عادت المجاهدة نجية قربسي بذاكرتها إلى سنوات الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي، لتروي قصص نضالها رفقة كوكبة من الشهداء والمجاهدين والمجاهدات، في جبال بوزقزة بالناحية التاريخية الرابعة. لتدعو بعدها بنات الجزائر إلى مواصلة حمل المشعل وخدمة الوطن، حفاظا على رسالة ووصية من سقطن شهيدات حتى يحيين اليوم حرات. ''أحمد الله أنه وهبني الحياة وطيلة العمر لأرى الجزائر حرة مستقلة''، هي عبارة استهلت بها المجاهدة نجية قربسي حديثها معنا، بعد تردد، عرفنا سببه، فكما قالت، لم أكن يوما محط اهتمام الصحافة أو الإعلام بالرغم من أنني احتككت بهم طيلة 15 سنة عملت بها على مستوى دار الصحافة الطاهر جاووت بساحة أول ماي. وأضافت، لا نبحث عن الشهرة أو صنع اسم، فيكفينا أننا صنعنا الجزائر الحرة المستقلة. ''كافحنا من أجل الجزائر ونأمل أن تحافظ عليها الأجيال الصاعدة'' هي من مواليد سنة 1939 بلدية حسين داي بالعاصمة، عاشت رفقة عائلتها بهذا الحي الشعبي العريق، إلى أن بلغت سن ال 18 وتحديدا عام ,1957 لتلتحق بصفوف جيش جبهة التحرير الوطني. حسب ما تظهره وثائقها وبطاقة انتسابها إلى المنظمة الوطنية للمجاهدين، المجاهدة قربسي، أو الحاجة نجية، كما فضلنا مناداتها في لقائنا معها، على هامش حفل تكريمي لبعض المجاهدين نظمته المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين بمناسبة إحياء ذكرى مجازر ال 8 ماي .1945 فضلت الحاجة نجية عدم التحدث كثيرا عن يومياتها في الجبال إبان الثورة ولا عن الأحداث التاريخية الكبرى التي مرت عليها، فكما ترى، لا فائدة من التحدث عن هذه التفاصيل اليوم، فلم نكن وقتها نفكر أنه سيكتب لنا عمر ويأتي اليوم الذي نروي فيه ما عشناه لأبنائنا وأحفادنا، ومن يستحق أن نروي بطولاتهم هم من سقطوا شهداء في ساحات المعارك، حتى لا تمحى وتفقد ذكراهم، وتبقى أسماؤهم محفوظة في سجلات التاريخ. من أمثال الشهيد محمد بوقرة الذي أتشرف أنني كنت في يوم من الأيام رفيقته في حمل السلاح. والشهيد سي الشريف، والشهيد الحاج لخضر باليسترو، وغيرهم ممن يستحقون التقدير والتمجيد. نضال جزائريات الأمس لا يختلف عن نضال حفيداتهن اليوم ترى الحاجة نجية أن ما قدمته المرأة الجزائرية بالأمس من نضالات واستشهادات وبطولات، لا يختلف عما تقدمه اليوم ابنتها وحفيدتها. موضحة أن جبهة المواجهة تختلف إلا أن قدر الجزائريات لم يختلف، إذ كتب عليهن النضال على مرّ الزمن، فمن مكافحة بطش وظلم الاستعمار لأزيد من قرن و32 سنة شاركت فيها في الثورات الشعبية والمعارك، واحتمت خلالها بالجبال، إلى نضالها في وجه الأيادي الهمجية خلال العشرية السوداء، وهاهي اليوم تواصل مسيرتها النضالية من أجل استتباب الأمن والاستقرار الذي عرفته البلاد في العشرية الأخيرة. فكما أسمعت المرأة الجزائرية صوتها بالأمس ليعرف العالم بأسره حب الجزائريين لوطنهم وعدم تقبلهم لأي سيطرة أجنبية عليهم أو أي تبعية للخارج، تعمل اليوم لتحقيق نفس الهدف، فالإطارات النسوية الشابة على كافة المستويات ذاع صيتها في شتى المجالات، لتثبت للبشرية قاطبة أن الجزائر حرة وأن المرأة الجزائرية حرة ويمكن تحقيق المعجزات في ظل هذه الحرية، وأن رأس مال الجزائر ليس ثرواتها الطبيعية وحسب وإنما طاقتها البشرية من رجال ونساء مستعدين لدفع أرواحهم في سبيل الحفاظ على سيادتها.