أصبحت الجزائر من الدول التي تتعرض لأمراض الفقر، لاسيما الأوبئة التي يفترض أنها اندثرت منذ عقود مثل مرض السل، هذا ما أكده تقرير المنظمة العالمية للصحة المتعلق بمراقبة مرض السل لسنة 2008 فقد أبرز أن أكثر من 27 ألف جزائري تعرضوا للسل منذ 7002 . وبعيدا عن التقرير أكدت مصادر موثوقة ومطلعة ل(الحوار) عن وجود حالات من المصابين بالسل لا زالوا يزاولون عملهم بطريقة عادية بمحلات الأكل الخفيف بالعاصمة ما يهدد الصحة العمومية. وباء السل المعدي والقاتل إذا لم تتم العناية بالمصاب عرف طريقه نحو الانتشار المتزايد ببعض جهات الوطن خلال السنوات الأخيرة ، فقد تزايد عدد المصابين بطريقة غير عادية منذ سنة 1990 حسب إحصائيات المعهد الوطني للصحة العمومية المنشورة على موقعه الإلكتروني وتحديدا بولايات غرب الوطن كوهران، تلمسان، سعيدة، غليزان، تندوف، فقد تم تسجيل في سنة 39 2004 حالة جديدة بهذه المناطق من بين مائة ألف ساكن ما يجده المختصين في الأمراض التنفسية غير طبيعي في وقت لا يتجاوز فيه معدل الإصابة على المستوى الوطني 27 حالة جديدة. واقع مخيف بالشمال والشمال الغربي الأرقام الصادرة عن المعهد الوطني للصحة العمومية سنة ,2005 قارنت بين عدد الإصابات لسنتي 2003 و2004 وخلصت إلى تزايد في أعداد المصابين بطريقة جد مخيفة ما جعل المختصين ومحرري التقرير يطالبون بضرورة مضاعفة الجهود والهياكل لمكافحة الداء وتكثيف البحوث لمعرفة سبب هذا الانتشار، في إطار البرنامج الوطني لمكافحة السل و الهادف إلى التقليل من عدد المصابين إلى النصف مع مطلع 2010 . فوحدة المراقبة للمعهد سجلت 19713 حالة مصابة بمختلف أنواع السل على المستوى الوطني، منها 10 ألاف و99 حالة سل صدرية و9231 خارج الصدر، و310 حالة تجمع بين النوعين، و73 حلة اخرى لم تحدد فيها نوع الإصابة خارج الصدر، هذا ما يعادل 62ر60 حالة لكل 100 ألف ساكن سنة 2005 بمعدل 4إلى 6 حالات جديدة لكل 100 ألف ساكن في الشهر، في حين كانت النسبة الإجمالية لسنة 2003 مقدرة ب 61 حالة لنفس عدد السكان. وحسب المعهد فإن منطقة الشمال والشمال الغربي التي تضم أكثر من 59 بالمائة من سكان الوطن هي الأكثر تسجيلا للإصابات حيث 15 من 22 ولاية مشكلة للمنطقة تعد الأكثر إصابة فاكبر نسبة تسجل بوهران ب 55ر108 حالة، تليها البليدة ب 83ر106، مستغانم 50ر99، غليزان ,94 ومعسكر 08ر27 حالة، أما الشريحة العمرية المصابة أو الأكثر عرضة للإصابة فتتراوح ما بين 25 و34 سنة. وعن الأرقام الجديدة للمعهد فقد تم تسجيل خلال سنة 2006 ما يتجاوز 20 ألف و90 حالة على المستوى الوطني. ثلثا الحالات المصرح بها للإصابة بالسل الصدري هي للرجال بنسبة 4ر60 بالمائة من إجمالي الحالات، بينما تقدر عند النساء ب 5ر39 بالمائة في حين تسجل فئة النساء ارتفاعا في الإصابة بالسل خارج الصدر بنسبة 58 بالمائة مقابل 42 بالمائة للرجال. عمال مصابين ويهددون صحة الآخرين الأرقام التي أصدرها المعهد الوطني للصحة العمومية على موقعه والتي تعكس تزايد نسبة الإصابة بالسل، من المفترض أنها تمثل أشخاص مصابين متواجدين بالمستشفيات أو المراكز الصحية أو على الأقل يكونون، قد أوقفوا عن مزاولة نشاطاتهم المهنية والدراسية حفاظا على الصحة العمومية، باعتبار السل مرضا معديا سريع الانتقال في الجو خاصة السل الصدري. إلا أنه وفي الواقع شتان بين يجب أن يكون وما هو مجسد على أرض الواقع، حيث أفادت مصادر موثوقة ومطلعة (الحوار) عن وجود بعض الحالات من الأشخاص المصابين بهذا الداء ولازالوا يزاولون أعمالهم بطريقة عادية وتحديدا بمحلات بيع الأكل الخفيف في قلب العاصمة، فلقد أطلعنا مصدرنا عن وجود شاب مصاب بالسل الصدري يعمل كبائع بأحد محلات بيع البيتزا بالجزائر الوسطى، لم يجد هذا الشاب من طريقة للحصول على المال لتوفير لنفسه وجبات غذاء صحية تساعده على مقاومة المرض سوى من مواصلة عمله مع علمه أنه بذلك يعرض حياة وصحة المستهلكين للخطر، أما صاحب المحل فلا يعرف شيئا عن إصابة هذا العامل فكلما سأله عن سبب سعاله الدائم يتحجج بإصابته بالحساسية وعدم تحمله لحرارة المرتفعة للفرن. وضعية هذا الشاب لا تختلف كثيرا عن وضعية آخر تمكن مؤخرا من الحصول على منصب شغل لدى أحد الخواص على الرغم من إصابته بالسل، فحسب مصدرنا تحصل هذا الشاب على شهادة طبية تثبت سلامته من الأمراض الصدرية دون أن يخضع للفحص، فيكفي أن يطلب من أحد معارفه من عمال المستشفيات الحصول عليها، وأقل ما يمكن قوله عن هذه الشهادة إنها شكلية، وما أذهلنا في الواقع هو قبول الأطباء المختصين في الأمراض الصدرية بتحرير شهادات السلامة من الأمراض الصدرية دون معاينة المريض أو حتى رؤية. هذه الحالات التي استطعنا التوصل إليها ولعل غيرها الكثير خاصة لو عرفنا أن نسبة الإصابة بالسل تكون احتمالاتها مضاعفة مرتين لدى متعاطي المدرات وحامل فروس السيدا. مرضى الربو يطالبون بعيادة منفصلة عن مرضى السل من المعروف والشائع أن تخصص عيادات وأقسام الأمراض التنفسية مصالح لمعالجة مختلف الأمراض انطلاقا من الحساسية إلى السل مرورا بمرض الربو، فيجمع المكان بين فئات مختلفة من المرضى تتفاوت درجة خطورة إصابتهم لكن قد تزيد حدتها إذا ما وجد أو انتشر في المكان فيروس (عصيات كوخ) وهو اسم الفيروس المسبب لمرض السل الصدري. بعيادة الأمراض التنفسية التابعة لمستشفى مصطفى باشا تظهر الخطورة على صحة مرضى الربو والحساسية بالدرجة الأولى، حيث توجد قاعة انتظار كبيرة تجمع المرضى إلى حين وصول أدوارهم في الفحص ومن بينهم المصابين بمرض السل، يتسببون عن غير قصد ورغما عنهم في نقل العدوى إلى أشخاص مصابين بالربو الذين تعد أجهزتهم التنفسية هشة، وأكثر قابلية لاستقبال الفيروس، هذه الوضعية تثير استياء غالبية المصابين بالربو والأطباء كذلك الذين ليس بيدهم من حيلة سوى تقديم نصيحة لمرضى الربو بعدم الجلوس في قاعة الانتظار وانتظار أدوارهم في الخارج، مثلما علمناه من مجموعة من المرضى الذين اتفقوا على طلب من طبيبهم المعالج أن يطلب من رئيس المصلحة بتخصيص قاعة انتظار خاصة بهم بعيدا عن المصابين بالسل، كحل أخير إذا لم يكن في الإمكان إنجاز عيادة خاصة بهم. بوتفليقة يدعم مشروع ''غارد'' لآفاق 2010 عبر الرئيس بوتفليقة في رسالة وجهها إلى المشاركين في المؤتمر الأوروبي الإفريقي الأول حول الربو والحساسية والمناعة جوان الفارط عن دعمه لمشروع ''غارد'' في إفريقيا الذي أقامته منظمة الصحة العالمية لتوسيع التعاون بين البلدان الإفريقية والأوروبية في مجال مكافحة الأمراض المزمنة وسائر الأمراض مثل السل وداء فقدان المناعة المكتسبة. وأكد بوتفليقة عن استعداد الجزائر لاحتضان الاجتماع السنوي لهذا البرنامج العالمي لمكافحة الأمراض التنفسية المزمنة وأمراض الحساسية سنة 0102. وحتى تتأتى مكافحة هذه الأمراض التي تحقق القضاء على معظمها بأوروبا تحتاج القارة الإفريقية بصفة مستعجلة إلى الخبرة وإلى التكنولوجيا التي تتيح تطوير الأدوية الجنيسة وصناعتها بنفسها. ما هو الل؟ هو مرض مزمن ينتج عن العدوى بجراثيم السل وقد يصيب هذا المرض مختلف أجزاء الجسم وهو يصيب بصورة رئيسية الرئتين. فهو يقتل 2 مليون إنسان كل سنة، إن الوباء العالمي يتنامى ويصبح أكثر خطورة فتعطل الخدمات الصحية، انتشار الإيدز وظهور أنواع من جرثومة السل مقاومة للعديد من الأدوية عبارة عن عوامل تساهم في ازدياد التأثير السيئ لهذا المرض. في عام 1993، أخذت منظمة الصحة العالمية خطوة لم يسبق لها مثيل وأعلنت أن الوباء العالمي الحديث للسل يمثل حالة طوارئ عالمية. وحاليا يقدر يقدر أن بين عام 2000 و 2020 سيتم إصابة مليار شخص إصابة سل حديثة، وأن 200 مليون إنسان سيصبحون مرضى، و 35 مليون سيموتون من السل - إذا لم يتم دعم جهود السيطرة عليه . ويقدر أن كل ثانية يصاب شخص في العالم بإصابة سل حديثة، أو أن واحد بالمائة تقريبا من سكان العالم يصابون إصابة حديثة بالسل كل سنة. ويقدر أيضا أن ثلث سكان العالم مصابين حاليا بجرثومة السل. وأن 5 إلى 10 بالمائة من المصابين يصبحون مصابون بالسل النشط أو ناقلين للجرثومة في وقت ما خلال حياتهم. السل مرض معد، مثل الزكام، فهو ينتشر خلال الهواء، العدوى الأولى تصيب الأشخاص غير الحائزين على مناعة كافية. تنتقل العدوى من خلال المرضى المصابون بالسل الرئوي فقط. فعندما يقوم الأشخاص المصابون بالسعال، العطس، التكلم أو البصق، يقومون بنشر الجراثيم التي تعرف بعصويات السل، في الهواء. ولكي تتم العدوى يحتاج الشخص السليم أن يستنشق عدد صغير فقط من هذه الجراثيم. في حالات قليلة تكون العدوى الأولية شديدة وتتطور إلى سل جامح يمكن أن يصيب أمكنة متعددة من الجسم، ولكن في أغلب الأحيان يشفي المريض من هذه الإصابة ويتحجر مكانها برواسب كلسية وتبقى الجراثيم محبوسة لمدة طويلة، وفي حالة ضعف الشخص أو أصيب بمرض سبب له الهزال زالت الرواسب الكلسية ونشطت جراثيم السل من جديد مما يسبب للشخص ما يسمى السل الثانوي، فيصاب بسعال شديد مزمن وضعف عام ونقص في الوزن وألم في الصدر وأحيانا وجود دم مع البصاق والبلغم. إن لم يتم علاج الشخص المصاب بالسل النشط فأنه يقوم بنشر العدوى إلى 10 أو 15 شخصا سنويا. ولكن ليس بالضرورة أن كل إنسان مصاب بالسل مريض. فنظام المناعة في الجسم يقوم بتغليف أو تقييد جرثومة السل التي تكون أساسا محمية بمعطف شمعي سميك، وتستطيع أن تبقى خامنة لسنوات. ولهذا فعندما تضعف مناعة الشخص المصاب تصبح فرص ظهور المرض أعظم. يشخص المرض بواسطة التصوير بالأشعة وبالأعراض المميزة للمرض وكذلك بوجود الجراثيم في البصاق والبلغم عند فحصها بكتيريولوجيا.