يقوم العديد من أصحاب المحلات التجارية بالعاصمة بنشاط كبير تطبعه تلك التجهيزات التي تجرى على قدم وساق استعداد لاستقبال الشهر الكريم، إذ حولت هذه التحضيرات وجه العاصمة إلى ورشة كبيرة يشرف عليها هؤلاء في خطوات منهم لتغيير نوع النشاط التجاري هذا الشهر، حتى مع التحذيرات الشديدة والتعليمات الصارمة من وزارة التجارة في هذا الشأن. تحولت أرصفة وطرقات العاصمة إلى مكان يستقبل سلع البناء التي تدخل في إعادة تغيير ديكور المحلات التي ستغير من نشاطها خلال رمضان وتكتسي حلة جديدة، تساهم في خلق تلك الأجواء الرمضانية التي تعوّد عليها الجزائريين في كل سنة، أصحاب المحلات لم يفوتوا على أنفسهم الفرصة في استقبال هذا الضيف الذي سيحل على الأمة الإسلامية للاسترزاق من خيريته، وبين من يريد أن يزاول تجارته في محله، ومن يفكر أن يؤجره للغير، تبقى كل الأنظار مشدودة إلى هذه المحلات وما هي الحلة التي ستكتسيها بعد أيام من الشد والجذب. المساهمة في خلق أجواء مميزة لأن رمضان تطبعه أجواء تختلف كثيرا عن تلك التي تعود عليها المواطنين خلال السنة، حيث تتعطر الأجواء برائحة الحلويات التي تنبعث من المحلات كالزلابية وقلب اللوز لتجذب أنوف المارة فيجدون أنفسهم إلا وهم يقحمون أيديهم في جيوبهم لشراء كل ما أغرى عينهم وأعجبوا برائحته، ولأن هناك من يتخذ من هذا الشهر تجارة مربحة وسهلة للاسترزاق وجني الأموال، تجدهم بمجرد اقتراب هذه الفترة يسارعون في إحداث بعض التعديلات على محلاتهم، بل هناك من يعمد إلى تغيير شكله بصفة كلية ويباشرون بتزويدها بعتاد خاص، بل هناك من الشباب البطال الذي يلجأ إلى استئجار المحلات بغية استعمالها لمزاولة مهنة مؤقتة تدر عليهم بعض المال، وبين مالك للمحل ومستأجر له، الشاطر الذي يبقى في الميدان ويستقطب الزبائن نحو تجارته. ومن بين المحلات التي شاهدناها على هذا الحال أثناء جولتنا بالعاصمة، تلك التي يؤجرها أصحابها طوال السنة ويسترجعونها في رمضان لمزاولة التجارة الموسمية والاسترزاق هم الآخرون، وهناك من التجار الذين يملكون مستودعات مغلقة طول السنة إلى أن تأتي المناسبات ليهموا بفتحها وممارسة تجارتهم وكم هم كثيرون، وهو حال السيد ''فريد'' صاحب مستودعين كبيرين ومحل خصصه لبيع المواد الغذائية العامة، يتبع هذه الإستراتيجية منذ أزيد عن ثلاث سنوات ليقحم في هذا المحل خلال شهر رمضان سلعة من نوع أخر يقبل عليها الزبائن بكثرة، كالزيتون بمختلف أنواعه وكذا مختلف أنواع الفلفل الحار والديول وخبز الدار وغيرها من المواد الغدائية التي تزهر تجارتها في رمضان على حدّ قول ''فريد'' ليترك المستودعين مقفولين إلى أن تحين مناسبة كرمضان أو عيد الأضحى ليؤجرهما بأثمان خيالية يسترجع حق المستودع المقفول لعام كامل، أما خطته في رمضان خاصة كون هذه المستودعات بقلب العاصمة وبالضبط في ''باب الوادي'' فتتلخص في إدخال بعض التعديلات عليها كدهنها وتغيير البلاط مثلا وتزويدها ببعض المعدات كطاولات البيع وميزان حتى يتمكن هذا الأخير من بيع بعض الحلويات التي تلقى رواجا، بحيث يتكفل السيد ''فريد'' بتشغيل شاب يساعده في بيع قلب اللوز بمختلف أنواعه وكذا مختلف أنواع الزلابية، كزلابية بوفاريك والعوامة والطورتات صغيرة الحجم التي يشرف على شرائها من محلات مختصة في بيع هذه الحلوى، ويجعل من المستودع الثاني مقهى صغيرا يقصده الشباب بعد صلاة العشاء للعب الدومينو وشرب الشاي والقهوة وتبادل أطراف الحديث، في حين تختص باقي المحلات التي التقينا بأصحابها في صناعة الزلابية. وهناك من يخصص محله لبيع الخبز التقليدي وهناك من يقحم في ذلك المحل بيع لبن البقرة خصيصا. وتبقي هذه الأجواء تطبع العاصمة رغم أن مديرية التجارة لولاية الجزائر أصدرت تعليمة للتجار الراغبين في تغيير نشاطهم إلى الإعلان عن ذلك حتى و إن تعلق الأمر بفترة مؤقتة.