بسكرة/مهرجان برج بن عزوز السنوي للفروسية والبارود: استعراضات بهيجة للخيالة في فعاليات الطبعة الرابعة    إصابات واعتقالات في صفوف الفلسطينيين خلال مواجهات مع الاحتلال الصهيوني بالضفة الغربية المحتلة    رابطة أبطال إفريقيا/مولودية الجزائر- أورلوندو بيراتس 0-1: ''العميد'' يتعثر داخل الديار    ثاني أيام عيد الفطر: استجابة واسعة للتجار والمتعاملين الاقتصاديين لنظام المداومة    إسقاط طائرة بدون طيار مسلحة اخترقت الحدود الوطنية    كاس الجزائر للمشي على الطريق: اجراء طبعة 2025 في 12 ابريل بمالبو    كرة القدم (كأس الكونفدرالية) : شباب قسنطينة -اتحاد الجزائر, لقاء جزائري بطابع نهائي قاري    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50399 شهيدا و114583 جريحا    وزيرة التضامن الوطني تتقاسم فرحة العيد مع الأطفال مرضى السرطان والمسنين    مزيان وسيدي السعيد يهنئان أسرة الصحافة الوطنية بمناسبة عيد الفطر المبارك    سونلغاز : نحو ربط 10 آلاف مستثمرة فلاحية بالشبكة الكهربائية في 2025    عيد الفطر المبارك : السيدان مزيان وسيدي سعيد في زيارة إلى وكالة الأنباء الجزائرية    مرصد حقوقي يدعو لفرض عقوبات على الاحتلال بسبب جرائمه في قطاع غزة    فتح معظم المكاتب البريدية غدا الأربعاء    المناوبة أيام العيد...التزام مهني, ضمانا لاستمرارية الخدمة العمومية    رئيس الجمهورية يتلقى تهاني نظيره الفرنسي بمناسبة عيد الفطر المبارك    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار: تسجيل قرابة 13 ألف مشروع استثماري إلى غاية مارس الجاري    عيد الفطر: استجابة واسعة للتجار والمتعاملين الاقتصاديين لنظام المداومة خلال اليوم الاول    الجلفة..زيارات تضامنية للمرضى والطفولة المسعفة لمقاسمتهم أجواء عيد الفطر    عيد الفطر بمركز مكافحة السرطان بوهران : جمعيات تصنع لحظات من الفرح للأطفال المرضى    رئيس الجمهورية يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك بجامع الجزائر    رئيس الجمهورية يهنئ أفراد الجيش الوطني الشعبي وأجهزة الأمن والأطقم الطبية بمناسبة عيد الفطر    رئيسة الهلال الأحمر الجزائري تزور أطفال مرضى السرطان بمستشفى "مصطفى باشا" لمشاركة فرحة العيد    "الكسكسي, جذور وألوان الجزائر", إصدار جديد لياسمينة سلام    مسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة .. منارة إيمانية و علمية تزداد إشعاعا في ليالي رمضان    طوارئ بالموانئ لاستقبال مليون أضحية    الجزائر حريصة على إقامة علاقات متينة مع بلدان إفريقيا    الدرك يُسطّر مخططا أمنياً وقائياً    الفلسطينيون يتشبّثون بأرضهم    الشباب يتأهّل    فيغولي.. وداعاً    66 عاماً على استشهاد العقيدين    موبيليس تتوج الفائزين في الطبعة ال 14 للمسابقة الوطنية الكبرى لحفظ القرآن    مؤسسة "نات كوم": تسخير 4200 عون و355 شاحنة    الجزائر تستحضر ذكرى العقيد عميروش قائد الولاية الثالثة التاريخية    القضاء على مجرمين اثنين حاولا تهريب بارون مخدرات بتلمسان    صايفي: كنت قريبا من الانتقال إلى نيوكاستل سنة 2004    مدرب هيرتا برلين ينفي معاناة مازة من الإرهاق    تحويل صندوق التعاون الفلاحي ل"شباك موحّد" هدفنا    المخزن واليمين المتطرّف الفرنسي.. تحالف الشيطان    ارتفاع قيمة عمورة بعد تألقه مع فولفسبورغ و"الخضر"    فنون وثقافة تطلق ماراتون التصوير الفوتوغرافي    أنشطة تنموية ودينية في ختام الشهر الفضيل    بين البحث عن المشاهدات وتهميش النقد الفني المتخصّص    تقييم مدى تجسيد برنامج قطاع الشباب    غضب جماهيري في سطيف وشباب بلوزداد يكمل عقد المتأهلين..مفاجآت مدوية في كأس الجزائر    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    بمناسبة الذكرى المزدوجة ليوم الأرض واليوم العالمي للقدس..حركة البناء الوطني تنظم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني    منظمات حقوقية: على فرنسا التوقف فورا عن ترحيل الجزائريين بطريقة غير قانونية    توجيهات وزير الصحة لمدراء القطاع : ضمان الجاهزية القصوى للمرافق الصحية خلال أيام عيد الفطر    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    6288 سرير جديد تعزّز قطاع الصحة هذا العام    أعيادنا بين العادة والعبادة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجموعة الثماني.. مستقبل مرهون ومجموعة العشرين البديل المحتمل
نشر في الحوار يوم 27 - 06 - 2010

ما هي السبل الكفيلة بالسيطرة على العجز في الميزانية دون التأثير على وتيرة النمو الاقتصادي؟ هو السؤال الذي سعى قادة دول مجموعة الثماني إلى الإجابة عنه في اجتماعات القمة التي في كندا. أوباما و ميركل و دميتري ميدفيديف أو كذلك نيكولا ساركوزي وصلوا إلى مدينة هونتسفيل شمال تورنتو حيث كان في استقبالهم رئيس الحكومة الكندية ستيفن هاربر. كما أنها المشاركة الأولى في أعمال القمة لرئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون و نظيره الياباني ناوتو كان.القمة تسعى إلى تجاوز الخلاف الأمريكي الأوروبي حول السياسات المعتمدة للخروج من الركود الإقتصادي ففي حين فضلت أمريكا خيار النهوض بالإقتصاد عبر التشجيع على الإستهلاك رأت أوروبا في الإجراءات التقشفية و الحد من الميزانية الحل الأمثل لدفع عجلة الإقتصاد مجددا. و بعد انتهاء اجتماعاتهم التحق هؤلاء القادة بعد ذلك بنظرائهم في الدول النامية للمشاركة في قمة دول العشرين التي تضم أكبر اقتصادات العالم الصاعدة.
ويقول الخبراء أن عدة تغيرات هامة طرأت على قمة الثماني الكبار جعلت أيام المجموعة معدودة ، ففي الوقت الذي برهنت فيه مجموعة العشرين بأنها منبر فعال للقادة، و برهنت أيضا على سلطتها وقوتها الناجحة خلال الأزمة المالية، وأوجدت إطارا للدول لمراجعة سياساتها حتى يتسنى لها خلق الظروف لنمو عالمي قوي ومتوازن ومستدام، أضحى مستقبل مجموعة الثماني غير واضح، لكن وبالحكم على التصريحات التي تصدر عن قادة مجموعة الثمان، فإن للمجموعة دورا ستستمر في لعبه في المجالات غير الاقتصادية والتي مازالت تلعب فيها دورا كبيرا وبخاصة في الأمن وانتشار السلاح النووي والمساعدات التنموية وربما أيضا في الشرق الأوسط... نشرت الشرطة الكندية الآلاف من رجالها في شوارع مدينة تورنتو تحسبا لحدوث أعمال شغب عادة ما ترافق أعمال قمة الدول الثماني. وتوقع خبراء في وقت سابق أن تشهد قمة الثماني الكبار المحادثات خلافا بين أوروبا والولايات المتحدة مع مطالبة واشنطن حلفاءها الأوروبيين بعدم تخفيض الإنفاق الحكومي قبل ضمان قوة التعافي خشية الدخول في الركود مجددا. وبالمقابل ستناقش قمة مجموعة العشرين فرض ضرائب على البنوك لتمويل أي أزمات مستقبلية، ويرى المراقبون ان التوصل لاتفاق حاسم قليل الاحتمال.
قمتان لمجموعتين اقتصاديتين هامتين تلتئمان في مكان واحد
القمة الأولى عقدت أول أمس و تتعلق بمجموعة الثماني، التي تضم الدول الصناعية الكبرى. أما الثانية فتتعلق بمجموعة العشرين، التي تضم إضافة إلى الدول الصناعية الدول الناشئة، و من المقرر أن انعقدت أمس السبت و تستمر حتى اليوم الأحد . قادة مجموعة الثماني سعوا خلال اجتماعهم، للتخفيف من شأن الخلافات حول أفضل السبل، لصيانة الانتعاش الاقتصادي المسجل حديثا والذي لا يزال هشا.القمة التي توسعت لتشمل زعماء ست دول إفريقية خصصت خمسة مليارات دولار لصحة الأم و الطفل في الدول النامية.رئيس الوزراء الكندي، وفي هذا السياق قال ستيفن هاربر خلال مؤتمر صحافي عقده بعد اختتام أعمال القمة، إن المثال الذي أعطاه قادة مجموعة الثماني اجتذب هبات ومساهمات من دول أخرى . و أكد أن قادة الثماني تعهدوا بتقديم 5 مليارات دولار، لتعزيز صحة الطفل و الأم، مضيفا أن هذا التعهد التزام تاريخي.في هذه الأثناء تظاهر حوالي ألفي شخص في شوارع تورونتو بكندا، وسط انتشار كثيف لعناصر الشرطة. فما هي مجموعة الثماني وكيف أنشئت ، وما الدور الذي تلعبه مجموعة العشرين وهل دورها مكمل للثمانية ام أنها تلعب دورا قد يزعزع مكان كبار العالم ؟
مجموعة الثماني.. و الخلفية التاريخية لنشأتها
مجموعة الثمانية بالإنجليزية Group of Eight أو (G8) أو مجموعة الدول الصناعية الثمانية ، هي مجموعة تضم الدول الصناعية الكبرى في العالم. أعضائها هم: الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وألمانيا، وروسيا الاتحادية، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا,يمثل مجموع اقتصاد هذه الدول الثمانية 65% من اقتصاد العالم و أغلبية القوة العسكرية (تحتل 7 من 8 مراكز الأكثر أنفاقاً على التسلح وتقريباً كل الأسلحة النووية عالمياً). يشار إلى أن المجموعة ظهر إلى الوجود اثر اجتماع الدول الديمقراطية الأكثر تصنيعاً بعد أزمة النفط عام 1973 وفترة الركود الاقتصادية التي تبعتها. في عام ,1974 أنشئت الولايات المتحدة مكتبة المجموعة، تجمع غير رسمي للمسؤولين الاقتصاديين من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة و ألمانيا الغربية واليابان وفرنسا. وفي عام ,1975 دعا الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان زعماء حكومات ألمانيا الغربية وايطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية إلى قمة في رامبوييه. أتفق الزعماء الستة على تنظيم اجتماع سنوي تحت رئاسة متناوبة، مشكلين بذلك مجموعة الستة. وفي السنة المقبلة، انضمت كندا إلى المجموعة بناء على توصية الرئيس الأمريكي جيرالد فورد، وأصبحت تعرف بمجموعة السبعة. ويمثل الإتحاد الأوربي من قبل رئيس الإتحاد الأوربي وزعيم الدولة التي تتولى رئاسة مجلس الإتحاد الأوربي وحضر كل الاجتماعات منذ أن تمت دعوته من قبل المملكة المتحدة في عام .1977 وبعد انتهاء الحرب الباردة بتفكك الإتحاد السوفيتي في عام ,1991 أصبحت روسيا الدولة الوريثة. بداية بقمة نابولي عام ,1994 أجتمع المسؤولون الروس بشكل منفصل مع زعماء مجموعة الثمانية بعد انتهاء القمة الرئيسية. عرفت هذه المجموعة بالثمانية السياسية ، أو بلغة الدارجة بمجموعة السبعة زائد واحد وبمبادرة رئيس الولايات المتحدة بيل كلينتون، انضمت روسيا بشكل رسمي إلى المجموعة في عام ,1997 ناتجاً عن ذلك مجموعة الثمانية (G8).
مجموعة الثمانية.. ملتقى غير رسمي يجعلها لا تشبه المنظمات الدولية
مجموعة الثمانية ملتقى غير رسمي ولذلك يفتقد إلى الهيكل التنظيمي الشبيه بالمنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي. لا يوجد للمجموعة سكرتارية ثابتة، أو مكاتب لأعضائها. تدور رئاسة المجموعة سنوياً بين الدول الأعضاء، وتبدأ فترة الرئاسة من 1 جانفي من كل سنة. على ان تكون الدولة الحائزة على الرئاسة مسؤولة عن التخطيط واستضافة مجموعة من الاجتماعات الوزارية، استعدادا للقمة النصف السنوية التي يحضرها زعماء الدول الأعضاء. تجمع الاجتماعات الوزارية الوزراء مسؤولين عن حقائب مختلفة من أجل مناقشة قضايا مشتركة أو ذو بعد عالمي. يتضمن مجال المواضيع الصحة وتطبيق القانون و العمالة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والطاقة والبيئة والعلاقات الخارجية و القضاء والقضايا الداخلية والإرهاب والتجارة.
على وقع الانتقادات والمظاهرات.. القمة تنعقد كل سنة
يحضر القمة السنوية لمجموعة الثمانية ثمانية زعماء الدول الأكثر نفوذاً في العالم. لذلك، هو حدث دولي الذي يتم مراقبته ونقل الأخبار عنه من قبل الأعلام. وتلتزم الدولة العضو الحائزة على زعامة مجموعة الثمانية مسؤولة عن تنظيم واستضافة القمة السنوية، تعقد لمدة ثلاثة أيام في منتصف السنة. تمثل الدول الثمانية التي تشكل مجموعة الثمانية تقريباً 14% من سكان العالم، ومع ذلك تمثل ثلثي الاقتصاد العالمي قياساً بالناتج القومي. ومما يميز كل قمم مجموعة الثماني هو انعقادها على وقع المظاهرات كما أن القمم السنوية تحظى بتغطية إعلامية واسعة، وتتعرض لضغوطات من قبل جماعات الضغط ومظاهرات الشوارع, ومن الانتقادات الشائعة عن أن أعضاء مجموعة الثمانية هم المسؤولين عن القضايا العالمية مثل الفقر في أفريقيا والدول النامية بسبب الدين الخارجي والسياسة التجارية، والاحتباس الحراري بسبب أنبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ومشكلة الايدز بسبب السياسة المتشددة في ترخيص الأدوية والمشاكل الأخرى المتعلقة بالعولمة. كما أن هناك انتقاد أخر يتمحور حول عضوية الدول الثمانية ولعدم تمثيل الجنوب العالمي يؤدي ذلك إلى تصنيف الكثير من النقاد لمجموعة الثمانية كمؤسسة للمحافظة على الهيمنة الاقتصادية الغربية. وفي القمة الحالية التي تنعقد في تورنتو الكندية تجمع نحو ألفي محتج في أكبر تجمع حتى الآن ضد اجتماع قمة مجموعة العشرين، مواجهين الشرطة على بعد بنايات فقط من القنصلية الأمريكية. ونظم ناشطون وجماعات عمالية ومحتجون آخرون، يطالبون مجموعة العشرين ببذل المزيد لمكافحة الفقر، مسيرة في شوارع وسط مدينة تورنتو الكندية، ولكن الشرطة قطعت الطريق عليهم لدى اقترابهم من المنطقة الأمنية التي أقامتها السلطات حول وهتف المتظاهرون ''دعونا نسير'' في الوقت الذي منعتهم الشرطة من التقدم، وقالت الشرطة في وقت لاحق إنها أغلقت السياج الأمني حول المنطقة. وخصصت كندا أكثر من مليار دولار كندي (970 مليون دولار) من أجل توفير الأمن لقمتي مجموعة العشرين ومجموعة الثمانية.ووعدت جماعات غير حكومية بتنظيم احتجاجات سلمية خلال القمة ساعية إلى تسليط الضوء على مجموعة من القضايا من بينها الفقر العالمي وحقوق المرأة والعمال.ولكن الاجتماعات السابقة لمجموعة العشرين اجتذبت جماعات عنيفة مصممة على تعطيل الاجتماعات أو الاشتباك مع الشرطة، ونبهت وزارة الخارجية الأمريكية الأمريكيين إلى ضرورة تجنب وسط مدينة تورنتو أثناء انعقاد القمة.
مجموعة العشرين البديل المحتمل للثماني الكبار
تضم عضوية الدول العشرين كلا من الدول الصناعية الثمان الكبرى إيطاليا وألمانيا وروسيا وفرنسا وكندا وبريطانيا وأمريكا واليابان, إضافة الى السعودية والأرجنتين والبرازيل وجنوب أفريقيا وتركيا وأستراليا كوريا الجنوبية والهند والصين والمكسيك وإندونيسيا إضافة إلى الاتحاد الأوروبي. في عام 2008 أحدثت الأزمة المالية الكونية تغييرا في لقاءات القمة الاقتصادية العالمية حيث حلت مجموعة العشرين بدلا من مجموعة الثماني، الأمر الذي يبرهن بأن منبرا واسع العضوية هو أقدر على التعامل مع أسوأ ركود اقتصادي عرفه العالم منذ عقود. وبعد عام واحد، أي في خريف عام 2009 أعلنت مجموعة العشرين عن نفسها كمنبر رئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي، بمعنى أن مجموعة العشرين لم تعد تدعي هيمنة على حقل التعاون الاقتصادي الدولي, وهو مبرر وجودها في منتصف السبعينيات. والتغير الجذري في لقاءات القمة يقترح بأن أيام مجموعة الثماني قد أصبحت معدودة، غير أن اللافت أن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر سيستضيف قمة مجموعة الدول الثماني في جوان ,2011 أي قبل يوم واحد من لقاء مجموعة العشرين، وينوي الرئيس الفرنسي ساركوزي رئاسة الاجتماعين في عام .2011 فرئيس وزراء إيطاليا برلسكوني الذي ترأس مجموعة الثماني في عام 2009 لم يبذل أي جهد للتخلص من المجموعة، لأن اليابان وهي المشارك الآسيوي الوحيد كانت قد أظهرت رغبتها في الحفاظ على مجموعة الثماني ولأن الولايات المتحدة تعتقد أن للمجموعة دورا تلعبه. لكن ما الدور الذي يمكن أن تلعبه بعد أن برهنت مجموعة العشرين بأنها منبر فعال للقادة؟ فقد برهنت على سلطتها وقوتها الناجحة خلال الأزمة المالية, حثت تمكنت من تنسيق السياسة العالمية لاستعادة الرخاء الاقتصادي وأوجدت إطارا للدول لمراجعة سياساتها حتى يتسنى لها من خلق الظروف لنمو عالمي قوي ومتوازن ومستدام. وبالتالي فإن مستقبل مجموعة الثماني غير واضح، لكن وبالحكم على التصريحات التي تصدر عن قادة مجموعة الثمان، فإن للمجموعة دورا ستستمر في لعبه في المجالات غير الاقتصادية والتي مازالت تلعب فيها دورا كبيرا وبخاصة في الأمن وانتشار السلاح النووي والمساعدات التنموية وربما أيضا في الشرق الأوسط. لكن لا يمكن اعتبار مجموعة الثماني كعامل مهيمن في كل المجالات آنفة الذكر، فالصين هي لاعب رئيس في التعامل مع التهديدات التي تأتي من كوريا الشمالية ولا يمكن الاستغناء عنها لتضييق الخناق على إيران، وهناك 39 دولة غير دول مجموعة الثماني كانت قد انضمت إلى 47 دولة شاركت في قمة منع انتشار الأسلحة النووية. كما أن المساعدات التقليدية التنموية تأتي من دول غير مجموعة الثماني, إذ تشارك المجموعة فقط بما يقارب من 60 في المائة من مجموع المساعدات، إضافة إلى ذلك فإن تركيا التي ليست عضوا في مجموعة الثماني تحاول أن تتبوأ مركزا قياديا في الشرق الأوسط. وهناك غرض آخر لمجموعة الثماني وهو أنها ملتقى ثلاثي لتشكيل الدول المتقدمة وهنا الحديث عن شمال أمريكا وأوروبا واليابان. وهذا ما يخاطر بإيجاد انطباع بأن المجموعة، ملتقى لدول متشابهة تسعى لعقد اجتماع قمة العشرين للبحث عن جبهة موحدة ضد الآخرين. وبالفعل واجه رئيس الوزراء هاربر ردا سلبيا من الصين وكوريا الجنوبية عندما اقترح بأن قمة العشرين يجب أن تتأسس حتى تملأ الفراغ في قمة النظام الدولي التي خلفته مجموعة الثماني بعد أن فقدت شرعيتها بسبب التراجع النسبي في وزنها في الاقتصاد العالمي ولعدم تمتعها بالفعالية، ويرى الخبراء أن على قمة الثماني أن تنتهي وبخاصة وأن مجموعة العشرين تعمل بكامل قوتها. وهذا يقدم فرصة للخروج من التحالفات التقليدية المشكلة سابقا للدخول في عملية نقاش مرنة ومتحركة.
الولادة والنشأة في محضن الأزمات
لم يتردد اسم مجموعة العشرين كثيرا إلى أن تفاقمت الأزمة المالية العالمية إلى درجة مقارنتها المتكررة بالأزمة العالمية في عشرينات القرن الميلادي العشرين. ولم يعد مجهولا أن هذه المجموعة كانت حاضرة غائبة منذ عام ,1999 حاضرة كمجموعة تعقد اجتماعاتها بانتظام، وغائبة عن التأثير المرئي على اتخاذ القرار عبر مجموعات دولية أخرى، كقمة الثمانية، والاتحاد الأوروبي، وحتى بعض المنظمات الإقليمية الأخرى كمنظمة آبيك لدول شرق آسيا والمحيط الهادي. المتفائلون بمستقبل راسخ لمجموعة العشرين يذكّرون أن نشأتها ''منتدىً حواريا'' يشابه نشأة مجموعة الثمانية في صيغة منتدى حواري عام ,1975 وكانت الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا بدورها المنطلق الأول لتحرك الدول الصناعية الرئيسية من مجموعة الثمانية لمشاركة دول أخرى ''ناهضة'' في ''الحوار'' حول الأزمات الاقتصادية العالمية، وكان أول اقتراح بهذا الاتجاه عام 1997م أثناء مؤتمر آبيك نوفمبر 1997 في فانكوفر الأمريكية، فظهرت في البداية مجموعة ال22 واجتمعت مرتين في واشنطن، وتوسعت إلى ما عُرف بمجموعة ال33 عام ,1999 وأوصلت في الحصيلة إلى قرار وزراء مالية مجموعة الثمانية سبتمبر 1999 بإنشاء مجموعة العشرين في صيغة دعوة موجهة إلى وزراء المالية ومدراء المصارف المركزية في الدول المعنية إلى الحوار حول سبل حماية الاقتصاد العالمي من الأزمات. منذ ذلك الحين كانت المجموعة تلتقي بانتظام على هذا المستوى، إلى أن تكثفت لقاءاتها عام .2009 ورغم أن مجموعة العشرين لا تملك البنية الهيكلية اللازمة، فهي -علاوة على عدم تجانسها كقمة الثمانية- لا تحمل صفة منظمة دولية بمفهوم القانون الدولي، وليس لها نظام داخلي، ولا تصدر عنها قرارات ما، ولا تتجاوز مهمتها ما أنشئت من أجله، ويسري عليها ما ورد في الموقع الشبكي الرسمي المخصص لها من جانب الدولة البريطانية المضيفة لقمتها في أفريل ,2009 الا انه لا يستهان بأهمية المجموعة في معالجة قضايا كبرى كالمناخ والأزمة المالية، وفتح أبواب المشاركة -ولو بدوافع تحقيق مصالح وأغراض ذاتية- في البحث عن حلول وتطبيقها أمام أطراف أخرى، ولكن لا ينبغي تضخيم الدور الحالي لمجموعة العشرين فيما يتجاوز نطاق مهمة المشاركة المنضبطة هذه.
مكانة مجموعة العشرين في خارطة الغد
عقب نشأة مجموعة العشرين برزت عدة تساؤلات حول قابلية أن تصنع المجموعة تغييرا وقد أصبحت موجودة على أرض الواقع وفي هذا السياق يؤكد الخبراء بأن من يريد أن يفرض لنفسه وجودا في خارطة الغد، وفق رؤاه ومصالحه، يحتاج إلى وسائل، ويجب أن يوجدها أولا إن لم تتوافر، علما بأن الدول الناهضة مضت شوطا على هذا الطريق وأمام دول نامية أخرى شوط أكبر .. ويعلل الخبراء بأن مجموعة العشرين فرصة قائمة تربط الاستفادة منها لتطوير العلاقات الدولية وإزالة الخلل القائم فيها، بمدى توثيق الارتباط بين الدول النامية والناهضة عموما. كما ان مضاعفة القدرة الذاتية على التغيير تفرض مضاعفة الجهود في زيادة تشابك المصالح الإقليمية المشتركة، وهو ما يشمل المشاريع التطويرية في مختلف الميادين. فمجموعة العشرين فرصة قائمة تربط الاستفادة منها لتطوير العلاقات الدولية وإزالة الخلل القائم فيها، بمدى توثيق الارتباط بين الدول النامية والناهضة عموما، وعبر المنظمات الإقليمية الجامعة للطرفين على وجه التخصيص. ويضيف الخبراء بأنه من الضروري الحرص على ألا تتحول مجموعة العشرين إلى جزء من الخلل في النظام الدولي بدلا من أن تصبح مدخلا لإصلاحه، يفرض أن يكون التعامل بين الدول النامية عموما، بما فيها الدول العربية والإسلامية، داخل المجموعة وخارجها، قائما على إعطاء الأولوية لمضاعفة شبكة المصالح المتبادلة، مقابل العلاقات الانفرادية والجماعية، مع الدول الصناعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.