديقتها المقربة وأنها تحبها كثيرا وأنها كانت تجلب لها العديد من الاشخاص خاصة الاثرياء داخل وخارج الوطن، وقد سألناها عن سبب مجيئها اليوم مع ابنتها فذكرت أنها المرة الثانية التي أحضرتها إليها لانها تريد الزواج بشخص تحبه إلى حد الجنون إلا أنه لا يبادلها نفس الحب لذلك طلبت من '' العالية'' لباسا داخليا لذلك الشخص فأحضرناه اليوم بهدف وضع له سحر يقربه من ابنتها. بعد كل هذا خرجنا في صمت عن ذلك الوكر المشؤوم الذي تملأه الاكاذيب والمعاصي والشعوذات والطلاسم مندهشين من سذاجة نساء ابتعدوا عن ديننا الحنيف الذي يأمرنا بالصبر عند الشدائد والايمان بالقضاء والقدر فالتجأوا إلى الخرافة والاوهام والدجل والشعوذة والسبب في كل هذا ضعف الوازع الديني واختلال ميزانهم بين الحقيقة والخرافة فيعلقون مصيرهم بالشوافات فيضعون حياتهم في متاهات الخرافة والكذب مع علمهم بأن هذا الامر شرك بالله سبحانه وتعالى الذي يغفر كل الذنوب إلا الشرك به كما أكدت كل الايات القرأنية والاحاديث النبوية تحريم زيارة الكهان والسحرة والمشعوذين لقوله عليه الصلاة والسلام ''من أتى عرافا وسأله عن شيء لن تقبل صلاته أربعين ليلة'' رواه مسلم وفي الاخير يمكن القول إن الظروف الاجتماعية التي آل إليها المجتمع الجزائري من عنوسة وفقر وأمراض نفسية جعله فريسة سهلة في يد الدجالين والمشعوذين والسحرة فما هم إلا محتالين لصوص يلتهمون أموال الناس بالباطل.