نظمت لجنة الحفلات لبلدية بوعنداس التابعة لولاية سطيف، نهاية شهر فيفري المنصرم، ندوة فكرية حول علاقة الدين بالفن نشطها جملة من الأساتذة الجامعيين والباحثين في حضور السلطات المدنية والعسكرية، وجمع غفير من الطلبة والتلاميذ، وهواة المسرح والتمثيل والغناء وثلة من الإعلاميين. لقيت الندوة التي كانت دار الشباب ببوعنداس مسرحا لها، مؤخرا، استحسانا كبيرا من قبل الحضور، ولقيت صدى إيجابيا من قبل المتتبعين حسب رئيس لجنة الحفلات الهيئة المنظمة للندوة الجهوية الثانية حول ''العلاقة بين الدين والفن''، حيث أكد رئيس اللجنة عبد الرحيم حمامي ل ''الحوار'' أن هذه الندوة تدخل في إطار برنامج لجنة الحفلات للبلدية الخاصة بإحياء المناسبات الوطنية والأيام العالمية. وقد أبرز المتدخلون ممثلون في اساتذة جامعيين من كل من جامعات سطيف وبجاية والجزائر، العلاقة بين الدين والفن من خلال اللمحات التاريخية والبعد الإنساني للفن، وكذا الإسقاطات الواقعية من خلال تاريخ وثقافة وهوية المجتمع الجزائري، حيث أجمع كل من الدكتور لخديم عبد الله والأساتذة يزيد بوعروري، عينيات، لعيدودي، وطيبي على دور الدين في توجيه وإبراز القدرات الفنية للإنسان وحثه على الإبداع فيها، باعتبار الجمال والفن المبني على التناسق والانسجام آلية من آليات التأسيس. ولم يفوت الأساتذة المتدخلون الفرصة للتنبيه إلى الخصوصية الفنية لكل أمة والحاملة في بنياتها البعد الإنساني. كما كانت الفرصة مواتية للأساتذة الباحثين لإبراز دور الفن بكل أشكاله في نصرة القضية الوطنية العادلة وهي تؤسس لمسارها التحرري من نير الاستعمار، فكان الإخوة راسم ونصر الدين دينيه والكتاب والفنانين حاضرين بقوة، وهم يوظفون الفن في أبعاده الإنسانية التواقة لنصرة الحرية والاستقلال من أجل تعبيد مسار الإبداع أمام الفرد الجزائري بعيدا عن القيود وفي توافق تام مع ثقافة وهوية وحضارة هذا الشعب الأبي. ولم تخل الندوة من نقاشات قيمة أثارها طلبة وباحثون ومسرحيون ولاسيما حول إشكالية العلاقة بين الدين والفن، وترويج البعض على أنها علاقة تصادم وتنافر، في حين تم تبادل الأفكار مع المتدخلين والاتفاق على أن الفن مطلب إنساني وفطرة بشرية جاء الإسلام لتحرريها من الوثنية والعبودية للمخلوق وإرجاعها إلى مسارها الطبيعي المتمثل في خدمة الإنسان ومساعدته على الترقي في الإحساس بعظمة الخالق وخدمة الإنسانية. للتذكير كانت ''الحوار'' حاضرة بقوة من خلال التدخل والتعقيب والتغطية، بمداخلة ''الدين والفن.. صراع المقاربة والمغالبة''، والتي تم التحذير فيها من الوقوع في مغالطة إشكالات وتساؤلات ليست من صميم مجتمعاتنا، على أساس أن تصور العلاقة بين الدين والفن وليدة حركية مجتمعات غربية وشرقية، بعيدا عن الخصوصيات الثقافية لمجتمعاتنا، المبنية على المقاومة وعشق الحرية ونصرة المظلوم، وتلك قيم إنسانية يخطئ من يقزم من قيمتها أو يوجهها لغير وجهتها، وفي هذا المقام يحسن التنبه إلى مقالة المؤرخ بن خلدون والتعامل معها بذكاء ''المغلوب مولع بتقليد الغالب''. وفي الأخير تم إسداء الكلمة لعدد من ممثلي السلطات المحلية، على رأسهم ممثل الولاية في مجلس الأمة النائب لكحل العمري، فضلا عن ممثل عن منظمة المجاهدين وبعض المنتخبين المحلين، لتختتم الندوة بتكريم بعض الشخصيات والأساتذة المحاضرين.