بين هؤلاء وهؤلاء.. جزائريون في "السوبر ماركات" للتنزه لا للتبضع.. وآخرون لتجريب السلالم الكهربائية هل هناك نظام يحكم الأسواق التجارية في الجزائر، سواء كانت مراكز كبرى أو أسواق شعبية؟، أم أن هذه الفضاءات تبقى رهينة الفوضى والعشوائية التي عجزت القوانين عن تنظيمها وتسييرها؟ * * هل هناك تنافس بين الأسواق الشعبية و"سوبار ماركت"؟، من هم زبائن الأولى والثانية؟، لماذا يقصد أثرياء الأولى ويزور غلابى وزوالية الثانية؟، ماهي الشعارات التي ترفعها هذه الأسواق؟، هل في الجزائر نظام سوقي يدير التبادلات والتعاملات التجارية بين التجار والزبائن؟، أم أن "الصوردي" هو المعيار الوحيد في علاقة المدّ والأخذ بينهما؟، هل تضررت المحلات التقليدية من "إختراع" المراكز التجارية، وهل تضررت هذه المراكز "الفخمة" من الأسواق الشعبية؟، من هم ملاّك الفضاءات الكبرى: تجار كبار أم مستثمرين أم رجال مال وأعمال، أم موظفين لا علاقة لهم بالتجارة؟، لماذا تأخر الجزائريون عن الإستفادة من مودة "السوبر ماركت" التي كانوا يشاهدونها حصريا في الأفلام الغربية وبعض المسلسلات العربية؟، من يقف وراء الأسواق الكبرى مثل تاجنانت والحميز والجرف و"الدي 15 " وعين الجل وسيدي عيسى ودبي؟، من المستفيد من عائدات ومستحقات "المكس"؟، هل هي البلدية والجباية المحلية أم منتفعين يحتكرون منابع الأموال العمومية؟، هل المطاردات البوليسية للتجار "الحراڤة" عبر الأسواق الفوضوية والأرصفة، هو أحسن وسيلة لمحاربة الفوضى واللاّقانون؟، وماهي حصيلة "العصا لمن عصا" المطبقة منذ سنوات على التجار الهاربين والمزيفين؟، هل يمكن فعلا تشميع الأسواق الكبرى؟، أليس هذا الإحتمال مهمة مستحيلة طالما عجزت الجهات المعنية عن مأمورية تنظيمها فقط؟، من يتحمّل مسؤولية ذلك، وزارة التجارة، مديريات التجارة، مصالح المراقبة وقمع الغش، مصالح الأمن، البلديات والولايات، أم "التشيبا" والعمولات والهدايا التي أصبحت تنظم هذه الأسواق التي تحلب من خلالها "جماعات الضغط والمصالح" الملايير خارج الرقابة والضرائب؟، من يتحمّل وزر التجاوزات والإنحرافات و"الحڤرة" التي طالت عمليات توزيع محلات الأسواق الجوارية عبر عدد من البلديات؟، ولماذا تتقاعس بلديات أخرى عن القضاء على الأسواق الفوضوية بخلق أسواق قانونية ومنظمة لا يدخلها إلاّ المعتمدين؟، لماذا ترفع الأسواق الشعبية شعار: "ألخر ما يلحقش"، فيما تتعامل المراكز التجارية وفق مبدأ: "ألّي ما شرى يتنزه"؟. * * شعارهم "عاند ولا تحسد" * أغنياء يزاحمون الفقراء بالأسواق الشعبية وزوالية يرتادون المراكز التجارية * لم تعد ثقافة التسوق مرتبطة بالمستوى الاجتماعي للفرد، بقدر ما أضحت مرتبطة بنمط حياة الأفراد التي يختارها هؤلاء في تسيير حياتهم اليومية، لذلك فإننا لا نستغرب إذا رأينا أشخاصا رغم ثرائهم الفاحش يعيشون حياة البسطاء، ويزاحمون الفقراء في الأسواق الشعبية، في حين يصر من هم يعانون من أجل أن يمكنهم الراتب الشهري من تغطية حاجاتهم الأساسية، ومع ذلك فهم يسعون للتظاهر بالثراء ويصرون على أن يقتنوا مسلزماتهم من المساحات الكبرى والمحلات الفاخرة. * فالمتجول بالأسواق الشعبية مثل باش جراح وبومعطي وساحة الشهداء، وكذا لعقيبة ببلكور بالعاصمة، يتبين له لأول وهلة بأن كل من يتزاحمون على ما تعرضه تلك الأسواق من سلع "تايوان" أغلبه قادم من الصين وتركيا ودول أخرى كثيرة، هم من المحتاجين أو ذوي الدخل المحدود، لكن المتمعن فيهم جيدا يدرك بأن كثيرا منهم لديه الإمكانات المالية الكافية التي تتيح لهم فرصة اقتناء كل ما يحتاجونه من أرقى المحلات، وشراء أغلى الماركات سواء من الألبسة أو المستلزمات المنزلية، وكذا أدوات الزينة بالنسبة للنساء، وينتمي هؤلاء الأشخاص إلى الفئة التي استطاعت أن تحسن وضعها الاجتماعي دون أن تتمكن من تغيير نمط عيشها، أو حتى إدخال تعديلات عليه، لذلك فهي تعمد إلى عدم إظهار ما أنعم الله عليها من نعمة وسعة في الرزق، خوفا من أن تمسها أعين الحاسدين والطامعين، وهو ما يفسر تظاهرها ببساطة العيش، وتفاديها الإسراف في صرف ثرواتها، خوفا من زوال الأموال التي جمعتها بشق الأنفس. * وغالبا ما تنتمي هذه الفئة إلى الأثرياء الجدد، الذين يواجهون في البداية صعوبات كبيرة في التأقلم مع وضعهم الاجتماعي الجديد، خصوصا وأنه من الصعب بمكان أن يجد الشخص نفسه ما بين ليلة وضحاها يملك أموالا طائلة لا يعرف كي يصرفها، ولا يعرف يعيش الأثرياء ومن أين يقتنون حاجياتهم. * ومن ضمن هؤلاء عينات كثيرة، من بينهم رجال أعمال اقتحموا مجال الاستثمار، كانوا ينتمون إلى الطبقة المتوسطة ويسكنون الأحياء الشعبية ويقصدون أسواقها ومحلاتها المتواضعة، رغم ما جمعوه من أموال طائلة، إلا أنهم مازالوا محتفظين بنفس طريقتهم في العيش، دون أن يظهر عليهم أي تغيير، باستثناء تغيير موديلات سياراتهم واقتناء مساكن أوسع وأكبر من تلك التي كانوا يملكونها، وغير ذلك فهم يحيون حياة البسطاء. * وفي اتجاه مغاير، أضحت المحلات الفاخرة والمساحات الكبرى التي تعرض الماركات الفاخرة تعج بالزبائن، من مختلف الطبقات الاجتماعية، بمن فيهم أصحاب الدخل المتوسط الذي لا يكاد يكفي لتلبية المستلزمات الضرورية، ومع ذلك فهم يتطلعون إلى ما هو دون إمكاناتهم المادية، هروبا من واقعهم وحفاظا على العلاقات التي نسجوها مع أناس من طبقة الأثرياء، حتى يظهروا في نفس مستواهم، حتى وإن دفع بهم غرورهم إلى الاستدانة ورهن الراتب، طالما أن ذلك يشبع حاجة بداخلهم ويقيهم الشعور بالنقص أمام الآخرين. * وهذا الحال ينطبق على كثير من الأشخاص الذين يقصدون المحلات الكبرى وتجدهم يسألون عن سعر كافة ما تعرضه من سلع، ليستقر قرارهم في الأخيرة على علبة جبن لا يتجاوز ثمنها 100 دج، وهناك عينات حية من عمال بسطاء يستدينون من زملائهم في العمل ليشتروا مكسرات وعلكة مستورة وعصير خالص مائة بالمائة وجبن مستورد وعطور ذات علامات عالمية معروفة، وهم في الوقت ذاته يتحينون الفرص لاستعطاف الآخرين. * * ثقافة "البازار" لامتصاص كساد المنتوجات الأوروبية والأمريكية * "فضاءات التسوق" بالجزائر.. من الأحياء الراقية إلى الأحياء الشعبية * "غالاكسي"، "أونو"، "كارفور"، "سلسلة برانتو"، "خيّار"، "أرديس" وغيرها.. هي مجموعة من فضاءات التسوق التي فُرضت على الجزائري بين ليلة وضحاها مع مطلع الألفية الحالية.. "السوبر ماركات" كما يفضّل البعض أن يلقبها وفق مبدأ تسمية شكليات الثقافة المستوردة باللغة الأجنبية للحفاظ على أصلها، نمت بسرعة الضوء وتكاثرت كالفطريات في الأحياء الراقية للجزائر لتغزو اليوم حتى الأحياء الشعبية. * يعتبر فضاء التسوق "كارفور" سابقا بمفترق الطرق الرابط بين شارع طرابلس والرويسو والحامة والطريق السريع المؤدي إلى الجزائر وسط بمثابة نقطة بداية ولوج ثقافة "البازار"، و فضاءات التسوق إلى المجتمع الجزائري، حيث يرجع البعض إقحام هذه "الموضة" الجديدة للأسواق والتسوق في حياة الجزائري إلى عقدة التبعية التي لاتزال محرك حياة المستعمرات القديمة لأوروبا وأمريكا ودليلهم في ذلك أن حتى اسم أحد أول فضاءات التسوق في الجزائر مستورد "كارفور" وهو علامة أوروبية معروفة لسلسلة من فضاءات التسوق. * بينما يرجع البعض الآخر بروز "السوبر ماركات" كبديل للسوق الشعبية إلى التحول الجذري في الحياة الاقتصادية الجزائرية، حيث تطليق الجزائر لسياسة الاقتصاد الموّجه الإداري وتبنيها لاقتصاد السوق الحر ترتب عليه بصورة طبيعية تعويض مظاهر الحياة الاقتصادية والاجتماعية للجزائري في ظل الاشتراكية بأنماط العيش التي تمليها الرأسمالية وإن اقتصر التغيير على الشكليات واستيراد القشور دون اللب، كما أن الكثير من المتتبعين يرون أن ثقافة البازار أوجدت لامتصاص كساد منتوجات الأسواق الأمريكية والأوروبية. * وبالمقابل تجاوب الجزائريون بأشكال مختلفة مع "الأسواق الوافدة"، ففي حين أقبل عليها البعض لاحتوائها على منتوجات عالمية لا يمكن اقتناؤها من محل الحي أو السوق الشعبي، انبهر البعض الآخر لتصميمها ومرافقها، حيث أكد عشرات أعوان الأمن العاملين بهذه الفضاءات أن الكثير من العائلات يصطحبون أبناءهم لفضاءات التسوق للعب في السلالم الكهربائية والمصاعد، ما أجبر مسيري المرافق لتخصيص أعوان أمن مكلفين بمراقبة هذه السلالم والمصاعد. * وإن فشلت تجربة "كارفور" في الجزائر ليلعن إغلاق أبوابه أمام الزبون الجزائري بعد حوالي ثلاث سنوات من الوجود، فإن العشرات من فضاءات التسوق تثبت نجاحها بفتح مرافق أخرى بشوارع حيدرة وسيدي يحي والأبيار ودالي ابرهيم وقاريدي و.. ولكن لا تقتصر فضاءات التسوق على الأحياء الراقية، بل حتى الأحياء الشعبية ابتكرت نوعا جديدا من فضاءات التسوق لتحاكي به "السوبر ماركات"، حيث هدم صاحبا محلين متجاورين الحائط الفاصل بينهما وحولا المحلين إلى فضاء مفتوح للتسوق بحي شعبي شرق العاصمة، وإن لم يوفر "سوبرماركات" الحي الماركات العالمية والمنتجات الأوروبية. * * تسويق منتجات أجنبية يجهل الجزائريون طريقة طبخها * "الصولد" للجميع والأسعار ليس في متناول كلّ المستهلكين * كثيرون هم أولئك الجزائريين الذين يصدمون على أبواب محلات "السوبر ماركت"، وهم يشاهدون أنواعا مختلفة لمنتجات معبأة ليس لأن أسعارها خيالية، بل لأنهم بكل بساطة لا يدرون فيما تستعمل وكيف يطبخون بها أطباقهم الفقيرة فيكتفون بالتفرج عليها في مشهد أشبه ما يكون بصالات عرض المنتجات. * ثقافة التسوق في محلات "السوبر ماركت" لاتزال حبيسة المدن الكبرى أو الشوارع الراقية بفعل عدم استقطابها لمختلف شرائح مجتمع لاتزال فيه الأغلبية الساحقة تفضل التبضع من الأسواق الشعبية، كما لم تنجع المحلات الكبرى في استخلاف أسواق الفلاح التي تم تأسيسها زمن السبعينيات والثمانيات لا في السعر ولا في عرض ما يحتاجه الجزائريون، فما يباع في "محلات الأغنياء" أو "السوبر ماركت" جله لمنتجات أجنبية ولماركات عالمية لمختلف أنواع المواد الغذائية ففي أحد هذه المحلات بالقبة بالعاصمة عمد أحد أصحابها إلى تخصيص جناح لمختلف الماركات الإيطالية من "المقارونة" إلا هنا كل شيء عادي، لكن هل يستطيع الجزائري البسيط اقتناء علبة من هذا المنتوج بمبلغ مقدر ب 500 دينار؟ بل أن أقل شيء ذا أهمية على موائد الجزائريين سعره لا يقل عن 200 دينار على غرار التوابل التونسية. * فارق السعر الرهيب في هذا النوع من المحلات يمكن أن يصل إلى 100 بالمائة بالرغم من أن الجزائريين تكرست في أذهانهم أسواق الفلاح التي كانت تعرض سلعها قديما بتخفيضات مغرية، لكن معادلة اليوم وبيع ما هو أجنبي وذا جودة عالية فرض أسعارا خيالية ربما ليست حتى في متناول أصحاب الأجور المنتفخة، بل أن أصحاب بعضها يوهمون زبائنهم بأن الماركات المعروضة هي أصلية غير مقلدة، مما يفرض عليها ذلك السعر الفاحش، كما أن المواطن تكرست في ذهنيته أن كل ما هو غالي قادم من الخارج وذا جودة عالية، فيما هو في الأصل منتوج عادي حولته محلات "السوبر ماركت" منتوج فريد من نوعه. * أما من حيث نوعية ما يباع في مثل هذا النوع من الأسواق الشعبية فهي في كثير من الأحيان ماركات عالمية من مواد معبأة تكرس لثقافة "الفاست فود" وتباع بأثمان غالية ربما لا لأنها تُؤكل على السريع بقدر ما تحمل علامة عالمية أو "صنع في فرنسا"، وهذا النوع من المنتجات حول الكثير من الزبائن إلى متفرجين وفقط لمختلف أنواع الأجبان والمواد الغذائية وعلى حد قول أحد الزبائن أن الكثير من الجزائريين يجهلون طرق الطبخ بها أو استعمالها في أطباقهم الفقيرة باللحم والدجاج. * وبالمقارنة بما هو موجود في أوروبا في الجزائر نجد الفرق الواضح في ثقافة التسوق، فالجزائري لايزال يحمل قفته الصغيرة ويفضل استعمالها عوض ما توفره محلات "السوبر ماركت" من حاملات حديدية متحركة، تبقى حبيسة زاوية من المحل أمام طغيان فضول الفقراء بمشاهدة الأنواع والتفرج عليها مكتفيا بما تتيحه الأسواق الشعبية من منتجات بأسعار زهيدة. * لكن وبعيدا عن السعر والنوع، حول بعض أصحاب هذه المحلات جزءا من محلاتهم لعرض منتجات "الصولد" وهي في الأصل عبارة عن منتجات قرب تاريخ نهاية صلاحيتها على غرار الأجبان ومعلبات السردين والياورت والحليب لتعرض بأسعار، لكن ليست أقل مما هو معروض في محل بسيط لبيع المواد الغذائية. * * السلع المقلدة والمزيفة في منافسة الماركات العالمية * رحلة الشتاء والصيف عبر الأسواق لإقتصاد حفنة دينارات * إذا كنت من الموظفين البسطاء الذين يكفلون أسرة من عدة أفراد، وراتبهم لا يزيد عن 20000 دينار شهريا، أو كنت من أصحاب الدخل المحدود أو من "المعوزين"، فسوف تتفهم تماما أسباب إقبال المستهلكين على شراء السلع الرخيصة والماركات المقلدة والنوعيات الرديئة من السلع المغشوشة التي تغزو الأسواق الشعبية... والتي أصبحت المتنفس والملجأ الوحيد للفقراء والزوالية، هناك، حيث يزدحم الباعة ويتنافس البائعون في خفض الأسعار، وينادون بأصوات مرتفعة "ثلاثة بعشرة آلاف ... خمسة بعشرين ألف... كلش ب 5 آلاف... ثلاثة ب 1000 دينار والرابعة باطل". * المتسوق لديه الإستعداد للتنقل من مدينة إلى مدينة أو من بلدية إلى أخرى في الحافلة، ويتحمل عناء الحافلة، لكي يرتاد أربع أو خمس أسواق خارج بلديته بحثا عن بدائل أخرى رخيصة، مما يؤدي إلى تكدس الماركات العالمية الأصلية في الكثير من المحلات، وربما قد يقطع عدة كيلومترات ويتجول في ثلاث أسواق من أجل شراء كيلو البطاطا بسعر منخفض عن الأسعار التي تباع بها البطاطا في حيه، ويفعل ذلك كلما أراد شراء شيء معين، وهو ما يفسر الإقبال الكبير للمواطنين على غرار السلع الرخيصة المستوردة. * القهوة تباع في سوق بن جراح ب 120 دينار في حين تباع في المحلات ب 135 دينار، الزيت يباع في سوق بن جراح 150 دينار في حين يباع في محلات "السوبرماركت" ب 180 دينار، البطاطا تباع عند الخضارين في الأحياء ب 25 دينارا إلى 27 دينارا في حين تباع في الأسواق الشعبية ب 15 دينارا إلى 17 دينارا... وقس على ذلك باقي السلع، ورغم أن الفارق قد يكون أحيانا لا يزيد عن دينارين أو ثلاثة دنانير أو خمسة دنانير إلى أن المتسوقين على استعداد لقطع مسافة طويلة على الأقدام أو في الحافلة لتوفير بضعة دنانير في جيبه، كالتنقل من الشراقة شرق العاصمة إلى سوق الجرف بباب الزوار غرب العاصمة، وبعضهم يتنقلون من بن عكنون أو من الأبيار إلى سوق بن جراح الشعبي، في حين يعتبر سوق ساحة الشهداء، الذي تكثر فيه الأزقة والدكاكين المكتظة بحيث لا تترك المساحة الضيقة للأزقة بداخله فرصة لدخول ضوء الشمس، ويزدحم بالبضائع التي تفترش الأرض والمتسوقين الذين يملأون الممرات والفسح بين المعروضات والسلع، والمعروضات من ملابس وأشرطة فيديو وأحذية وأدوات كهربائية وإلكترونية، جديدها وقديمها، جنبا إلى جنب، مع الجبن والزبدة والطماطم وتعرض الملابس الداخلية، الرجالية والنسائية أمام الخضار والخبز واللحم والبيض. * ويلتف المتسوقون في شكل دوائر وتجمعات على الباعة في الأسواق الشعبية تحت الشمس الحارقة، وبين الحين والآخر ترى زبونا يظهر عليه الثراء يندس وسطهم، وينادي البائع، وهو ما جعل غالبية الجزائريين يهجرون الماركات العالمية ويتجهون للسلع الرخيصة والماركات المقلدة المستوردة من الصين. * قمصان، وفساتين وأحذية وسراويل... وقس على ذلك من السلع المختلفة، كلها تباع في محلات "السوبرماركت" والمراكز التجارية بأسعار أرخصها لا يقل عن 2000 دينار وبعضها ب 3000 دينار إلى 5000 دينار، لكنها تباع في الأسواق الشعبية بالعاصمة وخارجها، كسوق بن جراح الشعبي وساحة الشهداء وسوق الجرف بباب الزوار ب 300 دينار و400 دينار إلى 500 دينار، أي أن أسعار "السوبرماركت" تساوي ضعف أسعار الأسواق الشعبية. * * السلطات المحلية مستقيلة وتفضل إنشاد أغنية "تخطي راسي" * المطاردات البوليسية و"القزول" لقمع التجار "الحراڤة" والأسواق الفوضوية * تلقت مختلف مصالح الأمن تعليمات لإخلاء الأرصفة والساحات العمومية من الأسواق الفوضوية التي انتشرت بشكل لافت في السنوات الأخيرة وبطريقة فوضوية أيضا تفتقد لأدنى شروط النظافة والتأطير وأصبحت ديكورا يشوه الأحياء الشعبية في المدن الكبرى. * وبرزت هذه الأسواق موازاة مع تفاقم ظاهرة البطالة وانعدام فرص العمل رغم أن الرئيس تعهد بإنشاء أسواق جوارية وأطلق مشروع محلات الشباب لمحاربة التجارة الموازية التي تلحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد الوطني، لكن المحسوبية والتوزيع غير العادل لم يؤدي الى احتواء الظاهرة. * ويواجه رجال الشرطة صعوبات ميدانية واعتداءات تصل الى حد استخدام السلاح الأبيض خلال عملية مداهمة هذه الأسواق الفوضوية لإخلائها، بعد أن كانت الدوريات الأمنية تكتفي بطرد الباعة وحجز سلعهم لتتجه اليوم الى إلغاء هذه الأسواق الفوضوية مما تسبب في العديد من المرات في اندلاع احتجاجات عنيفة تتطلب تدخل قوات مكافحة الشغب وتسفر غالبا عن توقيفات. * وأفاد مصدر مسؤول في مديرية الأمن العمومي التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني ل"الشروق اليومي"، أن "العديد من هؤلاء الباعة لا يدركون أننا نطبق القوانين ولا نستهدفهم"، وأن الأمر "يتعلق بالحفاظ على النظام العام"، وأشار الى صعوبة مهام رجال الشرطة في المناسبات، خاصة خلال شهر رمضان والمولد النبوي الشريف ومواسم الأعراس، ويقول عون أمن عمومي شارك في عدة مداهمات "نحن نتدخل في إطار تطبيق قوانين الجمهورية وأحيانا بتسخيرة من رئيس البلدية أو مسؤول محلي، لكننا نجد أنفسنا وحدنا في الميدان في مواجهة غضب الشباب"، قبل أن يضيف "نحن نتفهم هؤلاء الشباب الذين يسترزقون من هذه الأسواق الموازية، ولذلك نضطر لاحتواء احتجاجهم بالحوار معهم لإيجاد حلول، وهذا ليس دورنا". * وتدرك السلطات العمومية الوضعية بدليل إعطاء تعليمات لمصالح الأمن بعدم "التخلاط" في هذه الأسواق خلال مناسبات محددة على صلة بالانتخابات مثلا لعدم إثارة احتجاجات تشوش على سير العملية الإنتخابية مثلا. * وفي ظل العجز عن استئصال هذه الأسواق، تكتفي دوريات الشرطة غالبا بمراقبة نوعية وصلاحية المواد الاستهلاكية والسلع المعروضة في إطار حماية الصحة العمومية إضافة الى التدخل في حال وجود سرقات واعتداءات وفرض القانون كبديل. * * مهلة وزارة التجارة تنتهي بعد 5 أشهر * أسواق الحميز، تاجنانت، الجرف، غرداية و"سوبر مارشي" و"هيبر مارشي" مهددة بالغلق * لم تستفق الحكومة حيال الفوضى الحاصلة في انتشار الأسواق إلا بعد أن شغلت الأسواق الفوضوية غالبية الفضاءات الشاغرة، وما عجزت عن شغله الأسواق الفوضوية، استغلته المساحات الكبرى أو ما يعرف ب"سوبر مارشي" و"هيبر مارشي"، ومن دون أن يراعي أصحابها الشروط الواجب توفرها لإقامة هذا النوع من الأسواق، وسارعت وزارة التجارة مؤخرا في وضع تنظيم جديد بمنع ممارسة الأنشطة التجارية بالجملة داخل المناطق الحضرية، كما تقرر عدم الترخيص بتواجد مساحات كبرى من نوع "سوبر مارشي" و"هيبر مارشي"، والمراكز التجارية ذات مساحة تفوق 1000 متر مربع، إلا بقرار من والي الولاية، وتكون خارج المناطق الحضرية ضمن فضاءات محددة ومعلومة، هذا التنظيم الذي سيفرض إزالة عديد من هذه المساحات المخالفة للشروط الجديدة خلال مدة لا تتجاوز ال 5 أشهر على اعتبار أن المرسوم التنفيذي يمنح مهلة ستة أشهر لأصحابها وسريانه بدأ منذ شهر. * ووضعت وزارة التجارة مجموعة من الشروط تضمنها مشروع مرسوم تنفيذي، سينهي فوضى الأسواق والإتجار خارج إطار الشرعية القانونية، في حال فعلت وزارة التجارة آلياتها الرقابية، كون الأمر انعكس سلبا على مخططات التهيئة العمرانية، وأصبح لزاما على كل طالب لممارسة نشاط التوزيع بالجملة والتجزئة في محلات تجارية تتواجد ضمن محيط سكني أن يقدم قبل القيد في السجل التجاري دفترا لشروط يتعلق بالمنطقة السكنية المعنية، إذ يمنع في المناطق السكنية ممارسة نشاط التوزيع التي من شأنها إلحاق الضرر بالمقيمين وبالبيئة. كما لن يسمح بالترخيص بتواجد مساحات كبرى ومراكز تجارية "كالسوبر مارشي" و"الهيبر مارشي" إلا إذا توفرت في محيطها أماكن للتوقف وتهيئات ضرورية لحركة مرور الأشخاص وكذا السيارات، ولا تشكل أي خطر على المستعملين والبيئة. * وحسب الإجراءات القانونية الجديدة، فإن إنشاء الفضاءات التجارية يجب أن يخضع إلى تصميمات الهندسة المعمارية والتهيئة المحددة من طرف المصالح المؤهلة للولاية بالرجوع إلى المقاييس المعتمدة مسبقا، وفقا لطابع الفضاء التجاري وطبيعة النشاط المراد ممارسته والخصائص المحلية، إذ سيصبح تسيير أسواق الجملة والأسواق الأسبوعية من طرف المستثمر المالك، أو البلدية من خلال وكيل الصرف، أو في حالات أخرى المستفيد من المزايدة على أساس دفتر شروط. * وباستثناء عمليات البيع التي تتم داخل الأسواق الأسبوعية للسيارات القديمة، تخصص ممارسة الأنشطة التجارية على مستوى الفضاءات حصريا على التجار والحرفيين المسجلين في سجل الحرف والمهن أو المربين والمنتجين الفلاحيين الحائزين على بطاقة فلاح فردية أو منظمين في إطار مجمع، تعاونية، جمعية أو تنظيم مهني مشترك ذو علاقة بالنشاط في المكان المخصص لكل متدخل، إذ سيمنع منعا باتا ممارسة أي نشاط تجاري في محيط السوق وعلى مستوى الأرصفة، وستوقع في حق هؤلاء إجراءات ردعية كفرض غرامات مالية في حق كل من يخالف التشريع ويمارس أي نوع من البيع على الأرصفة. * كما وضعت الحكومة إجراءات تحكم أسواق الجملة ونصف الجملة، وكذا أسواق الخضر والفواكه وباقي أنواع الأسواق وستؤدي هذه الإجراءات إلى معالجة عديد من الإختلالات التي تشوب مجال التجارة، كإنشاء وحدات إنتاج ملوثة وخطيرة في دهاليز للعمارات ومحلات داخل فيلات موجودة في مناطق إقامات سكنية، وللقضاء أيضاء على ظاهرة إنشاء محلات في أماكن السكن وعلى مستوى طوابق العمارات، إلى جانب إنشاء أسواق كبرى كتلك الموجودة في الحميز، تاجنانت، الجرف، غرداية، حيث تتم فيها معاملات تجارية يومية مخالفة للتشريع والتنظيم التجاري، كغياب الفاتورة وبيع مواد مقلدة، كما سيضع التنظيم الجديد حدا نهائيا لتواجد المساحات الكبرى والمراكز التجارية على مستوى المدن الكبرى، موازاة مع حظر إنشاء أنشطة توزيع السلع والخدمات على أراضي فلاحية أو مساحات، حيث يكون الأمن منعدما مثلما هو عليه الشأن بالنسبة لحالات بائعي مواد البناء بجوار مطار الجزائر الدولي. * * شركات استيراد تمرر سلعها مباشرة للسوق الموازية * الأسواق الفوضوية تكبدّ الخزينة العمومية خسارة ب 3 ملايير دولار سنويا * تساهم المنظومة الضريبية في الجزائر على تشجيع التهرب الضريبي واستفحال السوق الفوضوية وظاهرة تعاطي الرشوة، بحسب أصحاب المهن الحرة والصناعيين، حيث بلغ حجم التهرب الضريبي المعلن عنه رسميا ما بين 60 إلى 70 مليار دينار، أي 7 آلاف مليار سنتيم، فيما يؤكد إتحاد التجار والحرفيين أن الرقم في حدود 200 مليار دينار، وهو ما يعادل حوالي 3 ملايير دولار تخسرها الخزينة العمومية، سنويا بسبب التهرب الضريبي. * ويتقاسم التجار الرسميين المصرحين لدى مصالح السجل التجاري وعددهم مليون و220 ألف تاجر، السوق الوطنية مع التجار الفوضويين الذين يقارب عددهم نفس تعداد التجار الرسميين، حيث تستوعب السوق الجزائرية 50 بالمائة من التجار غير الشرعيين، بحسب التقديرات الرسمية، وتحصل مداخيل الخزينة العمومية بنسبة 55 من القطاع الخاص، التجار والنشاطات الخاصة و45 بالمائة من قطاع الوظيف العمومي. * وفي ذات السياق، أكد مراد بولنوار، الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين ل "الشروق"، أن هناك علاقة كبيرة بين التهرب الضريبي وتبييض الأموال، حيث أن المبالغ التي يربحها الناس يستغلونها في شراء العقار، مثلا شراء قطعة أرض ب 10 ملايير سنتيم، حتى لو أن قيمتها مليار واحد ويبيعها ب 2 مليار، ويخسر صاحب العملية 2 إلى 3 مليار مقابل تبييض 2 مليار، أو بناء مسكن فيلا ب 10 مليار ويبيعها ب 5 مليار، كما قال المتحدث أن الاستيراد هو شكل آخر لتبييض الأموال القادمة من الاتجار بالممنوعات كالمخدرات وغيرها. * واقترح مسؤول اتحاد التجار التخفيف من أعباء الضريبة المرافعة والمتنوعة التي تقضي على هامش الربح للتاجر وصاحب النشاط للتقليل من التهرب الضريبي، موضحا بأن المنظومة الضريبية في الجزائر "تشجع على التحايل وممارسة التجارة في السوق الفوضوية وممارسة التهرب الضريبي وتعاطي الرشوة وسط المسؤولين وهي ثلاث أمراض تنهك الاقتصاد الوطني فيجب تخفيض الضرائب". * وقال بولنوار بأن الإداريين والمشرعين يعتقدون أن الرفع من الضريبة "يسمح بمداخيل إضافية لكن الحقيقة العكس هو استفحال التجارة الفوضوية التي يلجأ إليها حتى مؤسسات وشركات تصدير واستيراد بتمرير منتجاتهم مباشرة للسوق الفوضوية"، مضيفا "المنظومة الحالية لا تشجع حتى المستثمرين للنشاط في الجزائر". * * أغرقت بها الأسواق وتسبب أمراضا سرطانية وجلدية قاتلة * طوابير على ألبسة وأحذية من جلود الحمير والفئران * تحولت الأسواق الجزائرية إلى ما يشبه "المزبلة" التي تستقر فيها الخردة والسلع الفاسدة، والسبب لا يتطلب كثير عناء من أجل الوصول إلى حقيقته.. ببساطة، لأن أجهزة الرقابة التي ينبغي أن تبدأ عند المطارات والموانئ وفي الحدود، وبعد ذلك في الأسواق، لم تقم بالدور المنتظر منها. * ومن أغرب ما سجل، ما حصل على مستوى ميناء وهران قبل أشهر، بحيث تمكنت مصالح الجمارك من حجز كميّة هائلة من الألبسة والأحذية المصنوعة من جلود الحمير والمسبّبة لبعض الأمراض الجلدية الخطيرة على غرار مرض "الإكزيما" وسرطان الجلد، الأمر الذي دعا خبراء الصحة، إلى غسل جميع الألبسة الجديدة وتهويتها جيداً قبل لبسها. وقد بلغ حجم السلع المحجوزة أكثر من 20 قنطارا من الملابس والأحذيّة، تمّ العثور عليها داخل حاوية قادمة من جمهورية الصين أثناء عمليّة مراقبة روتينيّة للحاويات على مستوى الميناء، قبل أن تأخذ مسارها نحو الأسواق المحليّة مع ما يمكن أن تسببه من أخطار تهدد سلامة المواطن والصحة العمومية بشكل عام. * وتبين بعد التحقيق والتحري، أن الألبسة المحجوزة، لاسيما الأحذية تؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد وبأمراض أخرى مستعصيّة العلاج، بسبب نوعية المواد الأوليّة التي صنعت بها، في الوقت الذي بينت تحاليل مخبرية أن الكثير من المواد المصنوعة من البلاستيك، لاسيما تلك المستوردة من دولة الصين، تسبب أمراضا جلدية خطيرة، بسبب الإفراط في عمليات استرجاع المادة البلاستيكية التي تستخدم في نعال الأحذية التي تباع في الأسواق الشعبية بأسعار جد منخفضة، الأمر الذي استهوى الفقراء. * ولازالت الكثير من المنتجات الأجنبية والصينية على وجه التحديد، تدخل السوق الوطنية بعيدا عن الرقابة الصارمة، خاصة تلك الموجهة للاستعمال الغذائي اليومي، فقد بينت مخابر أجنبية أن بعض منتجات تنظيف الأسنان السامة والألعاب المصنوعة من مادة الرصاص، تتوفر على مواد كيميائية خطيرة على الصحة العمومية، منها مادة "الفورمالديهايد"، وهي مادة كيميائية لحفظ الأطعمة وقتل البكتيريا تسبب حسب الخبراء، التهابات في الغشاء المخاطي للعيون والقصبة الهوائية إضافة إلى الإلتهابات الجلدية، ولا شك أن جريمة وفاة أكثر من 300 طفل صيني العام المنصرم، وإصابة الألوف منهم بأمراض مستعصية، بسبب تناولهم لمادة الميلانين في الحليب، خير دليل على ما تنام عليه بعض المنتجات الغذائية وغير الغذائية من سموم كيمياوية. * وبعيدا عن تقارير المخابر الطبية، يمكن للمواطن البسيط أن يقف بنفسه على خطورة ما يباع في الأسواق الشعبية، بحيث يمكنه أن يشم رائحة لا تطاق من بعض الأحذية قبل استعمالها، والسبب حسب المطلعين أنها مصنوعة من مواد بلاستيكية مهجنة، تم استرجاعها بشكل غير عقلاني.. والسؤال الذي يبقى بحاجة إلى إجابة وافية، هو كيف وجدت هذه السلع طريقها إلى السوق، واين أجهزة الرقابة، خاصة وأن هذه السلع تعرض يوميا في الأسواق؟. * * بورصة استئجار المحلات ومواقعها تضبط أسعار المنتجات * عادة ما يتفاجأ الزبون للفارق المتباين لأسعار نفس المنتوج بعدد من الأسواق، ولا يجد إجابة لهذا التباين في الأسعار، غير أن هناك الكثير من التجار لا يتحرجون في تفسير ظاهرة تباين الأسعار ويرجعونها مباشرة إلى سعر كراء محلاتهم التي يحكمها عامل الموقع الجغرافي وكذا نوعية الزبون المقبل عليها، وتصل درجة الفارق بين سعر كراء المحلات عشر مرات أحيانا، وعلى خطى هذه الأسعار تتضاعف أسعار السلع. * وإن كانت غالبية الأسواق المنتشرة في العاصمة تابعة في تسييرها للبلديات، غير أن أسعار تأجير المحلات يختلف كلية ويخضع في غالبية الأحيان لمنطق السوق السوداء، فإن كانت البلديات تعامل التجار بسعر رسمي رمزي ومقداره منطقي، فإن المستفيدين مباشرة من المحلات الواقعة في الأسواق يعاودون تأجيرها لعدة مرات، الأمر الذي يحصر التاجر في زاوية ويجعل أول أهدافه تعويض كلفة الإيجار، وتتراوح الأسعار الرسمية لاستئجار المحل الواحد ما بين 1200 دينار و3000 دينار للشهر الواحد، فيما تقارب 14 مليونا بأسواق كسوق الحميز أو سوق دبي وغيرها من الأسواق التي تعتبر تجمعات كبرى وتستقطب عددا كبيرا من الزوار، ويؤكد العديد من التجار الذين التقتهم "الشروق" بأن بعض المحلات التي أنشأها أصحابها بالصدفة بمنطقة الحميز أو سوق دبي بباب الزوار كانت سببا في ثراء هؤلاء، وبعد أن كانت بنياتهم لغرض السكن، أصبحت مراكز تجارية. * وبعيدا عن الحميز وسوق دبي نجد المركز التجاري لبن عكنون والأبيار وغيرها يتجاوز كراء المحل بها 10 ملايين سنتيم، وأسعار السلع المعروضة بهذه المحلات تعكس كلفة كرائها، وإن كانت معروضة في مناطق أخرى بأسعار أقل وبنفس النوعية، كما أن الموقع الجغرافي للأسواق والمراكز التجارية وحتى "لسوبر مارشي" تحكم الإيجار بالمنطقة وكذا أسعار السلع، ويبدو هذا جليا، ففي وقت مضى كانت أسواق حيدرة الأغلى على الإطلاق استطاع حي سيدي يحيى أن ينتزع منه الريادة وتصبح أسواقه الأغلى على الإطلاق ويصل سعر المحلات في أسواقها ومراكزها 40 مليون سنتيم.