أعلنت اللجنة الاستشارية الفرنسية لسرية الدفاع الوطني رفعها صفة السرية عن وثيقة واحدة خاصة بالتجارب النووية الفرنسية لعام ,1964 والتي تخص أحد الطيارين الذي شارك في تجربة بالجزائر في 14 فيفري من العام ذاته. وجاء في الجريدة الرسمية التي نشرت أمس السبت أن قرار رفع السرية عن هذه الوثيقة قد جاء تبعا لموافقة اللجنة إيجابا على رفع السرية عن الوثائق المتعلقة بهذه التجارب بين عامي 1963 و1964 والخاصة بالخدمات الطبية التي تلقاها عناصر الجيش الفرنسي. وتذكر الجريدة الرسمية وفقا لما أشارت إليه وكالة الأنباء الفرنسية أن قرار رفع السرية يهدف إلى التحقق من تعرض العسكريين الذين شاركوا في التجارب النووية وطبقوها على الميدان، ما يعني أن هذه القرار يستثني الأشخاص المدنيين، الأمر الذي يؤكد أن الضحايا الجزائريين لن يستفيدوا من الوثائق التي قد ترفع عنها صفة السرية، بالرغم من أن باريس قد قامت بست تجارب نووية في باطن الأرض الجزائرية، وفقا للمعلومات القليلة المتوفرة التي أفرجت عنها وزارة الدفاع الفرنسية. وأشارت الوكالة ذاتها أن الوثيقة الوحيدة المفرج عن سريتها تخص قضية الطيار ميشال غوجور الذي شارك في فريق طائرة الشمال ,2501 والذي أصيب بأعراض جسيمة على مستوى الغدة الدرقية، في حين توفي طاقم الطائرة الذي قام بتجارب نووية من نوع أوبال أو ''العقيق'' في 14 فيفري 1964 بالصحراء الجزائرية. وقال المصدر ذاته إنها المرة الثانية التي تتطرق فيها اللجنة الفرنسية الاستشارية لسرية الدفاع الوطني لموضوع الآثار الصحية للتجارب النووية الباطنية في الجزائر من عام 1960 إلى .1964 ووفقا لما جاء في الجريدة الرسمية، فإن للجنة المشار إليها سالفا قد قامت بهذا الإجراء بعد طلب من وزير الدفاع الفرنسي هرفيه موران، بعد إشعارها بتاريخ 3 سبتمبر 2009 بذلك. وتشير بعض المصادر إلى أن ما يقارب 150 وثيقة تنتظر إصدار الرأي فيها من قبل اللجنة الاستشارية لرفع السرية عنها. وتذكر الإحصاءات الصادرة من باريس أن فرنسا قد قامت ب250 تجربة نووية من عام 1945 حتى ,1998 في حين لم تكشف إلا عن 17 تجربة قامت بها في الجزائر، أربع منها فوق الأرض وهي اليربوع الأزرق والأبيض والأحمر والأخضر، في حين أن البقية قد تمت في باطن الأرض. وما يصعب استفادة الجزائر من الوثائق المفرج عنها من عام 1963 إلى 1964 هو أنها تخص الأشخاص العسكريين فقط، في حين أن أغلب الضحايا الجزائريين من المدنيين، إضافة إلى تشبث الفرنسيين ببعض بنود اتفاقيات إيفيان التي تخول السلطات الفرنسية الاستفادة من بعض الامتيازات. وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد أعلنت العام الماضي عن رصدها لمبلغ عشرة ملايين يورو لتعويض الضحايا العسكريين لتجاربها النووية في كل من الجزائر وجزر بولينيزيا، إلا أن هذا القرار استثنى المدنيين والأشخاص الذين لا يحملون الجنسية الفرنسية، إضافة إلى أن باريس تفادت الحديث عن تنقية هذه المناطق من بقايا التجارب التي مازالت إلى اليوم تتسبب في أضرار للبشر والحيوان وحتى النبات والطبيعة عموما. وقد تستند الجزائر على هذه الوثيقة باعتبارها وثيقة اعتراف على كارثية التجارب النووية في الجزائر من أجل المطالبة بتعويضات، فضلا عن تحمل نفقات تنقية المنطقة من الإشعاعات النووية الخطيرة. فيما يمكن التساؤل عن وقت الإفراج عن هذه الوثيقة المتزامن مع ذكرى مجازر الثامن ماي 1945 من القرن الماضي، والتي يبدو أن السلطات الفرنسية لا تحسن غير استفزاز مشاعر الجزائريين، رغم أنها قدمت خدمة بالإفراج عن دليل مادي ووثيقة سرية قد تسهم في إدانتها وتحميلها المسؤولية التاريخية على سنوات الدم والدمار التي عاشتها الجزائر تحت سيطرتها ظلما وعدوانا.