لاتزال بعض الشوارع والمدن العاصمية تفتقر لأحد أهم المرافق الضرورية وهي ''المراحيض العمومية'' التي قد لا نلحظ أهميتها إلا عند الحاجة والضرورة، فيضطر البعض إلى قضاء حاجته أمام الملأ في الممرات والشوارع مما يخلف خطرا على الصحة وتشويها للمنظر العام وانبعاث الروائح الكريهة التي تثير اشمئزاز المارة. إن غياب هذا المرفق المهم عن الأحياء والمدن أثقل كاهل العديد من المواطنين خاصة المرضى منهم الذين يضطرون إلى استعمال المراحيض عدة مرات في اليوم ولكن دون جدوى إلا في حال اللجوء إلى المقاهي والمطاعم، حيث يتحتم عليه دفع ثمن مشروب أو شيء آخر وإلا لا يسمح له باستعمال المرحاض مجانا. تذمر المواطنين من قلة المراحيض العمومية في شوارع العاصمة خاصة المرضى منهم في جولة استطلاعية قادت ''الحوار'' إلى بعض شوارع العاصمة استقصينا آراء بعض المواطنين حول هذا المشكل الذي بات يؤرقهم خاصة المرضى منهم. يقول محمد موظف بالبلدية: ''لقد بات هذا المشكل لصيقا بدول العالم الثالث فقط، أما في الدول المتحضرة فتعد المراحيض العمومية من الأساسيات وهي متواجدة في كافة المدن والأحياء ومجهزة بكافة المستلزمات الضرورية، أما هنا في الجزائر فهي بعيدة كل البعد عن هذا المستوى، حيث يصادف أنك تجد في شارع بطوله وعرضه مرحاضا عموميا واحدا يفتقر لأدنى وسائل النظافة، مما يضطر الكثيرين إلى التبول في الشارع خاصة الذين لا يستطيعون الصبر والتحمل''. أما أمين طالب بجامعة الحقوق: ''صراحة هذا المشكل يمس كل المواطنين خاصة المسافرين وعابري السبيل والمرضى المصابين بداء السكري، ففي هذه الحالات يحتار المرأ أين يقضي حاجته إذا حدث وأن لم يصادف في طريقه مرحاضا، فيضطر إما أن يتبول في الطريق أو في الممر أو يلجأ إلى المقاهي والمطاعم لكن في هذه الحالة قد يقابل بالرفض من قبل أصحاب المقاهي الذين لا يتقبلون فكرة اتخاذ محلاتهم مكانا للتبول فقط''. أما السيدة آمال فتقول في هذا الخصوص: ''هذا المشكل يمس خاصة سائقي الشاحنات والذين يقومون بالسفريات الطويلة وزوجي واحد منهم، حيث يضطر لقضاء حاجته في أماكن مختبئة وزوايا لأنه لا يستطيع أن يتحمل المسافة كلها فذلك يعرضه للإصابة بالمرض لا سمح الله وهذا مشكل كبير يجب على السلطات المعنية أن تأخذه بعين الاعتبار''. منظر المتبولين في الطريق يزعج المارة ويشوه البيئة ومن جهة أخرى يرى بعض المواطنين أن قلة المراحيض العمومية ليس بالحجة الكافية لأن يقوم بعض الأشخاص المضطرين إلى التبول بأن يقوم بقضاء حاجتهم أمام مرأى الناس، فهناك حرمات لا يجب تجاوزها إضافة إلى تشويه المنظر العام ناهيك عن الروائح الكريهة المنبعثة جراء ذلك. تقول إلهام عاملة في القطاع الصحي: ''إنني أستنشق كل يوم عندما أعبر من أماكن أختصر فيها الطريق روائح تصعقني وتثير اشمئزازي خاصة في الفترة الصباحية، فأشعر بالدوار وينتابني شعور بالقيء ذلك أن الكثير من الأشخاص يقومون بالتبول دون مراعاة ما يسببه ذلك من روائح كريهة تزعج المارة. صحيح أننا نعاني كثيرا من قلة المراحيض العمومية في الأماكن التي تعرف ازدحام الناس ومن المفروض أن تتواجد، إلا أنه ليس بالدافع القوي الذي يستدعيهم للقيام بهذا الفعل أينما كانوا فهناك طرق أخرى كالذهاب للمقاهي أو المطاعم خاصة بالنسبة للرجال الذين يقومون بهذه الفعلة أكثر من النساء''. أما أنيس فيقول: ''بصراحة أنا أندهش من جرأة هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بقضاء حاجتهم أمام الملأ دون حياء أو مراعاة الأشخاص المارين من أمامهم، لكن في الأخير لا يمكن إلقاء اللوم عليهم وحدهم وأن ننتقدهم هكذا لأن المسؤولية تقع على عاتق السلطات المعنية التي وجب عليها توفير المراحيض العمومية حتى لا يضطر الشخص للبحث عن الزوايا أو الممرات لقضاء الحاجة. كذلك النقطة المهمة الأخرى هي الحفاظ على منظر حضاري ونظيف. وللإشارة فإنه كانت بعض المراحيض منتشرة في أزقة العاصمة إلا أن بعضها تغيرت وظيفته واتخذ كمكان لبيع الحلويات أو الأشرطة وغيرها مما أدى إلى وجود هذا النقص الفادح في هذا المرفق الضروري''.