ساد الاعتقاد أن الأوبئة قد اندثرت منذ عقود طويلة من الزمن، ولكنها عادت لتضرب الجزائر بقوة، حيث أصبح الجزائريون عرضة لأمراض الفقر من جديد، كالتفوئيد والسل والتهاب السحايا،فضلا عن الحمى القلاعية والكوليرا، والقائمة لا تزال طويلة، ما يطرح علامة استفهام كبيرة حول سبب عودة هذه الأوبئة في بلد يتربع قطاع الصحةفيه على عرش 1900مليار، وعدم الحيلولة دون انتشارها. 320166 سكن هش بؤر لأوبئة الفقر تعددت الأسباب والأوبئة واحدة، حيث عادت أمراض الفقر لتقتحم أوساط الجزائريين، فلا يمر يوم واحد إلا وتسجل المصالح الصحية إصابات جديدة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل وصل إلى درجة تطور هذه الأوبئة، وتكوينها لمناعة حالت دون نجاعة الأدوية والعقاقير التي أثقلت فاتورتها كاهل الدولة. ومن بين أمراض الفقر نجد داء السل، حيث أجمع العديد من الأطباء الذين تحدثت إليهم "النهار"، أن قلة النظافة تتسبب ب70 % من حالات الإصابةبداء السل، حيث سجلت أعلى معدلات الإصابة بهذا الوباء في أحياء الصفيح الهشة المترامية على طول التجمعات السكنية الكبرى، والتي بلغ عددهاأكثر من 300ألف سكن هش، حسبما أورده الديوان الوطني للإحصاء، وتفتقر هذه الأخيرة إلى أدنى شروط الحياة، من انعدام قنوات الصرفالصحي، وعدم الربط بشبكات المياه الصالحة للشرب، وحسب وزارة الصحة فإن عدد حالات الإصابة بداء السل في الجزائر، بلغت 25 ألف حالةبينها 10 آلاف حالة معدية، في وقت أرجع فيه مراقبون سبب تفاقم السل في الجزائر إلى اتساع رقعة الفقر، الذين أكدوا أنه ما دام هذا الأخيرمنتشرا، فإن انتشار السل سيبقى واردا، مع الإشارة إلى أن عدد الإصابات بمرض السل في الجزائر، خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، زادبثلاث مرات مقارنة بما كان عليه في العام الماضي، حيث يسجل في كل أسبوع ظهور ستة حالات، وهو معدل مرتفع إذا ما قورن مع فترات سابقة. 20 مليون سنتيم تكلفة علاج المصاب بالتيفوييد وحسب بيانات رسمية، تبين أن ما يقارب 144 شخصا أصيبوا بالتيفوئيد في الجزائر خلال السنة الجارية، 100 شخص لازمتهم الحمى لمدة طويلة،ويطرح العديد من الأطباء إشكالية المواصفات الصحية للماء الشروب في الجزائر وقنوات الصرف، خاصة على مستوى القرى والأرياف، وكذاأحياء الصفيح التي تفتقد لأدنى شروط الرقابة الصحية، ما يهدد مئات الجزائريين خاصة الأطفال والرضع والشيوخ منهم. بالإضافة إلى تكلفةالعلاجات الباهضة، خاصة وأن أغلب المصابين من الفقراء والمعوزين، حيث تصل تكلفة علاج المصاب بداء التيفوئيد أكثر من 20 مليون سنتيم، أمافاتورة علاج مرضى السل، فتبلغ تكلفتها حسبما أوردته وزارة الصحة والسكان، ما يقارب 200 مليار سنتيم. المنظمة العالمية للصحة تدق ناقوس الخطر أفاد تقرير مشترك صادر عن المنظمة العالمية للصحة ومركز الأممالمتحدة للصحة والوقاية من الأوبئة، بأن الأمراض والأوبئة القديمة التي تصيب الفقراء، عادت بقوة في عديد من الدول الأسيوية والإفريقية بما فيها الجزائر، وأظهر التقرير حصيلة كاملة عن مدى انتشار أمراض الفقر، وحسبقاعدة البيانات التي توصل إليها التقرير، سجلت الجزائر 11 حالة من الحمى القلاعية، وتطرق التقرير إلى ظاهرة انتشار الجرب في المدارس، حيثسجل ما لا يقل عن 1476 إصابة في ولايات الوسط الجزائري في البلديات والأحياء الفقيرة، وأرجع التقرير هذا الانتشار الكبير في الأوبئة، إلىالتخلف التي تتخبط فيه الجزائر، وانعدام المرافق الصحية اللازمة وغياب استراتيجية واضحة لحد من انتشار هذه الأوبئة. رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث ل"النهار" "الجماعات المحلية وغياب الطواقم البشرية وراء تفاقم انتشار أمراض الفقر" أرجع البروفيسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، انتشار أمراض الفقر من جديد، إلى تقصير الجماعاتالمحلية في التكفل بالمشاكل التي يتخبط فيها السكان، وعدم اهتمامهم بنظافة المحيط، ما يفتح المجال لتكاثر الجراثيم وانتقال العدوى. وفي سياق متصل؛ أوضح خياطي في اتصال مع"النهار"؛ أن بناء المستشفيات وتزويدها بالعتاد اللازم، دون أن يتم توفير الكوادر الطبية المؤهلة،يحول دون التحكم في انتشار الأمراض والأوبئة، وتوفير التغطية الصحية الكفيلة بمعالجة المرضى، خاصة وأن 80بالمائة من الحالات المصابة بداءالسل أصبحت مقاومة للأدوية. من جهة أخرى؛ ذكر نفس المصدر أنه من بين الأسباب التي تقف وراء ضعف الخدمة الصحية، سوء توزيع الأطباءالأخصائيين الذين يقتصر وجودهم في 15 ولاية فقط، مستدلا ببناء الدولة ل 15مستشفى متخصص في محاربة السرطان وتجهيزها، دون توفرالطواقم البشرية لعلاج الحالات المستعصية التي تحصد أرواح المئات من الجزائريين، بسبب عدم اهتمام الوزارة الوصية بتكوين إطارات متخصصة. أسماء منور الخبير الاقتصادي مبتول يرد على تصريحات غلام الله الأمراض التي تصيب الجزائريين مردها سوء التغذية الناجم عن غلاء المعيشة قال الخبير الاقتصادي الدكتور، عبد الرحمان مبتول، أن الأمراض التي يصاب بها الجزائريون مردها سوء التغذية، وغلاء المعيشة التي تحول دوناقتنائه لمواد استهلاكية من شأنها رد الضرر عنه، ورد الخبير في بيان مطول عن التصريحات التي أدلى بها وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبدالله غلام الله، على هامش افتتاح الدورة الخريفية لمجلس الأمة، بقوله أن الفقر ليس بيولوجيا في الجزائر ولم يحصل وأن توفي جزائري بسببالجوع، وأكد مبتول من خلال بيان تحصلت ''النهار'' على نسخة منه، أن الجزائري لا يزال يعاني من سوء التغذية وهذا ما يسبب له عدة أمراض أمامانخفاض القدرة الشرائية للمواطن وغلاء المعيشة بعدما أكد الوزير أن المعوز لا يطلب زكاته كأغذية لأنه غير محتاج لذلك. وجاء في البيان تفاصيل عن غلاء أسعار المواد الاستهلاكية في السوق والحد الأدنى المقدر بقيمة 12 ألف دينار، وأوضح أن بعض المتقاعدينيتحصلون على راتب شهري للتقاعد ما بين 6000 إلى 8000 دينار جزائري، دون احتساب باقي الأعباء من دفع مستحقات الماء والكهرباء والغاز،وأشار إلى أن كسب سيارة أصبح حلم الجزائريين، وتساءل الخبير الاقتصادي مبتول عن كيفية تأمين التوازن الغذائي الطبيعي وتوازن جسم الإنسانالذي يتناول سوى الخبز والحليب، هذا ما ينتج عنه ضعف في مردودية العمل مقارنة بالاستهلاك الرهيب للأدوية التي فاقت قيمة وارداتها سنة2007/ 2008 أكثر من مليار دولار أمريكي، بحيث عدد المرضى في الجزائر في ارتفاع مريب. ودعا، مبتول، وزير الشؤون الدينية والأوقاف حسب البيان إلى زيارة بعض الأحياء ذات الكثافة السكانية كحي الحراش بالجزائر العاصمة،والخروب بولاية قسنطينة وبعض أحياء ولاية وهران أو الولايات الجنوبية ليستنتج ويستخلص وجود عائلات فقيرة بيولوجيا وبعض العائلات لاتستهلك سوى بعض الغرامات من اللحم المجمد مرة واحدة في الشهر، وأضاف قائلا ''لقد شاهدت شخصا يشتري كيلوغرامات من اللحم في الوقت الذي اشترت امرأة معوزة سوى 250 غرام''، ومن هنا يستخلص أن عائلات جزائرية من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب لا يتغذونبصفة جيدة ما يسبب لهم عدة أمراض. وعن الطبقات المتوسطة والتي قال عنها مبتول أنها في طريق الزوال وأعطى مثالا عن بروفيسور بالجامعةيتحصل على 600 إلى 700 أورو في نهاية مشواره المهني بعد أن يقوم بدفع كامل مستحقات الفواتير من الغاز، الكهرباء والماء، والهاتف، وكاملالأعطاب التي تلحق بالسيارة دون نسيان البنزين، وأشار الخبير مبتول في بيانه أن أغلبية الجزائريين يعانون من الفقر وقدرتهم الشرائية في تدهورمستمر. محمد. بسة