قرر 40 ملياردير أمريكي يتقدمهم أصحاب إمبراطورية ميكروسوفت بيل غيتس وعمدة نيويورك بلومبرغ ''التصدق'' بنصف ثرواتهم لفائدة الجمعيات والمنظمات الخيرية، وذلك في مبادرة خيرية قال عنها أصحابها إنها تهدف إلى إشراك أكثر من 400 ملياردير معروفين في بلاد العم سام في التضامن مع المحرومين والمهمشين من شعوب العالم. ورغم أنه ليس من السهل على هؤلاء التخلي عن نصف ثرواتهم من خلال ''التبرع'' لفائدة الجمعيات الخيرية، لأن حجم ثرواتهم يصيب بالدوار، لكون بيل غيتس يملك لوحده 53 مليار دولار ومالك شركة ''سي أن أن'' تعادل ثروته 47 مليار دولار، وبالتالي فان من يقبل ''التفريط'' بنصف ثروته لابد وأنه يملك ''قلبا كبيرا . يحدث هذا في أمريكا، حيث مستوى المعيشة لا مجال لمقارنته مع الدول الأخرى، لكن في الجزائر الأرقام تقول أنه يوجد لدينا أكثر من 6 آلاف ملياردير، ممن يملكون ثروات طائلة بالدينار أو بالعملة الصعبة، وهو مفخرة للبلاد حتى لا يتهمنا البعض من أصحاب سوء النية ب ''الحسد''، أو بأننا نسعى إلى تقليب المواجع على مليارديرات الجزائر. لن نقول لمليارديرات الجزائر أن يتبعوا نظرائهم الأمريكيين الذين تبرعوا طواعية بنصف ثرواتهم الطائلة لفائدة الجمعيات الخيرية، لأننا نعلم أن ذلك ضرب من الخيال، لأنه وبعكس الأمريكيين الذين يكرهون توريث ثرواتهم للأبناء، فما يربط الجزائريين بالثروة هو سعيهم الدؤوب لإعفاء الأبناء من الاعتماد على ذواتهم في تكوين مستقبلهم، وبذلك فان الأمريكيين هم من يتعاملون مع الثروة بمنطق الشاعر العربي ''ليس الفتى من يقول كان أبي ولكن الفتى من يقول ها أنا ذا. لكن بإمكان الجزائريين من أصحاب الثروة أن يتصدقوا بجزء من ثرواتهم، ونحن على أعتاب شهر رمضان، لمساعدة المعوزين والمحرومين، لكن ليس بطبق شربة جومبو أو بقفة من البقول الجافة، وإنما من خلال تمكين أبناء هذه العائلات من أن يكون لها دخل مستقر عن طريق خلق مناصب شغل دائمة لفائدة هذه الشرائح من المجتمع، وذلك من باب تعليم هؤلاء ''الصيد عوض إعطائهم سمكة. الأكيد أن هذا الطلب لا مجال لمقارنته مع التبرع بنصف الثروة، كما فعل مليارديرات أمريكا، وليس صعب التحقيق لأنه لا ينقص من ثروة مليارديرات الجزائر في شيء إذا لم يكن سيزيد فيها، ومع ذلك نقول إذا كنا معروفين بتقليد الآخرين، فيجب أن يكون التقليد في كل شيء وليس في المأكل والملبس وقصة الشعر والسيجار فقط.