بات زنا المحارم ظاهرة حقيقية تهدد المجتمع خاصة في ظل غياب الأرقام الحقيقية عن هذه المشكلة التي بدأت تطل برأسها علينا، وسط مجتمع عرف عنه التحفظ وازدراء مثل هذه الأفعال التي لا يقبلها دين ولا عقل. وحول هذا الموضوع أرجعت الأستاذة ''فضيلة دروش'' أستاذة علم الاجتماع أسباب بروز جرائم زنا المحارم في الجزائر الى عاملين: أولهما جغرافي تكون المناطق الريفية النائية مسرحا لها في أغلب الأحيان. حيث ينعدم الحوار بين أفراد الأسرة ويكون الصمت هو سيد الموقف في هذه الحالة، حيث نرى أن هذه المناطق تسجل ارتفاعا كبيرا في عدد الجرائم الجنسية يغلفها صمت رهيب من المحيطين بالضحية خوفا من الفضيحة. أما بالنسبة للمدينة والمناطق الحضرية فأرجعت الأستاذة دروش انتشار زنا المحارم لأسباب مختلفة منها أزمة السكن وضيقه حيث يجتمع أكثر من فرد في غرفة واحدة، مع الانتشار المفرط للفضائيات والانترنت في مدننا وتهافت الشباب على مواقع الجنس. وقد أودرت المتحدثة في هذا الصدد حادثة زنا محارم اعتدى فيها الشاب على شقيقته في غياب والديهما بعد إبحاره في إحدى مواقع الجنس عن طريق الانترنت المتواجد في غرفته. كذلك يلعب تأخر سن الزواج دورا ملحوظا في وقوع زنا المحارم كما أن ارتفاع معدلات البطالة خاصة في المناطق الفقيرة يؤدي إلى ارتفاع مواز في معدلات زنا المحارم. وأكدت الأستاذة دروش أن ظاهرة زنا المحارم لم تكن منتشرة في الجزائر بالشكل الذي نراه اليوم نظرا لانتشار الانترنت والفضائيات وانعدام الرقابة الأسرية وغياب الاهل بشكل شبه تام عن حياة أولادهم، بالإضافة الى غياب الوازع الديني ونقصه في كثير من الأحيان، وهو الامر الذي دفع ببعض ضعاف النفوس الى البحث عن إشباع غرائزهم الجنسية لدى اقرب الناس إليهم، متناسين الضرر الذي قد يلحقه هذا الفعل بالضحية. وأضافت الأستاذة دروش أنه لا توجد دراسة معمقة حول زنا المحارم في الجزائر ولو بحثنا جيدا في الأسباب لوجدنا أسبابا عديدة غفلنا عنها في السابق أو لم تخطر على بال أحد من قبل. يعد تعاطي الكحوليات والمخدرات من أقوى العوامل المؤدية إلى زنا المحارم، حيث تؤدي هذه المواد إلى حالة من اضطراب الوعي، واضطراب ميزان القيم الأخلاقية لدرجة يسهل معها انتهاك كل الحرمات. وكثير من حالات زنا المحارم التي وقعت في المناطق الحضرية كانت فيها المخدرات او الخمر عاملا موجها لسلوك الفرد على انتهاك عرض إحدى محارمه، وفي جميع الأحيان تقوم المخدرات بتغييب العقل لمتناولها وإثارة غرائزه الجنسية بشكل كبير، وهو ما يجعل أخته او ابنته أو ابنة شقيقه فريسة قريبة وسهلة. وركزت الأستاذة دروش على ضرورة الأخذ بكل هذه العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي ساهمت في بروز ظاهرة زنا المحارم لتجنب الوقوع في مثل هذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا.