احتضن المركز الاستشفائي إسعد حسني ببني مسوس أول أمس فعاليات اليوم الوطني للتبرع بالأعضاء تحت الرعاية السامية لوزير الصحة والإسكان وإصلاح المستشفيات، نظم هذا اليوم الأول على المستوى الوطني تحت شعار ''الأشكال القانونية والتشريعية لزراعة الكلى''، وصرح البروفيسور طاهر ريان الأمين العام للجمعية الجزائرية لأمراض وزراعة الكلى بالمناسبة أن الاستعانة برجال الدين والقضاء في هذا اليوم يأتي كضرورة تتماشى مع تشجيع نقل الأعضاء من الموتى. شهد مجال العناية الصحية بالمصابين بأمراض الكلى في الجزائر تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة بارتفاع عدد المراكز المتخصصة العمومية إلى 270 مركز و70 مركزا تابعا للقطاع الخاص، ويعزى هذا التطور إلى الأولية والأهمية القصوى التي أولتها وزارة الصحة للتكفل بهذا المرض بتخصيصها ميزانية سنوية قدرها 5ر2 بالمائة من ميزانيتها الإجمالية ليصل بذلك عدد الأشخاص الذين خضعوا للزراعة بالجزائر منذ 1986 ما ناهز 389 حالة من بين 4500 حالة عجز كلوي كل سنة. عدم وضوح القوانين أهم عائق صرح البروفسور طاهر ريان في عرض لتطور وضعية زراعة الأعضاء بالجزائر بصفة عامة والكلى بصفة خاصة أن هناك قانونين أساسيين عالجا التبرع بالأعضاء بصفة صريحة ألا وهما قانون 85/05 وقانون جويلية ,2008 حيث ينص القانونان على التبرع بالأعضاء ونقلها من الموتى المتوفين دماغيا إلا أنهما غير واضحين في النقطة المتعلقة بالموت الدماغي مما يخلق إشكالا وترددا لدى المتبرعين المرضى الذين يكونون على فراش الموت، وهذا بوجود عبارة في القانونين تقول بإمكانية نقل أعضاء المتوفي في حال غياب عائلته وتعذر الوصول إليهم. وهنا يظهر عدم الوضوح فالقوانين تتحدث عن النقل من الأحياء وما تشدد عليه الجمعية الجزائرية لأمراض وزراعة الكلى هو توسيع دائرة المتبرعين وإخراجها من إطار الأحياء إلى المتوفين دماغيا. أما عن بطاقات التبرع بالأعضاء والتي كان من المنتظر إطلاقها كما كان مقررا في هذا اليوم، قال البروفيسور ريان إن طرحها للتداول وجعلها عملية في الميدان يتطلب عملا حثيثا من وزارة الصحة لإعطائها الصبغة الرسمية وتوفير جميع الهياكل اللازمة لعملية النقل والزرع وتحديدا المتنقلة منها للقيام بنقل أعضاء المتوفين في حوادث المرور أو على التكفل الجيد بالمصابين إلى غاية وصولهم للمستشفى لإجراء النقل. زراعة الأعضاء.. تطور وآفاق أكد غالبية المداخلين في اليوم الوطني للتبرع بالأعضاء أن الجزائر عرفت تقدما في هذا المجال ليس فقط في زراعة الكلى وإنما في القرنية والقوقعات وحتى الكبد، فما تم إنجازه خلال السنة الماضية من عمليات زرع ينبىء بنجاح البرنامج المسطر للسنة الجارية، فلقد عرفت سنة 2007 على المستوى الوطني زراعة 16 كلية، 484 قرنية، 3 حالات زراعة كبد و149 نخاع شوكي إضافة إلى 132 قوقعة أذن. أما على مستشفى بني مسوس الرائد في هدا المجال فقد تم إنجاز زراعة 6 كلى و4 قرنيات. هذا ومن المنتظر الوصول إلى زرع 635 قرنية و236 كلية و190 نخاع شوكي و15 كبد و410 قوقعة بحر السنة الجارية وسيعرف مستشفى بني مسوس منها 15 للكلى و80 للقرنيات و50 بالنسبة للقوقعات. أجازها الدين والقانون علّق البروفيسور عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، على عملية الزرع من الناحية الدينية أنها جائزة شرعا ما دامت تهدف إلى إنقاذ أرواح الأشخاص ولا تتعارض مع ما جاء في مقاصد الشريعة من ضرورة حفظ النفس، ما دام الأطباء سيسهرون على السلامة الصحية للمتبرع والمستقبل معا. وأضاف شيبان أن المجامع الفقهية تجمع كلها على شرعية التبرع بالأعضاء سواء من الأحياء أو الموتى دماغيا بعدما يحدد ويقرر ذلك الأطباء مع توفر الكفاءة من طرف المعالجين وموافقة كلا الطرفين المتبرع والمستقبل معا. أما السيد جادي قاضي وأستاذ بالمدرسة العليا للقضاء فقد تطرق من جهته إلى النصوص القانونية المجيزة للتبرع ونقل الأعضاء فقال إن قانون الصحة في الأصل تكفل بهذا الموضوع وحدد الشروط التي يمكن على أساسها أن يتبرع الأشخاص بأعضائهم. والإشكال القائم يكمن في مجانية الأعضاء لأن كرامة جسم الإنسان محفوظة شرعا ولا يمكن أن تنتهك إلا من أجل علاج الشخص نفسه أو للتبرع لإنقاذ شخص آخر. وواصل المتحدث مضيفا أن الجريمة المنظمة تعمل الجزائر على مكافحتها من خلال توقيعها على اتفاقية باليرمو والبروتوكول المتمم لها لمنع المتاجرة بالأعضاء البشرية وحددت الاتفاقية شروط التبرع وعلى رأسها رضا الطرفين.