تتكاثف مع اقتراب شهر رمضان المعظم، استعدادات الجزائريين لهذا الشهر الكريم وتبرز العديد من مظاهر التحضير من خلال الإقبال على سلع معينة في الأسواق وغسل جدران البيوت واقتناء أوانٍ جديدة وتغيير نشاطات العديد من المحلات ومظاهر أخرى تختص بها الأسر الجزائرية دون استثناء كل حسب قدراته. تعتبر العشر الأواخر من شهر شعبان فترة قياسية تستغلها النساء في زيادة حجم الاستعدادات لشهر رمضان الكريم وفيها يتم تجهيز البيت خاصة المطبخ بما تحتجن إليه فرمضان بالنسبة للأسر الجزائرية شهر مقدس لا يمكن ان يحل دون ان نستعد له جيدا، فالجزائريون يؤمنون بمقولة ''رمضان يجي ويجيب الخير معاه''، لذلك تراهم لا يتقاعسون عن دفع المزيد من المال لتمضية شهر الصيام على أكمل وجه. تحضير الكسكسي لوجبات السحور تبدأ ملامح شهر رمضان في الظهور مبكرا لدى الجزائريين من خلال الأعمال التي يقومون بها كل سنة، حيث تقوم السيدات بغسل جدران البيوت بالماء والمنظفات والمطهرات المختلفة، وهناك من يلجأن إلى إعادة طلائها كلية بالدهن، ثم تشرع السيدات في غسل السجاجيد والستائر والافرشة، ويتجندن أياماً لإنهاء العملية وبعدها يقبلن على الأسواق لاقتناء مختلف الأواني ويتخلصن من أوانيهن القديمة. وإذا كان تجديد الأواني عادة تقتصر على بعض العائلات فقط دون الأخرى، فإن غسل جدران البيوت ومحتوياتها عادة تكاد تكون ملزمة لكل العائلات، وهي دليلٌ على الترحيب بشهر رمضان ك ''ضيف'' عزيز. كما تجتمع النسوة في بيت واحد من اجل تحضير طبق الكسكسي الذي يعتبر أكلة لا يمكن الاستغناء عنها في شهر رمضان المبارك في وجبة السحور. وبما ان العديد من النسوة تنشغلن خلال شهر رمضان بتحضير طعام الفطور ولا يكفيهن الوقت لتحضير الكسكسي يفضلن تجهيز هذا الطبق خلال الأيام الأخيرة من شعبان. ويعتبر تحضير الكسكسى او ''الفتيل'' كما يطلق عليه بالعامية عادة تشترك فيها الكثير من الأسر عبر الوطن ولا يقتصر على منطقة دون أخرى بل هناك الكثير من الأسر من تعتبر هذا الطبق من عادات شهر رمضان التي يحرص ألا تفوتهم والا يضيعوا ولو جزءا بسيطا منها. تقول السيدة فتيحة من الدارالبيضاء انها تعودت كل عام على تحضير طبق الكسكسي في البيت ولا يمكنها شراء ما يباع في الأسواق والمحضر مسبقا، فالعائلة لا تستطعم هذا النوع بل تفضل دائما المحضر في البيت. وتقوم بتحضيره خلال شهر رمضان بعد الإفطار بطبخ الكسكسي. وتحرص العائلة على تناوله ممزوجا بالزبيب واللبن الرائب وبما ان رمضان وافق حلوله فصل الصيف هذا العام فسيكون ذلك فرصة لتناوله مع البطيخ والعنب. تجميد الخضروات سلوك شائع بين الأسر يستعد الجزائريون لشهر رمضان استعدادهم لقدوم ضيف عزيز ويشرعون في تحضير مستلزماته بشكل مبكر. وتعتبر العشر الأواخر من هذا الشهر فرصة تنتهزها الكثير من ربات الأسر في اقتناء ما تحتجنه في إعداد مائدة الإفطار شهر رمضان الكريم ويعتبر الزبيب والعينة والمشمش المجفف من أوائل المواد التي تحرص الجزائريات على اقتناءها لاستعمالها في تحضير طبق الحم الحلو الذي لا تخلو منه أي مائدة إفطار جزائرية، كما انه يعتبر من بين الأطباق التي تشتهر في شهر رمضان. ومن بين الأشياء التي تحرص النساء على تحضيرها استعدادا لشهر رمضان الكريم هي شراء الخضر الطازجة وتجميدها مثل الجلبانة والفواكه المختلفة خاصة الفراولة التي تغيب في هذا الشهر وما يباع منها يكون بأسعار خيالية، أما الجلبانة فهي الأخرى تعرف ارتفاعا في أسعارها في هذا الشهر لكن تماسكها وحفاظها على جودتها جعل الإقبال على تجميدها وحفظها في الثلاجات أمرا شائعا بين النساء. وكثير من الأسر تلجأ الى ثلاجاتها في حال ارتفاع الأسعار او ندرة بعض المواد الاستهلاكية في السوق، وهو في كل الأحوال حل استطاعت به النساء تنويع مائدات رمضان بأقل ثمن ممكن .