كثفت مصر من تحركاتها الخارجية على غرار التحركات الداخلية من أجل إقناع الرأي العام الدولي بوجهة نظرها التي بقيت تدور محور ''أم الدنيا'' ولم تشأ الخروج عنها، وفي هذا الإطار وصل إلى الخرطوم أمس أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصري والوزير عمر سليمان، قائد المخابرات المصرية في زيارة قصيرة للسودان تستغرق يوما واحدا يسلمان خلالها رسالة للرئيس السوداني عمر البشير من الرئيس حسنى مبارك. وحسب ما أعلنته الخارجية المصرية فإن هدف الزيارة الوحيد يتمثل في التباحث مع القيادة السودانية وكبار المسؤولين السودانيين حول آخر تطورات الموضوعات المتعلقة بالسودان وتبادل الرأي بشأنها. كما ينقل الوفد المصري إلى السودان شكر وتقدير مصر قيادة وشعبا على ما تحمله من مشاق لتنظيم مباراة الأربعاء الماضي بين مصر والجزائر، وما بذلته السلطات السودانية من جهد كبير. لكن عن الفحوى الحقيقي لهذه الزيارة هو محاولة إعداد طبخة على نار هادئة ضد الجزائر، وإلا كيف نفسر الزيارة في هذا الوقت بالذات مباشرة بعد عقد مجلس الوزراء بقيادة رئيس الوزراء أحمد نظيف، وحسب مصادر دبلوماسية فإن المهمة تتمثل في الضغط على الرئيس عمر البشير من أجل الدخول في معترك اللعبة القذرة التي أطلقها النظام المصري ضد الجزائر شعبا وحكومة، خاصة بعد الموقف النزيه الذي وقفه السودان أمام مرأى العالم أجمع وشهادته النزيهة في هذه الأحداث التي صنع الإعلام المصري منها فيلما سينمائيا أبطاله شباب جزائري وصفوه بالإرهابي والمرتزق، غير أن المصادر ذاتها تستبعد أن تستطيع المخابرات المصرية التأثير على الحكومة السودانية بحكم أن السودان لن يستطيع الرجوع إلى الوراء بعد أن قطع أشواطا كبيرة في إظهار الحقيقة أمام العالم، أما السبب الثاني فيتمثل في أن الرئيس عمر البشير منتظر في الجزائر خلال الأيام القليلة المقبلة في إطار زيارة رسمية كانت مبرمجة من قبل. وبذلك تكون قد تصاعدت حالة التوتر الرسمية والدبلوماسية من قبل النظام المصري تجاه الجزائر ونحا المسؤولون منحى دبلوماسياً غير متعقل، ما دفع متابعي الأزمة إلى التأكيد أن القاهرة تتجه إلى التسخين الرسمي بينما تتجه الأمور بموافقة وضغط من رموز في الدولة إلى التسخين والتصعيد الإعلامي والشعبي عبر الصحف والفضائيات والنقابات والاتحادات الرياضية. وفي السياق نفسه، وصف مجلس الشورى المصري أمس، أحداث مباراة مصر والجزائر ب'المؤامرة'، ووصفها وزير الإعلام المصري أنس الفقي ب'العمل الإرهابي المنظم'.