بمجرد أن يحل شهر رمضان حتى يتغير برنامج الحياة تماما، بدءا بمواعيد الإفطار والدوام وانتهاء بمواعيد النوم، حيث أن التأقلم مع هذا التغيير يتطلب "مرحلة انتقالية" لا تمر غالبا إلا بعد أن تحدث تذبذبا يؤثر على المزاج والسلوكات لدفع ضريبة الإمساك عن بعض العادات! يترك التأثير الذي يطرأ على إيقاع الحياة في رمضان، تأثيرات جلية على بعض الصائمين، حيث يجدون انفسهم مضطرين لتطليق بعض العادات والمواد التي أدمنوا عليها، مما يجعلهم عرضة لبعض المتاعب، وفضلا عن ذلك قد يقعون فريسة لبعض الهفوات الناجمة عن النسيان! استجوبنا البعض عن مدى تأثير الأيام الأولى من الصيام، فكان القاسم المشترك في الإجابة هو أن أعراضا عدة تطرأ عليهم، ليس أقلها الإرهاق، الفشل، الصداع، والجوع طبعا!.. ذلك لأن تغير النظام الغذائي يفرز تأثيرات جلية قد تصل بالبعض الى حد القلق... في هذا الشأن، ترى السيدة (مريم. ن) عاملة، أن التغييرات التي تحدث خلال هذا الشهر، تسبب تذبذبا لها في اليوم الأول يستمر الى غاية اليوم الثالث، اذ يصعب التأقلم مع أشغال البيت التي تتغير مواقيتها، بل وتصبح مضاعفة الى درجة تتطلب الاعتكاف في المطبخ لتحضير الوجبات للأبناء الذين لم يبلغوا سن الصوم وللصائمين في آن واحد. وتستطرد: "يكون التأقلم مع إيقاع هذا الشهر أكثر صعوبة بالنسبة للنساء الماكثات بالبيت واللواتي يرغبن في صناعة وبيع بعض العجائن لتوفير هامش من الربح المادي، حيث أنهن مطالبات ببذل جهد كبير والدخول في سباق ضد الزمن". فناجين القهوة لها هي الأخرى تأثير خاص على المدمنين عليها، والنتيجة غالبا ما تعكسها الإصابة بصداع في اليوم الأول من شهر رمضان، تصحبه اعراض التعب والفشل، وهو ما تؤكده الآنسة (ح/ ح) شابة موظفة، حيث أوضحت أن التعود على التخلي عن قهوة الصباح أمر صعب قد يتطلب مدة ثلاثة أيام، ويضاف الى ذلك ما يمكن أن تحدثه السهرات الرمضانية من اضطراب في النوم يؤثر على حيوية الشخص. أما السيدة رشيدة، محامية، فتقول: "إن اليوم الأول من الصيام يجعلني على موعد مع التعب، خاصة في المساء، إذ يتحد ألم الصداع مع ألم الجوع الى درجة أني لا أطيق التحدث مع أي شخص قبل الافطار!". وجاء على لسان السيد(ع. ي) صحفي، » إن أول ما يتطلبه هذا الشهر، هو تغيير العادات التي نمارسها خلال سائر الأيام العادية، لا سيما منها الغذائية، ولهذا يكون الإرهاق لنا بالمرصاد في اليوم الأول، والذي ينهال علينا انطلاقا من الساعة الثالثة زوالا، وهو ما يحدث معي شخصيا، باعتبار أني لا أغير سلوكيات العمل، إذا أعمل بنفس الوتيرة المعتادة، لكن بمجرد أن يحل اليوم الثالث حتى يقضي التأقلم على كافة التأثيرات". وبالنسبة للسيد (م. م) موظف في مؤسسة عمومية، فإن الأمر لا يحتاج سوى تحضيرا نفسيا يقي شر "المرحلة الانتقالية"، خاصة إذا كان التحضير مرفوقا بصيام بضعة أيام خلال شهر شعبان، مما يجعل تغير النظام الغذائي بمثابة "اللاحدث" بالنسبة للجسم. وتظهر الاستجوابات، أن المتاعب تكون أكثر شدة وسط الفئة المدمنة على التدخين أو على بعض الأنواع الأخرى من التبغ مثل "الشمة"، حيث يشتكي المدمنون عليها من الصداع الشديد، إضافة الى التوتر الذي قد يؤول الى قلق، وكذا عصبية يولدها الشعور بالحاجة الى النيكوتين، ويذكر هنا السيد (مراد)، أن الإدمان على التبغ كان يسبب له متاعب عديدة في رمضان تخلص منها بعد أن قرر الامتناع عنه. مشيرا الى أن أصدقاءه المدمنين على تدخين السجائر يمتازون عادة بمزاج معكر الى حد أنهم يصومون عن الكلام أيضا ويفطرون مباشرة على السيجارة بعد أذان المغرب! والى جانب هذا، قد يشترك عامة الصائمين في خاصية النسيان، الذي قد يوقعهم في خطأ الأكل أو الشرب سهوا، لا سيما في هذا الفصل الحار الذي يتطلب قبل كل شيء مقاومة العطش. وتوضح الدراسات الطبية أنه في اليوم الأول من الصيام، قد يصاب الإنسان بصداع عارض بسبب التغييرات التي تطرأ على نظام التغذية، فقد تنخفض نسبة السكر في الدم فيشعر الصائم ببعض الصداع، لكن سرعان ما يتأقلم الجسم ويتكيف مع الوضع الجديد في الأيام اللاحقة. ومن مسببات الصداع في الأيام الأولى، اختلال مواعيد النوم وادمان بعض الناس على بعض المنبهات مثل الشاي أو القهوة التي تحتوي على مادة الكافيين. ويصاب المدمون على التدخين أيضا بالصداع بسبب ما يحتويه التبغ من نيكوتين، يعمل على اثارة الجهاز العصبي وتنبيهه. ومن ناحية أخرى، تشير التقارير الطبية الى أن الصائم قد يشعر في الايام الأولى من الصوم بالغثيان أو الرغبة في التقيؤ بمجرد الانتهاء من وجبة الإفطار، ويرجع ذلك الى تناول كميات كبيرة من الطعام والشراب بعد جوع طويل، كما يساهم في ذلك ارتفاع نسبة الحموضة في الدم لدى الصائم في آخر النهار، في حين يسبب التوقف عن التدخين خلال الايام الأولى من الصيام، الشعور بالاضطراب في النوم أو التعب والتوتر، زيادة على جفاف الفم نظرا لتعلق الجسم بالنيكوتين.