تفشت الكثير من العادات والظواهر السلبية في مجتمعنا بشكل لافت، نتيجة لسلوكات باتت تصدر من بعض الصائمين، والتي أصبحت ترتبط ارتباطا وثيقا بشهر الصيام، نتيجة تأثر العديد من الجزائريين بالصوم بسبب الإمساك عن الأكل والشرب والابتعاد عن التدخين وكل المنبهات المعتاد تناولها في أوقات محددة، حيث أصبح شهر رمضان بالنسبة إليهم مبعثا للغضب والانفعال، وارتفاع ضغط الدم، وفرصة لإبراز العضلات، والتي تكون في غالب الأحيان عواقبها وخيمة. تصل إلى حد أقسام الشرطة، والسؤال الذي يطرح هو: لماذا تستفحل هذه السلوكات والتصرفات خلال شهر رمضان؟ ولماذا تحول شهر رمضان عند الجزائريين من شهر للعبادة إلى شهر للغضب والانفعال والنرفزة . كلها تساؤلات أردنا البحث عن إجابات لها ، علها تزيح الستار عن الأسباب الحقيقية التي ألصقت بالشهر الفضيل وأصبحت سمة سائدة ومتفشية بين الجزائريين، وأدت إلى تحول شهر رمضان عندنا من شهر لتطهير النفس من كل شوائب الدنيا وآثامها إلى شهر تكثر به السلوكات السلبية، وهو واقع أصبحنا نلمسه في حياتنا ومعاملاتنا اليومية خلال أيام الشهر الفضيل، فمن منا لم يصادف خلال أيام شهر رمضان أناسا يغضبون ويثورون لأتفه الأسباب، ويثيرون شجارات لها أول وليس لها آخر قد تصل إلى حد وقوع مالا يحمد عقباه، والعبارات الشائعة التي يكثر ترديدها من طرف أغلب الجزائريين خلال شهر رمضان عبارة ''راهو غالبو رمضان'' أو ''مرمضن''، ما هي إلا عبارة تصدر من بعض الصائمين للتعبير عن بعض السلوكات والتصرفات السلبية والغريبة، وهي لتبرير هذه السلوكات التي تؤثر فيهم، لدرجة المبالغة في الانفعال والقلق لأبسط الأمور وأتفهها، متجاهلين أن شهر رمضان هو فرصة للتوبة والغفران وتحكيم العقل. وفي هذا الشأن يقول ''عمي رابح'' من عين البنيان، والذي بدأت تظهر عليه ملامح الكبر انه لا يفهم سر تأثر الجزائريين بالصيام إلى حدود تزيد عن اللزوم، والذي أرجعها في رأيه إلى عدم معرفة الكثيرين للمغزى الحقيقي من تشريع الصيام والقداسة الزمنية لهذا الشهر الفضيل ، وكذلك الجهل لما يجب فعله في هذا الشهر من اغتنام فرص التقرب إلى الله عز وجل، إلا أن اغلب الصائمين لا ترى في وجوههم إلا آثار الإرهاق والعبوس والغضب تظهر نتيجة التأثر وجوه العديد من الصائمين طيلة ساعات الإمساك بالصيام. النوم للهروب من الانفعالات أما ''حكيم'' الذي وجدناه قاصدا السوق الشعبي لبلدية عين البنيان ، والذي كانت آثار التعب والخمول بادية على تقاسيم وجهه، فأكد بأنه يقضي معظم النهار في النوم حتى لا يتأثر بالصيام ولا يشعر بساعاته الطويلة، لاسيما وانه مدمن على التدخين، وهي عادة تلازمه مع موسم كل شهر رمضان الذي يجده فرصة للسهر إلى غاية بزوغ الفجر، خاصة وأنه عاطل عن العمل، وهي عادة كثيرا ما سببت له مشاكل مع أفراد أسرته خاصة مع والدته التي ترغمه على الاستيقاظ قبل العصر ليقتني لها الحاجيات المتعلقة بالتحضير لمائدة الإفطار، ولولا ذلك حسبه لاستمر في النوم إلى غاية الدقائق الأخيرة التي تسبق آذان المغرب. لتعلق سيدة ''ز ل'' وهي موظفة بمؤسسة عمومية ، بان الشعب الجزائري معروف بسرعة انفعاله، وغضبه، وغليان دمه، وهو ما عايشته خلال مشوارها المهني ، هذه السلوكات تتفاقم وتتأزم خاصة خلال شهر رمضان والذي يعرف عادة تقليصا في حجم ساعات العمل، والخروج المبكر من العمل وتكرر الغيابات دون مبررات. فكثيرا ما تلتقي مع أشخاص يرغمونك على تقديم الخدمة إليهم رغم أنها ليست من اختصاصك، وان أبيت فإنهم يشبعونك كل أنواع السب والشتم تصل في أحيان كثيرة إلى حد الاعتداء الجسدي. وفي خضم هذه الذروة من المشاحنة لا يكون بوسعك إلا الانسحاب وترك المكتب. وبين كل هذا وذاك يبقى واقعنا بعيدا عن الأخلاقيات والسلوكات التي كان من المفروض أن نلتزم بها في هذا الشهر الفضيل، والتي من أجلها شرع علينا الصيام في شهر رمضان، هذا الشهر المعظم الذي حاد الكثيرون منا عن مقاصده، وأصبح بذلك مشجبا نعلق عليه تقاعسنا في أداء المهام، وسبيلا لتبرير سلوكاتنا السلبية.