تحوّلت معضلة البنايات القديمة بوهران إلى قنابل موقوتة تنذر بالانفجار الوشيك بين الفينة والأخرى على رؤوس المسؤولين المحليين، الذين عجزوا عن تفكيكها، فبدوا خارج مجال التغطية في التعامل مع هذا الملف الشائك الذي لا يزال إلى حد الساعة يؤجج نيران الغضب بين أوساط العائلات القاطنة بالبنايات الهشة، التي انهارت منازلها جراء الهزات الأرضية المتوالية ليجدوا أنفسهم في الشارع يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في ظروف أقل ما يقال عنها إنها غير إنسانية. تشير الأرقام المتوفرة أن عدد البنايات المهددة بالانهيار بوهران وصلت إلى 1990 بناية، تقطن بها مئات العائلات التي باتت تواجه الموت بصدور عارية، فالداخل إلى الأحياء العتيقة بوهران كسيدي الهواري، الدرب، سانتاتوان...يفاجأ بمنظر تلك البنايات الهشة التي تصدعت جدرانها الخارجية وتآكلت أسقفها محدثة ثقوبا كبيرة تنهمر منها الأمطار في فصل الشتاء محولة المكان إلى ثلاجة تبريد، ناهيك عن الروائح الكريهة المنبعثة من قنوات الصرف الصحي المهترئة التي حولت حياة هؤلاء إلى جحيم على الأرض، هو مشهد مصغر للمعاناة التي تعيشها في كنفها هذه العائلات التي صدمت بإقصائها من عملية الترحيل الأخيرة التي وزعت بموجبها حوالي 1000 وحدة سكنية بحيي النور والياسمين، ''...أنقذنا سيدي الوالي، نحن في خطر... '' هي عبارات تحمل أكثر من دلالة، كتبتها 8 عائلات بحي سانتاتوان على يافطة علقتها في أعلى البناية التي تسكنها، في رسالة منها إلى المسؤول الأول عن الولاية، قصد التدخل لانتشالها من هذه الوضعية البائسة، خاصة بعد أن أصيب 3 أشخاص بجروح في انهيار جزئي أصاب أحد المنازل، عقب تهاطل كميّات قليلة من الأمطار، هذه الحادثة خلفت أجواء من الخوف والهلع والصدمات النفسية التي أبت أن تفارق قاطني هذه '' المعتقلات '' ، يحدث هذا في ظل المراسلات والطعون التي لا تزال تتهاطل على مكتب اللجنة الولائية، التي أسندت لها مهمة توزيع حوالي 1000 وحدة سكنية بحيي النور والياسمين في عملية الترحيل الأخيرة، حيث نددت العائلات المقصية بما وصفته بالتجاوزات التي حصلت أثناء عملية انتقاء المستفيدين.