نشرت الجريدة الرسمية الفرنسية أمس قرار قبول اللجنة الاستشارية لسرية الدفاع الوطني الفرنسي بإزالة السرية عن وثيقة من وزارة الدفاع بخصوص التجربة النووية التي أجريت في الجزائر سنة ,1964 حيث سبق أن أعطت اللجنة الاستشارية لأسرار الدفاع الفرنسي رأيا ايجابيا حول الإفراج عن الوثائق المتعلقة بالإجراءات الفرنسية التي اتخذت سنتي 1963 و1964 وهي إجراءات خاصة بالطب العسكري الفرنسي للتأكد من وجود تلوث إشعاعي لدى العسكريين المشاركين في التجارب النووية في الجزائر وبولينيزيا. وحسب ما أفادت به يومية لوموند الفرنسية أمس فإن الوثيقة السرية المفرج عنها تكشف تفاصيل التجربة النووية التي أجريت بتاريخ 14 فيفري ,1964 وأصيب خلالها طيار عسكري يدعى ميشال غوجور بالأشعة النووية، وتحدثت اللجنة الاستشارية لأسرار الدفاع الفرنسي عن حالة ثانية متعلقة بتأثير الإشعاعات النووية على صحة المستخدمين العسكريين أثناء التجارب النووية- الجوية وتحت الأرض الجزائرية، بين 1960 و,1964 ويتعلق الأمر بإماطة اللثام عن وثيقة سرية صادرة عن مركز الأبحاث الصحية للجيش الفرنسي بتاريخ الثاني ماي .1964 وهذا الإفراج عن الوثيقة السرية مرهون برأي وزير الدفاع الذي قد يأخذ برأي اللجنة في هذه النقطة أو العكس، علما بأن ما يقارب 150 رأيا سابقا في قضايا الدفاع وأسرار وزارة الدفاع الفرنسية لهذه اللجنة الاستشارية سبق وعمل بها قصرا الإليزيه وماتينيون ووزارة الدفاع الفرنسية، وقالت اللجنة أنها قدمت رأيها بناء على مراسلة لوزير الدفاع الفرنسي هيرفي موران، وعرفت قضايا أسرار التجارب النووية جدلا واسعا في أوساط اللجنة والصحافة الفرنسية. وعلى الصعيد المحلي، فإن قضية الكشف عن أسرار التجارب النووية الفرنسية على الأراضي الجزائرية تؤكد بصفة مباشرة تعنت الاستعمار واعترافه بفرض تجاربه الإشعاعية الفظيعة، التي فاق عدد ضحاياها 42ألفا وكانت الحكومة الفرنسية قد أقرت قانونا لتعويض ضحايا هذه التجارب العام الماضي والذي تعرض لانتقاد فرنسي وجزائري كونه لم يعالج القضية في جوهرها وأنه جاء لإسكات أصوات مجموعة من العسكريين فقط ولم يضع في الحسبان الأرض والحيوان والموارد المائية التي تضررت من الإشعاعات، كما تجاهل الضحايا المدنيين الجزائريين. وكانت جمعية 13 فيفري 1960 قد أكدت ان القانون لا يستجيب لتطلعات الجمعية المتمثل في التكفل بمعالجة كل آثار التجارب خاصة بمنطقة رقان التي شهدت تفجير قنبلة طاقتها التفجيرية تقدر بحوالي 70 كيلوطن، أي ما يفوق 7 أضعاف قنبلتي هيروشيما وناكازاكي في الحرب العالمية الثانية، وهي مأساة عرفت باسم ''اليربوع الأزرق''، وامتد تأثيرها حتى إلى البلدان الأفريقية المجاورة. كما أن الجيش الفرنسي غادر قواعده في الصحراء تاركا آلاف الأطنان والمعدات المشعة تحت الرمال لتقضي على الإنسان والحيوان والبيئة وآثارها ستمتد لعدة قرون أخرى. وقد أجرت فرنسا 17 تفجيرا نوويا بالجزائر حسب تقديرات فرنسية، علاوة على 40 تفجيرا مصغرا آخر حسب تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد تحقيق بسيط أجري عام 1999 ولم ينشر إلا سنة ,2006 وتشير دراسات أخرى إلى أن فرنسا أجرت في الجزائر 57 تجربة نووية في ثلاثة مواقع رئيسة منها أربع تجارب سطحية، 13 تجربة في الأنفاق و35 تجربة إضافية على مستوى الآبار.