في معترك حياتنا هناك الكثير من الظواهر التي نلمس بعضها ونسمع ونشاهد بعضها الآخر، وقد تحمل بين طياتها الضار و النافع لكن من يقدر هذا هو من يعيش التجربة. فلم يعد غريبا في مجتمعنا أن نسمع عن قصة زواج بين فتاة في العشرين ورجل يكبرها بأكثر من من عشرين سنة، فهل هو البحث عن الحنان الفقود في المنزل أو الرغبة في الارتباط برجل ناضج اختبر تجارب الحياة. يعد الزواج وتكوين الأسرة حلم كل فتاة منذ نعومة أظافرها وتتعدد اختياراتها فتفضل الزوج الوسيم أو الرومانسي أو الغني الذي يحقق لها طموحاتها وأحلامها وتعيش معه حياة الرخاء والترف. كما نجد من تفضله صاحب شهادات جامعية عليا تكمل مشوارها العلمي رفقته وتصل إلى أعلى المراتب العلمية، ولم تتوقف الاختيارات هنا فنجد من تتمناه صاحب خلق ودين. لكن ما شاع اليوم في أوساط الفتيات في كثير من مناطق الوطن هو قبول فتيات العشرينيات برجال في الأربعين وأكثر، وطبعا لكل واحدة ظروفها وأسبابها لذلك. فتيات تتزوجن طمعا في المال إن الرغبة في التملك وحب الثروة والإغراءات المادية للفتيات، من الدوافع الأولى والأساسية التي تجعلهن وهن في عمر الزهور يقبلن برجال في عمر آبائهن، ويعتبرن أن هذا الزواج مبني على أسس وقواعد متينة ولا خطب في ذلك. من جهة أخرى طمع الأولياء في المال يجعلهم يوافقون على زواج بناتهنن ممن يكبرونهن سنا وحتى من المتزوجين أيضا. تعرفنا وسمعنا قصصا كثيرة لفتيات في العشرين تزوجن من رجال أثرياء يكبرونهن سنا وكانت قناعتهن بذلك كبيرة. من درارية تروي لنا السيدة ''وحيدة''، وهي أم لأربعة أولاد، قصتها التي آلمت كل من سمعها، وبتحسراتها وآهاتها تتعجب من فتيات هذا الزمن وطريقة تفكيرهن وكيف أن أولياءهن يقبلون بهذا النوع من الزواج لبناتهم. وتكمل حديثها ''خيوط المؤامرة بدأت تحاك من حولي وأنا دون وعي بذلك، فكنت منشغلة بتربية أولادي ولم أشك في زوجي الذي كان دائم السفر إلى أن نزلت الصاعقة على راسي وعلمت بزواجه من فتاة في ال 18 من عمرها قبلت به وهي تعلم أنه متزوج ورب عائلة، ولكن كان هدفها طبعا هو المال وإلا كيف تقبل برجل في الخمسين، فكتب لها فيلا باسمها وأقام لها عرسا بالملايين وهذا طبعا نزولا عند طلباتها وما تمليه عليه''. تتوقف ثم تضحك '' لم أستطع تحمل ذلك وذهبت إليها ويا للعجب تحدثني بكل ثقة وكأن ما فعلته شيئا بسيطا وفي كلامها إصرار على أنها لن تفرط فيه مهما حدث وأنها تحبه، وما تعجبت له أكثر هو سكوت والديها ورضاهما''. وتكمل حديثها بقولها ''إذا كانت بنت الثامنة عشرة قد استطاعت أن تخرب بيتا كان مملوءا بالسعادة والحب، فدون شك سيأتي دورها فلا يوجد توافق في العمر بينهما ولا في الثقافة ناهيك أن المادة زائلة فكيف ستكمل حياتها إذن''. من قصة فتاة الثامنة عشرة بدرارية، تروي لنا الحاجة ''فضيلة'' والتي تقيم بالحراش، حكاية جيرانها الذين زوجوا ابنتهم ذات ال 19 سنة فتقول ''زواج الفتيات الصغيرات في السن ممن يكبرونهن بكثير وهم في عمر آبائهن أصبح طبيعيا، فحب المال طغى على القلوب وأعمى البصائر وأصبح الأولياء لا يفرقون بين تزويج بناتهم وبيعهن''. وغير بعيد عن سكنانا هو حال فتاة في التاسعة عشرة من عمرها تزوجت من رجل في الخامسة والأربعين، لم تستطع الصبر على الفقر والحاجة التي كانت تعاني منها عائلتها، فبمجرد أن تقدم لخطبتها هذا الرجل وافقت عليه دون تردد، وتم عقد قرانها وهي الآن تعيش بخير. لكن يبقى التخوف من هذا الزواج يسكن في القلوب حتى لو سمعنا باستمراره ودوامه فالشباب لا يتوافقون بينهم فما بالك مع وجود فارق كبير في السن بين الطرفين. لم تتوقف قصص فتيات العشرين هنا بل أصبحت تنتشر في مناطق كثيرة، روت لنا إحداها من دلس خالتي '' الزهرة''، كانت بطلتها فتاة في العشرين لم تكمل دراستها وماكثة بالبيت فلم تتوان في قبول فكرة الزواج برجل يكبرها بخمسة وعشرين سنة يعيش في فرنسا وياتي إلى الجزائر كل صائفة، وهي الآن تعيش معه في الخارج. وأخريات هربا من العنوسة خوفا من العنوسة وأن يفوتهن قطار الزواج للأبد خوفا من ألا يتمتعن بالأمومة، نجد الكثير من الفتيات في الثلاثينيات وما فوق يقبلن بشيوخ، إن صح التعبير، في السبعينيات من العمر. فلا يبدو ذلك منطقيا ويعتبر جرما في حقهن، ففارق السن حتما سيشكل عائقا وصعوبة في التفاهم بين الطرفين. وإذا اعتبرنا زواج بنت العشرين برجل يكبرها بعشرين سنة أمرا غير معقول فما يمكن قوله في الفتاة التي يفوقها زوجها بثلاثين سنة وأزيد أحيانا. ''سليمة'' 35 سنة، تزوجت من رجل في الستين من عمره تقول، لا توجد فتاة لا تتمنى الزواج برجل يقربها في العمر، لكن الظروف عكس ذلك والفتاة التي تتجاوز الخامسة والثلاثين لا تطمع في رجل شاب لأن موضة الزواج اليوم هي من'' البابيشات''، فأين نكون نحن من ذلك ولذلك رضيت بما قسم الله لي وتزوجت وأنا آمل في إنجاب أولاد قبل أن أفكر كيف سأعيش حياتي الزوجية''. ''حورية'' 38 سنة تقول ''فقدت الأمل في الزواج نهائيا وظننت أنني لن أتمتع برؤية أبنائي، لكن ما قسمه الله لي رضيت به وتزوجت برجل في السبعين من العمر له أبناء يقاربونني في العمر لكن لا أنكر أنه لطيف معي وطيب''. ولكثرة انتشار هذا النوع من الزواج وقبول الفتيات بشيوخ عاشوا حياتهم مرات عدة، أصبحو هؤلاء ليشترطون بأن تكون تلك الفتاة جميلة، ولعل أطرف قصة سمعناها هو تقدم شيخ طاعن في السن تجاوز السبعين، أراد بعد وفاة زوجته الزواج من فتاة في التاسعة والثلاثين من العمر، ولدى تقدمه لخطبتها بدل رأيه بسرعة بحجة أن الفتاة لم تكن جميلة كفاية وأنه لا يفضل هذا النوع من النساء. شباب رافضون للفكرة ما مصير مثل هذا الزواج هل يكتب له النجاح بالرغم من الفرق في العمر والمستوى الثقافي، أم أن مثل هذه العلاقة محكوم عليها بالفشل المسبق؟ هي تساؤلات طرحناها على شباب من الجنسين ونساء عشن التجربة، في البداية تتقبل ''سميرة'' طالبة جامعية في الخامسة والعشرين الفكرة فتقول ''ما المانع من زواج فتاة من أربعيني فالرجل في مثل هذه السن يكون ناضجا، أما مسألة فارق السن فطريقة تفكير الفتاة واحتواؤها لزوجها هما اللذان يحددان مسار حياتها الزوجية''. وتساندها الرأي ''كريمة'' وهي أم لثلاثة أولاد وبنتين، ''عندما تزوجت كان زوجي يكبرني بواحد وعشرين سنة ولم يشكل فارق السن حاجزا بيني وبينه، بل بالعكس كان عاملا أساسيا للتقارب فزوجي كان شخصا ناضجا ومتفهما، تحمل صغر سني وطريقة تفكيري البسيطة واستطاع أن يجعل مني ربة بيت يضرب بها المثل، فالفارق في العمر قد يكون معيارا سلبيا أو إيجابيا لكن المعيار هو شخصية الزوجين وطريقة تفكيرهما، أما بناتي فسأترك لهن حرية الاختيار''. من مؤيد لمعارض هو حال ''احلام'' فتقول، ''يستحيل أن أتزوج برجل في عمر والدي فمسألة التقارب العمري الفكري مهمة جدا بالنسبة لي فمن يسأتزوجه يجب أن يماثلني في العمر وأن يكون الفراق كحد أقصى خمس سنوات''.