يواصل قادة الدول المشاركة بقمة مجموعة العشرين في كندا اجتماعاتهم لبحث سبل إنعاش الاقتصاد العالمي ومناقشة اقتراحات لإصلاح مجلس الأمن الدولي. وتعقد القمة التي خيمت عليها أجواء سياسية, وسط قلق من الدول النامية بسبب المخاوف من أزمة الديون اليونانية والاختلالات العالمية. وتضم القمة اقتصادات نامية رئيسية بينها الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا إلى جانب دول أخرى من الدول الصاعدة المشاركة في الاجتماع الذي يستمر ثلاثة أيام ويلي اجتماعا لمجموعة دول الثماني الصناعية الكبرى شمال تورونتو. وتسعى الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لتخفيف التوترات المتعلقة بتوجه الإنفاق الحكومي والموافقة على ضرورة خفض الموازنات دون الإضرار بالتعافي الهش لاقتصاداتها. وأعلنت الصين، التي تأمل في تخفيف حدة الشكاوى المتعلقة بفائضها التجاري الهائل مع الدول الغربية، قبيل القمة أنها ستسمح ببدء تعويم عملتها اليوان. وفي هذا الصدد رحب قادة مجموعة العشرين في مسودة بيان القمة بإعلان الصين وتعهدها بمنح "مزيد من المرونة في سعر الصرف في الأسواق الرئيسية الناشئة" خلال السنوات القادمة. وفي إشارة إلى تنامي قوة الدول النامية، فإن مجموعة العشرين من المرجح أن تطالب بإلغاء نظام معمول به منذ 60 عاما يتضمن تولي أميركي رئاسة البنك الدولي وآخر أوروبي رئاسة صندوق النقد الدولي. وأوضح دبلوماسيون أنه لا يزال على زعماء المجموعة إقرار مسودة البيان، لكن من غير المتوقع أن يدخلوا تعديلات عليها. بدوره قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن عددا من كبرى دول أوروبا اقترح إجراء إصلاحات ملموسة على مجلس الأمن الدولي لإعطاء القوى النامية دورا أكبر. وأشار ساركوزي إلى اقتراح فرنسي بريطاني لإصلاح مرحلي لمجلس الأمن الدولي, مؤكدا أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تدعم هذا الإصلاح. ووصف رئيس مجلس الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي المبادرة بالمهمة "لإعادة التوازن بعد 50 عاما" وإعادة تشكيل مجلس الأمن. وتقول الدول النامية إن مجلس الأمن غير متوازن لأنه يخضع لهيمنة الدول المتقدمة ولا يوجد به مقعد دائم للقوى الجديدة كالبرازيل والهند وجنوب أفريقيا. وعلى هامش القمة, التقى الرئيس الصيني هو جينتاو بالرئيس الأميركي باراك أوباما, وأعلن أن بلاده تسعى لتعزيز العلاقة مع الولاياتالمتحدة, قائلا إن الدولتين تقاربتا بالفعل. وقال الرئيس الصيني "نريد مواصلة البقاء على نفس المسار والتوحد معا, نريد أيضا تعزيز الاتصال والتنسيق مع الجانب الأميركي". من ناحية أخرى, قال المتحدث باسم البيت الأبيض إن أوباما دعا الرئيس الصيني للقيام بزيارة رسمية في موعد يتم تحديده فيما بعد. ورحب أوباما بتحرك الصين نحو زيادة مرونة عملتها، وأوضح أن تنفيذ بكين لذلك "مهم جدا". على صعيد آخر ألغى زعماء روسيا والهند والصين اجتماعا لما تسمى بدول مجموعة "بريك" على هامش القمة بعد أن تخلف الرئيس البرازيلي إيناسيو لولا داسيلفا عن الحضور لمتابعة الفيضانات العارمة في بلاده.وتسعى المجموعة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين للحصول على دور أكبر في المؤسسات المالية العالمية.في هذه الأثناء, وخارج مراكز الاجتماعات التي تم تأمينها بإحكام، وقعت بعض أعمال العنف المتفرقة حيث يوجد ما لا يقل عن عشرة آلاف متظاهر اشتبكوا مع ما يقدر بنحو 12 ألفا من الشرطة الكندية. وأشعل محتجون النار في سيارات للشرطة وحطموا واجهات متاجر, في حين اعترف قائد شرطة تورونتو بيل بلير بأن الشرطة واجهت صعوبة في السيطرة على المحتجين واستخدمت الغاز المدمع واعتقلت 130 شخصا على الأقل. وقال للصحفيين "لم نر أبدا هذا المستوى من الإجرام الوحشي وتخريب الممتلكات العامة والتدمير في شوارعنا, هناك حدود لحرية التعبير وهذه الحدود تنتهي بشكل فعلي عندما تنتهك حقوق وسلامة الآخرين". كما علق رئيس بلدية تورونتو ديفد ميلر بقوله "إنهم مجرمون جاؤوا إلى تورونتو عن عمد لخرق القانون". وقد تقدم بعض المحتجين إلى السياج المعدني الذي يطوق المنطقة التي يجتمع فيها زعماء مجموعة العشرين، وأغلق فندق بوسط المدينة مع وجود شرطة مكافحة الشغب خارجه.